كَحلوان عيناكَ كما سواد الليل
يا وطني ..
مُوفٍ على سقفهما حطام الثورات،
وبالأكف المارقة غار الماء ،
وانثنى حسيرا صدى الكلمات .
عبر المدى الرمادي يقف الموت،
ليعلن على رؤوس الأشهاد ،
انتهاء عهد الرماية و التحام السيوف ..
فقد أسلم عنترة بيرق الغواية
إلى حاد العيس ،
وأطلق للريح عيون المها ،
ترقب انفلات الروح من معصم الفلاة .
"فيا وطني الكليل إني منكسر ،
أغدو وأروح قسرا ،
بين المحيط و الخليج ،
والدمع منهمــر .
فهل لي منك قصفة ،
من عـزة بها أستَـتِـــرُ ،
وأسُـدّ بالمداد ثغـر التاريخ ،
لعل طلائع الربيع تطوف بساحنا ،
ويعلو بعُلانــا الصراخ المسجّــرُ .
ربيع أمتي أحمر،
قان هو الأفق يطفح بالشجون ،
مفعم بوجوه لم نألفهــا ..
وبوعود لم نسمعهــا ،
تراوح أسماعنـا قسرا ،
كسرب ذئاب تعوي عند كل غروب ،
ترقب غفوة الراعي ،
وانفــلات القطيــع .
ونشرات أخبار كذوب،
تشرد كل حين ..
ومن دون خجل ،
تخفي قـرّ شتاء لم يمضي قط ..
تمدد فأمسـى قاب دَهــر ،
فما ترك للربيع حيزا في عيون الزّحــام .
تلهو بنا الأحداث ،
ونجثو على وجه الزمان المــرّ،
وما تبقى من نخوة الأرض،
فيلفظـنــا السحاب القادم من الشرق ،
وتهجونا ريــح الشمــال ،
فغدونـا مجرد أوراق تساقطت على الرصيف ،
و أرقـام عدّدتهــا رياح الخريـف .
أديمُ الساحات يَمورُ بأحــلام الطيور،
وشارات المــرور ..
تُطالعنــا الذكريــات من كل حــدب ،
تُذكرنا بما خطّتــه أيدينــا ،
حينما كان التاريخ يُغريـنا بالحور،
كلما فَـارَ التنّــور .
و قَمـاقِـم الـعفاريت ، المُفعمَة بالرّغـبات ،
تصرخ في وجوهنا بكل اللــغات ..
هــل من ربيـع آت ؟
يُكَفِّـرُ عن الزلاّت،
ويُحيي فِينا نَـزقـا قد كان يُلهبُ عيونَـنــا،
تَـلَبَّـسَـنـا حتى صرنا واحدا ..
يُسابقُ الأحــلامَ في غمدهــا ،
ويروم المعجـزات .
وها هو اليوم قد أوشك أن يؤوب إلى مــوات ..