لا تنتظرِ المسَاءَ الغَرِيبَ
ولا أسْماءًا منْ أسماءِهِ المتشَابِهَةِ
لا تَنْتظِر طُلُوعَ شمْسٍ قد لا تَكُونُ شمسُك
ولا وصْفًا منَ الأوْصَافِ ...
قد لا يُعجِبُك لوْنُه ولا شكْلُه
ولا ترْكُضْ في المسَاحَاتِ الفَارِغَة
فقَد لا تجِدُ فيِها متَّسعًا لكَ أوْ لِغيْرِك
ولا تَمُدَنَّ عَيْنَيْكَ إلى آخِرِ الّليْل
فقَد لا يجِيء
وقد لا تكُونُ أنتَ في الاْنتِظار
أو يَتعذَّر عليْكَ المِجيء
* * *
لا تنتظر المسَاءَ البعِيدَ
ولا صَباحَاتِ عيدٍ بعدَ عِيدٍ بعْدَ عيِد
ولا فرْحةً لا تُغْنِي ولا تُهْنِي
أو كَلامًا عن غَدٍ قد يُقْنِي وقد يُضْنِي
تَرَقّبْ فقَط بِعَيْنَيْكَ سَماءًا بِالسَّحر
أو نجْمةً أو شِهَابًا أو قمَر
كُنْ وقْتَك الذِي جَاء بِالخبَر
كُنْ حاضِرَكَ قبْل الحِصار
كُنْ كمَا يكُونُ حالُ الشّمسِ في النّهار
فإنْ أَفَلَتْ فدِفْئُها يُنِيرُ المسَار
* * *
لا تنْتظِر المسَاء البَهِيمَ
ولا أنْوارًا تُضِيءُ مسَاراتِه
أوْ سِرْبًا يسْبحُ في مجَرَّاتِه
وأنتَ تسيِرُ في ذاتِ المسَار ...
لا لِمُجَارَاتِه، وإنَّمَا لِمُدارَاتِه
فلسْتَ وحْدَكَ الّذِي قدْ يَهجُر
ولسْتَ وحدَكَ الذِي قد يَعْبُر ..
وأنتَ تَعْبُرُ قنْطرةَ الزّمَان
لا تُثْقِلْ ظهْرَكَ بِغَيْرِ أحْمَالِك
فقَد تَنْكسِرُ القنْطَرة،
ولا تَعْبُرُ أحْلامُك ...
* * *
لا تنْتظِر المسَاءَ المُرِيبَ
وإنْ كَان مُسْتأنِسًا بِالحَبيِبِ أوِ القَرِيب
ولا إِشَارَاتٍ أوْ شِعاراتٍ أوْ إمَارات
وإنْ كانَ حدِيثًا من ذَاكَ الأَثِيرِ يُثِير
أوْ حتَّى سلامًا يُشبِهُكَ عِندَ الودَاعِ الأَخِير
فإنّ الإِعْلانَ عنِ الرَّحِيل
قدْ يَهْمِسُ في أذُنيْك
قبْلَ ، أوْ بعْد قَليِل ..
وأنّ السّاعةَ التِي كَانتْ في يَديْك
قد ضاعَتْ في المسَاءِ الأَخيِر
* * *
وأنتَ تسْتريحُ في محطّاتِ الذِّكْرَى
لا تنْتظِرْ دعَواتٍ منْ ذِكْرِياتٍ جَدِيدَةً
ولاَ إلى رحَلاتٍ أُخْرَى
ولاَ إِلى انْتِظاراتٍ مَدِيدَةً
تَذكَّرْ فقطْ ..
أنَّ عَليْكَ عوْدةً سَدِيدَةً
فإنّ عُدتَ منْ تَعَبِ الأكْدَار
وفارَقْتَ شَبَحِ الأَغْيَار
تَخَلّصْ من عِبْئِ الاِنْتِظَار
لاَ تنْتظِرْ عَودةَ المُسافِريِن
ولاَ مسَاءاتِ الآخَريِن
فقطْ إِسْتَعِدَّ لِلرَّحيِل ...