خرجت من حفيف الريح
حين تلامس وجه الماء
و تعصر من ورق الشجر
صوت الغناء.
و ها أنا ذا من رعشة الغصن
أرتشف ســـــــــر البهاء.
ولدت على ناصية الوجع
تنهشني سياط البرد ... تلسعني
تفترش جسمي سجادا
و على جمجمتي أخاديد الشقاء.
ولدت لعنة أزلية
في عيون سوداء
من مياه النهر أخذت بياض جلدي
و تقمصت نظراتي زرقة السماء.
و سرت مع مجرى النهر أحفر خندقي
و مع تباشير الريح أزرع الغناء.
جمعت أغراضي تحت جلدي
و غرست الطريق تحت جفني
و دونت بحبر الصدق حيرتي
و انطلقت أنحت على جبيني
لوعتي و نزواتي و سر الفناء.
أيا صوتا يتحشرج في ذاكرتي
يستل المعنى من وجدي
يتلذذ بالأمومة الموجوع فيها قلبي
أنا اليتيم أعلن على الملإ ظمئي
لكلمة "أمي" و نبضات روحي
فهل لي بشلال الحب لأرتوي
و هل لي بالرحمات تعصرها السماء.
تعلمت من لغة الطين كل مفرداتي
و من بلاغته رصعت أشعاري
و فقهت من مواسم الزرع
معنى العطاء.
تبعثرت على عتبات اليتم ذات مساء
لملمت شظايا أوجاعي
و بقايا من خيوط الضوء
العالقة بقلبي
و انسلخت من قبري
و مرافئي
و انطلقت على لجة الشوق
في ملكوت الغناء.
أحمل قصائدي
و مواويل الناي
و روعة الأنبياء.
أنا ابن الطين
معجون من صلابته
ممزوج بملح الأرض
و خضرة الزرع
و دمي شلال طهر زلال
ذاك يقيني.