سَأُبْطِلُ عَادَةَ شُرْبِ الْقَهْوَةِ عَلَى رَصِيفِكَ ،
وَأَنَا أَحْلُمُ بِنِسَاءْ الْمُدُنِ الْبَعِيدَةِ ،
وَأَرْنُو إِلَى الشَّارِعِ يَسِيرُ بِالْقُبَّعَاتِ وَالسِّيقَانِ الصَّقِيلَةْ .
كَمَا سَأَتَخَلَى عَنْ مُطَارَدِةِ الْحَرَادِينْ تَحْتَ سَمَائِكِ الْمُنْصَهِرَةْ ،
لَقَدْ كَبِرْتُ يَا وَطَنِي .
كَبِرْتُ عُنْوَةً ، وَنِكَايَةً فِيكَ ،
وَلَمْ أَعُدْ ذَلِكَ الطِّفْلَ الَّذِي يَخْتَبِيءُ فِي الزَّوَايَا ، وَخَلْفَ الْأَرَائِكْ ،
وَبيْنَ سِيقَانِ الذُّرَةْ ،
خَوْفاً مِنَ الرَّجُلِ الَّذِي بِلَا قَدَمَينْ .
شَارِبِي غَدَا مَعْقُوفاً كَالْمَحَاجِنْ ،
وَسَاعِدَايَ أَصْبَحَا كَالْمَجَادِيفْ ،
كَبِرْتُ ! يَا بِلَادِي ،
وَلَمْ يَعُدْ ظَهْرِي يَضِيقُ بِالْخَيْزُرَانَةِ وَالسُّوطْ ،
لَكِنِّي أَصْبَحَتُ أَكْثَرَ جُنُوناً وَحُزْناً يَا وَطَنِي ،
لَأَنِّي سَأَرْحَلُ عَنْ أَرْضِكَ ،
هَذِهِ الْأَرْضُ الَّتِي لَمْ تَحْسِنَ فِي يَوْمٍ مِنَ الْأَيَّامِ تَوْزِيعَهَا .
سَأُوَفِّرَ عَلَيْكَ إِطْعَامَ هَذَا الْفَمَ الْمُفْرِطَ الْخُشُونَةْ ،
الْفَمَ الَّذِي حَشَوْتَهُ بِكَلَامِ الْمُجَامَلَاتِ ، وَدُخَّانِ السَّجَائِرْ ،
وَالنَّشِيدَ الْوَطَنِي.
تَحْتَ خَرْقَةٍ كَابِيَةٍ مُهْتَرِئَةْ .
سَأتْرُكُ دَمُوعِي عَالِقَةً عَلَى حِيطَانِكْ ،
وَأَدَعُ صُرَاخِي مُبَعْثَراً فِي السَّاحَاتِ وَالشَّوَارِعْ،
تَتَعَقَّبُهَ هِرَاوَتُكَ الْمُسْتَعَارَةْ .
لَكِنِّي لَنْ أَتَخَلَّى لِرَصِيفِكَ عَنْ ذِكْرَيَاتِي وَأَحْلَامي ْ .