ذكريات محارب ـ قصة : أسماء عطة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

combatt-anfasseرفع رأسه عن تصاميمه وهو يفرك عينيه المتعبتين من شدة السهاد، فمن رام العلى سهر الليالي، هكذا أخبرته جدته. انتصب من على كرسي مكتبه الواقع بالطابق الخامس واتجه نحو النافذة يتأمل بهاء المدينة الساحرة، تتحسسها أنوار صباح جديد ينفض عنه عتمة الليل، يحمل نسائم دافئة تذكره بمدينته الساحلية الجميلة بالوطن.
 شعور راكد مبهم يلفه كلما هاجت به ذكرى ذلك الوطن، لا يدري إن كان يشتاق إليه أم أنه سعيد بمغادرته، فهولا يرتسم أمامه إلا كوجه حزين مليء بالكدمات، لقد عاش فيه طفلا صغيرا مشاكسا يعشق اللعب في المروج مع رفاقه بكرة بلاستيكية بالية حيث تتعالى أصواتهم كلما تعالى الغبار من حولهم، كان يهوى القفز من أعلى أشجار التين والتقاط حبات الرمان الحامض المتدلية كقناديل معلقة بفروع مائلة خفية عن أصحابها، والتسابق مع أقرانه عبر الحقول البورية المنتشرة هنا وهناك بمرتفعات قريته الصغيرة، قرية معزولة نائية انعدمت فيها أبسط شروط الحياة الكريمة. كان يقضي معظم أيام العطلة الدراسية عابثا لاهيا إلى أن يشتد به الجوع فيركض نحو كوخ بني من حجر وطين، تضوع منه رائحة خبز أمه وينبعث منه عطر الفقر الممزوج بريحان الألفة والتآزر.

يدخل البيت متسللا يجتر غبار حذائه القديم، حتى لا يشعر به والده فيشنف مسامعه بذلك اللحن النشاز كعادته كلما أبصر محياه "ألا تمل من التسكع طوال الوقت هنا وهناك؟ متى تتعلم كيف تتحمل المسؤولية وتعتكف على مساعدتي في الاعتناء بالأرض؟ إنها رأس مالنا الوحيد يا ولد..."، لقد مل من أرض رحمها عقيم، يسقونها بندى الجبين ولا تكاد تتصدق عليهم إلا بما لا يسمن ولا يغني من جوع، كما سئم استقطاع وقت لعبه كل يوم ليطوي كيلومترات من السير للتبضع من مركز القرية زيتا وخلا وعلبة شاي رخيص. اللعب له ولأقرانه بالقرية لم يكن مجرد متعة، اللعب كان خير وسيلة للهروب من هموم تكتلت على عاتق أطفال شاخوا، قبل حلول موسم الرشد.


 في آخر النهار وكلما أسدل المساء نقابه على جنادل هموم يوم طويل، جلس القرفصاء على الحصير المهترئ يستمع إلى عويل الريح المنبعث من خارج الكوخ، يحتضن كتابه الممزق بين يديه الجافتين، كتاب التأمت أوراقه بواسطة خيط أسود اللون بالكاد يستطيع أن يميز حروفه الباهتة تحت ضوء القنديل الصدئ، لشدة ما تفحصته أنامل صغيرة تعلقت أرواحها بالرغبة في الارتشاف من معين النور. كان ينظر فيه تارة ويتأمل وجه أمه الشاحب تارة أخرى، شابة في بداية الثلاثينيات، فارهة الطول نحيفة الجسم جميلة الملامح، يزين وجهها رَقشٌ جميل وُشمَ على الذقن، لكن السقم أضناها والأسى أبلاها، تتصرم عافيتها من جسدها يوما بعد يوم، تتأمل كتاكيتها الصغار في حنو وهي تخفق بجناحيها فتتضرع إلى الله أن يطيل عمرها إلى أن تراها تحلق نحو أفق مصير أفضل. كل صباح كانت تلتقط ما تبقى من فتات الروح لتستعير من نور الفجر ابتسامته تزين بها ثغرها الذابل وتسعى لتسكب على قلوب أحبتها قطرات من رحيق عطفها. نظرتها المترقرقة بعيونها الناعسة، المصحوبة بالدعوات الخالصة والوصايا المقطوفة من بستان الحياة، قداس يومي. صوت أنينها وآهاتها على مر ليالي الشتاء القاسي ظل ينقر طبلة أذنه وهو آرز في فراشه يستجدي النوم عله يمن عليه بغفوة. هولا يزال يتذكر زفرات جدته اللامتناهية المنزوعة من أقاصي الروح، تتحسر على فلذة كبدها التي أعجزها الألم والأسى. جدته تلك المولودة من رحم الجبل، عاشت صخرة صلداء لا تنال منها كل معاول الزمن العصي، امرأة صابرة صامدة، كانت تظللهم بوشاح محبتها، تسقيهم من غدير الحنان وتلقنهم دروسا في معنى الرجولة والشهامة وقوة الجلد، امرأة أوقفت حياتها على خدمتهم بدون كلل أو ملل، تنسج من خيوط الإيمان حلما جميلا يرصعه أحفادها بالأمل.


عند بزوغ الشمس، وبعد الاغتسال ببعض قطرات الماء التي كانوا يحرصون عليها كما يحرصون على حياتهم لما يتكبدونه من عناء في جلبها من "العين" التي تفصلهم عنها مسافة غير قصيرة، كان يمسك كسرة خبز الشعير خاصته، ويغرق قطعة منها في صحن فخار به ماء وخل أو بعض من زيت "المائدة"، زيت مخصص للطبخ استعاضوا به عن زيت الشجرة المباركة، وقود الأجساد الباردة المرتجفة، الذي كان وجود شيء منه بالبيت في مواسم العصر، يجود به بعض أصدقاء العائلة، ترفا لا يضاهيه ترف.
كان الثلج يغرق رجليه الصغيرتين المتجمدتين في وحل من الجليد وهو يسير في طريقه قاطعا أميالا من المنحدرات الوعرة إلى مكان يقال عنه جزافا مدرسة، لم تكن سريدته الصوفية التي حاكتها له أمه بيديها المرتعشتين الفاترتين تحميه كفاية من صقيع البرد الذي كان يجمد الدم في عروقه.
ظلت ذكريات المدرسة ترتبط لديه بتقسيمات الوجه المتجهم للمعلم أحمد، صاحب الحاجبين المقطبين الذي لم يكن يعرف معنى للابتهاج ولا يتوانى عن ترديد تأففاته المتتالية حول وضعه المزري الذي يتشاركه مع الكثيرين من زملائه من رسل العلم. لا يزال يذكر ملامح وجهه، ذات صباح بارد، وهو يرعد ويزبد ساخطا على الدنيا وما فيها، لقد أنجبت حينها زوجته طفلهما الأول منذ يومين سابقين ولم يكن ليستطيع التنعم بالنظر إلى وجه مولوده، فالطريق المؤدية للمدينة باتت مقطوعة أمام حركة البشر، لقد بسطت الثلوج الكثيفة معطفها الصوفي الناعم على أديم الأرض مبكرا ذاك العام. ظل أولئك الأبرياء الصغار يتمنون رؤية ابتسامة منه تدفئ قلوبهم الباردة دون جدوى، فأحمد دائم التبرم فهو عاش في تلك القرية الجبلية النائية، التي صعب عليه التواصل مع أغلب أهلها بسبب اختلاف لهجتهم وعاداتهم، خمس سنوات كان يشعر فيها بغربة لا متناهية بعيدا عن زوجته "سلمى" المُدرسة بقرية أخرى. كان أحمد يذكر دائما أن زواجه مأساة عاشها في منفى.


مرت الأيام متراكضة، كان جسد أمه السقيم المتهافت يزيده حنقا على مصاب قريته المتآكلة المرتوية من نداوة الإهمال والنسيان، لقد ظل ساكنوها يعيشون أحقابا سحيقة في منأى عن أي انعتاق من أسر الفقر والجهل والحرمان. كلما هلت الانتخابات، تلك الأكذوبة الأزلية، تشدقت الأفواه بخرافات وأساطير تشحذ عقول أشباه المواطنين وتملأ قلوبهم العطشى بالتمني، فتجار السياسة ورثة الكراسي، كما هم في كل مكان وزمان، لم يكونوا ليتبدوا بقناع نفاقهم الباسم في وجه الساكنة المكلومة إلا في كل خمس سنوات مرة، ليقوموا برش بعض الأوراق المالية الزنخة أو أكياس من شعير ليرحلوا بعدها يجمعون غنائم السلطة.
أصيبت أمه منذ سنوات طويلة بمرض مزمن تطور مع قلة العلاج، فلم تكن لوالده، ذلك القروي البسيط حيلة أمام ضيق ذات اليد، كان عليها أن تتحمل عناء السفر الطويل إلى "العاصمة المصونة " قبلة كل مريض ومكلوم ومظلوم وكل ذي حاجة، إلا أن "صاحبة الفخامة" غلقت كل أبوابها واستأمنت المفاتيح عند "أصحاب الحال" مصاصي الدماء. كان يلزمها ثروة لإجراء الفحوصات اللازمة والتي كانت ستعلن لا محالة عن إصابتها بالمرض الخبيث، مرض حصد الكثير من أهل منطقته الجبلية ولازال، لأسباب مبهمة، البعض يتهم الفقر المتغلغل بين ثنايا أوتاد الأرض، وآخرون يهمسون خلف السُدُل، يتناقلون  قصة تلك الجبال الشامخات التي ضمت رجالا أشاوس، أسودا خرجوا من بطن الصخر ليحاربوا مستعمرا طغى واستبد، احتل الأرض واستباح ثرواتها وخيراتها واستعبد أهلها، حكايات كانت ترويها العجائز في جوف الليل عن ذلك البطل المغوار الذي كان يصول ويجول بخيله، بطولة جعلت  لعنة الشياطين تتكتل لتنثر تعويذاتها الملعونة على القمم، لعنة لم تفرق بين رجل أو امرأة ولا بين عجوز أو طفل، يتساقطون كما الفراش حول المدفأة .


"مُثقَلٌ استَعَانَ بذَقنه" هكذا كانت حالة والده الذي اضطر أن ينتقل إلى البلدة المجاورة يزور إحدى العوائل التي تربطه بهم قرابة بعيدة، عسى أن يفسحوا لابنه مكانا ينام فيه أثناء دراسته الإعدادية هناك، إلا أن الكوخ الصغير الذي ارتص فيه مع اخوته كان أكثر فسحة من البيت المنشودة بركته، سعى والده جاهدا ليحصل له على منحة بالقسم الداخلي أو بالمؤسسة الخيرية التي لا خير فيها، ولكن محاولاته باءت بفشل ذريع، فذلك القروي المغلوب على أمره لم يكن له جدار صلب يستند إليه ولا جيب دافئ يغنيه مذلة قرع أبواب موصدة. وضاعت السنة الدراسية على طفل بريء ذنبه الوحيد أنه كان ابن تلك الروابي النائية.
ظل طوال عام يبلع غصته ويخفي دمعته الساخنة عن أمه المريضة حتى لا يزيد من همها وقهرها فكان يكفيها تجرع كأس الموت البطيء كل يوم بصبر وإيمان، فما عاد ببقايا الروح المتخمة بالآهات متسع لمزيد من الحزن.
بناء إعدادية بالمركز قرب المدرسة الابتدائية التي كان يرتادها، بارقة أمل أذهبت عنه الجزع، فبعدما أمضى "سنة بيضاء" في اصطياد الطيور وترويض الكلاب الضالة ومساعدة جدته في أعمالها، رجع يعانق كرسي القسم ويجس نبض كتبه، سعادته لم تكن لتوصف فقد عاد الدم يضخ بعروق دماغه من جديد.
أتم دراسته الإعدادية لينتقل إلى مدينة مجاورة يستكمل فيها تعليمه الثانوي بالقسم الداخلي. وقبل انتقاله إلى الجامعة التي خالها مهد كل فكر حر، انضم إلى احدى الهيئات السياسية المتبنية رؤية معارضة للتوجهات العامة للبلد، والتي كانت تنمي نزعة الاعتراض لدى أتباعها على كل ما من شأنه أن يحط من كرامتهم وانسانيتهم أو يمنع عنهم حقا يروه من حقوقهم داخل الدولة. كان فقره ومرض أمه، والتهميش الذي عاشته قريته يذكي فيه ذاك الشعور بالقهر و"الحكرة" مما يجعله يثور على كل ماله علاقة بالسلطة في بلاده ومؤسساتها، شعور تقاسمه مع الكثير من الطلبة بالكلية... 


 وهو لايزال واقفا قرب مكتبه يتأمل سحر المدينة، تسارعت الذكريات أمام عينيه من جديد تحجب عنه النور المتدفق من النافذة الواسعة تنطق بلا حنجرة تحكي عن أحد أيام الصيف الحارة وهو على شاطئ البحر يستجم مع أصدقائه إذ اتصل به أحد معارفه يخبره أن أهله يسألون عنه منذ أيام. قدم "الدوار" وهو يستحث الخطى نحو البيت وقد انعصر قلبه ليرمق أخاه الأصغر محمد يجلس القرفصاء، شارد الفكر مكتئبا، تحت شجرة التين الفارهة، تلك الشجرة التي ظلت دوما تذكره بجدته، وحيدة شامخة معطاءة، وما إن انتبه محمد لوقع خطاه حتى قام يحضنه ويجهش بالبكاء ويتمتم بصوت مبحوح "لقد رحلت وتركتنا...ماتت أمي... لم تعد هنا...رحلت ولن تعود أبدا..." ألجمته الصدمة لهول المصاب فتوشح بصمت عميق حنط عقله، كان يعلم أن هذا اليوم آت لا محالة فجسدها النحيل ذاك الجندي الباسل لم يعد يقوى مجابهة المرض المستفحل. أخذت خطواته الخائرة تتلمس طريقها نحو البيت مثقلة بوجع الغياب، تتعثر في صور من ماضي طفولة غاربة. رنا للباب يرمق بعينين منطفئتين مكان جلوسها ليجده خاليا إلا من طيف ذكرى وبقايا عطر وترانيم أغان ريفية وبعض أوراق حناء وحبات قرنفل منثورة هنا وهناك. فراشها بارد والموقد خامد ورائحة خبزها لم تعد تزكم أنفه، لقد رحلت منذ ثلاثة أيام...دون وداع ..." لن تتألم بعد الآن لن تبكي لن تشكي لن أسمعَ لها أنينا هذه الليلة، رحلت دون أن أراها، دون أن تحضنني دون أن تقول لي وداعا، لن أكتحل بابتسامتها في الصباح لن تصب علي وابل دعواتها كعادتها كلما هممت مسافرا..." كذلك كان يتمتم بينه وبين نفسه ودموعه تخنقه كاتما صرخاته المفعمة بالشجن في صدره، كم كان يتمنى أن يطول عمرها لسنوات أخريات عله يتمكن من الحصول على عمل يجلب منه مالا كافيا يمكنه من إيلاجها أفضل المستشفيات، ولكن القدر كانت له كلمة أخرى ... يومها كسر شيء ما بداخله لم يجبر أبدا.
عاد إلى جامعته يعانق حلمه من جديد ذاك الحلم الذي أنهكه وأثقل كاهله، فكم طوى من ليال جائعا حتى يوفر ثمن كتاب، وكم أحرقه الشوق وأبكاه الحنين لرؤية أهله وزيارة قبر أمه دون أن يستطيع توفير تذكرة الحافلة للسفر إلى بلدته. إلى أن حل ذلك اليوم الخريفي الذي استقل فيه سيارة أجرة وعاد إلى "الدوار" بعد طول غياب، سعيدا فرحا فأخيرا حصل على شهادة الدكتوراه وقريبا جدا سيعثر على عمل وينتشل أحبته من القعر الآسن الذين ظلوا يتخبطون فيه دهرا. رغم أن رؤية امرأة أخرى تتهادى داخل البيت وتتمدد فوق لحاف أمه وتجلس مكانها قرب التنور ستمزق فؤاده، إلا أن قلبه كان يرفرف شوقا لرؤية جدته ووالده وإخوته.


في الطريق وعلى مقربة من البيت لمح أحد أشقائه يحمل أدوات حفر على ظهر البغل العجوز يتجه بها نحو المقبرة هناك حيث تتجمع ثلة من الوجوه الأليفة، خفق قلبه وارتجفت فرائسه، وما إن توقفت السيارة حتى بادره الناس بالتعازي، لم يكن يجرؤ على سؤال أحدهم فيمن يعزونه؟ اخترق جدار الأجساد المتراصة وركض نحو الباب حيث استقبله نعش متشح بالبياض، إنه والده، أحس برغبة في الإغماء لولا أن أيقظته صرخات أخواته المرتميات في حضنه وعويل النسوة من حوله، كانت دموعه تتدفق شلالا من مقلتيه مستغرقا في مجرى من الذكرى، كان يصرخ ملء صدره بصوت مكتوم "لما ترحل أنت أيضا دون وداع، لقد جئتك أحمل إليك شوقي وفرحة حسبتها تشفيك، لما يا والدي استكثرت علي نظرة من عيونك ترضيني؟ "...
وُوري جثمان والده الثرى قرب قبر أمه، ودعهما بعد مرور أيام وعاد أدراجه من حيث أتى يبحث عن وظيفة تغنيه، تكون بداية لحياة جديدة. 
وبعد أقل من سنتين، بدأ يبتسم للحياة أخيرا فقد حصل على وظيفة مرموقة وقريبا جدا سيتقاضى أول راتب له بعد عناء سنين، تهيئ لزيارة أهله فقد اشتاق لجدته الغالية كثيرا اشترى لها بلغة جديدة، وشاحا أنيقا، حناء، سواكا ومكحلة، فمنذ وفاة أمه لم تعانق عيناها الكحل، كان يقول إن عهد الألم ولى وعليهم أن يقلبوا صفحة الحزن ويتصالحوا مع الفرح، حق لتلك النبيلة أن تنعم ببعض الراحة وتقطف ثمرة ما زرعت. في طريق سفره قرر النزول ضيفا على أحد أقرباءه بمركز القرية وفي صباح اليوم التالي تلقى اتصالا من إحدى أخواته تطلب حضوره للتو فجدته تحتضر... دخل البيت مدهوشا مسلوبا، تعلن أصوات العويل والبكاء انطفاء آخر شمعة كانت تضيء أيامه، ودون وداع كما هي عادة كل الراحلين من حياته. كانت مسجاة على فراشها رطبة ناعمة كما لو أنها تنام، لأول مرة يراها تنعم بتلك الراحة هادئة مطمئنة. طُمست النجمة التي كان يسترشد بها، غابت الجدة وغاب صدرها الحنون، رحلت قبل أن تقطف ثمرة الصبر والكد والسهر وأخذت معها كل الابتسامات، كل الأمان لم تترك وراءها غير الخواء يعصف بقلب حزين مكلوم، ومساءات شاحبة. بدا لحظتها كمن يقف على سطح بحر لجي بدون قدمين، تائه في لا مكان...
رن الهاتف ليوقظه من غفوته، لقد كانت ملاكه الصغير تذكره بوعده الذي قطعه لها صباحا بأن يأخذها لمدينة الملاهي هذا المساء.
أمضى حياته كمحارب خرج من أرض منكوبة يقرعُ الحزنُ على دروبها لحن الأنين تنضح برائحة الموت والدمار، إلى فضاء رحب فسيح...
  بقلم أسماء عطة-المغرب

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟