مَدَافِنٌ مِنْ وَرَقٍ : شعر : حسنة أولهاشمي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

كُتُبِي عَارِيَة هَذَا الْمَسَاء
عَلَى مَلْمَسِهَا الْحَرِيرِي
يُهَيِّئُ الْبَحْرُ حَقَائِبَ الرّيح
مُثْقَلَة بِالْوَصَايَا
تَجْتَرِحُهَا هَمْهَمَات الْغَوَّاصِين
 تَخْنُقُهَا الْبُرُوقُ بِضَوْئِهَا الْحَارِق،
تَمِيلُ الزَّوَارِق
تَطْفُو الرَّسَائِل عَلَى سَطْحِ الْمَاء
يَدُ السَّمَاء
تُهَادِنُ صَمْتَ اللَّيْلِ
يَدِي تَفْتَحُ صُنْدُوقَ الذَّاكِرَة

مِنْ شُرْفَتِهَا يَلوح الْمَوْت
يُخَاتِلُ نَوَاقِيسَ الْمَاضِي
لاَ حَيَاةَ بَيْنَ رُفُوفِهَا
فَقَطْ بَعْضَ عَدَمٍ..
كُتُبِي عَارِيَة هَذَا الْمَسَاء
غَرْنَاطَة حَزِينَة
يَفْقَأُ السَّوَادُ عُيُونَ الْعَابِرِين
تَحْمِلُ الرِّيحُ أَشْعَارَ لُورْكَا
ضِفَّةُ النَّهْرِ حَزِينَة
تَذْرِفُ تَنْهِيدَاتٍ طَوَاهَا صَوْتُ الْمَاءِ
فِي حَلْقِ النَّهْرِ تَنْعِي الرِّيَّاحُ "أَخْنَاتيُو سَانْشِيرْمِيخْيَاسْ" 
زَنَابِق يَتِيمَة
تلوك عَبَقَ التَّابُوتِ الْبُنِّي
الْقَمَرُ يُدَثِّرُ مَدَافِنَ مِنْ وَرَقٍ
يَحْرُسُ جُثَّثهَا
كَمَا أَشْجَارٍ وَاقِفَة
 
تُقَبِّلُ يَدَ الْمَوْتِ كُلَّ صَبَاحٍ
تُعَانِقُ عُرُوشَهَا رَائِحَةُ الْبُنِّ الْإِسْبَانِي
فِنْجَانٌ قَدِيمٌ فَوْقَ طَاوِلَةٍ وَحِيدَة
يُخَبِّئُ أَشْعَاراً
تَدْعَسُ أَحْذِيَةَ  "فْرَانْكُو"
زُرِنيخْ هَائِجَة
الثَّوْرُ يَبْتَلِعُ تَرَاتِيل مَسْمُومَة
تَسْمَعُهَا الشَّوَارِع
مَذْهُولَةً تَلْحَسُ دَماً أَسْوَد
لَظَاهُ يَنْعِي وُرُوداً تَعَجَّلَتْ الْقِطَاف..
كُتُبِي وَهِنَة
عَلَى صَدْرِهَا تَتَكِئُ حَشْرَجَات مَدَافِنٍ مِنْ وَرَقٍ
منْهَا يَصْدُرُ صَوْتُ مَوْتٍ
تَنْسَلُّ مِنْ ثَغْرِهِ بَسْمَة
تَجْرِفُنِي بَعِيداً
حَيْثُ الصَّفْصَاف يَهْمِسُ لِلنُّجُومِ
جُرْحهُ الْعَالِي يَنْفُثُ فِي عُيُونِ النَّايِ
صَهِيلَ عِظَامٍ بَالِيّة
تُحْيِي انْتِشَاءَ  قَصَائِد
وَخُلُودَ أَشْعَارٍ
تَمْتَصُّ الْأَرْضُ الصَّمُوت
صَخَبهَا
تُزْهِرُ فِي كَفِّ السَّمَاء
مَلاَحمَ مِنْ نَارٍ
تُهَيِّجُ خَلَجَات الْمَدَى
وَتَصْدَحُ فِي الْأُفُقِ
ثَوْرَة الْكَلِمَات
هُنَاكَ..
تَغْشَى سِدْرَة الْعَلْيَاء
مَدَافِنَ مِنْ وَرَقٍ.