لقد تضمنت الأجناس الأدبية عامة، والأعمال الأدبية التي تدور في فلكها، شخوصا تعد انماطا مساعدة لإتمام العمل الفني، ليغدو متكاملا، لكن هذه الشخوص تتمثل مواقف تعبر عن رؤية الأديب لواقع، وتعلو هذه الشخصيات نماذج تعبر عن الفكرة المرادة، والرسالة المتوخاة، تسمى هذه الشخصيات التي تحمل الرؤى والمواقف، بالنماذج الأدبية.
إن النموذج الانساني في الأدب، نتاج تصوير يقوم به الكاتب، فيتمثل فيه صفات وعواطف "كانت من قبل في عالم التجريد، أو متفرقة في مختلف الأشخاص." فهو إذن كما يقول كليب KLLEP: "مفهوم جماعي للشخص أو السلوك(...) نجده كثيرا في الفن الشعبي والأدب والمسرح. وأنه مركب "من سمات نفسية أو شخصية أو طباع أو عقلية خاصة."وهذه السمات "البارزة للأفـراد الذين لهم مكانة متميزة في المجتمع وهذا ما يحفزهم لتبني نوع خـاص مـن سـلوك الدور."
وعليه، فالكاتب يتصور شخصيته وكذا المواقف، ويرصدها في نموذج، مؤسسا به نبضا من الحياة، سواء أكان هذا النموذج أسطوريا أو دينيا، أو شعبيا ...، فهذه النماذج لا تعد في الأدب المقارن، ومن بين هذه النماذج نجد نموذج البخيل، فلتمثله في عمل فني "فإن المؤلف يعمد إلى إفراز ذلك في قالب يجمع فيه الصفات التي تتوافر فيها أبعاد النموذج بصورة مميزة للشخصية. في محاولة لتوليد نموذج يتناسب والنموذج الأصلي ليشكل في العمل الأدبي "عالماً داخلياً وطريقة تفكير خاصة" ليخلق شخصية "متكاملة ومقنعة ... من حيث الدلالة، وإثارة الشعور أو الفكر تجاه هذه الدلالة، سواء من حيث السمو أو الإسفاف." وهذا ما يظهر مدى أصالة المبدعين باتخاذهم "طرقا فنية يعبرون بها عن آرائهم وعن مجتمعاتهم، تعبيرا فنيا، ويجعلونها منافذ يطلون بها على عصرهم."
ومن هذا المنطلق سنتتبع نموذج البخيل وطبيعة الصراع الاجتماعي الذي ولد لنا هذا النموذج، عبر ثلاثة أعمال أدبية في ثلاث عصور وحقب تاريخية مختلفة، تحمل تصورات مختلفة فيوكيليوYOKILIO البخيل في كوميديا جرة الذهب لبلاوتوسPLUTUS، ومجموعة بخلاء الجاحظ في كتابه المشهور البخلاء ، وكذا هرباغون HIRPAGONفي مسرحية البخيل لمولييرMOLIER
إن هذه الإطلالة الموجزة على هذه الأعمال الادبية الخالدة، توضح وبجلاء أن الثيمة المشتركة بينها، هي صفة البخل، كتمثل اجتماعي لدى الأديب، وكعاطفة تحملها شخوص يمكن أن القول، أنها مبالغ فيها، فنموذجا البخيل عند كل من بلاوتوس وموليير هي فوق المألوف، إلا أن مغالاة الأدباء في رسم الشخصيات يمكن عدها "شرطا أساسيا في عملية الصنيع الفني القائم على تجاوز الواقع أو الانطلاق منه إلى واقع قريب من المثال." وإلا ستصبح هذه الأنماط مجرد نسخ مكررة مبتذلة عن الواقع، أما الجاحظ فقد متح من الواقع فكانت نماذجه ذات طبيعة كاريكاتورية.
نماذجنا الثلاثة هي صفة لبخيل يسلك مسلكا فذا ومتفردا، ويحمل "خصائص وتصرفات غربية ومدهشة وشاذة." تختلف باختلاف العوامل الفعالة في العمل الأدبي.
يحد ابن منظور البخل لفظا بأنه ضد الكرم، أما ابن القيم فيقول: "بخل بشيء أي شح وأمسك ما لا يحق له الإمساك عنه أو منع إنفاقه بعد حصوله، وحبه والتعلق به." كما يعرفه قاموس الروبير(robert) بأنه تمسك مبالغ فيه ، وعاطفة لجمع المال، واحتجاز للثروات.
تجرنا هذا التعاريف إلى مستويين، الأول هو مستوى في تحديد طبيعة البخيل، والثاني يشتمل على الخصائص التي تميزه وهي (الجمع، والمنع، والكنز، والطمع). وهي نتاج للرابطة الشعورية والعاطفية في العلاقة مع المال، فتتضخم تلك الميولات لشيء يصعب تملكه (المال)، لكننا حين نمسك به نتعلق به بكل قوانا، وهنا تتجلى خاصية الجمع والمنع، أما الكنز والتكديس فهو إبراز لقيمة الشيء لصعوبة الحصول عليه، والكد في جمعه يخلق نوعا من الاتصال الشديد بعد عملية الجمع، لتتشكل عاطفة يمكن أن تكون ثابتة تجاهه فيوكيليو مثلا في كوميديا "جرة الذهب" لم تتغير عاطفته بل بقيت جامدة ترفقها حالات من الشك تارة والهستيريا والجنون تارة أخرى، إلا أن تظهر عاطفة أخرى تكون أعتى تغير مسار العاطفة الأولى، فنجد عاطفة هرباغون على الرغم من بخله متذبذبة بين عشق ماريان والتمسك بالحياة...، أما بخلاء الجاحظ فهم واقعيون في تقتيرهم ومبهمون في عواطفهم.
وإذا ما حاولنا كشف حالات نماذجنا النفسية من خلال الأعمال الأدبية، وترجمتها إلى مترادفات تعبر عن سلوكياتهم المتطرفة، سنخلص إلى فائض من المفاهيم الخاصة بالبخل، أكثر من المفاهيم التي تعبر عن حالات الشخصية الطبيعية، فتبرز هاته المفاهيم لتشكل حقلا "انفعاليا عاطفيا (...) وهي مشتقات أسماء العاطفة(...) ومختلف هذه المشتقات والصيغ تفشي عن الهيئة والحالة الشعورية." وقد اجتمع هذا المعجم، وتركزت فيه حقول دلالية مرتبطة بطابع البخل، ليخلق نماذج خارقة وغير معقولة، لكنها وعلى الرغم من هذه الغرابة، وتلك السمات والملامح غير مألوفة، فيمكن القول أنها صورة مضخمة تعكس الواقع.
لقد استقى الجاحظ نماذجه من الواقع، فلِم نقر بلا معقوليتها وبغرابتها؟
إن تشرب الجاحظ واقعه، ومتح صوره منه، لا يعكس بالضرورة كشفه الكامل عن نفسيتها، فنجدها على عكس موليير وبلاوتوس "باهتة الملامح، مختصرة الجوانب، " إلا أنه كشف عن طبيعتها وعاداتها حينما ترى هذه النماذج مجتمعة، بمعنى أنه خلق نموذجا عاما من خلال نماذج خاصة. أما النموذجان يوكيليو، وهرباغون، فعامان، يحملان على كنفهما كل الملامح النفسية، فنراهما شخصيتين مركبتين من مزيج من العواطف على الرغم من سذاجتهما.
لقد اختار الجاحظ نماذجه من الفئة المثقفة وطبقة الوزراء والقضاة والولاة...، إلا أن جزءا منهم لا يميل إلى استعمال المنطق لتبرير بخله، لما فيه من طبيعة البخل التي تنعكس على سلوكياته كما هو الأمر عند أبي جعفر، والمدائني...، والفئة الأخرى عند الجاحظ والتي يصرح بأن دفاعها ولو بالمنطق العقلي ما هو إلى ضرب من التستر والتمويه لعيوبها، وتشترك نماذجه كلها في أنها لا تأبه لأمر بخلها في علاقاتها مع الآخرين، بل تظن أن فعلها هو الصواب. لأن علاقتها بماديات علاقة كدّ وتحصيل ونوع من التقتير لصعوبة المعيشة من ناحية ولأن أغلبها لم يكن ميسورا بل أضحى غنيا بعد فقر أو جهد وعناء في جمعه المال. فتمثلت صفات (الجمع والمنع، والطمع، والكنز)، إلا أهل (مرو) فقد صرح الجاحظ أن البخل فطرة فيهم.
كذلك بخيل بلاوتوس (يوكيليو) فنجده لم يكن غنيا إلا بمحض الصدفة، فقد كان فقيرا حتى أرشده (العفريت لار) بمكان الجرة، فكانت سمته الغالبة عليه، هي المنع والكنز، فغلبت عليه عاطفة الارتباط الشديد بالمال، ونفى جل العواطف والعلاقات.
أما هرباغون فقد عايش البخل، وتمثلت فيه صفة الكد (مُرَابِ) فكان حديثه لا يمثل مذهب البخل، بل كان يحياه، كما أنه يحاول الاحتفاظ بالعواطف الأخرى تجاه اللذة الجنسية والرغبة في الحياة والزواج...، وكذا علاقاته الاجتماعية (خدم، بيت، طباخ، أحصنة، عربة...)
إن طبع البخل في هذه النماذج ينعكس تارة في القول (الصراخ، الحجاج، الكلام عن المال...) أو بالفعل (ضرب العبد أو الغلام أو الأمة أو الخادم، التفتيش، الطرد...)، أو حالات نفسية (الهياج، الوسواس، الشك...) [فـ]"تعددت أصباغها، وكثرت مظاهرها، فمن الصبغة المادية والحركية، بتفسير نوعها وشكلها وهيئتها إلى المواقف النفسية والعاطفية بتحليل غرائزها وانفعالاتها." فنرى تذبذبا سلوكيا سببه "عيوب أصبحت بالنسبة إليهم أسباب حياتهم ومبرر وجودهم." وأن بخلهم هو "الحزم بعينه والتدبير الذي هو عماد الحياة المتزنة الفاضلة." لتتشكل عند نماذجنا إيديولوجية تحتم عليهم سعيا دائما إلى الغنى والثروة، أو الاستقرار، فلا يكتفون باعتناق تلك الايديولوجية بل يساهمون "في التنظير لمذهب البخل بالدفاع عنه، وممارسته قولا، وفعلا في الحياة اليومية." إلا أن نفسية أغلب البخلاء عند الجاحظ تتسم بالهدوء وبـ "تفلسفها اللذيذ واكتئابها الضحوك وتسترها البارع." بيد أننا نجد بعض هذه النماذج مغتمة من حيث الأزمات، أما الحالات النفسية لنموذجي بلاوتوس وموليير فإن الأزمة خلقت عندهم حالة من الزعزعة النفسية التي قد تصل بهم إلى حد الجنون.
ويمكن إجمال الحالات النفسية والسلوكات للنماذج في:
• حالة الهوس والشك المفضية إلى الصراخ (يوكيليو مع الخادمة ستافيلا، وهرباغون مع لافليش الخادم ومع ابنه كليانت، الشيخ الخرساني في رده على من دعاه، والعنبري مع أمته....)
• كان كل من هرباغون ويوكيلو سذجا وسخفاء، إلا أن تغابي بخلاء الجاحظ كان معقولا ويمكن رد ذلك إلى المستوى الثقافي لكل من النماذج
• إنعدام الشفقة وإبراز القسوة، والتشدد وشراسة التصرفات بالضرب أو غير ذلك (يوكيليو مع ستافيلا والعبد...، وهرباغون مع جاك الحوذي وابنه كليانت... أما بخلاء الجاحظ فكانوا قساة ولكن بخلهم لم ينعكس في سلوكياتهم إلى مستوى الضرب، فكان العقاب بالمنع في غالب الأحيان.
• تبرير المواقف كانت ميزة بخلاء الجاحظ، على عكس بخيلي بلاوتوس وموليير اللذين ينساقان مع عاطفة البخل، فتتجلى في سلوكاتهما بشكل مكشوف.
• إجلال الماديات، والإخلاص لها.
تجتمع هذه الحالات لتفرز "أثرا بالغا في اغتراب العلاقات التي تربطهم بالآخرين، وفي تصدع الروابط التي تشدهم إلى مجتمعهم." وكلما اتسعت الهوة في العلاقات، كلما ازداد التشبث بالبخل كمذهب، وكان الإصرار على إقناع الناس بجدواه. كما تنشأ عواطف جامدة مرتبطة بمنطق الحساب والعد.
فهذا هرباغون يحاول التخلص من ابنيه بمحاولته تزويجهما، لمصالحه الشخصية فقط، دونا إيلائهما أي أهمية، وفي الجانب الآخر نجد يوكيليو مهملا لابنته فايدرا لكنه ما لبث أن أولى لها للأمر اهتماما حينما عرض عليه ميجادوروس التكلف بنفقات الزيجة دون أن يستشيرها في ذلك، وهو ما يرسمه الجاحظ في قصة مريم الصناع التي زوجت ابنتها ولم تجاوز اثني عشر عاما لكي تتخلص من نفقاتها.
كما أن الحيلة كانت من السمات المميزة لنماذجنا فيوكيليو نجا من نفقات الزيجة، حتى أنه بذهابه إلى السوق لم يقتن شيئا، أما هرباغون، فبإعداده للوليمة، أمر خدمه باختيار المأكولات الرخيصة والمشبعة (كالفاصوليا...)، وكذلك بخيل الجاحظ الذي استحسن حساء النخالة ...
ووجه الشبه الغريب، بين الشيخ المسجدي الذي استغل ماء الاغتسال ووفره لتشرب منه الحمير، والمدائني الذي أمر أهله بالاغتسال على التراب كي يبتل ويصنع به اللبن، ويوكيليو الذي يمتنع التخلص من الماء الناتج عن الاستحمام.
كانت الأزمة عند فقدان الكنز لدى كل من بخيل موليير (هرباغون) و بخيل بلاوتوس (يوكيليو) في أقصى حدها، فارتسمت عوارض كثيرة كنتاج للأزمة، إلا أن نماذج الجاحظ لم تسقط في الأزمة أو المواقف المأساوية، ويمكن القول أن نماذجه تتكتم وتبقى على سجيتها.
تضمنت هذه النماذج الثلاثة ملامح مشتركة و"صفات عامة أو نمطية، ومجموعة من المواقف الجاهزة."لا تخرج من دائرة (الجمع أو المنع، أو الكنز، أو الطمع)، فكانت بهذا محاولة أدبائنا إبراز سمة الفكاهة والسخرية وإخفاء الطابع الوعظي والدراماتيكي، فلا ينكشف للمتلقي إلا ما يريد أن يتلقاه.
فموليير حاول أن يجعلنا "نكره هرباغون وبخله، لكنه في الوقت نفسه، أراد أن يسري عنا ويسلينا." فقد اخفى لوحة فنية وراء قناع من الهزل. كما هو الأمر عند بلاوتوس الذي حدد (معالم شخصياته بما يتفق مع أذواق الجمهور."
أما الجاحظ فقد كان يصور الواقع، فصفات نماذجه "مرتبطة بشخصياتها، ولم تكن شائعة في عالم التجريد."لكنه استطاع نزع هذه الشخوص من الواقع، وقولبتها في نماذج وعلى الرغم من جزئيتها، فإن اجتماعها سيشكل نموذجا عاما، على غرار نموذجي بلاوتوس وموليير.
أعلنت هذه الخلفيات، وغيرها كثير -على الرغم اختلافها- عن ظواهر تجلى فيها الانسان في صراعه المستميت مع الواقع، فعبر من خلالها كل من بلاوتوس، والجاحظ، وموليير، في أشكال "تحققت في إطارها هذه الصراعات." فعبروا في هذه الأشكال الفنية عن النزعتين، الفردانية والاجتماعية.
ولا شك، أن لنشأة بلاوتوس في روما، والجاحظ في البصرة، وموليير في باريس - والأخذ بعين الاعتبار، أن هذه البيئات هي منابع حضارية، وأقطابا للاقتصاد، وبهذا موئلا للصراع- الأثر البالغ في توجيه كل من النزعتين، الفردية والاجتماعية، وكذا زوايا النظر التي ركزت على فئة معينة، لتكون هذه النتاجات "إفرازا للصراع الاجتماعي(...) بنقل التناقض الاجتماعي بين البخلاء(...) من واقع الحياة إلى واقع الأدب." بخلق "شخصيات مرجعية تاريخية(...) وعاؤها الانشائي، أي الخلق في اللغة والسمو بها إلى كلام أدبي."
طغى في هذه المجتمعات، العمى الروحي والعاطفي، وأضحى القبح معيارا للحياة، واستحالت المادة لغة الحياة اليومية، فانفصمت العلاقات وتمزق النسيج الانساني، وتقلصت قيمة الانسان، كان لزاما على هؤلاء الأدباء، السمو بتصاريف القبح إلى مراتب جمالية، باعتبار هذه القوالب الجمالية صراطا يقوم الإعوجاجات الطاغية في الواقع، ليخرج الطيب من الخبيث، والجمال الفني من القبح الذي يعيشه المجتمع. في محاولة أن تسهم هذه القوالب الفنية إسهاما ولو ضئيلا في انقاذ روح الانسان، فلعل هذا الجمال يعطينا قدرة على التحليق، فتخلق النفس الجميلة، ونتجدد ونستيقظ من جديد -على حد قول أفلاطون-.
وهذا الوعاء الفني، شكل جسرا عبر أدباؤنا من خلاله على نزعاتهم، ونقدهم للأوضاع السياسية والاجتماعية، والترفيه عن الشعب كذلك، كما شكل عاملا فنيا مساعدا في خلق النموذج، وقولبته.
ولا شك أن بلاوتوس من الناحية الفنية، قد خلق نموذجا شبه متكامل، حيث وَطّنه بصفات الجهل، والغباء، فكانت شخصية "جاهزة ذات صفات عامة أو نمطية." تخدم بساطة تفكير الجمهور الذي كان أغلبه من العوام.
أما الجاحظ فقد خلق نماذج متسمة بـ "التخصيص والفردية(...) فهو يدخل على البخلاء من كل باب ليصور لنا كل بخيل على حدة." وما إن تجتمع حتى تبرز على حقيقتها، فتكون نموذجا متكاملا تاما، تتمثل فيه كل الصفات النفسية للبخيل.
والمثير، أن آخرهم وهو موليير، قد تمكن من خلق نموذج متكامل الأبعاد "قصد فيه إلى تقديم نموذج متكامل الأبعاد." اتجه فيه إلى جعل نموذجه مزيجا من "الطبائع بالهذر التهريجي." ما مكنه أن يكون حقيقة انسانية مُنحت "لذة الاحتمال، مع بقائها الدائم في رحاب الفن."