القرآن الكريم باللغة الأمازيغية : مقاربة بين نماذج مختارة من الترجمة الجزائرية والترجمة المغربية ـ د.فيروز بن رمضان

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

ملخص:
القرآن الكريم هو أعجب كتاب عرفته الإنسانية بين جميع الكتب السماوية و البشرية، فهو كتاب ثبت بنصه أربعة عشر قرنا أو يزيد لم يطرأ عليه تغيير، ولم يحذف منه حرف، ولم يضف إليه حرف، و بقي يُقرأ و يُدرس ويُكتب، و يُناقش في نصه الأصيل، و الإنجيل والتوراة تُرجم كل منهما الى اللغات الأخرى، بل الى كل اللغات، لا ليفهمهما الراغبون في الدرس العلمي البحت، بل ليتعبد بهما في ترجماتهما المسيحيون واليهود.
ونحن هنا - في هذه المداخلة - سنتحدث عن ترجمات القرآن الكريم بما في ذلك اللغة الأمازيغية، وسنستعرض نماذج مختارة من الترجمة السوسية  والترجمة القبائلية للقران الكريم باللغة الأمازيغية.
مقدمة:
إذا كانت اللغات هي أصل ثقافة الشعوب، و عند توحد اللغة على مساحة كبيرة من العالم و على سبيل المثال مجتمعنا الذي نعيش فيه، و بالتحديد الجزائر و على اتساع أراضيـها و ترامي أطرافها، إلا أن اللغـة الرئيسية التي تجمعـهم هي اللغـة العربية أو بالمعنى الأصح اللهجـة العاميـة. لذلك نجد أيضا تشابها بالغا أو تـوحُدا في الثقـافات و الفكر، و لكنه يبقى على مستوى الثوابت العامة و المحاور الرئيسية التي يتخذها الجميع سبيلا ليعيش من خلالها و خلال وحدتها الكل في تناغم و تلاق عند بعض الفكر، و ثوابتنا تبدأ من الدين و الاخلاق و عادات المجتمع التي تعد بمنزلة خطوط رئيسية لا يختلف عليها اثنان.

و لا ندري من الذي توحد مع الآخر، هل هي اللغة مع هذه الثوابت أم أنها الثوابت التي باتت جزءً من مفاهيم اللغة. و قد يكون هذا كله على المستوى العام، و لكن اذا أردنا أن نخوض أكثر فأكثر، فنجد أيضا أن اللهجات الأمازيغية المتداولة على مستوى البلد الواحد تؤثر في فرعيات الثقافة العامة لهذا البلد بحيث تجعلها ايضا واحدة، فنراهم يتفقون على إحدى المقولات ، و كلها كلمات خرجت من واقع المكان، و عندما استُخدمت و تداولها الناس صنعت من حالها جزءً من ثقافة هذا البلد[1]. و ما يؤكد هذا أن لكل كلمة أُضيفت إلى اللهجـة الأمازيغيـة كانت لصلة معينة أو لسبب بعينه أو أنها شرحت حـالة، فعندما تكوّنـت و تجسدت و هي تحمل معنى يعرفه أبناء البلد الواحـد، فإلى بعض الكلمات جزائـرية اللهجـة – بنوعيها – و المعنى و التعبير.

أصول اللهجات الأمازيغية:
و لمعرفة أصول اللهجات الأمازيغية، و من أين دخلت عليها بعض الألفاظ، لا بد أن نتحدث عن أصول الأمازيغ و نسبهم.

01-نسب الأمازيغ:
1.1-التسمية:
إن كلمة "أمازيغ" هي مفرد و جمعها "إمازيغن"، و مؤنثه: "تمازغيت" و جمعها "تِمازغيين". و يحمل هذا اللفظ في اللغة الأمازيغية معنى الإنسان الحر النبيل أو ابن البلد و صـاحب الأرض. والأمـازيغ هم مجموعة من الشعـوب الأهليّـة، كما عبر عنها عبد الرحمن الجيلالي بقوله : "هم مجموع سكان الشمال الأفريقي من حدود واحة سيوة المتاخمة للبلاد المصرية شرقا إلى ساحل البحر المحيط الأطلسي غربا بما فيه جزر الكنري و إلى ضفة وادي النيجر جنوبا"[2]. و هي المنطقة التي كان يطلق عليها الإغريق قديما باسم البربر وهم قبائل كثيرة و شعوب جمة و طوائف متفرقة.

اختلف المؤرخون في أصل تسمية البربر، إلا أنه من الثابت اليوم أنها كلمـة إغريقية أطلقها اليونانيون على مـن لا ينتمي لحضارتهم المميـزة باللغة الإغريقية و الدّيانة اليونـانية. لذلك نجد المؤرخ اليونـاني هيرودوت Hérodote يطلق وصف البربر أو البرابرة على الفرس و المصريين القدامى على الرغم من أنهم أعظم شعوب زمانه. و كذلك أطلق الرومان لفظ البربر على الذين لا ينتمون لمنظومتهم الثقافية و الحضارية الإغريقية/ الرّومانية. و لعل بقاء الشمال الإفريقي خاضعا للنفوذ الروماني إلى غاية الفتح الإسلامي قد يفسر بقاء اسم البربر لصيقا بشعوب المنطقة.

2.1 -لغة الأمازيغ:
الأمازيغيـة لغة شمال أفريقيا حسـب معظم الباحثين، أي أنها إحدى اللغات الأفرو-أسيوية القديمة، و هذه اللغات الخمس هي : "اللغة المصرية القديمة و اللغة الكوشية و اللغة السامية و اللغة الأمازيغية و اللغة التشادية . و هي عائلات لغوية تفرقت عنها كل اللغات و اللهجات، كما عبّر عنها الباحث سالم شاكر"[3].

تنقسم اللغة الأمازيغية على العموم إلى لهجات رئيسة ذكرها عبد الرحمن الجيلالي مفصلة في كتابه: تاريخ الجـزائر العـام، و قد حددها فيما يفوق الثلاثمائة لهجة، تندرج تحت جذمين عظيمين هما مادغيس* و برنس[4] ، إلا أننا نحتاج منها ما كان مختصرا و هذا الذي أحصاه الدكتور جمـيل حمـداوي و أيضا الباحث محند آكلي حدادو، في ما يلي:

اللهجات الزناتية، و اللهجات المصمودية، و اللهجات الصنهاجية ، و يمكن اختزالها في حوالي عشر لهجات كلها تنحدر من اللغة الأم و تختلف فقط في الجانب الصوتي و بعض الجوانب المعجمية، و أهم هذه اللهجات حسب تقسيم جميل حمداوي تتمثل في الآتي [5]:

•  اللهجة التارقية: و هي اللغة الزناتية و يتحدث بها أمازيغ الصحراء الكبرى و تنتشر هذه اللهجة في شمـال كل من مالي و النيجر و جنوب الجزائر و ليبيا و مناطق من تشاد و بوركينافاسو.
 • اللهجة الشلحية: و هي لغة مصمـودة و لمطة و جزولة و تنتشر في الغرب الجزائري و المغرب.
• اللهجة القبائلية: و هي لغة كتامة المنتشرة في مناطق القبائل بالأطلس الساحلي الجزائري.
• اللهجة البربرية: و  يسميها بعض السوسيين ب “تابرابرييت”، و هي لغـة صنهاجـة و تنتشر في تونس و في بعض مناطق شرق الجزائر و بعض المناطق بالمغرب.
• اللهجة الريفية: و هي لغة كَتامة المنتشرة في جبال الريف و الهضاب التي تليها جنوبا وفي شرق المغرب.
•  اللهجة النفوسية: وهي لغة نفوسة و تنتشر في جبال نفوسة بليبيا وشرق – جنوب تونس.
• اللهجة الغدامسية: و هي لغة منطقة غدامس الموجودة بالجنوب الغربي بليبيا مع اللهجة الزواوية و هي لغة واحة زواوة بالقرب من جبال نفوسة بليبيا.
• اللهجة السوسية: و تنتشر في صحراء جنوب غرب مصر.
• اللهجة الشاوية: و تنتشر في جبال الأوراس بشمال شرق الجزائر.
• اللهجة المزابية: و هي اللهجة المنتشرة في وادي مزاب بالجبال الصحراوية الجزائرية.

و من المعلوم أن اللغة الأمازيغية قد اضمحلت في جزر الكناري بسبب الاستعمار الإسباني، رغم اعتزاز أهلها الأصليين " الغوانش  Guanches"  بأمازيغيتهم.

تنتشر اللهجـات الزناتية بشكل واسع في الجزائر و تونس و ليبيا كاللهجة القبائلية، و اللهجة الشاوية، و لهجة بني مزاب، و الشلحية بالجزائر ، و اللهجة النفوسيـة، و اللهجة الغدامسية، و لهجة أوجلة، و لهجة سكنة بليبيا، أما في تونس فيمكن الحديث عن مجمـوعات ساقية و مجورة و سنـد و تامزرات و شنين و دويرات وجربة، و توجد بشكل قليل في المغرب[6].
أما اللهجات المصمودية فتوجد في الغرب الجزائري، لكنها بشكل كبير في المغرب الأقصى، كالأمازيغية ، و الريفية ، و الشلحية بغرب الجزائر و المغرب.
أما اللهجـات الصنهـاجية فتنتشـر هنا و هنـاك في مناطق محددة في المغربين: الأوسط و الأقصى، و في المناطق الجنوبية المحاذية للصحراء كاللهجة التوارقية ببلاد الطـوارق المحاذية للجزائر و مالي و النيجر، و اللهجة السيوية في مصر، و توجد مجموعة زناتة في الغرب الجزائري و الحدود الموريطانية-السينيغالية. كما توجد الأمازيغيـة خارج رقعتها الأصلية، فنجدها بكثرة في "هولندا و فرنسا وبلجيكا و ألمانيا و إسبانيا و جزر الكناري الإسبانية التي يقطنها الغوانش Guanches الذين كانوا يتحدثون بالأمازيغية الكنارية قبل أن يقضي الاستعمار الإسباني على اللغة الأمازيغية فيها. ومازال الغوانش  Guanches يدافعون عن اللغة الأمازيغية و يسعون جادين إلى إحيائها و بعثها مرة أخرى"[7].
هذا، و تتسم هذه اللغة بالوحدة في بناها النحوية و التركيبية و الصرفية، مع وجود اختـلافات دلاليا و معجميا و فونولوجيا. و تنماز كـذلك بمرونة الاشتقـاق، والنحت، و استيعابها لقانوني التركيب المزجي و التمزيغ، و قدرتها على التواصل و النمو و التطور، و تأرجحها بين الشفوية و الكتابة.[8] و تعد اللغة الأمازيغية كذلك من اللغات الحية التي مازالت تستعمل في شمال أفريقيا إلى يومنا هذا، رغم خضوع الأمازيغ لبراثن الاستعمار إلا أنها حافظت على كيانها الذاتي، و مقوماتها اللسانية والثقافية و الحضارية.

مفهوم الترجمة لغة و اصطلاحا                                                                                  
تعتبر الترجمة كمظهر من مظاهر السلوك اللغوي عند الإنسان، بحيث يتم استبدال رموز لغوية في لغة ما برموز لغوية في لغة أخرى، تعتمد على الذوق والاحساس، و تخضع لقواعد احتمالية ومقاييس دقيقة، و لذلك فإن تعريف عملية الترجمة الصحيحة متعددة و متفاوتة، كتعدد وتفاوت الأشخاص الذين اضطلعوا بمهمة مناقشة هذا الموضوع[9].

01-مفهومها لغة:
استعملت الكلمة في اللغة للدلالة على معان: يقال: ترجم الكلام: إذا بيَّنه وأوضحه، ويقال: ترجم كلامه إذا فسره بلسان غيره، وترجم كلام غيره وعنه: نقله من لغة إلى أخرى ومنه التّرجمان، ويقال: تَرجُمان ولك أن تضم التاء لضمة الجيم فتقول: تُرْجُمَان والجمع: تراجم[10]، أما أصل الكلمة كما جاء في لسان العرب: التَرجمان والتُرجمان : المفسر للسان. والترجمان هو الذي يترجم الكلام أي : ينقله من لغة إلى لغة أخرى ، والجمع التراجم [11]، وجاءت الكلمة في معجم تاج العروس: الترجمان: المفسر للسان و قد ترجمه وترجم عنه: إذا فسر كلامه بلسان آخر، وقيل: نقله من لغة إلى أخرى، والفعل يدل على أصالة التاء، و قد صرح أبو حيان بأن وزنه تفعلان، ويؤيده قول ابن قتيبة في أدب الكاتب[12]. وفي الصحاح: يقال قد ترجم كلامه إذا فسره بكلام آخر ومنه الترجمان و جمعه التراجم و يقال: تَرجمان و تُرجمان، والترجمة النقل من لغة لأخرى[13].و  في "المصباح المنير" يقول الفيومي: "وفيه لغات أجودها فتح التاء وضم الجيم، والثانية ضمهما معاً بجعل التاء تابعة للجيم، والثالثة فتحهما بجعل الجيم تابعة للتاء"[14].

02-مفهومها اصطلاحا:
أما اصطلاحا فهي العمل الذي يظهر بنتيجته نص الترجمة بالمعنى الأول، إذ لا يتعامل المترجم مع اللغات كالمنظومات، و إنما يتعامل مع النص، فالتطابق المطلوب للترجمة لا يكون مع المفردات و إنما من حيث الإنتاج الكلامي بالنسبة إلى نص الترجمة كله. كما أن الاختلافات الدلالية بين اللغتين لا يمكن أن يحول دون الترجمة، لأن المترجم يتعامل مع نصين ملموسين، بمساعدة الوسائل اللغوية و الصيغ الصرفية والنحوية التي تنقل بمجموعها المعلومات الدلالية اللازمة للمحافظة على جانب المضمون، فالتطابق الدلالي للنص الأصلي و النص المترجم يكون بين النصين بصورة عامة، و ذلك بنقل معاني نص من النصوص من لغة إلى أخرى، بمراعاة الدقة و الأسلوب حسب طبيعة النص المراد ترجمته[15].يقول الدكتور صفاء خلوصي: "الترجمة فن جميل يعنى بنقل ألفاظ ومعان وأساليب من لغة إلى أخرى، بحيث إن المتكلم باللغة المنقول إليها يتبين النصوص بوضوح، ويشعر بها بقوة كما يتبينها ويشعر بها المتكلم باللغة الأصلية[16].

ترجمات القرآن الكريم:
لقد نالت ترجمات القرآن الكريم حظا كبيرا من الدراسة و التحليل بقدر تزايد ترجمات القرآن الكريم، وقد تناولت ألفاظه ومعانيه الخفية والظاهرة، وبلاغته بيانا وبديعا، ولم تكن هذه الدراسة حكرا على العرب و المسلمين أو على فترة زمنية معينة، بل طالت كثيرا من الأمم واللغات وفي أزمنة مختلفة.و رغم هذا الكم المتزايد من الدراسات إلا أن الاهتمام بترجمات كتاب الله لا يزال هو أيضا متزايد يوما بعد يوم.

إن أول ترجمة للقرآن الكريم بلغة أجنبية كانت في عصر ظهور الإسلام حيث ترجم سلمان الفارسي سورة الفاتحة للفارسية، وترجم جعفر بن أبي طالب بعض الآيات عن النبي عيسى عليه السلام و أمه مريم  للنجاشي ملك الحبشة، كما قيل بأن أحد علماء العراق ترجم قصار سور القرآن الكريم باللغة السندية و هذا بطلب من الراجا مهروق Rajah Mahrook  أمير البنجاب و الكشمير في ولاية عبد الله بن عمر بن عبد العزيز سنة 270ه/883م[17].

وبعد توسع رقعة بلاد الإسلام، كثر الطلب على ترجمة القرآن الكريم، و هرع كل قوم إلى بني جلدتهم ممن كان لهم اطلاع على اللغة العربية يسألون عن ترجمته، و من بين هذه التراجم الأولى في هذا المجال، ترجمة روبرتوس كتينانس Rbertus Ketenensis  إلى اللاتينية سنة 1543م، وترجمة أندريا أريفابيني Andrea Arrivabene  إلى الإيطالية سنة 1547، و ترجمة أندري دو ريير André de Ryer إلى الفرنسية، سنة 1647، وترجمة ألكسندر روس Alexander Ross  إلى الإنجليزية سنة 1648، وترجمة يان هندريك قلازيماكر Jan Hendrik Glazemaker  إلى الهولندية سنة 1657، و ترجمة يوهان لانج Johann Lange  إلى الألمانية سنة 1688، و ترجمة بيوتر فاسيليفيتش بوستينكوف Pioter Vasil’yevich Postnikov . ومن ثَمّ انطلقت ترجمات للقرأن الكريم الواحدة تلو الأخرى و بلغات كثيرة و ولهجات عدة منها: الترجمة الإغريقية سنة 1734، و الترجمة الأردية سنة 1829، والترجمة التركية سنة 1841، والترجمة السويدية سنة 1843، والترجمة العبرية سنة 1857، وترجمة لغة الباتشو ( الإسبانية) سنة 1861، و الترجمة الفارسية سنة 1869، و الترجمة البرتغالية سنة 1882، و الترجمة السنسكريتية سنة 1897، والترجمة التشيكية سنة 1913، والترجمة اليابانية سنة 1920، والترجمة البلغارية سنة 1930، والترجمة الأندونيسية سنة 1935، والترجمة الصينية سنة 1942، والترجمة الكردية سنة 1968، و ترجمة لغة الهوسا سنة 1979. وهكذا تتابعت ترجمات القرآن الكريم تغزو المكتبات السنة تلو الأخرى حتى أصبح عددها 587 ترجمة ب 65 لغة ولهجة[18]. و ترجم المغربي جهادي الحسين الباعمراني معاني القرآن الكريم إلى الأمازيغية سنة 2003، وظهرت في الجزائر ترجمات عدة  باللغة الأمازيغية، فمنها ما كان مكتوبا بالحرف اللاتيني ومنها ما كان مكتوبا بالحرف العربي، ومن بين المترجمين للقرآن الكريم بالأمازيغية في الجزائر نذكر محاولات الشيخ بيوض، والشيخ محمد سعيد كعباش و عبد الرحمن ابن رستم و حاج عمر بن حمو، و كمال نايت زراد و رمضان آث منصور و محند أمزيان بوستة و الشيخ سي حاج محند الطيب سنة 2013، حتى و إن كانت قد سبقتهم ترجمة ابن تومرت للغة الأمازيغية التي كانت منتشرة آنذاك في دولة الموحدين في القرن 12 للميلاد .

والملاحظ في كل ما ذكرناه كثرة عدد ترجمات القرآن الكريم، وما كان ذلك إلا لشدة اهتمام المسلمين وغير المسلمين من العرب و من غيرهم بكتاب الله، بغرض فهم معانيه المختلفة و نقلها إلى لغات أخرى، وتمكين غير الناطقين باللغة العربية بفهمه و التدبر في معانيه، بأن جعلوه في متناول الأيدي و بلغتهم الأصلية التي نشأوا عليها.

الترجمة الأمازيغية للقرآن الكريم:
كان أجدادنا الأمازيغ في بداية عهدهم بالإسلام في حاجة ماسة إلى ترجمة قيم هذا الدين الجديد، ولا شك أن هذه المهمة الحضارية الكبرى قد تمت بطريقتين: المشافهة والكتابة. غير أن الكثير من هذه الأعمال أكلها التاريخ وضاعت في دهاليز النسيان، إذ لم تحفظ لنا تضاعيف الكتب إلا النزر اليسير منها. ويسود الاعتقاد في أوساط المؤرخين والباحثين أن التأليف باللغة الأمازيغية قد عرف قفزة هامة في عهد الدولة الموحدية (القرن 12م) خاصة على يد مؤسسها ابن تومرت الذي وضع كتابه «العقيدة» بالأمازيغية والعربية، وترجم القرآن إلى الأمازيغية، وقد أكد ذلك الدكتور يحيى هويدي في كتابة الموسوم« تاريخ فلسفة الإسلام في القارة الإفريقية» (الجزء الأول الصفحة 228 الطبعة 1966 مكتبة النهضة المصرية)، ليتسع مجال التأليف بالأمازيغية إلى المجالات الدينية والدنيوية كالعقائد وتفسير القرآن والحديث النبوي والفقه والعبادات والمعاملات والتصوف والوعظ والإرشاد والسيرة النبوية وعلوم القرآن والتاريخ والجغرافيا والرحلات والطب والصيدلة والفلك والتوقيت والفلاحة، مثلما أكد الأستاذ محمد حمام في كتابة الموسوم «المخطوط الأمازيغي وأهميته ومجالاته» الصادر عن المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بالرباط سنة 2004[19].

 

01-صعوبة ترجمة القرآن الكريم:
إن موضوع ترجمة القرآن الكريم موضوع شائك، وقد تطاحنت من أجله الآراء في ساحة الفكر والإفتاء وبين عموم المثقفين، فراح علماء الدين و أصحاب المذاهب الدينية والمخَوَّل لهم بالافتاء في المجالس الإسلامية و المثقفون في مجالات اللغة والدين، يدلون بآرائهم في الموضوع، كل واحد منهم يستجمع أدلته وبراهينه حتى يُقنع الطرف الآخر، فمنهم من يرى أن ترجمة القرآن مستحيلة ومتعذرة بكافة لغات الكون لأنها لا تستوفي كل المعاني المقصودة من الأيات، وكل المحاولات إنما هي محاولة عقيمة لا نفع من ورائها، ومنهم من يرى أنها هادفة وذلك لتمكين ذوي اللسان المختلف من فهم الدين وكلام الله وآياته بواسطة هذه الترجمات. غير أن ترجمة القرآن ليست بالمهمة اليسيرة، فهي تتطلب تضافر جهود أطراف عديدة من علماء التفسير والفقه واللغة والأدب والتاريخ، لأن العبرة في روح النص وليس في حرفيته.

و سنستعرض ترجمتين مختلفتين للقرآن الكريم باللغة الأمازيغية، و تناولهما لبعض الآيات و بعض أسماء السور و ترجمة سورة الفاتحة.

02-نماذج من الترجمة المغربية والترجمة الجزائرية للقرآن الكريم بالأمازيغية:
 ظهرت الترجمة الأمازيغية المغربية لصاحبها الشيخ الجهادي الحسين الباعمراني، عضو الجمعية المغربية للبحث والتبادل المعرفي، و المتخصص في علم التاريخ  سنة 2003، سماها بترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الأمازيغية، وقد ذكر أهم الطرق التي اعتمدها في ترجمته للقرآن الكريم في قوله: " اعتمدت في هذا العمل رواية ورش عن نافع، مستعينا بطريقة الترجمات من بعض اللغات، ومركزا على التفاسير المشهورة وعلى أمهات مراجع اللغة العربية، مع الاعتماد على تفسير القرآن بالقرآن وبالأحاديث الصحيحة وبقول الصحابي"[20]. ويقول أيضا: "حقيقة لقد استغرق إنجاز هذا العمل 12 سنة قبل أن يخرج إلى الوجود، والمسألة ترجع إلى أن القرآن يتكون من 60 حزبا و114 سورة، وقراءته وفهمه ومقارنة النسخ المترجمة باللغات الأخرى وبتفاسير متعددة.. يتطلب مجهودا ضخما ويقتضي زمنا أكبر. هذا من جهة، ومن جهة أخرى، فهناك المراجع العربية التي لابد من الرجوع إليها وأيضا المراجع الأمازيغية، وهذه المسألة تتطلب هي الأخرى وقتا هاما نظرا لكثرة المراجع والتي هي أكثر من 70 مرجعا. وهذا العمل هو اجتهاد فردي"[21].

أما الترجمة الأمازيغية الجزائرية لصاحبها سي حاج محند الطيب، ابن منطقة تيزي وزو الذي جاوز سنه الثمانين، والذي أفنى من عمره أكثر من خمس سنوات في الترجمة وقرابة الثلاث سنوات في التصحيح، رغم أنه كان قد حفظ القرآن الكريم في صغره باللغة العربية، ولم يكن يدرك معانيه، وهو الذي قرر منذ أن بلغ تقاعده من التعليم منذ خمس عشرة سنة على أن يعيش للقرآن الكريم ولأهالي منطقته الذين لا يفهمون كتاب الله، قد ظهرت سنة 2013 تحت عنوان: القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الأمازيغية { اللهجة القبائلية}/ لُقْران العظيم ذُتَرْجَمْ الَّمْعَايْنِيسْ غاللغة اتْمَازيغث {استقپايليثْ}، وقد تحدث هو الآخر عن أسباب ترجمته للقرآن الكريم في قوله: "نشأت في بيئة لا تتحدث سوى القبائلية وحدها،وهذا ما سمح لي بالإلمام بها إلماما كافيا أو يكاد، وقد ختمت القرآن الكريم، و أعدت 18 حزبا و أنا في القرية لا أعرف ولا كلمة واحدة من العربية و لو بالعامية (...) أما قيمة الترجمة فلا أدعي أنها عمل كامل، و لكن ما يمكن أن أدعيه، أنني قد استنفدت كل قدراتي و إمكانياتي، فكنت أقرأ مجموعة من الآيات أو السورة إن كانت قصيرة، بكل تمعن، ثم أحدد الكلمات الصعبة، ثم ألجأ إلى التفاسير لفهمها، ثم أطلع على أربعة تفاسير على الأقل، للاطلاع على أكبر قدر ممكن من آراء المفسرين"[22].

ومن خصائصهما أنهما اختارا الحرف العربي لهذه الترجمة بدلا مما هو شائع في كتابة الأمازيغية بالحرف اللاتيني.

01-خصائص اللغة الأمازيغية:
يقتضي تناول البنية اللسانية للغة الأمازيغية، النظر إليها من مختلف مكوناتها الصوتية، و الصرفية، و المعجمية، و النحوية، و الدلالية. و سنقتصر هنا على بعضها فقط، لأن بحثا مثل هذا يضيق لمثل هذه الدراسة الواسعة.
إن الأمـازيغية هي لغة موحدة في بلاد المغرب العربي الكبير رغم الاختلاف السطحي بين لهجـاتها، "فبنيتـها و عناصرها و أشكالها الصرفية تتسم بالوحدة، إلى درجة أنك إذا كنت تعرف حق المعرفة لهجة واحدة منها استطعت في ظرف أسابيع أن تتعلم أي لهجة أخرى"[23] .
بالمقارنة بين مختلف اللهجات الأمازيغية حدد العديد من الباحثين[24] النسق الصوتي الأساسي للأمازيغية في ثلاث أصوات ( الالف،الواو،الياء) و هي الفتحة و الضمة و الكسرة، و باقي الحروف عبارة عن صوامت[25]. إلا أن مجموعة من التغيرات الصوتية تطرأ على الصوامت حيث تتغير صفاتها عند النطق، و ذلك ِوفق اختلاف اللهجات، وهو ما كان بكثرة بين لهجة المغرب الأوسط و اللهجة القبائلية، بالرغم من أنهما تتفقان في عدة أمور، و سنبرز هذه التغيرات حسب طبيعتها كما يلي:

-    الاحتكاكية : La spirantisation
و هي مجموعة من الأصوات التي تبدو انسدادية في لهجات معينة و خاصة في لهجات الغرب و الجنوب، و هذه الأصوات هي (g ب،د،ت،ك ) تصير رخوة عند النطق بها في اللهجات الشمالية و تنطق على التوالي ( v،د،ت،ك،g)[26].

-    التفخيم: L’emphatisation
 و هي مجموعة من الأصوات الجُهورية[27]، أي أن هذه الأصوات يكون نطقها مفخما، و هذه الأصوات هي : د،ر،س،ت،ز ، و هي فونيمات مشتركة في أغلب اللهجات الأمازيغية.

–  التشفيه: La labiovélarisation
و هي مجموعة من الأصوات الشفوية اللهوية، أي أن هذه الأصوات تنطق بضم ساكن بإضافة حرف واو  إلى الباء و هو حرف شفوي، كما تضاف أيضا إلى الحروف G.. ق،ك،  وهي حروف حنكية، و تواجد هذه الاصوات الشفوية اللهوية يكون بكثرة في اللهجة القبائلية[28].

- النسق المورفولوجي و الصرفي:
ينقسم الكلام الأمازيغي إلى أربعة أصناف أساسية، و هي الأسماء و الضمائر والأفعال و الحـروف، و كلها تنـحدر من جـذر أحادي، ثنـائي، ثـلاثي، ربـاعي  و خماسي، وسنـوضح فيما يلي باختصار أهـم سمات هذه المكـونات المورفولـوجـية، نستهلها:

-الاسم:
و يُشتق من جذر أحادي، أو ثنائي، أو ثلاثي، أو رباعي، أوخماسي، و ينقسم في جنسه إلى مذكر و مؤنث، و في عدده إلى مفرد و مثنى و جمع ، و في وضعيته يكون مفردا أو مُصَرَّفاً في جملة.

-الفعل:
يكون الفعل في اللغة الأمازيغية من حيث صوامته و أوزانه  أحاديا أو ثنائيا أو ثلاثيا أو رباعيا، و يشتمل دائما، مهما كان نوعه، على الجذر و الضمير المتصل الذي يدل على الفاعل، و هذا الضمير يمكن أن يكون في أول الفعل أو في آخره، ثم علامة تصريف أخرى تبين زمن القيام بالفعل، و هذه العلامات تكون ملازمة للفعل دائما إذ لا تظهر مستقلة.

-العدد:
يكون الاسم في اللغـة الأمازيغية إما مفردا أو جمعا، و نـادرا ما يوجـد المثنى، و لصياغة الجمع من الاسم المفرد، يتم تعويض الصائت الأول( الالف،الواو،الياء) بالنسبة للمذكـر بصائت آخر ( الالف،الواو،الياء) من نفس الجنس، و تلحق علامة الجمع بالمفـرد في آخـره، و هذه العلامة مكونة غالبا من صائت أخرس وهو الواو و الصامت النون ، و نادرا تكون بحرف الألف  و الصامت النون .

- حروف المعاني  Les fonctionnels  
تحتوي اللغة الأمازيغية على كم هائل ومتنوع من حروف المعاني، التي تقوم بالتنسيق بين مكونات الجملة، و يمكن تقسيمها إلى قسمين: أحدهما يشتمل على حرف واحد و الآخر يتكون من حرفين أو أكثر،  و للعلم، فإنه قد يرد للحرف عدة معانٍ، و يؤدي أكثر من وظيفة.

- الظروف    Les adverbes
إن الظروف في اللغة الأمازيغية يصعب تحديدها بدقة مما يجعلنا نحتار في كيفية تصنيفها، و يحصل عادة أن تختلط مع حروف المعاني. و الملاحظ أن مختلف أصناف الظروف لا تشترك، فيما بينها، في علامات مورفولوجية، و تتنوع عادة فيما يخص مدلولاتها، و هي تأخذ شكل حروف المعاني، و نسق الاسم بمكوناته، على المستوى المورفولوجي، و لهذا لا يمكننا الاعتماد في تصنيفها على هذا المستوى، و إنما ستصنف على مستوى الدلالة، و تمنح الظروف مزيدا من الدقة للفعل أو المعنى المعبر عنهما، من الفعل أو الاسم أو الصـفة أو الجملة أو حتى الظـرف نفسه[29]، و ينقـسم إلى قسمين هما: ظروف المكان، و ظروف الزمان.
و قبل أن نختم هذا الجانب اللساني للكلام في اللغة الأمازيغية، يجدر بنا أن نتحدث على أهم خاصية من حيث النطق، و هي خاصية الإبدال، أو التحولات الصوتية التي تَطال بعض اللهجات رغم أن أصل الكلمة مشترك في جميع لهجات اللغة الأمازيغية.
هذه التغيرات قد تكون بين لهجات اللغة الأمازيغية، كالقبائلية والشلحية و الشاوية والمزابية و غيرها من اللهجات المتواجدة في المغرب الكبير، كما يمكن أن تكون في اللهجة الواحدة كما هو الشأن في اللهجة الشلحية التي تختلف تأديتها من مجتمع لآخر في المنطقة الواحدة.[30].

02-نماذج تطبيقية:

و إذا جئنا للحديث عن ترجمة الشيخين، فإنه من باب الاعتراف بالفضل لأولي الفضل، أن نثني على مجهودهما الجبار كمحاولة منهما لإيصال معاني السور و كلام الله إلى الفئة التي لا تتحدث باللغة العربية، ولا تتقنها، كما هو معروف في قرى ومداشر المناطق الأمازيغية ، فعملهما ثقافي ومعرفي وديني يضاف إلى صرح الثقافة الأمازيغية في المغرب الكبير. "وإذا كان الله تعالى قد أرسل رسالة الإسلام للعالمين كافة ، فإنه من الطبيعي أن يسعى البشر الذين خُلقوا شعوبا و قبائل ليتعارفوا، إلى ترجمة معاني القرآن الكريم إلى كل لغات العالم لنشر هذا الدين الحنيف و معرفة الإسلام والنفاذ إلى جوهر قيمه السّمحة، خاصة إذا علمنا أن الله قد جعل تعدد الألسن و اللون آية من آياته التي يجب على الإنسان أن يتمعن فيها بالعقل والبصيرة"[31].

والحق يقال، فهذا  الانجاز هو نصر للإسلام وذخر لبلاد المغرب الكبير، فالشيخان ترجما معاني آيات كتاب الله  عز و جلّ باللسان الأمازيغي، وهذا الذي ترجمه محند طيب، ماهو إلا تفسير باللهجة القبائلية السائدة في بلاد القبائل ، وهي لهجة تختلف من منطقة لأخرى في بلاد القبائل الكبرى والصغرى، فاعتمد فيها على ترجمة المعاني الواردة في القرآن الكريم تارة بالقبائلية و تارة بألفاظ معربة في أغلبها، وعلى نفس المنحى كانت ترجمة الشيخ الباعمراني، وهي ترجمة تشتمل على ألفاظ أمازيغية بلهجة سوسية يتحدث بها سكان المغرب الأوسط ، و تختلف أمازيغيتها عن باقي اللهجات المتواجدة في المغرب عموما، وهي تتفق في بعض ألفاظها إلى حد بعيد مع لهجة بني مزاب و الأوراس في الجزائر مع بعض التعريب أحيانا لبعض الكلمات، و استعماله لبعض الألفاظ القديمة والغريبة حاليا عن اللهجة السوسية المتداولة.

فمثلا إذا نظرنا إلى كلمة سورة، فإن الشيخ الباعمراني أوردها بكلمة تاكطّومت وهي بلهجة المغرب الأوسط، ومعناها سويقة طويلة أو فرع[32]، و بما أن السّور من أقسام القرآن الكريم، فسمى كلمة سورة بهذا الاسم، بينما استقى الشيخ محند طيب الكلمة من العربية لتأخذ اسم ثسورتس.

و ترجم الشيخ الباعمراني البسملة بالجملة التالية: سوساغ ن ربي أمالاّي أمسمولّو، كما ترجمها الشيخ محند الطيب بجملة: أسيسم أ رّب ذحنين يتشور ذالحانّا، وسنوضح ذلك في الجدول أدناه:
البسملة
ترجمة لهجة المغرب الأوسط   
الترجمة القبائلية
بسم   
سوساغ   
أسيسم
الله   
ن ربي   
أ رّب
الرحمن   
أمالاّي   
ذ حنين
الرحيم
أمسمولّو
يتشور ذ الحانّا

  من خلال الجدول نلاحظ استعمالهما لكلمات تؤدي معنى البسملة من حيث ذكر اسم الجلالة مقرونا بصفتي الرحمة والحنان، خاصة في الترجمة القبائلية، في حين أن ترجمة المغرب الأوسط غريبة نوعا ما عن أمازيغية المغرب الكبير، مع أن المجتمعات الأمازيغية حاليا تذكر البسملة على صورتها الأصلية.
ففي معنى الترجمة المغربية، ذكر محمد شفيق في قاموسه: المعجم العربي الأمازيغي معنى كلمة أملاّي بالشرح التالي: رحوم، رحيم، رحمان، راحم، وجمعها: إمَالاّيَنْ.
و كلمة أمسمّولّو فمعناها: الرحيم، الرحمن، الرحوم، الراحم، وجمعها: إمَسْمُولُّوتَنْ[33]، وهو نفس معنى لفظة: أمالاّي.
أما كلمة أسَّاغْ، فقد ذكرها مولود معمري في قاموسه المشهور أموّال، بمعنى صلة أو علاقة[34]. و بإضافة حرف المعية بِـ ( سْ ) فتُبتَدأ البسملة ب: سْ وسّاغْ ، والمعنى : بصلة الله أو بعلاقة الله.
و قد ذكر كمال نايت زرّاد مفهوما يشبه إلى حد ما، المفهوم المغربي في ترجمة لفظة أملاّيْ المذكورة في البسملة بالترجمة المغربية ، حيث ترجمها بقوله: سْيِيسَمْ أَنْ يَكُوشْ أمَالّايْ أَمْنَهَاغْ، فمعنى اسم يكوشْ: المُعطي، وقد استمد المصطلح من بني مزاب، وهو أقدم اسم جلالة ذُكر عند المؤرخين، أمثال ابن خلدون في مقدمته و أبو عبيد البكري في كتابه المسالك والممالك[35].
و فسر كلمة أملاّيْ بالرحيم، ونجد نفس اللفظة مذكورة في اللهجة التارقية وبنفس المعنى، مفردها: تَمالاَّ، و جمعها: تِيمَلِّيوِينْ[36].
أما كلمة أَمْنَهَاغْ، فهي مأخوذة من  تِينَهَاغِينْ، ومعناها: العفو عن الأخطاء[37].
و إذا جئنا لمعنى كلمة الفاتحة، فقد أوردها الباعمراني بترجمة تَسَادُوفْتْ، التي يعني بها المدخل إلى القرآن الكريم، في حين ترجمها الشيخ محند الطيب بكلمة الحَمْدُ، وهي كلمة معربة، في حين كان بإمكانه ترجمتها لكلمة ثَالْدَايْثْ أو ثُولْيَا كما فعل قبله كمال نايت زرّاد و رمضان آث منصور.
و أثناء تصفحنا لأسماء سور القرآن الكريم، وجدنا أن البعض منها بقي على حاله، بينما تُرجمت بعض أسماء السور لمعانٍ مختلفة، وسنستعرض بعض أسماء السور في كلا الترجمتين في هذا الجدول:

اسم السورة
الترجمة بلهجة المغرب الأوسط   
الترجمة باللهجة القبائلية
سورة الفاتحة
تاكطومت ن تسادوفت   
ثسورتس (الحمد)

سورة البقرة
تاكطومت ن تفوناست   
ثسورتس (ثفناسث)

سورة آل عمران
تاكطومت ن آيت عيمران
ثسورتس (آث عَمْران)

سورة النساء
تاكطومت ن تمغارين
تسورتس ( ثلاوين)

سورة المائدة   
تاكطومت ن تادابوت   
ثسورتس ( المايذه)

سورة الأنعام
تاكطومت ن تايوالين
ثسورتس (الماشيه/المال)

سورة يونس
تاكطومت ن يونس   
ثسورتس ( يونس)

سورة هود
تاكطومت ن هود   
ثسورتس( هود)

سورة يوسف
تاكطومت ن يوسوف
تسورتس( يوسف)

سورة الحج
تاكطومت ن لحيج
تسورتس (الحيج)

سورة محمد
تاكطومت ن محمد
ثسورتس (محمّذ)

سورة نوح   
تاكطومت ن نوح   
ثسورتس (نوح)

-       نلاحظ من خلال هذا الجدول اعتماد الشيخين الترجمة الحرفية و الترجمة المعنوية والدلالية، و أحيانا الشرح و التفسير لما استصعب ايجاد الترجمة له، مع احتفاظهما بأسماء السور التي تحمل أسماء الأنبياء و إبقائها على حالها.
-       نلاحظ أن ترجمة أسماء السور للأمازيغية أفقدها قداستها و شُحنتها الدلالية لتتحول بذلك إلى شيئ عادي كباقي الأشياء الأخرى.
-       كما نلاحظ أيضا إضافة حرف النون كأداة إضافة عند الترجمة بلهجة المغرب الأوسط، و استقائهما لبعض الترجمة من العربية خصوصا في الترجمة باللهجة القبائلية.

-       بعض الألفاظ المستعملة في ترجمة لهجة المغرب الاوسط غريبة عن الأمازيغية، فكما ذكرتُ سابقا _ و قد اعتمدت على مرجع لباحث مغربي في تقسيم اللهجات المغربية الأمازيغية_  والتي تكاد تكون تشبه اللهجات الأمازيغية في الجزائر و تونس وليبيا و موريطانيا وبعض القبائل في مصر، ومن أهم اللهجات نجد اللهجة السوسية التي تسمى" تشلحيت"، و اللهجة الزيانية التي أطلق عليها البعض هو " تمزيغت"، واللهجة الريفية.
-       نلاحظ أن أي ترجمة أخرى لمعاني القرآن الكريم هي صياغة بشرية مُعرّضة للنقص مهما حرصوا على الإجادة.
أما من ناحية تناولهما لبعض الآيات، فسنورد البعض منها و ترجمتهما، وهذا في الجدول أدناه:

الآية
السورة   
الترجمة بلهجة المغرب الأوسط
الترجمة باللهجة القبائلية

الم/حم/طه/الر/ق/ص/كهيعص/
جملة تكون بعد بداية السور التي تبتدئ بالحروف المقطعة   
ربّي كاد يسّنّ ماد سرس يواتس   
لا توجد أية إضافة في الترجمة القبائلية
فحسبه جهنم
   
البقرة/204
هانّ يكدات ورواسّ
بَرْكَيَاسْ جهنّما
الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ

الأنعام/01   
أمويْ ئي ربي لي يسكرن يكنوان د واكال   
أنحمذ رب (أثنشكر) يَخْلَقْن اجَنْوَان ذا القعا
أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم
   
البقرة/187
هان يعدل أون آد تّناولم تيمغارين نّون   
احَلاَّوَنْ اتسقربم ذقّيظ غثلاوين انون

من خلال الجدول نلاحظ أن المترجمين استعملا في ترجمتهما تفسيرا بالشرح لإيصال معاني الآيات، معتمدين على تفاسير القرآن الكريم، و هذا للإحاطة بمعنى كل سورة أو آية أوحادثة أو قصة، فأحيانا تكون الترجمة معنوية فقط وهذا ما نلاحظه في ترجمة هذه الآية مثلا عند الباعمراني: أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم، فقد أوردها كالتالي: هان يعدل أون آد تّناولم تيمغارين نّون، ولفظ يعدل أون بلهجة المغرب الأوسط تعني: يستحسن لكم أو يُستحب لكم، مع أن الآية لا تفيد إلا الإباحة. وكذلك هو الشأن بالنسبة للسور التي بُدئت بالأحرف المقطعة، مثل: ألم/ ألر/ طه/ حم، حيث نجد بعدها عبارة: “ربّي كاد يسّنّ ماد سرس يواتس” والترجمة: “ربي وحده يعلم معناه”. وهذه العبارة غير واردة في النص القرآني، ولا في الترجمة القبائلية ،ولكن الباعمراني أوردها لتقريب المعنى[38] ، كما أنه أغفل كتابة النص القرآني الأصلي قبل أو بعد النص المُتَرْجَم، عكس الشيخ محند طيب الذي أردف كل صفحة من النص القرآني بالترجمة القبائلية.

أما ترجمة الشيخ محند الطيب فهي تكاد تكون معربة في بعض ألفاظها، فهذا ما رأيناه مثلا في الكلمات: جهنّما ، يخلقن، احَلاَّون.

ونختم هذا التحليل التطبيقي المقارب بين الترجمتين بعرض سورة الفاتحة عند المترجمين، وهذا في الجدول أدناه:

سورة الفاتحة في الترجمة الأمازيغية

الايات
   
الترجمة بلهجة المغرب الأوسط   
الترجمة باللهجة القبائلية
الحمد لله رب العالمين
أموي ئ ربي لي مو تولغيت تي نس،ربي ن يغروارن، كراكان غ تمزواروت ؤلا غ تمكاروت
أنحمذ رب (أثنشكر) أ ذنتسّا اذباب اتخلقيث

الرحمن الرحيم
أملاي امسمولو
ذ حنين يتثور ذ الحانا

مالك يوم الدين
أكليد ن واس ن وفرا،أس ن وسحسو، كرا يكات يان د ماد يسكر
يوم الحق نتسا اذ بابس

إياك نعبد و إياك نستعين
هان كييي كاس نسومد، د كاد نمتر
اذكتش كان ارنعبذ، اذكتش كان اذا معاون

اهدنا الصراط المستقيم
سمون اغ، تملت اغ، اغاراس يوغدن
املاغ ابريذ ا صوبن

صراط الذين أنعمت عليهم   
أغارس ن غويلي تسنوفات   
ابريذ ابويذ فثنعمظ
غير المغضوب عليهم ولا الضالين
ورد ايت تيوري، ؤلا يموضار   
ماشي اذوذاك كسرفان، نغو ذ معرقن ابرذان

نلاحظ من خلال هذا الجدول، اعتماد المترجم المغربي اللهجة السوسية في ترجمته وتفسيره للنص القرآني، مستعملا الشرح بكثرة من أجل ايصال فكرة ومعنى الآيات، بينما اكتفى محند الطيب بترجمة بسيطة سهلة مفهومة لمعنى سورة الفاتحة.

خاتمة:
وفي الأخير، يمكننا القول أن ترجمة النص القرآني للأمازيغية كانت ترجمة حرفية مباشرة في أغلب النصوص، تحاول الوصول إلى الهدف المنشود، في إيصال معاني السور و الآيات لغير الناطقين باللغة العربية، وهي محاولات بمجهودات فردية بذلها الشيخان من أجل خدمة الإسلام والمسلمين في المجتمع الأمازيغي .

وما لمسَه القارئ بلا شك من غُموض في بعض التّرجمة، أو تردد في استقامة الأسلوب في بعض المواضع، فهو لا يعود إلى القدرة التعبيرية للغة العربية بحد ذاتها، بل يرجع إلى حدود قدرة المُتَرْجِمَين التّعبيرية أحيانا، نظـرا لشفوية اللغة الأمازيغية، و صعوبة تراكيبها ، فجاءت الترجمة أحيانا حرفية، و حينا آخر معنوية تقريبيّة، لتعسُّر فهم هذه العبارات إلا في سياق الكلام، إضافة إلى هذا توَاجد بعض الألفاظ الأمازيغية التي لا مُرادف لها في اللغة العـربية، مما صَعَّبَ عليهما الأمر، فاعتمدا فـي بعض التـرجمات مصطلحات مُغـايرة، شعرا أنها قد تفي بالغرض و لو نِسْبيًا.

[1]  منصور الهاجري، تاريخ من الكلمات التراثية و الأمثال الشعبية، مقال على مجلة الأنباء الإلكترونية، الكويت، 22 ديسمبر 2007، بتصرف.
[2]  عبد الرحمن الجيلالي، تاريخ الجزائر العام، شركة دار الأمة، الجزء الأول، الجزائر، 2009، ص 65.
[3] Salem chaker, Manuel de linguistique bèrbère, tome 2, syntaxe et diachronie. ENAG-Editions, Alger, 1996, pp 07-09.
  مادغيس  و برنس هما من  أبناء مازيغ بن حام بن نوح عليه السلام.*
[4]  عبد الرحمن الجيلالي، تاريخ الجزائر العام، ص 74
[5] جميل حمداوي، الحضارة الأمازيغية، ص 107-113.
[6] جميل حمداوي، الحضارة الأمازيغية، ص 107 -113 بتصرف.
[7] المرجع نفسه، ص 112 بتصرف.
[8] جميل حمداوي، الأمازيغية باعتبارها لغـــة الأم، مقال بجريدة المنعطف، الملحق الأمازيغي، المغرب، العدد 3243 ، ص 06.
 عبد الودود محمد العلي، مفهوم الترجمة، مجلة المترجم، العدد الأول، 1987، ص 65.[9]
[10] مقال  محمد حمادي الفقير التلسماني، تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قِبل المستشرقين ودوافعها وخطرها، بتاريخ: 26/03/2017 ، على الموقع:
 http://www.madinacenter.com/post.php?DataID=54&RPID=52&LID=5
 ابن منظور، لسان العرب[11]
 محمد مرتضى الزبيدي، تاج العروس[12]
 الجوهري، الصحاح في اللغة، دار الحضارة العربية، بيروت، 1975.[13]
[14] مقال: محمد حمادي الفقير التمسماني، تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قِبل المستشرقين ودوافعها وخطرها .
 ابراهيم بدوي الجلاني، علم التراجم و فضل العربية على اللغات، مكتبة العربي للمعارف، ص 63.[15]
[16] مقال  محمد حمادي الفقير التلسماني، تاريخ حركة ترجمة معاني القرآن الكريم من قِبل المستشرقين ودوافعها وخطرها .
[17]  The Qur'an and its Translators ; By 'Ali Qull Qara'i. page 05/ 06
 07/10/2007/ 03:27:42 AM  http://www.quran.org.uk/ieb_quran_translators.htm
[18]The Qur'an and its Translators ; By 'Ali Qull Qara'i. page 05/ 06. http://www.quran.org.uk/ieb_quran_translators.htm
  محمد أرزقي فراد، ثاموغلي: قراءة في ترجمة القرآن إلى الأمازيغية، مقال منشور في الشروق اليومي.[19]
  https://moslimamazighi.wordpress.com/2007/09/04 مقال: ترجمة معاني القرآن الكريم  [20]
[21] مصطفى عنترة، جهادي الحسين الباعمراني، صاحب -ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الأمازيغية- يتحدث عن قصة مؤلفه، الحوار المتمدن-العدد: 802 - 2004 / 4 / 12 - 09:47
 كلمة المترجم في كتابه: القرآن الكريم وترجمة معانيه إلى اللغة الأمازيغية { اللهجة القبائلية}.[22]
[23] Chaker, Salem. Manuel de linguistique berbère, II Syntaxe et diachronie, ENAG-Éditions, Alger, 1996.pp 08
[24]  من الباحثين الذين كتبوا في النسق الصوتي الأساسي للهجات الأمازيغية، نذكر:
BOULIFA, Si Amar Ou-Saïd. Une première année de langue kabyle (dialecte zouaoua), Adolphe Jourdan, Alger, 1897. BOULIFA, Si Amar Ou-Saïd. Méthode de langue kabyle (cours de deuxième année): Étude linguistique, sociologique sur la Kabylie du Djurdjura; Textes zouaoua suivi d'un GLOSSAIRE, Adolphe Jourdan, Alger, 1913.BROSSELARD, Charles; Sidi Ahmed BEN EL-HADJ ALI. Dictionnaire français-berbère: Dialecte écrit et parlé par les Kabaïles de la division d'Alger, Imprimerie Royale, Paris, 1844.DALLET, Jean-Marie. Dictionnaire kabyle-français: Parler des Aït Menguellet, SELAF, Paris, 1982.DALLET, Jean-Marie. Dictionnaire  français-kabyle, SELAF, Paris, 1985.DALLET, Jean-Marie. Le verbe kabyle: Parler des Aït Menguellet (Ouaghzen-Taourirt), Tome I: Formes simple, Fichier de Documentation Berbère, Fort-National, Alger, 1953.DELHEURE, Jean. Aǧraw n yiwalen tumẓabt t-tfransist: Dictionnaire Mozabite-Français, SELAF, Paris, 1984.DE VINCENNES, Louis; DALLET, Jean-Marie. Initiation à la langue berbère (Kabylie), Préface de Monsieur André PICARD, premier volume: Grammaire, second volume: Exercices, Fichier de Documentation Berbère Fort-National (Grande Kabylie), 1960. HADDADOU, Mohand Akli. Guide de la culture berbère, Inna-yas, Alger/Paris Méditerranée, Paris, 2001.HADDADOU, Mohand Akli. Le vocabulaire berbère commun suivi d’un glossaire des racines berbères communes, thèse de doctorat d’Etat de linguistique, 2 tomes, Département de langue et culture amazighes, Université de Tizi-Ouzou, 2003, 800 p.HADDADOU, Mohand Akli. Dictionnaire des racines berbères communes, Haut Commissariat à l'Amazighité, Alger, 2006/2007.HADDADOU, Mohand Akli. Précis de lexicologie amazighe, ENAG Éditions, Alger, 2011.HADDADOU, Mohand Akli. Dictionnaire de Tamazight, parlers de Kabylie, Kabyle-Français avec un index français-kabyle, BERTI Editions, 2014, 1058 p.HUYGHE, Le P. G. Dictionnaire français-kabyle (Qamus rumi-qbayli), Éditions. L. Godenne, Paris, 1902-1903.NOUH, Abdellah. Amawal n Teqbaylit d Tumẓabt: Glossaire du vocabulaire commun au Kabyle et au Mozabite, Haut Commissariat à l'Amazighité, Alger, 2006/2007.SERHOUAL, Mohamed. Dictionnaire Tarifit-Français, thèse de doctorat d’État, Université Abdelmalek Saâdi-Faculté de Lettres et des Sciences Humaines, Tetouan, 2001-2002.TAÏFI, Miloud. Dictionnaire tamazight-français, L'Harmattan-Awal, 1991, 880.
[25] Haddadou, Mohand Akli. Guide de la culture berbère, Inna-yas, Alger/Paris Méditerranée, Paris, 2001 ; p 38                  
[26] René Basset ; Manuel de lanngue kabyle ; leclerc ; paris 1987.pp 03-09
[27] Kamal Naït Zerrad, Tajeɣumt n tmaziɣt tamirant (taqbaylit); Grammaire du berbère contemporain (kabyle): I Talɣiwin: Morphologie, ENAG Éditions, Alger, 1995.p 95.
[28] De Vincennes, Louis; Dallet, Jean-Marie. Initiation à la langue berbère (Kabylie), Préface de Monsieur André Picard, premier volume: Grammaire, second volume: Exercices, Fichier de Documentation Berbère Fort-National (Grande Kabylie), 1960.p 85.
[29] Louis DeVincennes; Dallet, Jean-Marie. Initiation à la langue berbère (Kabylie). P 102-110.
[30]  Mercier Gustave ; Chaouia de l’aurès.dialecte de l’ahmer-kheddou. étude grammaticale. textes en dialecte chaouia. éd.arnest leroux.paris.france.1896.pp 44-45
محمد أرزقي فراد، ثاموغلي: قراءة في ترجمة القرآن إلى الأمازيغية، مقال منشور في الشروق اليومي، بتصرف. [31]
[32] Mohand  Akli Haddadou ;Dictionnaire des racines berbères communes ; Haut commissariat à l’Amazighité ;2006/2007 ; racine GDM ; numéro 238 ;p 69.
 محمد شفيق، المعجم العربي الأمازيغي، الجزء الأول، سلسلة معاجم أكاديمية المملكة المغربية، ص 461.[33]
 [34] Mouloud mammeri, Amawal n tmaziyt tatrart, p 57/84.
[35]  Kamel nait zerrad , lexique religieux berberes et néologie ; un essai de traduction partielle du Coran, INALCO, 1996,Paris, p 65.
[36] Jhon marie Cortade et Mouloud Mammeri, Lexique Français- Touareg, Dialecte de l’Ahaggar, CRAPE, Alger, 1967,p 238.
[37] Charles de Foucauld, Dictionnaire Touareg- Français, imprimerie nationale de France ;1952,  p 669.
 https://moslimamazighi.wordpress.com/2007/09/04/  [38]

د.فيروز بن رمضان
جامعة المدية
الجزائر