الكأس الأولى،
وحدي
شرود فيك حتى آخرك،
أعيد تشكيلك آلاف المرات
كما يحلو لي،
شجرة أو شقائق نعمان
طيف امرأة
أو دوي بركان
أرسم طرقا أراها تصل عينيك
أشرد في الرب
أحببت حيادي اتجاهه
و صير الغمام مشاعا
الكأس الثانية
وحدي
و الوطن يحرق أصابعه
و يستنبثها أشجارا
و أنا أحرق زمني
لأبدأ الحكاية
الكأس......
ضيٌعت العد
وحدي
و المدينة تنام على أجساد الفقراء
آه،، الفقراء
غدا سيتدحرجون على الطرقات
سيملؤون المدينة صراخا
ليُشْهدوا أيار على عشقهم
لشقائق النعمان
غدا سيصيحون
لالا للطغاة و الطغيان
و يسيرون كما كانوا
ينشدون حبا
و خبزا وفيرا
كأس أخرى
وحدي و الورى
و أنت اشتعال الروح
فورة العالم في نحالتي
انبثاق الشجرة
من الترى
بأي ذنب أخدت الأشجار
حين تشابكت و تكاثفت
على ضفاف قلبي
و أرادته أخضرا؟
كأس أخرى
دائما وحدي
وأنت تفتشين عني
في تجاعيد رجل
التقيته بلا موعد
في إحدى البورصات العائلية
و أنا أفتش عنك
في جرأة ابنتي
حين تقبل نفسها
في المرآة
و تسمعني مصمصة الزجاج
كأس أخرى
انتفخت الأوداج
وحدي
و المؤذن يعشينا
وينشد لليل سراج
لا أدري
لماذا تذكرت بسام
صديقي العراقي الجميل
نتوحد في السحلب
و الجمال
نتقن الحجاج
أذكره حين حكى لي
كيف هجم بوليس صدام في بغداد
عليه و على الشباب
و ماكانوا في احتجاج
ضرب و تعنيف
ثم اعتقال
و في المخفر قالوا لهم:
معذرة قد كان تمرينا
لمحاربة الشغب
و تقويم الاعوجاج
صديقي الآن مغترب
و يحلم بوطن غير مكتئب
كلانا مغترب
كأس أخرى
عدت إليك
وحدي
و جسدك أرض ممتدة
لن أكتشفها أبدا
و عيناك كل العيون
فأين سأقذف ضوئي؟
كأس أخرى
وحدي دائما
ولا أنطق إلا لغة
الحب و الشغب
ولا أرى إلا وجهك
مغطى بالأماني و العشب
فبأي آلاء الحب
يكذبون؟
كأس أخرى
وحدي
و البيت لا يستقر
يتمايل بي
كأني على الماء
أو كأن قبلة منك
قد ذابت في شفتي
و بالنشوة جسدي اعتمر
و أخرى
في جوفي تنسكب
فينسكب التاريخ كله
و أنت الشاهد بما جرى
أتراه التاريخ
أم أنت الخمرا؟؟؟؟
و كأس أخرى
و أنت كما أنا
شرود في الآتي
و رغبة في الكرى
لنستيقظ
على جنون
على مجون
على ضوء صبح
يخترق السجون
يلحم قلوب الحزانى
فتزهر المتون
وحدي
والكأس لولا الخمر
زجاج
و الحب لولا الوطن
عجاج
أنت الباب إليه
أنت الرتاج
و تندلق أخرى
كأن اكتمالك
في جسدي سرى
كأني قتلت في الليل
سواده
و ابتسمت لي البشرى
حبك سيدتي
خليط مما مضى
مما توارى
مما هو آت
للمستقبل انبرى
حبك سيدتي
أوطان تبدل جلدها
لتكون على موعد
مع الربيع و الشمس
قلوب تنزع شوكها
لتحضن اليوم مع الأمس
يا للمصادفة السعيدة
حبك للثوار
نور و همس
كأس فارغة
وحدي أرتل
القارعة ما القارعة
فتنهض القيامة في الذاكرة
أقول أحببت
فيقول تلك خطيئة
تلك تجاوز للمشيئة
تلك ولادة جديدة
و لا ولادة إلا بالنفخ فيما
هو القدر هو الخليفة
أحببتك
لا شيء يغنيني
سوى أن أضم العالم
بمشبك يدي
حين يلتف على خاصرك
و تسافر العينان في العينان
و الشفتان لعسل الشفتان
تنتهك
أحبك كأي ذكر متوحش
قد يقترف القتل
كي لظلك يفترش
و يطرد الأضواء الكاذبة
الكأس الأخيرة
أصبها على جذور القصب
فتنبث غابات مجد
و بساتين حب
لك وحدك
أهديها
لك أشرب العنب
ونخب الحب
01-05-2011
المصطفى المغربي