العلم كموضوع فلسفي - أحمد رباص
ظهر مصطلح فلسفة العلوم في القرن التاسع عشر تحت قلم أوغست كونت وأوغستين كورنو. هذه المقاربة سابقة على الإبستيمولوجيا بمعناها الدقيق ولا زالت ممارستها مستمرة. تسعى فلسفة العلوم إلى تقديم نظرة عامة عن العلم (قيمته، طرق اشتغاله، بالإضافة إلى تطوراته). تهتم بالنظرة إلى العالم التي ينتجها العلم والحكايات القابلة للمشاركة ثقافياً والتي تنتج عنه، بمكانة العلم في المجتمع، بتأثيراته على المجتمع، فضلاً عن المشكلات الأخلاقية التي يولدها، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر.
تهتم فلسفة العلوم أيضا بمختلف أشكال المعرفة وتحدد اختلافاتها. من خلال التمييز بين أنواع المعرفة أو اللامعرفة (سوء المعرفة) ومصادرها، تسمح بالحكم النوعي على صحتها، ونتائجها العملية. يمكننا ربطها بتاريخ الأفكار. تجعل فلسفة العلوم من الممكن إدراج المعرفة العلمية ضمن مجموع المعارف وضمن تاريخها. وهكذا يظهر أنها لم تنفصل عنها، بل تشارك في نفس "الإبستيمي" (م. فوكو). والأهم أن فلسفة العلوم تطيل بشكل نقدي وانعكاسي أمد النشاط العلمي وتقوي ديناميته.
أما نظرية المعرفة (بشكل عام) فهي اقدم من ذلك، حيث يعود تاريخها إلى الثورة العلمية في القرن السابع عشر.
احتاج الفلاسفة المؤلفون، منذ هذه اللحظة، إلى تمييز وفرز الفلسفة الطبيعية عن اللاهوت. إن نظرية المعرفة تسعى إلى تفكيك الآليات التي تنتج المعرفة، إلى تحديد الافتراضات النظرية والمقتضيات الميتافيزيقية التي تحكم ممارستها. إنها تشكك في الأبعاد الأنطولوجية والميتافيزيقية والأخلاقية التي يكشف عنها أي فعل معرفي، وليس للدراسة النقدية للمعرفة غير العلمية (مبادئ وعمليات هذا الفكر الذي يقدم نفسه على أنه معرفة) اسم محدد، ولكنها موجودة وتجعل من الممكن اقتراح ترسيم الحدود بين الأسطورة والأيديولوجيا والميتافيزيقا والفلسفة والمعرفة التجريبية، إلخ..