ميثولوجيا الموت - مــيرسيا إليـــاد - ترجمة: محمد يشـوتي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

يقـــول W.Lloyd warner واصفاً مختلف المراحل الحاسمة التي تطبـــع حيــاة الإنســـان الأبوريجيـني الأسترالي:
"يكــون الكــائن قبل ولادته روحــا خــالصا. وفي المرحلة الأولى من حيــاته، أي عندمـــا يصبح في المكـــانة الإجتمـــاعية التي تحتلهــا النســاء، يصيـــر منتميــا كليا إلى العــالم الدنيوي، أي منزوعا من الصفة الروحــانية، ثم كلما تقدم في الســن واقترب من نهـــايته، يصيـــر الفرد أكثر فأكثر موضــوع ممــارســات طقوسية وقــداسية ليجــد نفسه ســاعة الموت قد استعــاد روحــانيته وقـــداسته من جديـــد".[i]
إن كثيـــرا من معــاصرينـا -مهمــا كــان تصورهم للموت- لا يستسيغـــون أن يكــون الموت شكــلا وجــوديا كله روحــانية وقــداســة. فالمـوت لدى أغلبية الــذين لا يـؤمنــون قد أفرغ من كل محتوى ديــني قبل أن تكـــون الحيــاة ذاتــها قد فقــدت معنــاها، فالكشف عن تفـــاهة الموت قد سبق لدى البعض اكتشــــاف عبثية الحيــاة ولا معنــاها. وكمــا قــال محلل نفســـاني بريطــاني مجهــول: "نولــد حمقى، ثم نمنح أنفسنا أخــلاقاً فنصبح أغبيــاء وتعســاء، ثم [في النهاية] نمــوت".
إن هــذا الجزء الأخيـــر من الجملة: "ثم نمــوت"، يعــبر ببــلاغة عن نوع الإدراك الذي يحملــه الإنســان الغربي عن مصيـره. إلا أن هــذا الإدراك يختلــف عن ذاك الذي نلاحظه في كثيــر من الثقــافـات حيث نجد الإنســـان يعمل جــاهدا لاختــراق سـر المـــوت، ومحـــاولة معرفة دلالتهــا. إننــا لا نعــرف ثقـــافة لا تكــون فيــها هاتــان الكلمتــان "ثم نمـــوت" عــاديـــتيـن. لكن يبقــى أن هــذا الإثبــات الجــازم لموت الإنســـان الحتـــمي دون قيــمة إذا نُــظر إليه معـــزولا عن إطــاره الميثـــولوجي. فعـوض "ثم نمــوت " كــان على الجملة -لكي تكــون متنــاسقة ومعقـــولة - أن تنتهــي كالآتي: "ولهـــذا فإننا نموت ". بالفعـــل نجــد في أغلب الثقــافــات أن حـدوث الموت [ في هذا العــالم] يُعرَض كحــادث سيــئ طـرأ في البدايــات، حيث يعد نتيـــجة لواقعــة ما طــرأت في الأزمنة الأولـى[2]، فالموت لم يكن معــروفا لدى الأوائل أي لدى الأجـــداد. وبمعرفة الكيفية التي حــدث بها الموت لأول مــرة في العــالم يدرك الإنســان في ذات الوقت سبــب موتــه هو نفســـه. إننــا نمــوت لأن هـذا الشيء أو ذاك حــدث في البدايــات. فمهمــا تعددت تفــاصيل الأسطورة عن أصل الموت [أول موت حدث في الزمــان]، فإن هــذه الأسطــورة تمنــح الإنســـان التفسيــر لموته الخــاص.

فكما نعلم، قليـــلة هي الأســاطير التي تفســر حــدوث الموت[في العـالم] باعتبــارها نتيجــة خــرق الإنســان لوصية إلـــهية. وكثيـــرة تلك التي تربــط الموت بفعــل عقــابي وتعـــسفي لكــائن شيطــاني، ونجــد مثلاً نظــير هــذه المواضـــيع الأسطــورية لدى القبـــائل الأسترالية وكذلك في الخرافات المنتشــرة بآسيــا الوسطــى وسبيــريا وأمريــكا الشمالية والتي تعتبر أن الموت أحدثه في العــالم أحــد أعــداء الخــالق.[3] وعلــى العكــس، فإن أغلــب الأســاطير في المجتمعــات العتيــقة تفــسر المــوت باعتبــارها حــادثاً تــافها أو نتيجــة اختيــار غبــي قام به الأســلاف الأوائل، ولعل القــارئ يتــذكر النــوادر الطريـــفة المتعــددة والشائعــة على الخصــوص في إفريقيـــا.[4] فحســب هــذه النــوادر، أرســل اللــه إلى الأجـــداد الحربـــاء حــاملة معهــا رسالة الخلـــود، وبعث العضــاية حــاملة رســالة الموت. ولكـن الحربــاء تأخـــرت في الطريـــق فكــان السبق للعضــاية في تبلــيغ رســالتها فنتــج عن ذلــك حــدوث الموت في العــالم.
إنه تصــوير لعبثية الموت من النــادر أن نجــد أوفى منـه. وكأننــا بصــدد قراءة أحــد كُـتاب الـوجــودية الفــرنـسيـــين. والحقــيقة أن في الإنتقــال من الوجــود إلى اللاوجــود من الإبهــام مــا يجعــل تفسيـــراً مثــيراً للسخــرية يصبح أكثر إقنــاعاً لأنــه عبــثي بشــكل ســاخر. إن مثل هـــذه الأســاطير تفترض [ وجــود ] تيــولوجيـا الكلمة معــدة بإحكــام. فاللــه لم يكــن بإمكــانه تغيـــير قضائه لسبب بسيــط ذلك لأنه بمجــرد التلفظ بالكلمــات، كانت هــذه الأخيــرة قد أوجــدت الواقــع.
إنهــا مؤثرة بدورهــا تلك الأســاطيــر التي ترجــع ظهــور الموت إلى تصــرف غــبـي للأجــداد الأسطــورييــن. فهنــاك مثــلاً أسطـــورة ميــلانيزية تقــول بأن الأســلاف الأوائل كــانوا كلمــا تقــدموا في السـن، استعــادوا شبــابهم وذلك بارتــدائهم جــلداً جديــداً كالثعــابين. ولكــن وقع أن عجــوزاً لما عادت إلى بيتهــا بعد أن استعــادت شبــابها، بــدت غريبــة على ابنهــا إذ أنه لم يستطع التعــرف عليهــا، ولتهــدئته ارتــدت جلدهــا القــديم. ومنــذ ذلك الحيــن، أصبــح الإنســـان كائنــاً فانيــاً[5]. ونُذكر في النهــاية بالأسطــورة الأندونيسيــة الجميــلة المتعلقــة بالحجــرة والمــوزة. فلقــد كانــت السمــاء في البــداية [حســب هــذه الأسطــورة] قريـــبة من الأرض وكــان الخــالق متعــوداً على إنــزال هــدايا إلى البشــر مشــدودة عبــر طــرف حبــل. وذات يــوم، أنزل حجــرة بــدل الهديــة. فلم يستــسغ الأجــداد ذلك حيـث توجــهوا إلى خــالقهم مستفســرين : "أية حــاجة لنــا بهــذه الحجــرة ؟ أعطنــا شيــــئا آخــر". فلبى الإله طلبــهم إذ بعــد أيــام أنــزل عليهــم موزة سُـــــر النــاس بــها. حينــئذ بلــغَ الأجــدادَ صــوتٌ من السمــاء يقــول: بما أنكم اختــرتم المــوزة، فإن حيــاتكم ستكــون كحيــاتهـا، ذلك أن شجــرة المــوز عندمــا تنتــج فسيــلتها، فإن الأصل الحــامل يمــوت، كــذلك تمــــوتون ويأخــذ الأبنــاء مكــانكم. لو أنكــم كنتم قــد اختــرتم الحجــرة لكــانت حيــاتكم كحيــاة الحجــرة: أي ثــابتة وخـــالدة.[6]
إن هــذه الأسطــورة الأندونيسية تُصــور بـدقــة جــدلية الحيــاة والمـــوت [الجـدلية اللغــز]. فالحجــرة تــرمز إلى المنــاعة والأبــدية، وبالتــالي إلى استمــرارية لانهــائية في الوجــود. إلا أن الحجــرة هي في نفــس الوقــت رمز للعتـــامة وللسكــون والجمــود. في حيــن أن الحيــاة بصفــة عــامة والطبيعــة البشــرية بصــفة خــاصة تتمــيزان بالإبــداع والحريــة. وهــذا يعــني في نهــاية الأمــر الإبــداع والحرية الروحييـــن. وهــكذا تصــبح الموت إحـــدى مكونــات الطبيــعة البشــرية، ذلك لأن تجـــربة الموت ، كمــا سنــرى، هي التـــي تجــعل من فـــكرة الــروح والكــائنـات الـروحانية فكــرة معقـــولة. ومجمــل القـول، إنه مهمــا كان السبــب في حــدوث أول مــوت، فإن الإنســان باعتبــاره كائـــناً واعيــاً بمــوته، ومن حيــث هو كــذلك فقط، استطــاع أن يــؤول إلى مــا هو عليــــه الآن وأن يحــقق مــــصيره النــوعي.
يقــول هنــري جيــمس: "إن أول وأعظــم خـدمــة قدمتهــا حــواء لآدم كــونهــا عملــت علــى إخــراجه من الجنــة". وهــذه بطبيـــعة الحـــال طريقــة معــاصرة غـربيــة للنظــر في الكـــارثة الأصلـــية أي في فقــدان الجنــة والخلـــود. لا توجد ثقــافة تقليـــدية يُنـــظر فيــها إلى المـــوت كفعــل خيــر. علــى العــكس لا زلنــا نعثـــر لدى بعـــض المجتمعــات العتــيقة فكــرة خلــود الإنســان، بمعنــى أنهــم مقتنعـــون أن الإنســان بإمكـــانه أن يعيـــش إلى مـا لا نهــاية شريــطة ألا يضــع فــاعل عدواني مــا نهـــايةً لحيــاته. بعبـــارة أخــرى، إن مــوتاً طبيعـــياً هـو ببســاطة أمــر غيــر مستـسـاغ. فكما أن الأجــداد فقــدوا أبديتـــــــهم عَـرضـاً أو بسبــب مؤامـــرة شيطـــانية، فإن الإنســان يمـــوت اليــوم ضحيـــة الســـحر أو الأشبـــاح أو ضحيـــة معتديـــن ما ورائييـــن.
مع ذلك ، وكمــا تشيـــر إليــه بشـــكل جميــل أسطـــورة الحجـــرة والمــوزة، فإن المـــوت يعتبـــر في كثيـــر من الثقـــافات العتيـــقة مُكمـــلاً ضروريـــاً للحيــاة. وهــذا يعـــني قبـــل كل شيء أن المــوت يُغــير الوضــع الأنطـولـوجي للإنســان. ففـــراق النفــس للجسد يؤدي إلى ميــلاد نمــط وجــودي جـديـــد، حيـــث يصـــبح الإنســـان موجـــوداً روحيـــاً ليــس إلا، أي يصير نَفـثاً، يصيـــر "روحـــاً".
الرمــزية الكوسمــولوجيـــة للطقـــوس الجنـــائزية
كثيـــر من الثقــافات تغـــذي الإعتقـــاد الــذي مــؤداه أن فــراق النفــس للجســـد الذي أحــدثه المــوت الأول اقتـــرن بتغيـــر بنيـــوي في الكـــون كلــه. فقــد تـراجعــت السمــاء عن قربهـــا من الأرض وانقطعـــت وســائل الإتصـــال بينهمـــا (انبتـــار الشجـــرة أو الســـلم الرابط بينهمـــا أو تســـطح الجبــل الكوني). ومنــذ ذلك الوقــت، لم يعـــد من السهـــل الوصـــول إلى الآلهــة كمــا كــان الأمر من قبــل. فهـــؤلاء [الآلهة] قــد أصبحـــوا يقيــــمون في أعــلى السمـــاء حيـــث لا يتمكن من الوصـــول إليهم إلا الشـــامان والسحـــرة حيــن يكــونون في حــالة الإنخـــطاف، أي في حـــالة روحـــانية [7].
هنــاك اعتقــاد آخر يــرى أن الخــالق عندما خلق أول إنســان، وهبــه روحــاً، أمــا جســده فإن الأرض هـي الــتي دبـــرت أمــره. وتبـــعاً لــذلك، فإنـــه أثنــاء المـــوت يرجـــع هـــذان العنصـــران إلى أصلهمـــا: يعـــود الجســـد إلى التـــراب [الأرض] وترجـــع الــروح إلى خـــالقهــا السمـــاوي[8].
إن أوجـــه التـــشابه هــذه بين تـــصور الكـــون وتــصور الإنســـان ثم المــوت تعــكس الإفتـــراضات المــتخيــلة عن المـــوت. فنحــن نعــلم أن المــوت في المجتمعــات التقليــدية لا يعتبر حقيــقياً إلا بعــد نهـــاية المــراسيم الجنائزية طبـقاً لمــا تمــليه الأعــراف. بعبــارة أخــرى، إن المــوت الفزيولوجي هـو فقــط إشــارة إلى ضــرورة القيــام بمجمـــوعة من العمليــات الطقــوسية لصيــاغة الهويــة الجــديدة للمتــوفى. ويـــلزم ذلك معــالجة الجســـد بطــريقة معيــنة بحيث لا يتمــكن من الإنتعــاش سحــرياً فيصــبح مصــدر تصــرفات شريرة. بل أكثــر من هــذا، يجــب أن تُســاق الــروح إلى مقــامها وأن تُــدمج طقــوسيـاً في ســاكنة هــذا المقــام.
مع الأسف، نعــرف قليــلاً جــداً من الأشيــاء عن الــرمزية الدينــية للحفــلات الجنــائزية في المجتمعــات العتيــقة والتقليــدية. يتبيــن لنــا جهلنــا هــذا عندمــا نقــرأ لأنتـــروبولوجي معــاصر تفـــسيراً لطــقس جنــائزي يكــون قــد أُتيـــحت له فــرصة حـــضوره ومعـــايشــته عــن قـــرب فمــكنته هـذه المشــاركة من الإستفــسار عن مغـــزاه. ذاك هو شــأن عــالم الأنتروبولوجيـا الكولومبي G. Reichel-Dolmatoff الذي حضــر مراســيم دفــن شــابة من قبيــلة كــوجي Kogi في La Sierra Névada بــ Santa Maria . فقــام بــوصف لهــا لا يــزال غيــر معــروف بمــا فيــه الكفــاية، لــذا فهــو يستــحق بكــل تـأكيــد أن نقــوم بتلخيــص له.
بعــد أن يختــار الشــامان مكــان القبــر، يشــرع في تنفيــذ سلسلة من الحــركات الطقــوسية ثم يُصــرح: "هنــا قــرية المــوت. إنه المنــزل، منــزل مراســيم المــوت. هنــا الرحم. سأفتــح الــدار. سأفتحهــا! ثم يعــلن: " فُتحــت الــدار "، ويــدل النــاس على المكــان الذي يجــب عليــهم أن يحفــروا فيــه القــبر. وفي عمق هــذا الأخــير تــوضع أحجــار خضــراء صغيــرة، وقشــريات ثم صدفة حلزون. بعــد ذلك ، يحــاول الشــامان جــاهداً رفــع الجثــة دون جــدوى معطيــاً الإنطبــاع أنها ثقيــلة، بحيــث لا يتمكــن من رفعــها إلا في المــرة التــاسعة. يــوضع الجســد في القبـر بشــكل يكــون الرأس متجهــاً وجهــة الشــرق ثم يغلق الشــامان الــدار، أي يــردم الحفــرة. يتــبع ذلك ممــارسة مجمــوعة من الحركــات الطقــوسية حــول القــبر، فيعـــود الكــل في النهــاية إلى الــدار ويستــمر الحفل حــوالي الســاعتين.
إن عــالم الأركيــولوجيا الذي ســـوف يقــوم بحفــريات في هــذا القــبر سيــجد - كما أشار إلى ذلك Reichel-Dolmatoff - هيكــلاً عظمــياً بجمجمــة متجهــة وجهــة الشــرق، ثم بعض الأحجــار وصــدفات. أمــا الطقــوس والإديــولوجيــا التي تتضمنــها فيتـعــذر استــردادها مع البــاقي. يُضــاف إلى هــذا أن رمــزية الحفــل تضــل متعــذرة المنــال على المــلاحظ الأجنــبي إذا لم يكــن عــارفاً بديــانة الـ"كــوجي" في كليتــها. ذلك أن " قــرية المــوت " و "مــراسيم المــوت " هي كمــا لاحــظ Rechel-Dolmatoff استبـــدال لفــظي (استعــاضة لفــظية ) للمقبـــرة، في حيــن أن "" الــدار " و " الــرحم " همــا استعــاضة لفــظية للقبـــر. هــذا ما يــوضح وضعيــة الجنين التي يتخــذهــا الجســد وهــو متمـــدد على جــانبه الأيمــن. وهنــاك استبــدالات لفــظية أخــرى تطــبع الحفــل كـ "زاد الأمــوات" مكــان القــربان وكــذا شــأن الطــقس المتعــلق ب " فــتح " و " إغــلاق " " الــدار / الـرحم". وتنتــهي المــراسيم بتــطهر ختــامي
بالإضــافة إلى مــاسبق، فإن الـ "كــوجي " يُمــاثلون بيـن الكــون ( الــذي هــو رحـــم الأم الكــونية ) وبيـن كل قريــة أو دار ثقــافية أو مســكن أو قبــر. فعنــدما يــرفع الشــامان الجثــة تــسع مــرات، فــدلالة ذلك أن الجــسد يعــود إلى حــالته الجنيــنية قــاطعاً بطــريقة معكـــوسة الأشهــر التسعــة التــي تمــثل مـــدة الحمــل. وكمــا أن القبــر يعتــبر مثــيلاً للكــون، فإن القـــرابين تكتــسب دلالات كــونية. أضــف إلى ذلك أن المــقـــرابين أي "زاد الأمــوات " لهـــا دلاللة جنسيـــة، ذلــك لأن فعــل الأكــل في الأســاطير والأحــلام وحفــلات الـزواج يـــرمز للعملـــية الجنسيــة، ومن ثم فــإن القـــرابين تمثـــل زرعـــاً (منيــاً ) يــؤدي إلى إخـصــاب الأم الكــونية. أمــا الحمــولة الــرمزية للقشــريات فإنهــا معقـــدة، ذلك أن مغـــزاها ليـــس جنسيــاً فقــط، فهـــي تمثــل أعضــاء الأســـرة الأحيــاء، في حيــن تــرمز صـدفـــة الحلــزون إلى " زوج " المتـــوفاة. لأن الفتـــاة حينمـــا تصــل إلى العــالم الآخــر وهـي لا تــزال بكـــراً وكــان القبـــر خـاليــاً من الصــدفة، فإنهــا تطلــب زوجـــاً، الشـــيئ الـــذي يـــؤدي إلى مـوت شــاب من القبيـــلة[9].
المــوت الطـــقوسي والإنخـــطافي
إن المثــال الآنــف الذكــر يبيــن كم هــو عــارض إدراكنــا لرمــزية الإنســـان الكـــونية المتعـــلقة بالــدفن التقليـــدي، وعَــارضٌ بالتــالي مــا نعـــرفه -رغم قلـــته - عن الأبعــاد الدينيــة للمـــوت في المجتمعـــات العتــــيقة. غيــر أننــا بالــرغم من هــذا، متــأكدون من شــيء وهـــو أن المــوت تعتبــر -أو كــانت كــذلك -في المجتمعــات التقليـــدية ولادة ثـــانية من أجــل البــدء في حيــاة "روحيــة " جـديـــدة. غيــر أن هــذه الولادة ليســت كمــا هو الشــان بالنسبــة للأولى ولادة بيـــولوجية طبيعـــية. أي بمــا أنهــا ليســـت معــطى، فيجــب خلقهـــا طقـــوسياً وبهـــذا تكــون المــوت مُســـارة Initiation ، أي مدخـــلاً لنمــط وجـــودي جـديـــد. وكمـــا نعلـــم، فإن كل مُســارة تتمـــثل بالأســاس في مــوت رمــزي يكــون متبــوعاً بولادة جـديـــدة أو بعــث[10]. أضــف إلــى ذلـك أن كــل انتقــال من نمــط وجـــودي إلــى نمـــط وجـــودي آخــر يتضمـــن بالضــرورة فعــل المــوت الرمــزي. فمـــن الضــروري أن يمـــوت الإنســان في وضعــه الســابق لكي يـرقى إلى وضــع جـديــد أي من أجل ولادة جـديــدة أرقى. فالمــراهـق أثنــاء طقـــوس المســـارة الخــاصة بالبلـــوغ، يمـــوت في وضــعه البيــولوجي الطبيـــعي بمعــنى أنه يمــوت كمــراهق، ثم يـــولد من جــديــد ككـــائن روحــي، الشـــيء الــذي يخـــول له إمكــانية النفـــاذ إلى القيـــم الــروحية للقبيـــلة. فأثنـــاء عملـــية المســـارة، يُعتبـــر المُلقنـــون أمـــواتاً ويتصـــرفون كــأرواح[11]. نـلاحــظ في هــذه الحــالات استبــاقاً Anticipation حقيـــقياً - نوعــاً مــا - للمــوت، أي استبـــاق (تـوقــع ) روح لنمــط وجــودهــا. كمـــا أن هنــاك اعتقـــاداً في بعــض الثقـــافات مـؤداه أن الذيــن خضـعــوا للمســـارة بشـــكل صحـــيح هم وحـــدهم الذيـــن سيعــرفـون وجـــوداً حقيـــقياً بعــد المـــوت أمــا الآخــرون فسيكـــون مصيـــرهم إمــا اتخــاذ وضــع يرقـــاني وإمــا أن يتعــرضـــوا للمـــوت ثـانية.
ليســـت غـــايتنا عـرض كل الإبتكـــارات الديـــنية والثقـــافية المهمـــة التــي يسببــها اللقــــاء مــع المـــوت. فمن الممكن الحـــديث بتفصـــيل عن شعـــائر الأجــداد والأبطـــال أو عــن الطقـــوس والعـــادات التــي تخــص عــودة الأمـــوات الجمـــاعية وهــي العـــودة التــي يــرى فيـــها بعـــض البـــاحثين بدايــات الفــن الـــدرامي. إنــه مهمــا كــان تفكيـــرنا عن أصــل الــتراجيديا، فالمـــؤكد هــو أن المـــــراسيم الــتي تحتـــفل بالعـــودة الدوريــة للأمـــــوات كــانت من وراء ميــلاد تمثـــلات مســرحية معـــقدة لعبــت دوراً معتبـــراً في كثـــير من الثقـــافات الشعــــبية.
لقــد كـان لتجــارب الشــامان الإنخـــطافية، أي أسفــارهم إلى السمـــاء أو في عـــالم الأمــوات دور كبيــر في إغنــاء المخـيال. ذلك أن حـــالة الإنخطـــاف من حيــث كــونهــا انفصـــالاً مؤقتــاً للـــروح عــن الجـــسد، فإنهـــاكانت - ولا تــزال - تُعتبـــر استبـــاقاً للمـــوت. ونظـــراً لقـــدرة الشـــامــان على السفـــر إلى العـــوالم الــروحية ورؤيــة الكـــائنــات المــاورائية (آلـــهة - شيـــاطين - أرواح الأمـــوات ) فإنــه بذلــك يكــون قد ســاهم كثيـــراً في معـــرفتنـا بالمــوت:
" إنــه من المحتمـــل أن يكـــو ن عـدد كبيـــر من معـــالم "الجغــرافيـا الجنــائزية " وكــذا بعــض مـواضيـــع ميثـــولوجيا المـــوت نتيـــجـة لتجـــارب الشـــامان االتـــواجدية. فالمنـــاظر التـي يلتــقي بهــا أثنــاء أسفـــاره الإنخطــافية في العــالم الآخـر تأتــي دقـيقـــة في الوصـــف، وهــو وصــف يقـــوم به الشـــامان نفســه أثنــاء وبعـــد فتـــرة الجــذبة La transe . وهكـــذا فعــالم المـــوت المجهـــول والمخيـــف يصيـــر ذا شكـــل وينتـــظم مطـــابقاً لنمـــاذج محـــددة وينتـــهي بــذلك إلى اتخــاذ بنيــة مــا ثم يصيـــر مع مــرور الــزمن مــألوفاً ومقبـــولاً، وتصبــح الشخصيـــات القــاطنة في العــالم الآخــر بـدورهــا كائنـــات مـرئيــة، تظهـــر في هيــأة مــا، لهــا هــوية بل وسيــرة حيـــاة أيضــاً. وشيـــئاً فشيـــئاً يصبـــح عــالم الأمـــوات معــروفا وتصبــح المـــوت نفســـها ذات قيـــمة باعتبـــارها - على الخصــوص - طقـــساً انتقـــالياً يــؤدي عبــوره إلى نمــط وجــودي روحــي. و يمكــن القـــول في نهــاية الأمــر إن الـروايـــات النـــاجمة عن أسفـــار الشــامان الإنخطـــــافية تســـاهم في روحنـــة عـــالم الأمـــوات وإغنـــائه بأشكـــال وصــور رائعــة"[12].
يــوجد تشـــابه ملحــوظ في العــلاقــات بيـن الإنخطــافات الشــامانية وبعــض المـــواضيع الملحمـــية التي تــزخــر بهــا الآداب الشفـــاهية بسبيـــريا وآسيــا الــوسطــى وبـولينيــزيا ثم لــدى بعــض القبــائل بأمــريكــا الشمـــالية[13]. فكمـــا أن الشــامان يغــوص في العــالم الخــفي لإرجـــاع روح المــريض، كـذلك يــأخـذ البــطل الملحـــمي طـريـــق عــالم الأمـــوات حيــث يفلــح بعــد مغــامرات متعــددة في إعــادة روح المتــوفى* .
تفــيض الأســاطــير بالـروايــات الدرامية التي تتحــدث عــن أسفــار إلـى منــاطق خــرافية تقــع وراء المحيـــطات أو عنــد نقــطة نهـــاية العــالم. وهـي أصقــاع تمثــل بجــلاء مملـــكة الأمــوات. إنــه مستحـــيل إعــادة رســم أصــل أو تــاريخ هــذه الجغــرافيــات الجنــائزية. ولكنـــها تـرتبــط جميـــعها مبــاشرة أو بطــريــقة غــير مبـــاشرة بإدراكـــات مختلفـــة للعــالم الآخــر، تُعتبـر أكثـــرها ألفــة تلــك التـــي تعتـــقد أنه عــالم تحــت أرضــي أو عــالم سمـــاوي - عــالم مــا وراء المحيـــط[14].
سنعــود فيمــا بعــد إلــى هــذه الجغـــرافيـــات الأسطـــورية، أمــا الآن فلنـــذكر ببعــض الأمثـــلة الأخـــرى تتعــلق بإدراك المــوت من حيـث كـونه إدراكــاً "خــلاقاً". في الــواقع، إن اعتبـــار المـــوت انتقــالاً إلــى نمـــط وجـــودي آخـــر أرقــى يجــعل منــه - أي من المـــوت - النمـــوذج المثـــالي لكــل تغـــير ذي دلالة في الحيـــاة البشـــرية. إن التمــثيل الأفــلاطوني للفلســـفة علــى أنهــا استــباق للمـــوت أصبح مع مــرور الــزمن مجــازاً جلــيلاً. لــكن لم يكــن ذلك شــأن التجــارب الصــوفية بــدءً من الشطحـــات الشــامانية وإلــى تلك التــي عــرفهــا كبــار متصـــوفة الديــانات الـراقيــة. فالقـــديس، هنــدياً كـــان أم مسيـــحياً "يمـــوت " في دنيـــاه أي يــرفض حيــاته الــدنيوية : " إنــه ميــت في الــدنيـا ". وكــذلك الأمــر بالنسبـــة للمتصـــوفة اليهـــود والمسلمـــــــــين.
إن كــل هــذه المعـــادلات الخــلاقة - الرمـــوز والمجـــازات المتــولدة عـن إعـــلاء المـــوت إلـى درجـــة اعتبـــاره نمـــوذجاً مثـــالياً لكــل تحـــول مهـــم- تــؤ كد علــى الوظيـــفة الروحـــية للمــوت باعتبـــارها تُحـــول الإنســان إلــى طيــف ســواء كــان روحــاً أو نفثــاً souffle أو جســـماً أثيـــرياً أو أي شـــيء آخـــر. فضــلاً عــن هــذا فإن التحـــولات الــروحية يُعــبر عنهـــا بــواسطـــة صــور ورمـــوز ذات عــلاقة بالـــولادة أو الــتجــدد أو البعـــث، أي ذات عــلاقة بحيـــاة جـــديدة وذات إمكــانات واسعـــة. إن هــذه المفــارقة تــوجد مضمـــرة حتـى في أقـــدم التـــأويـلات أالتــي تــرى في المــوت نقـــطة انطـــلاق لنمـــط وجـــودي جـــديد.
في الـــواقع، تــوجـد ازدواجيـــة عجيـــبة، بل تنــاقض كــامن في كثيـــر من المـــواقف الطقـــوسية لمـــواجهة المـــوت. المــلاحظ أنــه مهــما بلــغت روحــانية المــوت من تمجـــيد، فحــب الإنســان لجســـده ولحيـــاته المجســـدة يظل أقـــوى. صحــيح أن الأبــوريجيــني الأستـــرالي كمــايقـــول Lloyd WARNER ،يصــير روحـــانياً ومُطَهـــراً أثنــاء مــوته إلا أن هــذا التحــول لا يُستــقبل بفـــرح. بل في كــل أنحــــاء أستـــراليا، عنــدما يمـــوت أحـــدهم، فإن ذلــك يســبب إحســاساً بأزمـــة مفجـــعة بحيــث يــلاحَــظ أن عــويل (نــواح ) النســـاء والشـــروخ التـــي تحـــدثنهــا في رؤوســـهن قصـــد إســـالة الدمـــاء بالإضــافة إلـى مظــاهر أخـــرى معـــبرة عـــن الألم وفقـــدان الأمل يبــلغ مستـــوى جنـــونياًحقـــاً. "فالغـــضب والألـــم الجمـــاعيين لا تتـــم السيطـــرة عليهمـــا إلا بعـــد التــأكد من أن الأمـــوات ســـوف يـــتم الثـــأر لهـــم"[15].
الحضـــور المتعــدد لروح المتــوفى : التنــاقض
إن معـــظم هــذه الأفكـــار المتنـــاقضــة تخــص مشـــكل إقــامة الــروح. إنـــه اعتقـــاد عــام أن المتـــوفيــن يتـــرددون عــلى الأمكنـــة المـــألوفــة لديـــهم بالــرغم من افتـــراض وجـــودهم في القبـــر وفي العـــالم الآخـــر في آن واحـــد. إن مفـــارقة هـذا الحضـــور المتعـــدد للــروح له تفسيـــرا ت متـــعددة وذلك تبـــعاً لإختـــلاف الأنظمـــة الــدينية بحيــث يتــم التـــأكيد إمـــا علــى أن جـــزءً من الـــروح يمــكث بالقـــرب من المســكن أو القبــر أمـــا الـــروح "الأســاسية" فتـــلجأ الــى ممــــلكة الأمـــوات، وإمـــا علـــى أن الـــروح تتـــأخر لمـــدة مــا حتــى تظــل بجـــوار الأحيـــاء في انتظــار الإلتحـــاق بطـــائفة الأمـــوات في العــالم الآخــر. بالــرغم من هــذه التفسيـــرات، وتفسيـــرات من أنفســـهم حــتى أولائــك الأكـــثر تشــدداً منــهم كمــا هـو الشـــأن بالنســـبة لـ Ambroise ، قـديـــس ميــلانو، كــانوا يشـــاطـرون هــذا التــصور. فبـعـــد دفــن أخيـــه ســاتروس Satyrus المتـــوفى سنــة 379 بجـــوار أحــد الشهـــداء، كتــب اللاهــويي الكبـــير Ambroise علــى القبــر مــا يــلي: "لقــد دفــن امبــرواز أخــاه مــانيــلوس نــوع آخــر، فإن معــطم الديـــانات تعتـــرف ضمنــياً بوجــود الأمـــوات المتـــزامن في القـــبر وفي العــالم الــروحي. أكـــيد أن هــذه فــكرة ذات تقلــيد شعـــبي مـا قبــل مسيـــحي واســـعة الإنتشـــار في العــالم المتـــوسطي، وهــي فكـــرة قـد ورثتـــها الكنيـــسة كمـــا هـي. إلا أن التيــولوجيــين سـاتيــروس عــلى يســـار أحـــد الشهـــداء، فهـــلا تســـربت طبــائع هــذا الــدم المقــدس فتســـقي جســـده"[16] . وهـــكذا بالــرغم من أن ساتيـــروس من المــفروض أن يكـــون في السمـــاء، فإن دم الشهـــيد باستطــاعته أن يــؤثر في سـاتيـــروس المـــوجود داخــل القــبر. إن هــذا الإعتقــاد في ازدواجـــية إقـــامة الأمـــوات لا عـــلاقة له بالعقيــــدة المسيـــحية عـن بعــث الأجســـاد ذلك لأن بــعث الأجســـاد كمــا يشـــير إلـى ذلـك بحــق أوسكـــار كـولمــان Oscar Cullmann : " هــو عملــية خــلق جــديدة تشمـــل الكــائن فـي كليـــته... "، وهــو فعــل "مـرتبـــط بمســـلسل إلــهي شـــامل يـهـــم الخــــلاص"[17] .
إن القنــاعة الشـــبه عـــامة بتـــواجد الأمـــوات في الأرض وفـي عــالم روحـــي في نـفــس الـــوقت تحــمل دلالــة واضحـــة. فهـي تكـــشف -خــلافاً لمــا هــو بــديهي - عـن الأمـــل الغيـر مصـــرح بـه فـي أن الأمــوات قــادرون عـلـى المشـــاركة بطــريقة مــا فـي عــالم الأحيــاء. إن حــدوث المـــوت يمنـــح -كمــا رأينـــا- إمكـــانية نمـــط وجـــود للروح. لكــن مسلـــسل الـــروحـنة فهــو - عـلـى العكــس - يتحـــقق ويتـــم التعبـــير عـنــه بـواسطـــة رمـــوز واستعـــارات مستـقـــاة مـن الحيـــاة. ونقــصد هنـــا تلـك المبــادلة في التحـــويلات حيث يتــم النظـــر إلى الممـــارسـات الأكثــر أهمـــية في الحيـــاة باعتبـــارها مـــوتاً وكــذلك العــكس: فالــزواج يُعتـــبر مــوتاً، والمـــوت ولادة، إلـخ. إن هـذا الميــكانيزم التنـــاقضي يُبـــرز فـي نهـــاية التحـــليل الحــلمَ وربمــا الأمــل فــي بلــوغ مستـــوى دلالــي تظــهر فيــه المــوت والحيــاة والجــسد والـــروح كمظـــاهر أو كمـــراحل جــدلية للــواقع الــواحـد. ويتــضمن هـذا إنقــاصاً ـ بشــكل غيـر مبــاشر ـ من الإعتقـــاد فـي " الــروح الخــالص ". بـالفعـل، يمـــكن القـــول بأنـه بـاستثنــاء الأورفيــة orphisme والأفــلاطــونية والغنـــوصية، فـإن الأنتــروبولوجيـا الأوروبيـة والشــرق أوسطـــية كــانت تعتبـــر الإنســـان المثـــال ليــس كـائــناً روحيــاً فحســب ولكــن كـــرو ح متـــجســدة. وهنـــاك تصـــورات ممـــاثلة يمـــكن مــلاحظتـهـا فـي بعــض الأســاطير العتيـــقة. زيــادة عـلـى ذلـك يمـــكن أن نلمــس فـي هـــذه التيـــارات البـــدائية الأمـــل الأخـــروي فـي بعــث الأجســـاد، وهــو الأمــل الـــذي تشتـــرك فيـــه الــزراديشتــية واليهـــودية والمسيـــحية والإســــلام[18].
إن التنــاقض الــذي يطــبع المطــابقات بيـن الــرموز والإستـعـــارات المستــــقـاة من الحيــاة ومـن المـــوت قــد استــرعت اهتمـــام علمـــاء النفـــس واللســـانييــن والفــلاسفة، ولكــن لحـــدالآن - عـلى الأقــل فـي حــدود علمــنا - لم يســـاهم أي مـــؤرخ للأديـــان فـي المنـــاقشة بصـــفة مقنـــعة، مــع العـــلم أنــه بـإمكـــان هــذا الأخــــير أن يكـــشف عــن المعـــاني والمقـــاصد التـــي قد تغـــيب عــن بــاحثيــن آخـــرين. إن المفـــارقة في هــذه المطـــابقات تُبيــن أنــه مهمــا كــان تصـــور الفــرد للحيــاة والمـــوت، فـإن أشكـــال ومـــراحل المـــوت تظــل دائمــة الحضــور فـي تجــربته الحيــاتية. فـالقـــول بحــضور المـــوت المستـــمر فـي الحيــاة ليــس معنـــاه مجـــرد التـأكــيد علــى حتمـــيته البيـــولوجية. المـــهم هــو أننــا عـن وعــي أو عـن غيــر وعــي نستكــــشف باستمـــرار عــوالم متخيــلة للمـــوت ونبتـــكر بــلا كــلل عــوالم أخــرى. دلــيل ذلــك أيــــضاً أننــا نمـــارس تجـــربة المـــوت حتــىفي الــوقت الــذي نكــون في حقيـــقة الأمــر بصـــدد ممــارسة التظـــاهرات الأشــد ارتبــاطاً بالحيـــاة.
الجغـــرافيات الجنـــائزية الأسطـــورية
لنعــد مـن أجــل التـــوضيح إلـى الجغـــرافيات الجنــائزية الأسطـــورية التــي شكـــلت مــوضـوع الحــديث أعـــلاه. إن مـورفـولـوجية هـذه الممــالك الخـــرافية جــد خصــبة ومعــقدة. فـلا بـــاحث يمكــنه التبــاهي بـانه يعــرف كـل الجنــان وكـل أشكــال الجحيــم وكــل العــوامل التحـت أرضــية وعــوالم الأمـــوات العلــوية، ولا أحــد يستـــطيع الإدعــاء - ويُـــدعم ادعـــاءه هـذا - أنـه يعــرف كـل الطــرق الــتي تــؤدي إلـى هــذه الأمـــصار العجـــائبية بالـــرغم مـن معـــرفته بالمـــعالم التـي تــزخـر بهــا هــذه الطـــرق من أنهـــار وقنــاطر ومــراكب وأشجـــار وكــلاب وحـــراس شيــاطين كــانوا أو مــلائكييـــــن ـ هــذا حــتى لا نــذكر إلا المعــالم الأكثـــر تــواتراً في الطـــريق المـــؤدي الـى بـلــــد اللاعـــــودة.
غيـــر أن مــا يهمنـــــا ليــس هـو هــذا التنـــوع اللامتنــاهي للأمصـــار الخـــارقة بقــدر مـايهمنــا -كمـا قلنـــا -كونهــا تغــدي وتنـــشط بــا ستمــــرار مخيلتنــا. فـالأطفـــال الذيـــن يمــارسون "لعبــة الحـــجرة"* أوروبييــن كــانوا أم أمريكيـــين، يجهلـــون أنهـــم يعـيـدون إنتــاج طقــس تلقيــنيinitiatique يتمثـــل الهـــدف منــه فــي ولـــوج متــاهة ثم الخـــروج منهــا ســالميــن وغيـــر مصـــابين بــأذى. فلعــبة "الحـــجرة" ترمــز إلى الهبـــوط إلى عــالم الأمــوات ثم العــودة إلى الأرض[19]
إنه أمــر هــام وملهـــم أن تشـــكل أســـاطير المـــوت والجغــرافيــات الجنــائزية جــزء من الحيــاة اليــومية للإنســـان الحــــديـث. فالمثــل الفرنــسي الــذي يمــاثل بيــن الســـفر والمـــوت:"أن تســـافر فإنك تمـــوت يـوميــا"، رغــم أنــه كثـــير التـــواتر فإنــه في الحقيــقة ليــس مثــلاً ملــهمـاً. إننــا لا نتـــوقع المـــوت أو نشـــعر بــه رمــزيا لمجـــرد الرحيــل، أي لمجــرد مغــادرة مدينـــة مــا أو بــلد مــا. فــلا اللغة اليــومية باختـــلاف استحضـــاراتهــا المثـــيرة عن أشكـــال الجنــة والنــار والحســـاب، ولا الأمثــلة المتعــددة التــي تحـــيل عليهـــا يمكنهـــا إنصـــاف الــدور الفعـــال الــذي تلعبـــه العـــوالم المتخيـــلة في حيـــاة الإنســـان المعـــاصر. فابتـــداء من العشـــرينيـــات، عــرف النقــد الأدبي الكـــشف عن ميثـــولوجيــا المـــوت وجغــرافيــاتهــا في الـــرواية والمــــسرح والشــــعر. أبعــد من ذلك يستطــــيع، مـــؤرخو الأديـــان تبيـــان أن كثيـــرا من المـــواقف والأفعـــال في الحيــاة اليــومية تــرتبط رمــزيــا بأشكـــال ومـــراحل المـــوت. فكــل غـــوصــة فـي الظــلام وكــل ضــوء مفـــاجـئ يشــكل لقــاء مع المـــوت. ويمـــكن قـــول الشــئ نفـــسه عـن كــل تجـــربة تَسَـــلق جبـــل أو تجــربة طيـــران أو غـــوص في أعمــاق البحـــار أو سفــر طــويل أو اكتشـــاف بلـــد مجهـــول أو حتــى عــن لقـــاء ذي أهمـــية مع أنـــاس غـربـــاء. فكـــل واحـــدة مــن هــذه التجـــارب تُـــذكر وتُحَــينُ منظـــراً مــا وشكـــلا وحـــدثاً منتســبَين إلــى واحــد من العـــوالم المتخيـــلة التي نستمـــدها من الميثــولوجيــا ومن الفولكلــور أو من أحــلامنـا وأوهــامنــا. إن مــا يهــم هــو أنه بـالــرغم من لا شعـــوريتهــا فهــي تلعــب دوراً حـــاسماً في حيــاتنــا. دلــيل ذلـك هــو أنــه بكــل بســـاطة يستحــيل عليــنا أن نتجـــرد من هـــذه العـــوالم المتخيـــلة في عمــلنا أو أثنــاء تفكـــيرنا، وقــت الــراحة أو أثنـــاء اللـــهو، في النـــوم أو في الحـــلم، بل حـتى فــي جهـــدنا الغيــر مُجـــدي الذي نبــذله لكــي ننـــام.
المـــوت: تَـزامن المتعــارضات
لقـــد سجــلنا في أكـــثر من مكـــان ازدواجية الصـــور والاستعارات المتعلقة بــالزوج مــوت/حيــاة. ففــي كثـــير من العوالم المتخيـــلة، كمـــا في كثيـــر من الميثــولوجيــات والـديــانات تكـــون المــوت والحيـــاة في عـــلاقة جــدلية. أكـــيد أن هنــاك كـــوابيـس تثـــيرهـــا بعــض التمــثلات المأتمـــية المــرعبة، ولـــكن في هــذه الحــالات نكـــون دائــما أمــام تجــارب تلقــينية initiatiques بالـــرغم من أنـا نــادراً مــا نكـــون واعــين بــذلك. وبــالإجمـــال يمكــن القـــول إنــه حـتى الإنســـان الغــربي الحـــديث، رغـــم جهــله بقضـــايا الــدين ولا مبـــالاته بمـــشـكل المــوت، فـإنــه يـظل دائمــاً فـي صراع (في أخــذ ورد ) مع الجـــدلية الغــريــبة التــي كــانت تستـــحوذ عـلى تفكـــير أجـــداده القـــدماء. فــالمــوت يكـــون غيــر معقـــول إذا لـم يكــن لـه ارتبـــاط بطـــريقة أو بــأخرى بشــكل وجـــودي جــديد وذلـك مهمــا كـان تـصــور هـــذا الشـــكل ســـواء كــان ولادة جـــديدة أو تنـــاسخاً أو أبـــدية روحــية أو بعــثاً للأجســـاد. وكثـــيرة هــي التقــاليد التــي تغــدي أيــضاً الأمـــل فــي استــعـادة الخـــلود الأصــلي. معنـى القــول فـي نهـــاية الأمـــر أن الحــل الوحـــيد الـــذي كــان سيــرضي الأجـــداد الأسطـــورييـن- إذا كــان بإمكــاننا اعتمــاد الأسطـــورة الأنـدونيــسية كمـرجع - هــو اختيـــار الحجـــرة والمـــوزة فـي ذات الـــوقت، ذلــك أن كلتيهـــما لا تستطيعان وهمـــا منفصلتـــان إشبــاع تــوق الإنســـان المتـــناقض المتمثـــل في أن تغمـــره الحيـــاة وفـي نفــس الــوقت أن يشمـــله الخلــود أي إشبـــاع رغبتـــه فــي أن يعيـــش كينـــونة تجتـــمع فيــها الحيـــاة والخلـــود.
إن هــذه النــزعـــات والميـــولات المتناقضة تعتـــبر شيـــئاً عـــادياً بالنســـبة لمـــؤرخ الأديـــان. ففــي العـــديد من الإبـــداعات الديـــنية نقـــرأ الإرادة فــي تجـــاوز التـــعارضــات والتقـــابلات والثنـــائيـات بغيـــة الوصــول إلــى تحقــيق نـوع من تساكن للأضــداد، أي إلى كــل تُلــغى فيــه الأضــداد.. ولتــوضيح ذلــك يمكــن القــول إن تصـــور الإنســـان المثـــال يكـــون شبيــهاً بالخنــثى،[فكمـا أن هــذا الأخيــر يـزاوج بيـن الرجــل والمــرأة] فالإنســان المثــال يــزاوج بيــن الحيـــاة والخلــود.
إن اجتمـــاع المتعـــارضــات اعتقـــاد تتمـــيز به كمـا هـو معلـــوم الأنطــولوجيــات والمـــذاهب الخـــلاصية الهنـــدية. ولعــل إحـــدى أعمـــق وأشجـــع التـــأويلات الجــديدة للتقـــليد المــاهاياني* -وهــو مــذهب مَــادْهيَــامَاكَا كمــا صـــاغه نَـاكَــرْجُونَـا ** على الخصــوص- يــذهب بهــذه الجــدلية إلــى أقــصى حــد. فــأي شيء أكــثر فضـــاعة بــل أكثــر انتهــاكاً للحـــرمات مـن الإعـــلان كمــا فعـــل ذلـك ناكـرجـــونا بـأن "ليــس هنــاك عــلى الإطــلاق ما يميز ال"Samsara"*** عـن ال"Nirvana"*** وليـس هنــاك إطــلاقــاً مــا يمــيز ال"Nirvana" عـن ال"Samsara". فمـن أجــل تحــرير الذهن مـن النيــات الــوهميــة للــغة عمــل نــاكرجـــوما عـــلى إعـــداد جــدلية تـــقود إلــى تـزامن أســمى وأشـــمل للمتــــعارضات. لــكن نبــوغه الــديني والفــلسفي جــاء متـــشبعاً بمعتــقد التزامنــات المتنـــاقضة الســائد في أرجــاء الهــند: الوجـــود والعــدم، الخلـــود والتــدفق الزمـني، السعادة والمعـــانات.
مــن الأكيـــد أنــه لا يمـــكن أن نجـــعل هــذه الإبــداعات الميتــافيزيقية الهنـــدية العظـــيمة في نفـــس درجـــة النزعـــات وأشــكال التـــوق المتنـــاقضة التـــي تكمـــن وراء خــلق العـــوالم المتخـــيلة لـــدى الإنســان الغـــربي. يبـــقى مــع ذلــك أن تشـــابهـاتها البنيـــوية أمر جـــلي، وهـــي بـــذلك تفتـــح أمــام الفـــلاسفة وعلمـــاء النـــفس مجـــالاً جــديداً وجـــذاباً للبـــحث والاستقصاء. ولنـــذكر في هـــذا الصـــدد مجـــهودات المفكـــرين الغـــربيــين المتـــكررة من بيــن الأكثـــر عمــقاً وإبـــداعاً لمـــعرفة الـــدلالة الوجـــودية للمـــوت. بـالفـــعل، إن المـــوت بـالــرغم مــن كـــونه قــد أُ فـــرغ مــن محتـــواه الـــديني نتيـــجة العـــلمنة الســـريعة للمـــجتمع الغــربي، فــإنه أصــبح منــذ نشــر "الوجـــود والزمـــان" لهـــايدغر، يحـــتل عمـــق البحـــث الفلســـفي. فــالنجــاح الفــائق -ويمـــكن القـــول الصيــت الشعـــبي - الــذي عــرفته البحـــوث الهيـــدغرية يُبـين تطـلع الإنســـان الحـــديث لمـــعرفة المغـــزى الوجودي للموت.
لا حــاجة بنــا إلــى القيـــام بتلخــيص لمســـاهمة هـايدغر المهــمة، إلا أن مــا تجــدر مــلاحظتــه هــو أن هــايدغر إذا كــان يصــف الــوجـــود البشـــري كـ"وجـــود للمـــوت" « Etre-à-la-mort » ويعتـــبر المـــوت "إمكــانية الــوجود القــصوى "[20]، فهــو يفتـــرض أيـــضاً أن المـــوت هــو المخبأ الــذي يلجـــأ إليــه الكــائن كما لو كــان يــلجـأ إلــى قلــعة جبــل[21] أو بتعبـــير هــايدغر، المـــوت هــو عبـــارة عـن "ضــريح العـــدم، يخـــفي في ذاتــه حضـــور الوجـــود.[22]
إنــه مـن الصــعب جــداً، بـل مـن المستحيل اختــزال النتـــائج الفلســـفية الأســـاسية لهـــايدغر في عبــارة بسيــطة وواضــحة. ويبــدو مع ذلـك بالنســـبة إليـــه (هـايدغر) أنـه من خــلال تعــقل المــوت يتــم إدراك الإنســان لـــذاته ومن ثم ينفـــتح عــلى الــوجـود. لكـن مــا دام المــوت "يُـخــــفي فـي ذاتــه حـضــور الــوجـود"، فـإنه يمـــكن تــأويل تفكـــير هـــايدغر كإمـــكانية لبلـــوغ الوجـــود فـي فعــل المــوت ذاتــه. مهمــا تَــــكُن مـلاحظــات قــارئ لهــايدغر عــن مثــل هــذه التــأويــل فـإن مــا يهــم هــو أن هــذا الأخــير قــد بَــين عـلى نـحــو عجــيب التــعايش المتعـــارض للمـــوت والحيــاة، للــوجـــود واللاوجـــود.
إن التحــليل الهيــدغري الدقيـــق للحضـــور المتعــدد الأشكـــال للمـــوت في عمــق الحيـــاةوالإختـــفاء المبـــهم للــوجـــود في اللاوجـــود يغـــري -وبشـــكل خـــاص- مؤرخ الأديــان. فلـربمـا قــد يجــد امتيــازه وكبـــير ارتيــاحه فـي كــونه يكتـــشف استمرارية التفـــكير والتصـــور الإنســـانيين منـــذ مــا قبــل التـــاريخ إلـى أيــامنا هــذه، بـــدءً مــن الأسطـــورة الســـاذجة والملـــغزة كأسطورة الحجـــرة والمـــوزة، وصـــولاً إلـى "الوجـــود والزمـــان" العظيم والمـلـــغز بـــدوره.

 

[i] ) W. Llooyd WARNER. A Black Civilisation: A Study of an Australian Tribe (1937,éd. revue, 1958; réimp. New York, 1964), p. 5-6
[2]) فيمايخص الأساطير حول الموت، ينظر:
J. G. FRAZER, Folklore in the Old Testament, 3 vol. (Londre, 1919), I, p. 45-77; Theodore H. Gaster, Myth, Légende and Custom in the Old testament (New York, 1969), p. 35-47, 339- 340; Mircea ELIADE, From Primitives to Zen: A Thématique Sourcebook of the History of Religions (New York, 1967), p. 139-144
[3] ) عـن القبائل الأسترالية يـراجع:
T. G. H. STREHLOW, Aranda Traditions (Merlbourne, 1947), p. 44-45.
فيمـا يخـص الأساطير بآسيا الوسطى وسيــبيريـا وأمريكا الشمالية يُرجَع إلى بعـض الأمثلــة في:
M. ELIADE, De Zalmoxis à Gengis Khan (Paris, 1970), P. 103 sq.
[4] ) أُنظــر: Hans ABRAHAMSSON, The Origin of Death : Studies in African Mythology (Upsal, 1951).
[5] ) R. H. CODRINGTON, The Melanesans (Oxford, 1895), p. 265.
[6] ) J. G. FRAZER, The Bilief in Immortality, 3 vol. (Londres, 1913), I,P. 74-75.
[7] ) Cf. M. ELIADE? Mythes, rêves et mystères (Paris 1957) , P. 80 sq.
Religions australiennes. op. cit p. 44 sq. يــراجع أيــضاً لنفـــس الكــاتب
[8]) ينــظر: Olof PETTERSSON, Jabmek and Jabmeaimo : A Comparative Study of the Dead and of th the realm of he Dead in Lappish Religion (Lund, 1957), p. 20 sq .

[9] ) G. REICHEL-DELMATOFF, « Notas sobre el simbolismo religioso de los Indios de la Sierra Nevada de Santa Maria », Razon y Fabula, Revista de la Universidad de los Andes, n° I, 1967, p. 55-72, specialement p.63 sq.
يُنــظر أيــضاً: M. ELIADE, la Nostalgie, op. cit. p. 269 sq., وكــذلك: « South American High Gods Part II », History of Religions, 10, n°3, p. 234-266, تــراجــع علــى الخصـــوص الصفحــة 265 ومـــابعــد.
[10] ) M. ELIADE, Naissance mystiques (1955) المعــاد طبــعه تحت عنــوان:
Initiation, rites, societés secrètes (Paris, 1967)
[11] ) تفـــس المـــرجع ص.67 ومــا بعــد.
[12] ) M. ELIADE, Le Chamanisme et les techniques archaïques de l’extase, 2e éd. revue et augmentée (Paris, 1968), p. 396.
[13] ) نفس المــرجع ص.177 ومـــا بعــد، ص.249 ومــا بعــد، ص.290 وما بعد. يُنــظَر كــذلك:
R. A. STEIN, Recherches sur l’époée et le barde au Tibet (Paris, 1959), p. 317 sq. , 370 sq.
* يســوق ميرسيــا إليـــاد فـي هــذا الشـــأن مثــال Orphée وبحثــه عــن إمكــانية إعــادة الحيـــاة لأوريـديــــس Eurydice,
[14] ) تـوجد آداب هامة تخص هـذه المـواضيع وتعتـبرالمواد المجمعة في أعمال كـل مـن:
FRAZER (The Bilief in Immortality) و Olof PETTERSSON (Jabmek and Jabmeaimo) ذات قيمــة كبيــرة. تنظـــر الببليــوغـرافيـا في مــؤَلف PETTERSSONولعــرض مــوجز، F. BAR, les Routes de l’autre monde (Paris, 1946).
[15] ) M. ELIADE, Religions australiennes, op. cit. p. 166-167.
[16] ) Carmina latina epigrafica, n° 1421, cité par J. P. JACOBSON, les Manes, 3 vol. (Paris, 1924), p. 1-27.
[17] ) Oscar CULLMANN, « Immortality of the Resurrection of the Dead », in immortality and Resurrection, éd. Krister STENDHAL (Neww York, 1965), p. 29.
[18] ) للإطــلاع على الأمثــلة، يــراجع M. ELIADE, Méphistophélès et l’Androgyne (Paris, 1962), p. 175 sq.
* ) لعــبة يمــارسهــا الأطفــال تتمـــثل في دفــع حجـــرة صغـــيرة عـن طــريق القــفز عـلى رجْــل واحــدة ومحـــاولة إدخــال الحجـــرة ضمــن أقــسام مستقــيم مرســوم عـلى الأرض.
[19] ) يُنـــظَر Jan de VRIES, Untersuhng über das Hüpfspiel: Kinderspiel- Kulttanz, Folklore Fellows Communication, n° 173 (Helsinki, 1957), p/ 83 sq.
ينــظــر كــذلك Siegbert HUMMEL et Paul G. BREWSTER, Games of the Tibetans, ibid. n° 187, 1963 p.18-19, 32-33.
*) شكـــل ألـوهي متــأخر للبـــوذية، أصــله مـن الهنــد الشمــالي، [وهــو الشــكل البــوذي الأكثــر انتشــاراً في في آسيــا باستثنــاء سيــلان وجنــوب شــرق آسـيا]. يُنــظَر: Eugène Burnouf, le Lotus de la bonne loi, Paris, 1852.
** ) فيلـســوف بــوذي هنــدي (القــرن II و III م)، هـو الــذي عمــل علــى تطــوير وتـثـوير للنــظريــات البــوذية.
*** ) هــي الـدورة اللانهــائية للـولادات وأشكــال التجــدد التـي يخــضع لهـا الكــائن حســب الفلسـفــات الهــندية والبــوذية.
*** ) نهــاية دورة الـولادات وأشكــال التجــدد (أي نهــاية دورة:حيــاة/مـوت)
[20] ) Martin HEIDGER, Sein und Zeeit, p. 250, مع تعلـــيق لـ: William J. RICHARDSON, Heidger: Through Phenomenology to Thought (La Haye, 1967), p. 76
[21] ) نفــس المــرجع ، ص 574.
[22] ) Martin HEIDEGER, V?rtrage und Aufstze (Pfullingen, 1954), p. 177,