الحكم والسلطة في مغرب القرنين 18 و19م - عبد الرحيم الربيعي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

تعد إشكالية الحكم والسلطة من أعوص المسائل التي طبعت تاريخ المغرب؛ حيث إن الصراع عليها ومن أجلها، أدى إلى اغتيال مجموعة من الأمراء ورجال المخزن، كما شكلت المنافسة حول السلطة من بين العقبات التي واجهت المخزن مند العصر الوسيط، سواء تعلق الأمر بالصراع بين أبناء السلطان بعد وفاته؛ كما حدث بين أبناء مولاي إسماعيل، بحيث شكل "تعدد الأمراء خطرا دائما على مؤسسة المخزن"(1) إلى جانب تمرد بعض رجالات المخزن وثورات بعض القبائل.

لذا فلا غرابة في أن نجد معظم الإخباريين الذين أرخوا للمخزن المغربي يخصصون حيزا هاما من كتاباتهم للحديث عن تلك العلاقة الجدلية التي كانت بين المخزن وباقي أفراد المجتمع المتطلعة للسلطة؛ هذا التطلع كان سببا في كثرة الاغتيالات، التي استخدمها المخزن كأداة لردع هؤلاء الخارجين عن السلطة والمنافسين لهم، والذين شكلوا خطرا دائما على حكم المخزن واستمراره، وهذا ما سنحاول تفصيله عبر ثنايا هذا المقال وذلك استنادا للمصادر ومراجع تاريخية تناولت الموضع ولو بشكل ثانوي.

1-    الصراع على السلطة:

كان للصرع حول السلطة بين الأمراء من جهة، وبين رجال الدولة من وزراء وولاة وعمال ... من جهة أخرى، وما كان يتبعه من دسائس ومؤامرات وحروب بسبب الأحقاد الشخصية والطمع في تولي المناصب المخزنية وخاصة بعد وفاة الحاكم، آثار سياسية واقتصادية على المغرب والمغاربة، ففي عام 1032ه/ 1672م توفي مولاي رشيد وعين مولاي إسماعيل ملكا للمغرب وذلك "يوم الأربعاء سادس عشر ذي الحجة متم 1082ه/ 13 أبريل 1672م بمحروسة فاس"(2)، لكن سرعان ما  قدم ابن أخيه أحمد بن محرز إلى مراكش طلبا للسلطة، "فالتفت حوله بعض القبائل النازحة إليها"(3).

ولما بلغ ذلك للسلطان مولاي إسماعيل جمع جيشه وقصد مراكش التي تصدى له أهلها من أتباع ابن أخيه أحمد بن محرز، لكنه تمكن من دخول المدينة بعد هزيمة أتباع ابن محرز وهروب هذا الأخير إلى تارودانت.

 عاد هذا الثائر إلى مراكش مرة أخرى منتهزا فرصة انشغال مولاي إسماعيل بإقرار الأمن في أماكن أخرى من مملكته واضطر السلطان "لمحاصرة مراكش من جديد ودخلها عنوة ثانية سنة 1088ه/ 1677م وفر أحمد بن محرز من مراكش إلى إقليم السوس مع قلة من جموعه"(4).

وفي "أواسط جمادى الآخرة من العام 1093ه/ 1682م وقع قتال آخر بسوس بين السلطان مولاي إسماعيل ومولاي أحمد بن محرز مات وجرح فيه خلق كثير"(5)، ولم "يزل في دفاعه إلى أن قتل في أوسط ذي القعدة عام ستة وتسعين وألف"(6)، وتركت مجموعة من ممتلكاته.

نفس الشيء حدث بعد وفاة مولاي إسماعيل حيث حاول عبد الكريم بن عبد الله أخ مولاي إسماعيل قلب قواعد لعبة العرش والسيطرة على الحكم  بعد وفاة أخيه مولاي إسماعيل، لكنه فشل في ذلك، ودخل في صراع مع مولاي عبد الله باعتباره الوارث الشرعي لكرسي الحكم "ففر إلى تطوان لكن سرعان ما تم القبض عليه، وبيعت كل ممتلكاته وأودع في السجن"(7).

واستمر التنافس بين أبناء السلطان مولاي إسماعيل طيلة النصف الأول من القرن الثامن عشر الميلادي، مما أدى إلى حدوث أزمات اقتصادية واجتماعية وسياسية عرفت بأزمة الثلاثين سنة، تخللها صراعات عنيفة بين أبناء مولاي إسماعيل، الذي كان كل واحد منهم ينتظر خلف كرسي الملك لظفر بعرش المملكة، ليدخلوا بذلك في صراع محموم متسترين بعباءة حماية البلاد والعباد، وتجمعهم فكرة وهدف واحد لكن يفرقها التنافس وكيفية استقطاب الناس، هدفهم السلطة وأمامهم عدة سيناريوهات وتجارب، أصبحت بمثابة مادة دسمة تناقلها المؤرخون والإخباريون بين مصادر ووثائق أرخت لأحداث عنيفة بدأت فصولها مع تسلم مولاي عبد الله عرش المملكة، ليدخل بذلك في صراع حاد مع أفراد العائلة الحاكمة ومن بينهم مولاي المستضيء الذي شن حربا على مولاي عبد الله والتي انتهت بتتريك مولاي المستضيء وفراره خوفا من القتل أو السجن.

وفي هذا السياق يقول صاحب البستان: "حدثني السلطان المرحوم سيدي محمد بن عبد الله عن هذه الواقعة، وكان قد شهدها وهو في سن البلوغ، قال: "بعثني والدي مع أخوالنا الودايا فلما هبت رياح النصر وانهزم العدو في ساعة واحدة وكنت يومئذ في خمسين فارسا بين ودايا وأصحاب تقدمنا إلى المحلة فوقفنا على قبة الباشا أحمد وأحرزناها، ثم أمرت الحمارة فحملوا لنا من صناديق الريال على عشرين بغلة ومن الملف والكتان على ثلاثين جملا لعرب بداوة أصحاب الإبل، وحملوا لنا قبتين إحداهما لأحمد الريفي والأخرى أظنها للمولى المستضيء، وأما العرب والبربر والودايا وأهل فاس فقد أخذت كل طائفة بناحية تحمل ما قدرت عليه،...ثم بعث السلطان المولى عبد الله البغال لجر تلك المدافع والمهاريس وحمل الكور والبنب فسيق ذلك كله إلى دار الدبيبغ ثم بعث بغالا أخرى لحمل البارود وكان ثلاثمائة برميل في كل واحد قنطارا من البارود الجيد فأدخل ذلك كله لخزينة فاس"(8).

ولما انتهت المحنة كتب مولاي المستضيء إلى أخيه مولاي عبد الله وهو بفاس يعتذر إليه عما سلف منه ويطلب منه محلا يستقر به فأجابه السلطان مولاي عبد الله: "بأنك لم تأت إلي ذنبا ولم ترتكب في حقي عيبا إنما كنت تطلب ملك أبيك كما كنت أطلب ملك أبي والآن فإن أردت الخمول مثلي فأقم بأصيلا واسكن بها فهي أحسن من دار الدبيبغ التي أنا بها وأرح نفسك كما أرحتها، وإن كنت تطلب الملك فشأنك وإياه فإني لا أنازعك فيه والسلام"(9).

ويبدو هنا أن الصراع على السلطة كان من الأسباب التي دفعت بمجموعة من الأمراء إلى انتزاع ممتلكات بعضهم البعض؛ كسلاح باثر ضد منافسهم وموردا رئيسيا لتثبيت سلطتهم، ويتضح ذلك من خلال الصراع الذي قام بين مولاي المستضيء بنور الله وسيدي محمد ولد عربية حول السلطة، "انتهى باعتقال المولى المستضيء بنور الله لمحمد ولد عربية، وأخذ ما وجد عنده من المال وبعثه بأولاده إلى بلده"(10)، كإجراء انتقامي على ما فعله تجاه السلطة.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا النزاع لم يقتصر على الأمراء فيما بينهم بل امتد إلى باقي رجالات المخزن، ففي سنة 1743م، "قام المولى عبد الله بشن حملة ضد الثائر الباشا أحمد بن علي الريفي، بدعوى تقليد السلطان في كثير من المناسبات كان من مبررات تطلعه للملك، وبالتالي مبررا منطقيا لاحتراز رأسه من قبل السلطان والاحتواء على أمواله وما ترك من عدة وسلاح وخيل وذخائر نفيسة"(11)، ثم قام بعد ذلك باستخلاص من عماله وكتابه ما كان عندهم من الأموال، "خشية أن يثور عليه أحدهم كما فعل الباشا المذكور"(12).

ولم يقف تفشي آفة الصراع بين رجال السلطة على الحكم عند هذا الحد بل امتد إلى عهد مولاي اليزيد، بعدما قامت القبائل الجنوبية بمبايعة أخيه مولاي هشام، ولما بلغ الخبر لمولاي اليزيد أقلع عن حصار سبتة وتوجه إلى مراكش، فصدوه عن الدخول وحاصرهم حتى دخلها عنوة سنة 1206ه/ 1792م. فمكر بأهلها، ثم خرج لمحاربة أخيه مولاي هشام، الذي انهزم "وفر هاربا ومعه القائد عبد الرحمان العبدي، واستولى المولى يزيد على كل خزائن أخيه المولى هشام ..."(13).

و بمجرد وفاة مولاي اليزيد أعلنت طنجة "بيعتها لمولاي إبراهيم في 19 جمادى الأولى 1236ه/  1820م، الذي دخل تطوان وهو مريضا؛ فتوفي بعد أسابيع، وبويع بها أخوه السعيد بن اليزيد في 12 جمادى الأخيرة 1236ه /1820م"(14)، لكن سرعان ما دخل في صراع مع مولاي سليمان حول السلطة والذي انتهى بهزيمة مولاي سعيد بن اليزيد "في فاس و تم الاستيلاء على كل أمواله (أموال مولاي سعيد) و عتاده وقام النساء والأولاد بالهجوم على الغنائم مكسرين بواسطة السيوف السلاسل المقيد فيها أكثر من خمسين سجينا من أتباع المولى سليمان و من بينهم سيدي عبد الرحمن أشعاش، حاكم تطوان"(15).

وفي عهد مولاي عبد الرحمان بن هشام ازدادت عمليات تتريك الممتلكات والتي لم تقتصر على تجريد المعني بالأمر، بل امتدت إلى تجريد جميع أفراد عائلته خوفا من منافستهم له؛ فهذه قصة عائلة أشعاش التطوانية على سبيل المثال، كان كبيرهم عاملا على هذه المدينة إلى منتصف القرن التاسع عشر حيث عزله السلطان مولاي عبد الرحمان؛ و"ترتب عن ذلك زوال ما كانت تتمتع به عائلته من الحظوة، ثم ما لبث أفرادها أن جردوا من جميع ممتلكاتهم"(16).

و"الواقع أن عبد القادر أشعاش قد عامل الناس في إيالته بقسوة مبالغ فيها وحرص على  الظهور بمظهر الرجل الغني المنفرد بالنفوذ في منطقة بأسرها، ولذلك لم يتردد المخزن كدأبه في مثل هذه الحالات، في تتريك أملاك هذا الموظف المنكوب الذي كان خطره يعظم باستمرار، ولم يراع التقييد في سلوكه بالحد المرسوم لأمثاله"(17).

ومما يجدر ذكره، أن معظم هذه الصراعات، كان الهدف منها إما الطمع في المنصب أو تصفية أحقاد شخصية، أو حسدا لصاحب ذلك المنصب، إذا ما كانت علاقته بالخليفة وثيقة، وله مكانة خاصة عنده. ومن أبرز الأمثلة على ذلك استبداد الوزير الأعظم غريط وإغراؤه للسلطان مولاي عبد العزيز على عزل المنبهي؛ حيث رأى غريط أن وزير الحرب المنبهي إذا عاد من السفارة شاركه في الأمر والنهي، بل يصير الأمر كله إليه كما كان أولا، فجعل يوسوس للسلطان مولاي عبد العزيز بما يبعده منهما، ويغريه على عزلهما، ولا سيما المنبهي، ومن التهم الملفقة للمنبهي "أنه يريد القيام على السلطان مولاي عبد العزيز، والاستبداد بالملك له أو لمن أراد من خواصه" (18).

2-    العصيان والخروج عن السلطة:

كان لخروج الرعية عن الحكم المخزني وعصيانهم له وعدم طاعتهم لأوامره وقوانينه؛ والمتمثلة في الامتناع عن دفع الضرائب أو الامتناع عن طاعة قوانين الحاكم أو عدم احترامه مع الضغط  بشكل سلمي من أجل الحصول على إصلاح سياسي لتحسين أوضاعهم المعيشية، عبر القيام بإحتجاجات وثورات ضد النظام الحاكم، وما كان ينتج عنها من فتن وقتال وسفك للدماء بين أفراد الأمة كلها عوامل دفعت بالمخزن المتجسد في السلاطين الذين كانوا يضربون بيد من حديد على كل من يعصي لهم أمرا بعزلهم وتتريك ممتلكاتهم، ثم البحث عن مصيرهم بالقتل أو النفي أو السجن، عقابا ناجعا على ما ارتكبوه من جرم في حق البلاد والعباد.

لقد أدت هذه الطريقة في ردع المخالفين والخارجين عن الحكم إلى استقرار السلطة، واستمرارها، وكانت ملاذا وموردا رئيسيا لتقويتها، وهناك أمثلة عديدة كانت مرتبطة بمعاقبة المخالفين والخارجين عن السلطة. ففي عهد مولاي إسماعيل، قام العلامة عبد السلام بن حمدون جسوس وهو من كبار فقهاء فاس بمعارضة السلطان مولاي إسماعيل في قضية تمليك الحراطين و تشكيل جيش عبيد البخاري، "الذي اخترعه عدو الله محمد بن القاسم عليش المراكشي للسلطان الجليل مولانا إسماعيل ابن الشريف حسبما هو مشهور"(19)، ليقوم بذلك مولاي إسماعيل بمصادرة "جميع ما يملكه الفقيه المذكور هو وأولاده ونساؤه وبيعت دوره وكتبه"(20)، ومارس عليه مختلف أنواع التعذيب، وكان يطاف به في الأسواق وينادى عليه "من يفدي هذا الأسير؟ والناس ترمي عليه بالدراهم والحلي وغير ذلك من النفائس أياما كثيرة "(21)، فبقي على هذه الحال ما يقرب السنة، ثم أمر السلطان بقتله فقتل خنقا ودفن ليلا على يد القائد أبي علي الروسي.

من هنا يتضح أن العقاب بالتتريك كان إجراء ليس بالهين، إتبعه مولاي إسماعيل تجاه معارضيه والخارجين عن سلطته حتى يكون عبرة لغيرهم ممن يفكرون في معارضته والخروج عن ملته.

وتجدر الإشارة أيضا، أن مولاي إسماعيل كان يلجأ في بعض الأحيان لسياسة التتريك الجماعية. قد تصل إلى تتريك أهل بلد بكاملها، كما فعل بأهل فاس حينما امتنعوا عن أداء الضرائب، ووجه إليهم قائد جيوشه بمكناس وأمره بجمع الأموال من أهلها (22)، لإضعافهم وكسر شوكتهم حفاظا على تماسك الدولة واستمرارها. 

وقد استمرت سياسة التتريك الجماعية، كلما كانت هناك أسباب موجبة لها، وغالبا ما كانت تقع عقابا على معارضة السلطان وعصيانه، ويلاحظ "أغلب ثورات المعارضة كانت تحدث في المرحلة الأولى من تولية السلطان لمزاولة مهامه، مما يعني اغتنام زعمائها فرصة غياب مؤسسة السلطان للاستئثار بالسلطة"(23)، كما حصل مع مولاي عبد الله عندما تولى السلطة فخرج أهل فاس علنا لعصيانهم وخروجهم عن سلطته، ليرسل بذالك أحد قواده إلى فاس لمعاقبتهم وتتريكهم، وفي هذا السياق يقول المؤرخ الزياني أنه قال لقائده: "أقبض منهم المال وألقه في أبي الخرايب ولا تتركه عندهم ولا تأتيني بهم فما أطغاهم إلا المال حتى استخفوا بالمملكة فتوجه لفاس ونزل بدار أبي علي الروسي بالمعادى وعين النقباء في كل حومة نقيب، فزمموا له التجار من كل حومة وأهل اليسار والأصول وأمر النقباء أن يأتوه بالتجار وأهل اليسار، إلى أن حضروا عنده فأمر بسجنهم وفرض عليهم خمسمائة ألف مثقال"(24)، وفي عام "1149ه/ 1736م أهلك الله كل من خرج على السلطان مولاي عبد الله، وصارت أموال الناس غنيمة"(25).

وكذلك فعل مولاي محمد بن عبد لله بأهل فاس في يوم السبت من ذي الحجة سنة 1173ه/ 1759م بعدما "اجتمع وداية أهل فاس الجديد وكروان وأتباعهم وأظهروا الخلاف على السلطان وعرضوا عنه"(26)، فوجه إليهم جيوشه التي أغارت "عليهم من وادي فاس إلى وادي ورغة وما وراءه ونهبوا أموالهم وعزائبهم، ولم يترك لهم راغية ولا ثاغية "(27). ولم تقتصر أيادي المخزن في التتريك على أهل فاس بل امتدت إلى أهل تطاوين بعدما قتل باشا تطوان أحمد بن علي نحو "ثمانية من أهلها ووظف على أهلها مالا عظيما لأنه ادعى عليهم أنهم شقوا العصى عليه"(28).

وبالتالي كان من الواجب تتريكهم لردعهم وإفقادهم لممتلكاتهم، حتى يكونوا عبرة لمن فكر بالخروج عن السلطة، وهي طريقة لقيت استحسانا لدى المخزن اتبعها ضد كل معارض أو خارج عن سلطة ومن الأمثلة على ذلك نذكر واقعة القائد بلقاسم الزموري "الذي قام بتغرير بالمسلمين في منطقة زمور على السلطان سيدي محمد بن عبد الله"(29)، فقبض السلطان عليه، "ونكبه واستصفى أمواله وولى على زمور وبني حكم ولد محمد واعزيز"(30).

وتدل النصوص التاريخية أن السلاطين كانوا أشداء في معاملة العصاة والخارجين عن السلطة، فلم يتوان مولاي سليمان في معاقبة قبائل الريف من قلعية وغيرهم، والذين "صاروا يبيعون الزرع للنصارى ويسوقونه من بلادهم. وقد كان السلطان منع النصارى من وسق ذلك، فأرسل لهم العساكر فنهبوا أموالهم وحرقوا مداشرهم، وانتسفوا أراضيهم وديارهم"(31). ولما دخلت سنة "1228ه/ 1791م بلغ السلطان ثانيا أن أهل الريف لا زالوا مقيمين على بيع الزرع للنصارى، وأنهم أضافوا إلى بيع الزرع بيع الماشية، فخرج إليهم مولاي سليمان في جيش ضخم فنهبوهم وحرقوا مداشرهم واستخرجوا أمراسهم ودفائنهم"(32)،  و"ولى السلطان عليهم أحمد بن عبد الصادق الريفي، وتركه في بلادهم في حصة من العسكر يستخلص منهم الأموال وعاد السلطان إلى دار ملكه مؤيدا منصورا"(33).

وأغلب الظن أن ما قام به مولاي سليمان من سياسة الاحتراز وتتريكه لقبائل الريف، كان لتأديبهم ومنعهم من معارضته والخروج عن طاعته مرة أخرى، وليؤمن استقرار مملكته بعد ذلك، كما حصل لرحامنة عقب "حركة السلطان محمد بن عبد الرحمان إليها سنة (1862م) ردا على انتفاضتها" (34). حيث فرض عليهم "تقديم 4000 أسير، يأتي كل واحد منهم بفرسه وسلاحه ومئونته ويعطي ذلك كله للمخزن، ثم يغل ويذهب به إلى السجن"(35).

ولقد زادت سياسة التتريك الجماعية في النصف الثاني من القرن التاسع عشر بشكل ملحوظ، كأسلوب استعجالي لمعالجة الكثير من الأزمات المالية التي كانت توجه مؤسسة المخزن. ففي عام 1891م قام مولاي الحسن الأول بمعاقبة "قبائل النعاعسة بنواحي سلا بتهمة العصيان حيث ترك زروعهم وأمر بحصدها ودفعها إلى أمناء الأمرس بمكناس"(36). أما على عهد مولاي عبد العزيز فقد تم القيام بتأديب مجموعة من القبائل التي أعلنت العصيان وعدم الخضوع للسلطان ومن بينهم "قبائل مسارة حيث قام السلطان بمهاجمتهم في حللهم، وخربوا ديارهم، وأخذوا أموالهم"(37).

من هنا نلاحظ أن المخزن قد انتهج طيلة القرن التاسع عشر سياسة التتريك في قمع معارضيه والخارجين عن سلطته لتحقيق عدة أهداف من ورائه، نظرا لأهمية الأموال المتركة من العصاة والخارجين عن السلطة في دعم خزينة الدولة، مع إضعاف المعارضين ماليا واقتصاديا، وأسلوب انتهج للقضاء على المعارضين والخارجين على السلطة بشكل نهائي، وأداة لردع كل من كان يفكر في الخروج على سلطة المخزن؛ إذا كان يتم نزع ممتلكات العاصي أو الخارج عن الطاعة ويطلق صفر اليدين لا يملك شيئا وبهذا يفقد مكانته الاقتصادية والاجتماعية أيضا.   

3-    الانتقام المخزني عقب ولاية كل سلطان جديد لرجال سابقيه:

يعد مفرد "الانتقام المخزني"، من المفردات المستخدمة عبر التاريخ للتعبير عن نوع من العقوبات التي كانت تطبق عقب ولاية كل سلطان ضد بعض الشخصيات نتيجة لمواقف معينة، حتى ولو كانت تلك المواقف قد حصلت قبل تولية السلطان لمنصبه. كما حدث بعد وفاة مولاي إسماعيل وتولية مولاي أحمد بن إسماعيل المعروف "بالذهبي" سنة 1139ه/ 1727م، والذي دشن عهده "بقتل عمال أبيه وأركان دولته"(38) دون سابق إنذار، واعتكف على لذاته، وأهمل شؤون البلاد والعباد، فانحل نظام الملك لإهمال الرعية، و"قتل رجال الدولة الذين كونوا قوائمها، واستخفت الرعية بأمر السلطان، فمدوا أيديهم للنهب في طرقات المسلمين"(39)، وانتشرت بلبلة عامة من الرعية أضعفت النظام الحاكم، مما أدى إلى الانتقام من السلطان بتنحيته وتولية مولاي عبد الله عرش المملكة في جو مشحون بالدسائس والصراعات الشخصية.

وهنا تجدر الإشارة إلى أن بعض الدسائس والوشايات بين رجال السلطة، كانت سببا في إقدام السلطان على الانتقام من رجالات المخزن مع مصادرة ممتلكاتهم، ففي سنة 1728م، "قام الباشا أحمد بن علي، بإفساد العلاقة بين القائد لوقش والسلطان مولاي عبد الله، حيث كتب له بأن أسبان سبتة خرجوا لمقاتلة المسلمين فلم يحاربهم لوقش، فاستاء السلطان من ذلك وأمر أن يقبض عليه وتستصفى أمواله"(40).

وإلى جانب الأحقاد والتهم، شكلت الخلافات الشخصية سببا أدى في كثير من الأحيان إلى التتريك؛ كلجوء البعض إليها انتقاما ممن يرومون التخلص منهم، كما فعل سيدي محمد بن عبد الله بالقائد محمد لوقش الذي عزله وترك ممتلكاته، وهذا ما أكده سكيرج بقوله: "إن سبب عزله راجع إلا أن محمد بن عبد الله والقائد لوقش رضاع لولادته أيام خدمة والده مع السلطان مولاي إسماعيل، فكبرا معا متقارنين، وفي يوم من الأيام طلب المولى محمد بن عبد الله من القائد محمد لوقش أن يصنع له مركبا في مرسى تطوان لكنه رفض بقوله: (ما أنا في أمر العيال) فأسرها المولى محمد بن عبد الله في نفسه، فلما بويع واستقر له ملك البلاد ورد على تطوان عام 1758م فقبض على القائد محمد لوقش واستصفى أمواله، وقيل إنه هرب لضريح مولاي عبد السلام بن مشيش في جبل العلم"(41).

ومن المفيد ذكره أيضا أن سيدي محمد بن عبد الله قام في بدايات حكمه بشن حملات انتقامية ضد قواد كبار وباشاوات، كما فعل قائد أكادير: الطالب صالح المجاطي الذي كان يدرك خطره على السلطة المركزية، فألقى عليه القبض ثم "أسرع لداره فدخل عليها واحتوى على ما اشتملت عليه من المال والسلاح"(42).

ولم يمض على ذلك عدة أشهر، حتى شرع سيدي محمد بن عبد الله في إعادة تنظيم القيادات وتنحية المستبدين من العمال والقواد، حيث قضى على الجميع وأودعهم في السجون سنة (1174ه/ 1761م) وصادر أموالهم ومنهم من مات بالسجن ومنهم من قتل، وسعى إلى تفتيت بعض القيادات الكبرى، كما حدث بالنسبة إلى دكالة، بعد عزل قائدها محمد بن أحمد الدكالي سنة 1188ه/ 1774م، وأمر "بقبض ما أكلوا من القبائل التي كانوا يتصرفون عليها"(43).

هذا الإجراء الشديد الذي اتخذه سيدي محمد بن عبد الله ضد قواده وولاته، كان له أثر واضح على تلك الفئة من رجال الدولة وخاصة من الناحية الاقتصادية، وهذا ما أدركه سيدي محمد بن عبد الله مند توليته للسلطة، فاتبعه ضد الخارجين عن الصف، كإجراء رادع لكل من يفكر في المس بأمن الدولة واستقرارها.

لهذا أصبح الانتقام المخزني وما كان يرافقه من تتريك لرجال الدولة، عادة سار عليها المخزن، وطبقها جيلا بعد جيل. تحت دريعة الخيانة والمس بأمن الدولة؛ ففي عام 1210ه/ 1795م أمر السلطان مولاي سليمان القائد محمد بن العربي البخاري بالقضاء على الباشا القسطالي، بتهمة الخيانة والمس بأمن البلاد، فوصل القائد المرسل إلى "سلا ودخل لداره بحومة القسطالة ونهب ما فيها وقتله خنقا، وترك جثته ملقاة على الأرض إلى أن علقت بأحد أبواب المدينة"(44).

ومن ناحية أخرى، قد كانت الحركات الانتقامية التي تتم بعد تنحية رجل سلطة وتعيين آخر، ومما نتج عنها من تتريك للأموال والممتلكات في كثير من الأحيان، تؤدي إلى قيام ثورات على الحاكم الجديد تعاطفا مع الضحايا، كما حدث سنة 1208ه/ 1771م، حينما ثار بقبيلة الأخماس من جبال عمارة رجل من طلبتها يقال له محمد بن عبد السلام ويدعى زيطان، فاجتمعت عليه سماسرة الفتن من كل قبيلة وكثر أتباعه، و"كان السبب في ثورته أن القائد قاسم الصريدي كان واليا بتلك الناحية أيام المولى يزيد رحمه الله، فلما بويع المولى سليمان ولى على تلك الناحية القائد الغنيمي المتقدم الذكر، وكان عسوفا فيما قيل فقبض على القائد قاسم واستصفى أمواله وبث عليه العذاب كي يظهر ما بقي عنده حتى هلك في العذاب، فثار زيطان واجتمعت عليه الغوغاء من أهل تلك البلاد"(45).

وبهذا يمكن القول، إن تتريك الممتلكات في إطار الحركات الانتقامية ضد الخارجين عن السلطة، أخد طابعا متميزا ومباشرا، بحيث أصبح كل صاحب منصب أو مال عرضة للتتريك تحت أبسط الذرائع، بل تجاوز الأمر إلى الطمع في أموال كل من يعرف عنه الثراء، خاصة إذا كان ذلك الشخص موظفا ضمن أجهزة الدولة، ليس لسد النقص والعجز الذي يتعرض له بيت المال، بل يعود ذلك لقناعة الخليفة نفسه أن هذا المال لم يجمع بطرق شرعية، وإنما جمع ظلما وعدوانا واختلاسا اعتمادا على المنصب والمسؤولية في الدولة، وبالتالي يصبح هذا المال مالا للدولة، وجبت إعادته واستثماره لصالح المغرب والمغاربة، بغض النظر عن النتائج المترتبة على ذلك.

وشهد المغرب خلال العهد العزيزي، عدة تتريكات في إطار الحركات الانتقامية في حق مجموعة من الشخصيات التي شغلت عدة مناصب داخل مؤسسة المخزن، مع استحداث أسباب أخرى أوجدتها الظروف السياسية وخاصة ضد الحجاب والوزراء بتهمة التآمر على السلطان أو محاولة قتله؛ ومن هاته الشخصيات نذكر المعطي الجامعي الذي كان من رجالات المخزن المغربي أواخر القرن 19م والذي تولى منصب الصدر الأعظم بعد تدهور صحة أخيه محمد بن العربي الجامعي خلال فترة حكم السلطان مولاي الحسن، لكن بمجرد وفاة مولاي الحسن عزم "أبا أحماد على تنفيذ خطته ضد الجامعيين، فوجه المحلة السلطانية إلى مدينة مكناس، فاضطر الجامعيان إلى الخروج من معقل أسرتهما بفاس، وقدما على السلطان بمكناس، وهنالك أمر أبا احماد باعتقالهما وتوجيهما إلى سجن تطوان"(46)، كما فعل بالعربي الزبدي صهر المعطي الجامعي الذي اعتقل هو الآخر ووجه إلى سجن آسفي، وكان "متهما بالتآمر ضد حكم السلطان مولاي عبد العزيز ومناصرة أخيه مولاي محمد الذي كان خليفة له في مراكش، وقد صودرت أملاك هؤلاء المعتقلين وبيعت في الأسواق"(47).

من هنا نستطيع القول إن الحركات الانتقامية المخزنية لبعض رجال الدولة وما كان يتبعها من تتريك للممتلكات كانت تقع بسبب الخلافات الشخصية وحب الانتقام، تحت ذرائع لا أساس لها من الصحة، ومع ذلك فقد كان لها دور في تطور نظام التتريك بمغرب القرن التاسع عشر.

وإجمالا، يمكن القول أن الانتقام المخزني من بعض رجال الدولة الخارجين عن السلطة إلى جانب الأحقاد الشخصية وما كان يتبعها من خلافات وحب الانتقام، تحت ذرائع لا أساس لها من الصحة، والصراع حول السلطة ومن أجلها بين الأمراء من جهة وبين رجال الدولة من جهة أخرى، آثار سلبية انعكست على جميع نواحي الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وباقي فئات المجتمع دون استثناء بدأ بالأمراء ورجال الدولة وحتى عامة الناس التي استغلت ضعف السلطة في فترات متباينة من تاريخ المغرب للتعبير عن رأيها الساخط على ما تمارسه السلطة من عنف، كأداة من أدوات السلطة ومظهرا من مظاهر ثبات الحكم واستمراره.

الهوامش:

  • جادور (محمد)، مؤسسة المخزن في تاريخ المغرب، منشورات عكاط، الرباط، 2011، ص. 445.
  • المشرفي (مصطفى)، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الرباط، ط1، 2005م، ج.1، ص. 279.
  • عطا الله الجمل (شوقي)، المغرب العربي الكبير (ليبيا- تونس- الجزائر- المغرب)، مكتبة الأنجلوالمصرية، ط1، القاهرة، 1977، ص. 214.
  • بن الطيب القادري (محمد)، نشر المثاني لأهل القرن الحادي عشر والثاني، تحقيق أحمد توفيق ومحمد حجي، مكتبة الطالب، الرباط، ج. 3، ص. 271.
  • الضعيف الرباطي (محمد)، تاريخ الضعيف (تاريخ الدولة السعيدة)،دار المأثورات، الرباط، 1986، ط. 1، ص. 171.
  • الافراني (محمد)، نزهة الحادي في أخبار ملوك القرن الحادي، ط 2، مكتبة الطالب، الرباط، ص. 429
  • وندوس (جون)، رحلة إلى مكناس، ترجمة زهراء إخوان، منشورات عمادة جامعة المولى إسماعيل، مكناس، ص. 123.
  • الناصري (خالد)، الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى، تحقيق وتعليق جعفر الناصري و محمد الناصري، دار الكتاب، الدار البيضاء، 1997م، ج 7، ص. 162.
  • الناصري (خالد)، الاستقصا، ج.7، م. س، ص. 189.
  • الضعيف الرباطي (محمد)، تاريخ الضعيف، م. س. ذ، ص. 128.
  • السعود (عبد العزيز)، تطوان في القرن الثامن عشر( السلطة- المجتمع- الدين)، منشورات جمعيات تطوان أسمير، تطوان، 2007، الطبعة الأولى، ص 96.
  • نفسه ، ص 95.
  • فنيتر (مصطفى)، عيسى بن عمر قائد عبدة 1879-1914، تقديم إبراهيم بوطالب، منشورات جمعية البحث و التوثيق والنشر، الرباط، 2005م، ص. 24.
  • حركات (إبراهيم)، المغرب عبر التاريخ، دار الرشاد الحديثة، ط.2، الدار البيضاء، 1994م، ج.3، ص. 144.
  • أشعاش (عمر)، أسرة أشعاش التطوانية استرجاع ذاكرة الوثائق المخزنية والدبلوماسية والعائلية، مطبعة الخليج العربي، ط1، تطوان، 2016م، ص. 7.
  • الشابي (مصطفى)، النخبة المخزنية في مغرب القرن التاسع عشر، مطبعة فضالة، ط.1، المحمدية، 2005م، ص. 131.
  • الشابي (مصطفى)، النخبة المخزنية في مغرب القرن ...، م. س. ذ، ص. 131.
  • المشرفي(محمد)، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية وعد بعض مفاخرها غير المتناهية، ج.2، دراسة وتحقيق إدريس بوهليلة، منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، ط.1، الرباط، 2005م، ص. 253.
  • الضعيف الرباطي (محمد)، تاريخ الضعيف، م. س، ص. 85.
  • الناصري (خالد)، الاستقصا ...، م. س، ج. 7، ص. 94.
  • نفسه، ص. 94.
  • حسام محمد (عبد المعطي)، العائلة والثروة البيوت التجارية المغربية في مصر العثمانية، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 2008، صص. 22 – 23.
  • المشرفي (محمد)، الحلل البهية في ملوك الدولة العلوية...، م.س، ج.1، ص. 96.
  • حسام (محمد)، العائلة والثروة البيوت التجارية المغربية في مصر العثمانية، م. س، ص. 23.
  • الضعيف الرباطي (محمد)، تاريخ الضعيف، م. س، ص. 124.
  • الضعيف الرباطي (محمد)، تاريخ الضعيف، م. س، ص. 168.
  • نفسه، ص. 169.
  • نفسه، ص. 131.
  • الناصري (خالد)، الاستقصا، م. س، ج. 8، ص. 42.
  • نفسه، ص. 44.
  • نفسه، صص. .128-127
  • نفسه، صص. 128-129.
  • نفسه، ص. 129
  • العطري (عبد الرحيم)، الرحامنة بين المخزن والقبيلة، منشورات دفاتر العلوم الإنسانية، ط. 4، الرباط، 2013م، ص. 66.
  • بالوز (محمد بن عبدالحميد)، أسفي بقلم أربعة من الأعلام، جمعية البحث والتوثيق والنشر، أسفي، 2007، ص. 87.
  • بوشعراء (مصطفى)، علاقة المخزن بأحواز سلا، قبيلة بني أحسن 1860/1912، منشورات كلية الآداب، طبعة الأولى، الرباط، 1996، ص. 136.
  • المشرفي (محمد)، الحلل البهية...، م. س، ج.2، ص. 267.
  • الناصري (أحمد بن خالد)، الاستقصا...، ج. 7، م. س، ص. 115.
  • الزياني (أبو القاسم)، الخبر عن أول دولة من دول الأشراف العلويين من أولاد مولانا علي الشريف بن علي، وهو منقول من كتاب الترجمان المعرب عن دول المشرق والمغرب، المطبعة الجمهورية، باريس، 1886، ص. 30.
  • داود (محمد)، تاريخ تطوان، م. 2، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط، 1964، ص. 205.
  • السكيرج (أبو محمد عبدالسلام)، نزهة الإخوان وسلوة الأحزان في الأخبار الواردة في بناء تطوان ومن حكم فيه أو تقرر من الأعيان، تقديم. تحقيق. يوسف احنانة، مطبعة الخليج العربي، تطوان، 2005، ص. 35.
  • الضعيف الرباطي (محمد)، تاريخ الضعيف...، م. س، ص. 155.
  • الزياني (أبو القاسم)، الخبر...، م. س، ص. 80.
  • بوشعراء (مصطفى)، علاقة المخزن...، م. س، ص. 88.
  • الناصري (أحمد بن خالد)، الاستقصا...، ج. 8، م. س، ص. 95.
  • ابن زيدان (عبدالرحمن)، إتحاف أعلام الناس بجمال أخبار حاضرة مكناس، ج. 1، تحقيق. علي عمر، مطبعة الثقافة الدينية، ط. 1، القاهرة، 2007، ص. 435.
  • نفسه.