جاء يسألني عن الطائر .لم أقل له إنّ "فضّة" ماتت وإنّني قد هجرت البستان ، لكنّ عينيّ تسلّقتا وجهه واستقرّتا على شواطئ عينيه ،تبحثان عن المنارة ...كلّ شيء كان منطفئا،والموج كان ثقيلا راكدا وما من نوارس٠قال: أو لم تعودي إلى هناك ؟ قلت: وما حاجتي ؟ردّ مقطّبا : كأنّك نسيت ...سقطت كسوف من قلبي وتناثرت في كلّ مكان ورأيته كالقافز يبتعد متحاشيا أن يصيب دمي حذاؤه .حذاؤه الذي كان تائه الخطوات كعادته ،أسود اللّون كما رأيته آخرمرّة و مزيّنا بما يشبه المنجل الصّغي في أحد جوانبه٠يصعب نسيان التفاصيل الأخيرة إذا كنّا نقتحم العالم بعين شغوف٠كدت أسرّ له،احذر أن تقع على وجهك مرّة أخرى٠٠لكنّي أحجمت٠
لعلّه في غمرة ذهوله لم يتفطّن إلى حذائه٠ ولم يلمح بقع الطّين التي كانت تلطّخه ، رجل في مثل أناقته وبهائه ٠أعرف أنّه لا ينظر الى أسفل إلاّ قليلا ، كأن بغيته موجودة دائما بين النجوم.قلت له وأنا مشغولة بأصابعه التي نسيت طعمها: « ما من ذاكرة بقيت لي، حتّى أنسى أو أتذكّر ».قطّب مرّة أخرى ورأيت سماءه تربدّ بالغمام.أو تربدّ سماءك الآن لأنّني جرحت غرورك ، فهل فكّرت في سمائي المربدّة أيّام تركتني في العراء ؟أأقول له ،إنّ النّاعورة فقدت أحد أذرعتها ؟ والمهرة يوم زيارتي الأخيرة لم أسمع صهيلها، والفرس أصابها عرج ولا أعلم في ذاك الخراب العميم من كان يرعاها بل٠لعلّها استوحشت وأصابها قلق المكان؟ ...في ما مضى كانت تهرع الي ّوتحادثني وتأكل من يدي كوز الذّرة، وتلعق حبّ السّمسم، أمّا يومها، فقد رمقتني فزعة وفرّت الى غابة القصب كأنّما تبحث عن شيء مفقود، أو لكآنّها حدست ارتجاجا بعيدا في باطن الأرض، أتراه قلبي وقتها يشقّق، وأنا لا أعي ، كان قدري يقودني إلى حيني وأنا لا ألوي على شيء٠ ****ـ ألا تدخل ؟ لم يقلها لساني، لكنّ قلبي كان يلعب لعبة المجاز ويهذي، ووجهي كما عوّدته كان بألف قناع . زمن حرباويّ السّحنة، فكيف لاأصفرّ ولا أمتقع ولا أدّعي الجفاء و أنا حفنة من عذاب .؟ لم يكن في حاجة إلى دفع الباب ..كانت الرّيح قد سبقته إلى ذلك، مشيت وهو يقتفي أثري وجلا وذيل معطفه يتلعثم ، أيكون مثلي تزوّجه الهرم أم يحاول كعادته أن يلقي اللّوم على الدنيا ؟وصلنا إلى الحجرة القبليّة ، تلك التي كان أبي يتّخذها للضّيافة٠ وأنا إذ أجد نفسي هنا مرّة بعد مرّة، أنام فيها وأقرأ واقتنص صوته وأنسج من نور حروفه بٌردا به أتدثّر إن أزّت الرّيح، وتساقطت ندف الثّلج في ليالي ديسمبر العمياء ٠وإذا ران الصّمت وأثقلني الخراب، جعلت نغماته مواويل تصلني بالنبع الأخضرأيام كانت أمي ريّانة كالرمّانة، وأبي في مثل السّيف الصّقيل يتّزر برنسه الجريدي الأحمر، ويسري ليصلّي الفجر مع تقاة البلدة، ونحن نشرق مع الشمس، لنجلب الماء ونملأ الخوابي والجفان، ونغرق بعدها في جنّة الفطير المخبوز بالزّبدة والخارج لتوّه من الفرن الطيني ،ونشرب القهوة الشاذليّة التي كانت تبدع أمّي في إعدادها ٠كانت تحمّصها مرّتين وتضيف لها حبوب الكزبرة اليابسة وقشور البرتقال فتضوع بعبق الجنّة وتسري كالسّحر في الزّقاق ، فيرتبك العابرون ويتساءلون عمّ اعتراهم ولا يفقهون ٠وماهي الاّهنيهة حتّى يدفع الباب وتدخل الخالة منّانه وهي تصيح مداعبة ، إذا كنتم لا ترغبون في الزّيارات المفاجئة فكفّوا عن طبخ هذه القهوة الآسرة٠ولا يملك عمّي النّوري الاسكافي نفسه، فيبعث صبيّه إلى أمّي لتعدّ له إبريقا منها متعلّلا بأنّ موقد الغاز لديه قد فسد، وهو لا يرضى بشرب القهوة من مقهى القطاري لانّها بلا روح٠ التفتّ أدعوه ليحلّ علي ضيفا عليّ في زمن البياض٠ وأسقيه من قهوة أنا صاحبتها، فيها من البوح علي قدر الحزن ،وفيها من اللّوم على قدر الجفاء ٠كان النّور متجمّعا على جمّة شعره، في شيب لم أر انصع منه ،وعجبت لشعيرات سود كانت تقارع الزّمن هنا وهناك في استحياء لم أر أجمل منه ٠وتمنيّت في لحظة من النّزق العابر، لو أنّي فقط أغسل شعره وأفركه بأصابعي هكذا، وأصبّ عليه من دلو البئر وأنشّفه بعدها بطرف فستاني . كان متعبا كعقارب الساعة وشاربه في رثاء من فقد الكلام على حين غفلة ، وعيناه لا لوز فيهما ولا توت ، ولا حتّى من ذاك الغبار الفضيّ الذي يطير منهما ،كلّما قال أحبّك.
تمنّيت أن أغسل شعره، كما تمنّيت أن أشرب من راحتيه ماء المطر، كما تمنيت لو أنّي جلست معه في ظلمة الشّرفة المقابلة لجبل قاسيون.أو عند الهرم الأكبر ،أو على أدراج تاج محلّ،كان دائما يحدّثني عن تاج محلّ و عن قصّة الحبّ الكبيرة التي جمعتها بزوجها،ويعدني بأن يأخذني هناك ،ويبني لي قصرا في قلبه٠ وكنت أصغي كصومعة عند الفجر، وأرى فرحته وهي تكبر في عينيّ فيسقيها من ينبوع روحه العذب٠كان يقفز ليأخذ من ورق التّوت المغروس على طول الطّريق، ويضربني به برفق على وجهي أو ذراعي٠فأقول هل جننت ؟ فيقول بك،ويحدّثني عن الأسطورة الهندية التي تروي أنّ العاشق إذاضرب حبيبته بورق التوت ،فإنّهما لن يفترقا أبداولكن كذبت الأسطورة وافترقنا٠ ونمت بيننا جبال من العذابات، والحنين المكتوم والأسئلة العبثيّة السّاذجة ٠حمحم ليكسّر الصّمت الذي كان يتسلقّنا من أقدامنا إلى هامنا ٠توقّفت أسأله : أمريض أنت؟قال كالخجل : لم أنم جيدا ، منذ سنين لم أنم جيدا .
خلته يسرّ لي " كنت في شوق وخوف ،وكنت كما الصوّان عنيدة وعتابك مرّ ّوأنا بعثرني زمني وطرقي وعرة وأنت تظنين بي الظّنون الشديدة وتخالين نفسك وحدك مبتلاة."خالني أسرّله:لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي شيئا تتيمه عين ولا جيد٠توقّف مهموما ثمّ تمتم :ـ ألا نذهب إلى البستان؟قلت سنفعل، ولكن النّصب يعجنك ،أراك تترنّح ، سترتاح قليلا وترى سارة؟سارة ؟
سارة الصغيرة التي نزلت علي ذات مساء من سطح العلّية كقطرة مطر. كان السّلم يحاذي الحائط وكنت نسيت أن أضعه في الدّهليز بعد أن نشرت البهار، وأصلحت حفر السطح لئلا يفاجئنا مطر الخريف .غفوت هناك وأنت في بالي لاتغادر والخطاطيف تتزاحم في المزاريب والحور عاشق يبوح بخطاياه الصّغيرة والمساء رحيم .لا أحد معي في الدّار كلّهم ذهبوا أو عادوا إلى دنياهم أو سافروا، أنا لم أعد أحصي أحدا ولا اهتمّ لأحد ، أنهكتني الأعباء ،كلّهم هجروني على نحو من الأنحاء كأنيّ لم أعد أفيد أحدا، ولكلّ منهم نبت ريش الحلال واشتدّت الخوافي والقوادم، فماذا تراهم فاعلون بي ؟ بتّ أثرثر كطاحونة قديمة، جعجعة وما من دقيق...
نمت قليلا، وكأنّي فجاة سمعت مطرا يراود الصّحوأو سقطت على صدغي من دموعه واحدة ٠ وإذا سارة تنزل بفستانهاالزّهري وتسألني عن خذروفها ٠ ترب لها ألقاه فأضاع فرحتها.لكنّ سارة نسيت أمر الخذروف وأعجبها الحوش بمربّعاته الحمراء والخضراء وخزفه اللاّمع رغم غبش السنين٠وطفقت تعدّ كلّ شيء ، النّوافذ والخطاطيف والورق المتجمّع عند جذع التينة ، ثم عدّت أساوري والتجاعيد التي بدأت تغزو رقبتي والشّعيرات البيض التي في صدغيّ، وسألتني لماذا لا أنزعها؟ وكدت أقول لها لو فعلت لانتقم مني الزمن وأضاف مزيدا من الشيب، وهبيني نزعت الشّيب الذي في رأسي ، فكيف تراي أنزع شيب قلبي؟٠أعجبها العدّ وهي تكتشفه لاول مرّة فعدّت كلّ شيء ،أصابعي وأصابعها، خرز القلادة ، حفر الجدار، النمل، وأرادت عدّ أوراق التينة فغلبها النعاس٠ وأتت أمّها عندها لتأخذها فبكت ٠وعادت بعد ذلك مرارا وألفتني حتّى باتت لا تغادر ني، إلاّ إذا زعقت أمها وجرّتها من ذراعها جرّا .كأنّها صارت طفلتي وكانت ضحكتها تشبه ضحكتك، وكأنّما أتت تسدّ هوّة أنت حفرتها في جبل الرّوح .
كنت صامتا ، أعرف هذا الصمت.ومبتسما ، أحب هذا الابتسام٠وحزينا حزنا أنا لم أعهده فيك مطلقا.أعجبتك حكاية سارة، أعرف ذلك، لكنّك لم تقل شيئا.وظللت واقفا متلفّتا كأنّما أنت باحث عن شيء أنت نفسك لست مدركه٠٠٠ هذا "المر قوم " تمدّد عليه وأرح عطب الرّوح، وهذه المتّكآت باردة الملمس ،فاحلم على إيقاع الخرفان في صوفها، وصليل المنحدرات التي لم تحضننا ونحن أطفال ولن تحضننا أبدا٠أنت أضعتني وأضعت معك ماكان يمكن أن يكون وطنا لي ولك وخميلة لحساسين غربتنا وبستانا لفراشات الرّوح٠يا كم أضعنا من أبحر وزوارق،وكم أتلفنا من قصور مرجان كنت وحدك ستكون مليكها ووحدي أنا تتوّجني الأسماك أميرة لم ترمثلها الأزمان٠ لم تنم ، أعرف أنّ الذي يأتي لجمع التفاصيل لا ينام ،أعرف أنّك قارّة من الحزن ولكنّك مع ذلك كنت مستمتعا بما ترى ....مرشّ الزّهر وهو منتصب كغفير الليل وقناديل النحاس ذات الأضواء الخجولة والسّتائر السّماوية والمتوهّجة بدانتيلاّ الغجر الإسبان أيّام كانت نساؤهم تفرشه في سقائفنا وتبيعه بالثّمن الزهيد.لا تتجاهل٠٠ صورتي تلك، وأنا في عنفوان الرّوح والجسد، وتلك ضفائري مرسلة كالريح وخدّي في توهّج لم يستطع إخفاءه الأبيض والأسود، وخصري دارة الحظّ ،وعيني ناظرة إلى مستقبل فسيح كالمرج، أنت ضيّقت براحه وخذلت بهجتي وهشْمت أباريق الحلم البلّورية ورحلت إلى اللاّين تبحث عن نساء من صفيح ،أمهرهنّ لا تحسن نطق إسمك٠٠٠ لا تحسبني أعاتب آو ألوم فماذا ينفع لوم الوردة للرّيح وقد بدّدت بتلاتها وكسّرأغصانها وعادت بعد ذلك تهبّ رخاء؟ظللت واقفا تدير عينيك في الحجرة المتربة،أعرف ماتبحث عنه ٠٠٠لم يعد هنا كرسيّ الخيزران المتأرجح،ولا حتى حشيّة الصّوف بنومتها المريحة، حتى الأشياء لها عمر وتموت٠أنا آخر مرّة خيّل لي أنّني رأيت دجاجة بنّية تحضن بيضها في بقايا الكرسيّ ،كدت أصيح وأنهرها ولكنّي عدلت،لم يبق في العمر مايستحقّ البكاء أو الغضب ،فلتحلم الدجاجة على الأقلّ ولتمنّي نفسها بالسّعادة الأبديّة٠جلست رغم الخراب، كأنّك تتشبث بتلابيب زمن هارب ،ومددت رجليك في هيئة من لا يريد أن يقف أبدا٠غبرت برهة ثم عدت إليك محمّلة بأصابع البسكويت التي تحبّها والمرشوشة بحبوب الشّمر ،واللّه لا أعلم من وضعها في المطبخ،فضّة كانت تفعل ذلك ٠٠ولكنها الآن رحلت؟ ثمّ قدّرت أنّ إبنتهاحليمة تفعل ذاك وفاء لها ولنا٠كنت تأكل بعشق وتغمض عينيك٠٠لم يترك الدهر في قلبي ولا كبدي شيئا تتيمه عين ولا جيد٠مرّ الوقت سريعا ٠نزل الظلام كتلة واحدة وبدأت العصافير تعود محدثة هرجا أجمل من الغناء ٠ كنّا طربين رغم أنّ الجرذان البيضاء والسوداء كانت تقرض الغصن ولسنا ندري متى نقع في الجبّ٠نهضت كالفزعة، فنهضت إثري أكثر فزعا٠
قلتُ:ألا نذهب إلى القبو، وقتك مفلت وأنا لا أقدر على الإبصارليلا٠قلتَ كالمدنف:انتظري أن أنتهي من البسكويت٠ضحكت في سرّي وأنا أرى بطنك وقد برزت٠٠٠ولكنّك جميل في عيني رغم كلّ شىءهرولت وأنت إثري تمسح ما علق في شاربك من بقايا البسكويت ولسان حالك يتمتم :كنت أودّ جرعة ماء٠٠٠٠٠عندما دفعت باب القبو ،صرّ كما لو كان يصرخ،وتطاير غبار حرب٠نطّت سحال وخنافس وخيوط عناكب ،وفاحت رائحة الرّطوبة والحبّ الذي كان يوما يهب الأشجار روعتها ،مددت راحتي أغلق أنفي لئلاّ يعاودني ذاك النّشيج السّخيف،وكأنّما أدركت ذلك فحاولت أن تمسك بيدي٠منعتك وأنا أقول:أهرمت إلى درجة بتّ تحتاج فيها إلى التوكّؤ؟اقتحمنا القبو وعيوننا شاخصة نبحث في غير يقين عن الطّائر،لم نكن ندري أين وضعته فضّة قبل موتها٠هل أقول له إنّ فضّة ماتت ،وبالتالي لن نعثر عليه بالسّهولة التي يتصوّرها٠قدّرت أنّ ذلك لن يكون مجديا،وشعرت فجأة بسخف مسعانا، فماذا ترانا نحن فاعلين بطائر خزف كنّا صنعناه ذات لحظة خارجة عن التقويم؟وهل ترانا إذا ظفرنا به استرردنا الزّمن المفلت وأعدنا الخضرة للبستان والصحّة للفرس والحياة لفضّة ولشعرنا السواد ولقلوبنا الغناء؟مشينا في تعثّر والغبار غزا حلوقنا فاستبدّ بنا السّعال٠والليل ازداد عتوّا فبات من المستحيل أن نبصر شيئا٠ قلت نؤجّل ذلك لزيارتك القادمة٠٠٠رمقتني معاتبا: لم يعد في العمر متّسع لشيء ،إمّا أن أرى الطّائر الآن أو لا أراه أبدا٠٠٠٠سرى في جلدي لهيب واقشعّر قلبي٠وودت لو أنّي خزنت نفسي بين ذراعيه وشممت بملء روحي عبق عنقه وغبار سفره الطويل ،وهمست له بثلث الكلام الذي كنت أناجيه به وهو بعيد حتى إذا حضر نسيت كلّ شيء٠ وكعادتي دوما في مقارعة نفسي أمسكت عنانها حتى كدت أمزّق أوردتي٠ استقرّ اللّيل ولم يعد بالإمكان أن نبصر شيئا، أكوام من السلال والحبال والرفوش المغبرّة والمناجل الحالمة بمواسم بادت،روائح قمح وذرة وزيت وقش وطين وحبق وأنطاع وحطب مبلل وقطران ٠مواسم وأعياد وأفراح وأتراح٠الروائح كانت صاخبة ومبعثرة سكينة الروح ٠لم يعد بإمكاني أن أقاوم فسقطت على ركبتيّ جاثية ،وكأنّما همّ بمنعي ولكنّه تهالك هو الاخر وانخرطنا في نشيج خلته يزهق روحينا٠٠٠كم مرّ من الوقت٠٠٠لا أدري ولكنّ الليل بسط سلطانه فاتمرت بأمره جميع الكائنات وظللنا جاثيين كتمثالي معبد عفا زمنه لا نعلم في غمرة ذاك السّديم مانحن؟ ولم قيّض لنا قدرنا أن نعيش على هذا النحو الخرافي وأن يستحيل عشقنا أسطورة ونحن لا نعدو أن نكون امرأة ورجل طمعا في مايطمع فيه الناس جميعا :قطيع غزلان وحجل وساحة مفتوحة على الفجر وأبواب تنادينا إذا حلّ المساء ، وموقد يصطلي بأوار قلبينا وذكريات نستظلّ بأخضرها إذا عمّ اليباس٠مددت يدي في ظلمة الليل أستجير بيده ففجاءني الفراغ،وعندما أصغيت ولم أجد نفسه صرخ قلبي وعلمت أنّه انسحب وما أدري إذا كان في العمر متّسع لأملأ بعد عينيّ بنور عينيه ونبحث من جديد عن طائر الخزف ٠ وقفت بصعوبة وقد أدمى التراب ركبتيّ وللمرّة الأولى مذ ودّعني شعرت بالهرم٠ لكنّي وجدت نفسي أعود على أعقابي دون أن أرتطم بشىء دربي كان مضاء وهيّنا ومتضوّعا برائحة الشمر والحبق والليمون ٠٠٠سرت فيّ عزيمة مفاجئة فشعرت ببدني يتجدّد وبالهواء يتخلّل شعري وامتلكتني رغبة في الركض ٠بدا البستان أفسح من ذي قبل وأشجاره بدت عالية مهيبة ،لم يكن ثمة قمر ولكنّي كنت مبصرة بعيني حبارى،حرّكت ساقيّ فانطلقتا كما لو كنت أطير،تبعتني حباحب الضّوء والفراشات الليلية والخفافيش وكأنّما حدستني المهرة فاعترضتني لاهثة وعرفها مزهر كالرّيحان وعندما حاذتني أرخت عنقها تدعوني إلى الرّكوب ففعلت ٠اهتزّت وحمحمت وانطلقت بي لم يثنها عن ركضها الليل،كان البستان واسعا بدرجة خرافيّة أو لكأنّ مساحته كانت تتضاعف ساعتها ونثّ مطر دافئ وتضوّعت رائحة الطّين، قلت لو كان هنا لكنّا قصدنا النّبع الأزرق وهناك نستحمّ ونتخفّف من همومنا ،وهناك أغسل شعره وأشمّ عنقه وتعود روحي من غربتها الطّويلة٠٠٠كانت المهرة تركض كآنما تطير والليل أزرق وأنا تناثرت سنيّ فغدوت طفلة وأنت على حين غفلة بدوت لي في الناحية الأخري من الأفق ووجهك شاحب كالملاك٠٠٠لكزت المهرة باتجاهك لكنك كنت تبتعد كلّما خلتني أقترب منك حتى خلت روحي تهرب منّي ونزعي يراودني٠٠٠توقفت المهرة فجأة، خلت أذى أصاب إحدى قوائمها فجزعت وأنا في اللاأين والبستان لم أعد أدرك شرقه من غربه وأنت تعاليت في السّحاب ووجهك كبرق ممطر وقلبي في وهن الموت ،أغمضت عينيّ أستجمع ذاكرتي وكفّي تربت على المهرة لتهدأ لكنّ صفيرا خافتا أجبرني علي فتح عينيّ، ظللت أدير عينيّ في كلّ اتجاه والصوت آخذ في الارتفاع ،كان جميلا بدرجة موجعة ورائحة قمح أخضر طغت في المكان٠٠٠خلتني أحلم وأحسست نفسك على كتفي وعندما التفت إلى الشجرة التي على يميني كان الطائرهناك بريشه الطيني الأخضر وعينه الصافية ولكنّي لم أر جناحه مثلوما كما كان آخر مرّة٠
تمنّيت أن أغسل شعره، كما تمنّيت أن أشرب من راحتيه ماء المطر، كما تمنيت لو أنّي جلست معه في ظلمة الشّرفة المقابلة لجبل قاسيون.أو عند الهرم الأكبر ،أو على أدراج تاج محلّ،كان دائما يحدّثني عن تاج محلّ و عن قصّة الحبّ الكبيرة التي جمعتها بزوجها،ويعدني بأن يأخذني هناك ،ويبني لي قصرا في قلبه٠ وكنت أصغي كصومعة عند الفجر، وأرى فرحته وهي تكبر في عينيّ فيسقيها من ينبوع روحه العذب٠كان يقفز ليأخذ من ورق التّوت المغروس على طول الطّريق، ويضربني به برفق على وجهي أو ذراعي٠فأقول هل جننت ؟ فيقول بك،ويحدّثني عن الأسطورة الهندية التي تروي أنّ العاشق إذاضرب حبيبته بورق التوت ،فإنّهما لن يفترقا أبداولكن كذبت الأسطورة وافترقنا٠ ونمت بيننا جبال من العذابات، والحنين المكتوم والأسئلة العبثيّة السّاذجة ٠حمحم ليكسّر الصّمت الذي كان يتسلقّنا من أقدامنا إلى هامنا ٠توقّفت أسأله : أمريض أنت؟قال كالخجل : لم أنم جيدا ، منذ سنين لم أنم جيدا .
خلته يسرّ لي " كنت في شوق وخوف ،وكنت كما الصوّان عنيدة وعتابك مرّ ّوأنا بعثرني زمني وطرقي وعرة وأنت تظنين بي الظّنون الشديدة وتخالين نفسك وحدك مبتلاة."خالني أسرّله:لم يترك الدهر من قلبي ولا كبدي شيئا تتيمه عين ولا جيد٠توقّف مهموما ثمّ تمتم :ـ ألا نذهب إلى البستان؟قلت سنفعل، ولكن النّصب يعجنك ،أراك تترنّح ، سترتاح قليلا وترى سارة؟سارة ؟
سارة الصغيرة التي نزلت علي ذات مساء من سطح العلّية كقطرة مطر. كان السّلم يحاذي الحائط وكنت نسيت أن أضعه في الدّهليز بعد أن نشرت البهار، وأصلحت حفر السطح لئلا يفاجئنا مطر الخريف .غفوت هناك وأنت في بالي لاتغادر والخطاطيف تتزاحم في المزاريب والحور عاشق يبوح بخطاياه الصّغيرة والمساء رحيم .لا أحد معي في الدّار كلّهم ذهبوا أو عادوا إلى دنياهم أو سافروا، أنا لم أعد أحصي أحدا ولا اهتمّ لأحد ، أنهكتني الأعباء ،كلّهم هجروني على نحو من الأنحاء كأنيّ لم أعد أفيد أحدا، ولكلّ منهم نبت ريش الحلال واشتدّت الخوافي والقوادم، فماذا تراهم فاعلون بي ؟ بتّ أثرثر كطاحونة قديمة، جعجعة وما من دقيق...
نمت قليلا، وكأنّي فجاة سمعت مطرا يراود الصّحوأو سقطت على صدغي من دموعه واحدة ٠ وإذا سارة تنزل بفستانهاالزّهري وتسألني عن خذروفها ٠ ترب لها ألقاه فأضاع فرحتها.لكنّ سارة نسيت أمر الخذروف وأعجبها الحوش بمربّعاته الحمراء والخضراء وخزفه اللاّمع رغم غبش السنين٠وطفقت تعدّ كلّ شيء ، النّوافذ والخطاطيف والورق المتجمّع عند جذع التينة ، ثم عدّت أساوري والتجاعيد التي بدأت تغزو رقبتي والشّعيرات البيض التي في صدغيّ، وسألتني لماذا لا أنزعها؟ وكدت أقول لها لو فعلت لانتقم مني الزمن وأضاف مزيدا من الشيب، وهبيني نزعت الشّيب الذي في رأسي ، فكيف تراي أنزع شيب قلبي؟٠أعجبها العدّ وهي تكتشفه لاول مرّة فعدّت كلّ شيء ،أصابعي وأصابعها، خرز القلادة ، حفر الجدار، النمل، وأرادت عدّ أوراق التينة فغلبها النعاس٠ وأتت أمّها عندها لتأخذها فبكت ٠وعادت بعد ذلك مرارا وألفتني حتّى باتت لا تغادر ني، إلاّ إذا زعقت أمها وجرّتها من ذراعها جرّا .كأنّها صارت طفلتي وكانت ضحكتها تشبه ضحكتك، وكأنّما أتت تسدّ هوّة أنت حفرتها في جبل الرّوح .
كنت صامتا ، أعرف هذا الصمت.ومبتسما ، أحب هذا الابتسام٠وحزينا حزنا أنا لم أعهده فيك مطلقا.أعجبتك حكاية سارة، أعرف ذلك، لكنّك لم تقل شيئا.وظللت واقفا متلفّتا كأنّما أنت باحث عن شيء أنت نفسك لست مدركه٠٠٠ هذا "المر قوم " تمدّد عليه وأرح عطب الرّوح، وهذه المتّكآت باردة الملمس ،فاحلم على إيقاع الخرفان في صوفها، وصليل المنحدرات التي لم تحضننا ونحن أطفال ولن تحضننا أبدا٠أنت أضعتني وأضعت معك ماكان يمكن أن يكون وطنا لي ولك وخميلة لحساسين غربتنا وبستانا لفراشات الرّوح٠يا كم أضعنا من أبحر وزوارق،وكم أتلفنا من قصور مرجان كنت وحدك ستكون مليكها ووحدي أنا تتوّجني الأسماك أميرة لم ترمثلها الأزمان٠ لم تنم ، أعرف أنّ الذي يأتي لجمع التفاصيل لا ينام ،أعرف أنّك قارّة من الحزن ولكنّك مع ذلك كنت مستمتعا بما ترى ....مرشّ الزّهر وهو منتصب كغفير الليل وقناديل النحاس ذات الأضواء الخجولة والسّتائر السّماوية والمتوهّجة بدانتيلاّ الغجر الإسبان أيّام كانت نساؤهم تفرشه في سقائفنا وتبيعه بالثّمن الزهيد.لا تتجاهل٠٠ صورتي تلك، وأنا في عنفوان الرّوح والجسد، وتلك ضفائري مرسلة كالريح وخدّي في توهّج لم يستطع إخفاءه الأبيض والأسود، وخصري دارة الحظّ ،وعيني ناظرة إلى مستقبل فسيح كالمرج، أنت ضيّقت براحه وخذلت بهجتي وهشْمت أباريق الحلم البلّورية ورحلت إلى اللاّين تبحث عن نساء من صفيح ،أمهرهنّ لا تحسن نطق إسمك٠٠٠ لا تحسبني أعاتب آو ألوم فماذا ينفع لوم الوردة للرّيح وقد بدّدت بتلاتها وكسّرأغصانها وعادت بعد ذلك تهبّ رخاء؟ظللت واقفا تدير عينيك في الحجرة المتربة،أعرف ماتبحث عنه ٠٠٠لم يعد هنا كرسيّ الخيزران المتأرجح،ولا حتى حشيّة الصّوف بنومتها المريحة، حتى الأشياء لها عمر وتموت٠أنا آخر مرّة خيّل لي أنّني رأيت دجاجة بنّية تحضن بيضها في بقايا الكرسيّ ،كدت أصيح وأنهرها ولكنّي عدلت،لم يبق في العمر مايستحقّ البكاء أو الغضب ،فلتحلم الدجاجة على الأقلّ ولتمنّي نفسها بالسّعادة الأبديّة٠جلست رغم الخراب، كأنّك تتشبث بتلابيب زمن هارب ،ومددت رجليك في هيئة من لا يريد أن يقف أبدا٠غبرت برهة ثم عدت إليك محمّلة بأصابع البسكويت التي تحبّها والمرشوشة بحبوب الشّمر ،واللّه لا أعلم من وضعها في المطبخ،فضّة كانت تفعل ذلك ٠٠ولكنها الآن رحلت؟ ثمّ قدّرت أنّ إبنتهاحليمة تفعل ذاك وفاء لها ولنا٠كنت تأكل بعشق وتغمض عينيك٠٠لم يترك الدهر في قلبي ولا كبدي شيئا تتيمه عين ولا جيد٠مرّ الوقت سريعا ٠نزل الظلام كتلة واحدة وبدأت العصافير تعود محدثة هرجا أجمل من الغناء ٠ كنّا طربين رغم أنّ الجرذان البيضاء والسوداء كانت تقرض الغصن ولسنا ندري متى نقع في الجبّ٠نهضت كالفزعة، فنهضت إثري أكثر فزعا٠
قلتُ:ألا نذهب إلى القبو، وقتك مفلت وأنا لا أقدر على الإبصارليلا٠قلتَ كالمدنف:انتظري أن أنتهي من البسكويت٠ضحكت في سرّي وأنا أرى بطنك وقد برزت٠٠٠ولكنّك جميل في عيني رغم كلّ شىءهرولت وأنت إثري تمسح ما علق في شاربك من بقايا البسكويت ولسان حالك يتمتم :كنت أودّ جرعة ماء٠٠٠٠٠عندما دفعت باب القبو ،صرّ كما لو كان يصرخ،وتطاير غبار حرب٠نطّت سحال وخنافس وخيوط عناكب ،وفاحت رائحة الرّطوبة والحبّ الذي كان يوما يهب الأشجار روعتها ،مددت راحتي أغلق أنفي لئلاّ يعاودني ذاك النّشيج السّخيف،وكأنّما أدركت ذلك فحاولت أن تمسك بيدي٠منعتك وأنا أقول:أهرمت إلى درجة بتّ تحتاج فيها إلى التوكّؤ؟اقتحمنا القبو وعيوننا شاخصة نبحث في غير يقين عن الطّائر،لم نكن ندري أين وضعته فضّة قبل موتها٠هل أقول له إنّ فضّة ماتت ،وبالتالي لن نعثر عليه بالسّهولة التي يتصوّرها٠قدّرت أنّ ذلك لن يكون مجديا،وشعرت فجأة بسخف مسعانا، فماذا ترانا نحن فاعلين بطائر خزف كنّا صنعناه ذات لحظة خارجة عن التقويم؟وهل ترانا إذا ظفرنا به استرردنا الزّمن المفلت وأعدنا الخضرة للبستان والصحّة للفرس والحياة لفضّة ولشعرنا السواد ولقلوبنا الغناء؟مشينا في تعثّر والغبار غزا حلوقنا فاستبدّ بنا السّعال٠والليل ازداد عتوّا فبات من المستحيل أن نبصر شيئا٠ قلت نؤجّل ذلك لزيارتك القادمة٠٠٠رمقتني معاتبا: لم يعد في العمر متّسع لشيء ،إمّا أن أرى الطّائر الآن أو لا أراه أبدا٠٠٠٠سرى في جلدي لهيب واقشعّر قلبي٠وودت لو أنّي خزنت نفسي بين ذراعيه وشممت بملء روحي عبق عنقه وغبار سفره الطويل ،وهمست له بثلث الكلام الذي كنت أناجيه به وهو بعيد حتى إذا حضر نسيت كلّ شيء٠ وكعادتي دوما في مقارعة نفسي أمسكت عنانها حتى كدت أمزّق أوردتي٠ استقرّ اللّيل ولم يعد بالإمكان أن نبصر شيئا، أكوام من السلال والحبال والرفوش المغبرّة والمناجل الحالمة بمواسم بادت،روائح قمح وذرة وزيت وقش وطين وحبق وأنطاع وحطب مبلل وقطران ٠مواسم وأعياد وأفراح وأتراح٠الروائح كانت صاخبة ومبعثرة سكينة الروح ٠لم يعد بإمكاني أن أقاوم فسقطت على ركبتيّ جاثية ،وكأنّما همّ بمنعي ولكنّه تهالك هو الاخر وانخرطنا في نشيج خلته يزهق روحينا٠٠٠كم مرّ من الوقت٠٠٠لا أدري ولكنّ الليل بسط سلطانه فاتمرت بأمره جميع الكائنات وظللنا جاثيين كتمثالي معبد عفا زمنه لا نعلم في غمرة ذاك السّديم مانحن؟ ولم قيّض لنا قدرنا أن نعيش على هذا النحو الخرافي وأن يستحيل عشقنا أسطورة ونحن لا نعدو أن نكون امرأة ورجل طمعا في مايطمع فيه الناس جميعا :قطيع غزلان وحجل وساحة مفتوحة على الفجر وأبواب تنادينا إذا حلّ المساء ، وموقد يصطلي بأوار قلبينا وذكريات نستظلّ بأخضرها إذا عمّ اليباس٠مددت يدي في ظلمة الليل أستجير بيده ففجاءني الفراغ،وعندما أصغيت ولم أجد نفسه صرخ قلبي وعلمت أنّه انسحب وما أدري إذا كان في العمر متّسع لأملأ بعد عينيّ بنور عينيه ونبحث من جديد عن طائر الخزف ٠ وقفت بصعوبة وقد أدمى التراب ركبتيّ وللمرّة الأولى مذ ودّعني شعرت بالهرم٠ لكنّي وجدت نفسي أعود على أعقابي دون أن أرتطم بشىء دربي كان مضاء وهيّنا ومتضوّعا برائحة الشمر والحبق والليمون ٠٠٠سرت فيّ عزيمة مفاجئة فشعرت ببدني يتجدّد وبالهواء يتخلّل شعري وامتلكتني رغبة في الركض ٠بدا البستان أفسح من ذي قبل وأشجاره بدت عالية مهيبة ،لم يكن ثمة قمر ولكنّي كنت مبصرة بعيني حبارى،حرّكت ساقيّ فانطلقتا كما لو كنت أطير،تبعتني حباحب الضّوء والفراشات الليلية والخفافيش وكأنّما حدستني المهرة فاعترضتني لاهثة وعرفها مزهر كالرّيحان وعندما حاذتني أرخت عنقها تدعوني إلى الرّكوب ففعلت ٠اهتزّت وحمحمت وانطلقت بي لم يثنها عن ركضها الليل،كان البستان واسعا بدرجة خرافيّة أو لكأنّ مساحته كانت تتضاعف ساعتها ونثّ مطر دافئ وتضوّعت رائحة الطّين، قلت لو كان هنا لكنّا قصدنا النّبع الأزرق وهناك نستحمّ ونتخفّف من همومنا ،وهناك أغسل شعره وأشمّ عنقه وتعود روحي من غربتها الطّويلة٠٠٠كانت المهرة تركض كآنما تطير والليل أزرق وأنا تناثرت سنيّ فغدوت طفلة وأنت على حين غفلة بدوت لي في الناحية الأخري من الأفق ووجهك شاحب كالملاك٠٠٠لكزت المهرة باتجاهك لكنك كنت تبتعد كلّما خلتني أقترب منك حتى خلت روحي تهرب منّي ونزعي يراودني٠٠٠توقفت المهرة فجأة، خلت أذى أصاب إحدى قوائمها فجزعت وأنا في اللاأين والبستان لم أعد أدرك شرقه من غربه وأنت تعاليت في السّحاب ووجهك كبرق ممطر وقلبي في وهن الموت ،أغمضت عينيّ أستجمع ذاكرتي وكفّي تربت على المهرة لتهدأ لكنّ صفيرا خافتا أجبرني علي فتح عينيّ، ظللت أدير عينيّ في كلّ اتجاه والصوت آخذ في الارتفاع ،كان جميلا بدرجة موجعة ورائحة قمح أخضر طغت في المكان٠٠٠خلتني أحلم وأحسست نفسك على كتفي وعندما التفت إلى الشجرة التي على يميني كان الطائرهناك بريشه الطيني الأخضر وعينه الصافية ولكنّي لم أر جناحه مثلوما كما كان آخر مرّة٠