دخان البداية‎ - نص: منى مرسل

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

عشرون دقيقة بعد منتصف الليل، بدأ العام الجديد، وبدأت معه أصوات الألعاب النارية، شيء ما ..عالق في وجداني يوقظ فيَّ وجعاً خفيّ الملامح.
العام الثالث منذ غاب أبي عن البيت،
أحياناً أقلّب صفحات الأحاديث الخفيفة الضاحكة التي كانت بين نافذتينا .."يا لعظمة وجودك يا أبي..إذْ لم ينتصر عليك الغياب، ولا تزال ضحكتك طازجة تماما كما تركتها في روحي"
الشوارع في عُهدة الآمال الجديدة، فيما سيارات الشرطة على أهبة الاستعداد لإيقاف أي فوضى مهما كانت نواياها..لأنه ببساطة نوايا الأمل حين تخرج من السيطرة تكون خطيرة!
هاتفتني صديقتي الجزائرية، تلتها خالتي من نيروبي، ثم استقر هاتفي على رقم هاتف من اسطنبول.
لم أتحدث اليوم مع أحد، ليس مجازا حين يُقال هنا..لا تفعل ما لا تشعر به. لذلك لم أنبس بكلمة لأي كائن.. ربما هي غرابة مزاج عابر، أو شيء يمكنني فهمه لاحقاً،لا أعرف!
السناجب فوق الأغصان العارية، والأرانب في جحورها الباردة، منازل القمر، سكينة الشتاء وكآبة صمته، والناس بحكاياتهم ..وخوفهم من وحش الغد، والزمن الجميل الذي نمر عليه دون أن نشعر إلا حين يكون وراءنا.

في الواقع، كل شيء صالح للكتابة ولكن هل كل شيء يصلح للحياة؟؟
طرأت في خاطري على نحو مفاجئ، تلك المقابلة التلفزيونية التي قام بها مذيع تلفزيوني قبل أعوام، يسأل الوجوه المارة عن أمنياتهم للعام الجديد، ولفت نظري تلك السيدة الغاضبة،
وهي تقول: أمنيتي هي أن تقوم القيامة!!!

منى مرسل_ دنفر