زارتني آتية من رحم النجوم
تقود قطعان الفرح
إلى دهاليز الليل
تزداد انتفاخا كلما ركبت
موج الأمل أو غيوم النسيان
وأنا هنا فوق صخرة المساء
أحكم قبضتي على زمني طويلا
ريثما تنتهي الخيبة
من مضغ جلد أحلامي
وتضع حرب هزائمي أوزارها
كي أدفن موتاي
وأبعث بجرحاي إلى مشفى
جمجمة طموحاتي المفككة
زائل هذا الغيم الساخر
وأقنعة الطين
لما عبثا سألته
لم فاكهة سفحك مريرة
ووجهها شاحب؟
أجابني باكيا يائسا
لم تكن عمامتي ناصعة البياض
بين ربيع الدسائس وخريف المحن
ظلال تلازمني
أطردها مني... أطردني منها
لعل من جمر الفراق
تنبت زهرة بين أظافر حلمي
في جوفي عاصفة تكوي ضلوعي
والريح نائمة.
تنمو في الرأس الأصابع
وحقول الضياع
ماضوي أبكي أيام العمر الفانية
لوحدي في شوارع الذكرى أتسكع
تذبل الروح بشمس أمس
تآكلت معاليم اليقين فيه
ألعن الأرض البخيلة
من سماء أصابعي
حتى شعيرات صدري.
أرض سماؤها كاذبة
صغيرة قزمية
تتمدد بها ألسنة النكران
وأفواه النباح
تمضغ لحمي حيا
وراء ظهري
وقد ارتدت ثوب العهر
فوق ربوة الطهر
أقنعة ليست إلا تلك الوجوه
فجور وشره وتبذل
ثم سفه وطعن في الأعراض
غيبة ونميمة وشماتة في العباد
تلك شيمهم منذ الأزل
عقول ناقصة وألسنة سوء
يستهويها الحديث عن الناس.
منذ خمسين ألف سنة
والقوافل تسير والكلاب تنبح
ما كفت عن سيرها القوافل يوما
ولا خانت الكلاب النباح ثانية
قبل أن أطردك ذات مساء
من حديقة جراحي
بحثت عنك بلا كلل
في أعماق ذاتي،
بين ضلوع أحلامي
عندما وجدتك
كنت قد صرت قمامة
لا وقت لدي كي أغسلك
من روائح الليل
العالقة بجلد غضبي.
هش هذا الصباح
شمس خيوطها باردة
تأكلها ضباع الضباب الأزرق
صرخة أعنف من غضب البحر
حين تتكدس بأوداجه أملاح الشك
يولد في كل لحظة بين الضلوع ألف سكين
وأنا في المدينة الكبرى أنحت لنفسي
تمثال وجهي بريشة غربتي عني
بيني وبيني الذي بين السماء والأرض
فصول تتوالى وسنون تتكرر من رأسها
حتى قدميها
وأنا كطائر جريح
أرقص فوق أمواج قلبي
لعل زوابع الألم تصدح بالنهاية.
أخبرتني الشمس أنها تعشق جلدي
لما منحتها كتفي أحرقت خبزي
وأطالت نظرتها إلى عيني
فبكت لما رأت البحر على خدي
فتشت جيوبي فوجدت جنوني
مدسوسا في عرين ليلي
مثخن هذا الجرح بعشق الألم
مثخنة نجوم سمائي بدموع القمر
فلا تسرع إلى شعيرات صدري أيها الثلج
فأنا سيزيف زماني
مشنوقة أحلامي
بين خيوط الشمس
وأنين القصيد