مراكب الغربة : شعر : حسنة أولهاشمي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

حُفَاة فِي دُرُوبِ الرُّوحِ
يَلُوحُونَ بِأَعْلاَمِ الشَّقَاءِ وَ وِشَاح الْهَزِيمَة
لِمَرَاكِبِ الْغُرْبَة
وَآخِر مَسَاءٍ يَعْبُرُ شِفَاهَ الحًلْمِ..
سَقَطَتْ خَارِطَة الْجَسَدِ سَهْواً
تَعَطَّلَتْ لُغَة الأَعْضَاء
وَغَفَا سِرُّ الإِشَارَة
تَلَعْثَمَ نَبْضُ الْقُرُنْفُلَة عَلَى صَدْرِ
ذَاكَ الْجَبَل الرِّيفِي
مَالَ سَاقهَا جِهَةَ النَّهْرِ الْقَدِيم
لَمْ يَعُدْ لِلْمَكَانِ رَائِحَة


قَليل منَ الْمَوْت
وَرَسَائِل بَالِيَة
بِتُؤدة لَفَّتْهَا عَمَامَة التَّارِيخ،
شَظَايَا تُفَتِّتُ فِي الْفرَاغِ
حَكَايَا حُرُوب "الْهِنْدِ الصِّينِيَة"
وَبَقَايَا الرَّصَاص الْغاِئرَة فِي كَتِفِ أَبِي،
اخْتَفَى "طَرْبُوش الْوَطَن"
لَمْ يَخْتَفِ أَبِي
اخْتَفَى الْوَطَن،
بَيْنَ مَلْمَسِ وِسَادَةٍ
احْتَرَفَتْ الرَّقْص عَلَى قِطَعِ الزُّجَاج
اخْتَبَأَتْ دُمُوعِي السَّحِيقَة..
مَرَاكِبُ تَعْبُرُأَوْطَانَ جَسَدٍ شَقِي
فِيهِ تَرْقُدُ حَقَائِب جِرَاحٍ جَرِيئَة
ثَائِرَةً تَغْزُو شِعَابَ الْأَنِينِ
تَصُدُّهَا  رِيَاحٌ عَتَّقَهَا عِنَاد الْأَطْلَسِي
مَذْعُورَةً تُهَرْوِلُ الْجِراح
هَارِبَة
تَتَأَبَّط سَعَفَ نَخِيلٍ
خُضْرَتُهُ تَنْثُرُ فِي مَسَافَاتِ دَمِي
شُعَاعَ حُرِّيَة
وَرَاِئحَة أَبِي الْمَدَسُوسَة فِي حَلْقِ الْأَرْضِ..
تِلْكَ الصَّغِيرَة
فِي كُلِّ صَبَاحٍ
تُرَاقِبُ طَائِرَةَ الْوَرَق
حَيْثُ الرِّيح تَسُوقُ نَجْوَى الْحِكَايَة
نَحْوَ تِلاَل قَلْبٍ صَغِيرٍ
يَتَهَجَّى عَدَّ الْغَيْمَات الْعَاِبرَة..
كَعُصْفُورٍيلوك أُولَى دَهَشَات الضَّوْء
تَلُف إِبْهَام السحَاب بِنَوْبَاتِ فَرَحٍ صَغِيرٍ
تَرْقُصُ عَلَى إِيقَاعِ جَنَاحٍ مَجْنُونٍ
بِوَجَلٍ تَنْتَظِرُ مَرَاكِب غُرْبَةٍ مُؤَجَّلَة..
مَرَاكِب غُرْبَتِكَ يَا وَطَنِي
تُوقِدُ حُرْقَةً مَارِدَةً
تَسْقِي عَابِر الْحُلْمِ صَدَأَ الْأُغْنِيَات
وَقطْعَة وُعُود جَاِئعٍة
عَارٍية
 تَعبُّ فِي الْهَوَاءِ
حَشْرَجَات بَاِئعِي فَاكِهَة الْوَهْمِ..
سَأُشَيِّدُ قَصْرَ الْوَجَع
عَلَى شَفَا حَيَاة
سَأُرَمِّمُ تَاجَ الشَّقَاء
عَلَى جِسْرِ السَّحَاب
سَأَكْتَفِي بِطَاقِيةِ الْإِخْفَاء
لِأُعْلِنَ عَنْ عَبَثِ مَوْلِدِي..
الْيَوْم أَشُمُّ مَوْتِي فِي حَجَرِ الْوَطَنِ
غَداً سَأَدُسُّ هَزِيمَتِي فِي قَبْرِ الْوَطَن
بَيْنَ يَوْمٍ وَغَدِ
سَأَصْنَعُ سَفِينَةً
أَزْرَعُ عَلَى جِيدِهَا جذْر يَقْطِين
أَنْفثُ فِي الْفَرَاغِ ظَلْمَة جَسَدِي
أَخْنُقُ غَرْقَى الْوَهْمِ فِي بَطْنِ الْحُوت
أُحَطِّمُ كُلّ الْمَرَاكِبِ الصَّغِيرَة
وَأبْتَلِعُ رَمَادَ هَزِيمَتِي
عَلَى مَرْمَى ضَجَرٍ..
الْوَطَنُ لِلثَّائِرِينَ
الْوَطَنُ لِلْعَائِدِينَ مِنَ الْحَرْبِ
تَلْحَسُ الرِّياحُ بَرِيقَ نَيَاشِينهُمُ الْمَغْرُوسَة جِهَةَ الْيَسَار
تُرَدِّدُ خُطَاهُمُ الْمُرَتَّبَة نَشِيداً بَلَّلَتْ لَحْنهُ
قُبُلاَت النَّدَى الذائبَة فِي ثَغْرِ الْعُشْبِ الطَّرِيّ..
الرُّوحُ سَاحَة قِتَالٍ عَارِيَة
إِلاَّ مِنْ وَرَقِ تُوتٍ شَفَّافٍ
لَوْنُهُ يُمَوِّهُ طَرِيقَ الْعَاِبرِينَ
لِخَرَائِط  الْحُلْم
لِسُفُوحٍ نَيِّئَة تُفَجّرُعُيُونَ الْحُبّ..
الْوَطَنُ لِلْفَلَّاحِين
لِلشُّعَرَاء النَّائِمِينَ عَلَى صَدْرِ الْكَلِمَات
لِلْعَذَارَى الْمَبْسُوطَة ضَفَائِرهُنَّ فِي بِرَارِي الْعِشْقِ
الْوَطَنُ لِلْأَطْفَالِ الْمُمَدَّدَة أَجْسَادهُم
تَحْتَ حِزَام الْأَسَى
عَلَى خِصْرِ الْوَجَع
يلوكون آخِرَ كِسْرَة يُتْمٍ
يَنُوحُونَ
يلوحون
لِقطَارَات الْهُرُوب
مَاسكَة أَيَاديهم قَطَع حَلْوى
وَمَرَاكب منْ وَرَق
يَقْتَفُون أَثَرَ الْغَيْمَات
يَعْبَثُون بخصْلاَت الرياح
كَظلاَل الْحُبِّ
تُورقُ ثُغُورُهمْ رَجْفَة الترَاب
كَأَشْجَار الْحُب
يَمُوتُونَ شَاهِقِينَ..