مرّت بدمي الحروبُ خرساءَ
ثمّ قالْ
أميرُ الدم انتصرتُ، وقالت الضحيّةُ اختصرتَ
خوفَكَ بقتلي، فأزهر دمي
حكايا الرجالْ
وجرحتْ صوتَك بحدّ نجومِها ليالٍ ثقالْ
وقال الشهيد"لم ينحنِ ظلّي إلى أحدٍ سوايْ"
ولي من الماضي نخيلٌ يعبقُ في أنايْ
ولم يبعْني العيّارون في بغدادَ
ولم يعبؤوا جلدي ،أسًى، بالرمالْ
ولم يصلبوا أمّي رأيَ العينِ
وقال صوتٌ في البعيدِ
ماضيّ انتصارٌ لا انتظارْ
لكنّي لن أعلّقَ ذاكرتي
على قمصان مَن رحلوا
وفينا من عذابات الحسينِ
ومن دماء دجلةَ ما يجعل النيل طائرًا
يطأ الردى، يسحب سلاسل الموتى، يبعث في الراحلين شمسَ الحياة،
ويهمس بحفيف جناحيْه ألفَ سؤالْ
أين الذين نحبّهم؟
ذهبوا!
أين الذين تجندلوا من أجل رؤيا؟
أين الذين دفنوا قلوبهم كي لا تموت؟
لي الآن أن أجرحَ وجهَ الدنيا بحريّة بيضاءَ
حرِّروا ذاكرتي
من حبال لغتي
وحرِّروا جسدي من أحابيل الكلامْ
سألتفت يسارًا لأرى في الشرقِ
امرأةً ترْخي شالها فرحًا
تحاكي النجومَ الشامخاتِ بمشيهنَّ
وتلْقي تحيّة في بئر ماضينا
ليرتدّ صوت لامع من كربلاءْ
اذهبْ إلى موتك لأنّ الموتَ في الموتِ حياة
واذهبْ إلى أناشيد دربكَ
لأنّ دربَك مكلّلٌ منذ البدايةِ بالدماءْ
للأحمر أغنيتانِ
ولصهيلٍ عاف التذلّلَ غضبتان
وللنار صوتان: صوتُ أنينِ النايِّ للمكويِّ
وصوتُ حريّة
سألتفت في الشرق يمينًا لأرى
رجلا في السبعين يبكي، وقد تهدّل منه العقالْ
"هرمنا"، وقد سلخ الزمان ما ترهّل من أوقاتنا الكسلى،
لنعلّق أسماءنا الصغرى قناديلَ فرحْ
اليوم ستنتشر الرسالة مرّة أخرى
وسيفهم الموتى سرَّ ظلالهم
وبأنّ الظلّ انتصارُ الضحيّة على الشكلِ ومحوٌ للظلامْ
وسيهبّ صوت من قريبْ
أنا كسرةٌ خضراءُ في خبز القصيد
حريتي وطنٌ
انكسرت مرايا الملحِ في وجع النشيد
انكسرت مراياهم
فاتضحت رؤايْ