العـولـمة: مصـادرة الخصـوصـيات* - علاء فوزي أبو طه

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

أنفاسالعولمة ظاهرة متعددة، سياسية، اقتصادية، ثقافية،...الخ، وما يهمنا هو البعد الثقافي للعولمة، فعندما نتطرق لمفهوم العولمة نقصد به "العولمة الثقافية"، فماذا نقصد بالعولمة الثقافية؟.
إن صياغة تعريف دقيق للعولمة تبدو مسألة شاقة، نظرا إلى تعدد تعاريفها والتي تتأثر أساسا باتجاهات الباحثين أو الأحكام التي يبثونها رفضا أو قبولا، فضلا على أن العولمة ظاهرة غير مكتملة الملامح كما يدعي كثير من الباحثين.
والعولمة في أصلها اقتصادي، قائمة على إزالة الحواجز والحدود أمام حركة التجارة، وإتاحة حرية تنقل السلع والخدمات. مع أن الاقتصاد والتجارة مقصودتان لذاتهما في العولمة، إلا أنها لا تقتصر عليهما وحدهما وإنما تتجاوزهما إلى المجال السياسي والثقافي والاجتماعي بما يتضمنه ذلك من أنماط سلوكية ومذاهب فكرية ومواقف سياسية، وكل ذلك هو الذي يصوغ هوية الشعوب. والعولمة ليست مركب متجانس ظهرت كل أبعاده فجأة، بل هناك مجالات سبقت الأخرى.
أما بالنسبة لتأريخ ظاهرة العولمة، فهناك اتجاهان بارزان يطرحان العولمة إما أنها وليدة حقبة التسعينات وما رافقها من انهيار المنظومة الاشتراكية وتغيرات بنيوية على مختلف الأصعدة التي واكبت نهاية القرن العشرين والمتسمة بالهيمنة الأمريكية وبقيم الثقافة الغربية، وهنا تبدو العولمة نتيجة مسببات راهنة، تخدم الوضع الدولي القائم الآن. في مقابل هذه المقاربة التاريخية الإختزالية، هناك وجهة نظر تذهب إلى القول بتاريخية العولمة، فالعولمة الراهنة ما هي إلا صورة منفتحة ومتطورة لعولمة تعود إلى بداية التاريخ. وكما يقول د.إبراهيم أبراش: "بأن العولمة كفكر وتطلع إنساني يتجاوز قيود الحدود السياسية والخصوصيات الثقافية الموهومة والتطلع نحو عالم يعترف بإنسانية الإنسان ككائن ينتمي إلى وطن عالمي وقانون عالمي، تقترب بجذورها إلى ما قبل وجود الولايات المتحدة على الخريطة السياسية الدولية، بل قبل وجود الرأسمالية كنظام اقتصادي والليبرالية كنظام سياسي. ويمكن القول أن الفلسفة الرواقية أول من بشر ودعا إلى العولمة دون أن تسميها عولمة، وذلك من خلال مبدأين الدولة العالمية والمواطنة العالمية أو مدينة العالم، ..كذلك لا تخلو الديانة الإسلامية من شكل من العولمة، فدعوة الإسلام للتوحيد وعدم التفرقة بين الناس على أساس العرق أو المكانة الاجتماعية، وكونه رسالة لكل البشر في كل زمان ومكان، وحيث أنه عبادات ومعاملات تحدد للبشر المبادئ العامة لأسلوب حياتهم، فهذا يعني أنه دعوة مبكرة للعولمة. والعولمة متضمنة أيضا في الدعوات المبكرة في عصر التنوير في أوروبا، لوضع قانون دولي عام أو قانون للأمم كما سماه"جيرمي بيتنام" وفكرة تأسيس منظمات دولية لا تخلو من فكر معولم.


وعند المباشرة في تفكيك مفهوم" العولمة الثقافية" ننطلق من الاتفاق حول مفهوم العولمة. على اعتبار أن أي صياغة لمفهوم شامل للعولمة لا بد أن يضع في الاعتبار تلك العمليات الأساسية التي تكشف عن جوهرها أولهما: انتشار المعلومات وسرعة وسهولة تنقلها. ثانيهما: تذويب الحدود والفواصل بين الدول والجماعات. الثالثة: زيادة معدلات التنميط أو التشابه بين الجماعات والمجتمعات والمؤسسات الاقتصادية والسياسية والثقافية.

أيا كان الأمر فجوهر العولمة يتمثل في سهولة حركة الناس والمعلومات والسلع والأفكار بين الدول على النطاق الكوني. ومن المنظور الاقتصادي الصرف والذي يعتبر أهم أبعاد العولمة، فإنها تمثل مرحلة من مراحل تطور الرأسمالية بعد أن ضاقت ذراعا بقوميتها وقارتها والقطبية بفعل الاتجاه الركودي الطويل الأجل الذي دخلته الاقتصاديات الغربية، فاتجهت تبحث عن إطار حيوي جديد يتجاوز الإطار التقليدي (الوطني والقومي والقاري) إلى إطار عولمي ضم كوكب الأرض بكامله، بالإضافة إلى الفضاء الخارجي، ويتحول فيها مشروع العولمة من مشروع ارضي إلى مشروع فضائي كوني، فالعولمة بمفهوم "الكوكبة" أو الكوننة، هي محطة الانطلاق، تحلق بعدها إلى فضائاتها اللانهائية ويتجلى كل ذلك في صورة عولمة اقتصادية وتكنولوجية وسياسية وثقافية.     

نظرا لتزامن الحديث عن العولمة في عصر يشهد نهاية الكثير من الأفكار والمنظومات السياسية والاقتصادية والفكرية التي شغلت العالم خلال القرن العشرين وما سبقه، وكما يقول الدكتور إبراهيم أبراش: "أن العولمة هي عملية تكثيف وتجميع وتسريع لنهايات "وما بعديات"، ما بعد الاشتراكية والشيوعية وما بعد الرأسمالية والليبرالية بمفاهيمهم التقليدية، وما بعد السيادة وما بعد الاستقلال، وما بعد العلمانية...الخ"، العولمة هو عصر" يلهث فيه قادمه يكاد يلحق بسابقه وتتهاوى فيه النظم والأفكار على مرأى من بدايتها، وتتقادم فيه الأشياء وهي في أوج جدتها، عصر تتآلف فيه الأشياء مع أضدادها."

ونظرا لحساسية وصعوبة وضع تعريف جامع مانع لظاهرة العولمة، لما يحتاجه ذلك من الغوص في مجالات معرفية متعددة ومختلفة، ولكن هذا لا يمنع تبني تعريف على الأقل يصف الظاهرة دون أن يكون بمثابة حكم عليها، تعريف يجمع بين مفهومها وخصائصها لأهميته، ويمكن القول أن العولمة: هي تلك الحالة أو الظاهرة التي تسود في العالم حاليا، بكل مميزاته ومجموعة العلاقات والعوامل والقوى، والتي تسعى للتحرك بسهولة أكبر على المستوى الكوني متجاوزة حدود الدول والقوميات، ويصعب في كثير من الأحيان السيطرة عليها، وتساندها التزامات دولية أو دعم قانوني، ومستخدمة لآليات متعددة، ومنتجة لآثار تتجاوز النطاقات المحددة لتنطلق إلى نطاقات أوسع عالميا وكونيا.

أما بالنسبة للعولمة الثقافية تحديدا، فتتضح معالمها من السابق في الحديث عن العولمة، واستكمالا لتفكيك المفهوم، نتساءل عن مفهوم الثقافة باعتباره الشق الآخر، فنجد أن أزمة التحديد والتعريف أيضا تنطبق على تعريف الثقافة وتحديد مفهومها، وتتعدد وتتداخل التعاريف المختلفة للثقافة، ودون الخوض فيها، إلا أنها تشمل على مفهوم شامل معبر عن نظرة الفرد للإنسان والكون والإله والآخرين من حوله، ولنمط الحياة والسلوك والعلاقة بين الدين والدولة والقيم والحياة، والمعتقدات والرموز، لذلك فالثقافة تختلف طبيعتها من حضارة إلى أخرى، حيث نجد أن لكل حضارة خصوصيتها الثقافية التي تحدد هويتها سواء من حيث مصدرها ومنبعها أو من حيث غايتها وأهدافها.

وهناك من يقسم الثقافة إلى نوعين :

* الثقافة السياسية والتي تهتم بأمور الناس وقضاياها المصيرية، وبالذات فيما يرتبط بالحريات كحرية الرأي والتعبير والتصويت والممارسة الدينية ... وغيرها.

* الثقافة الاجتماعية وهي تتلخص في الأعراف و التقاليد التي يبني عليها المجتمع حياته بما يضمن سعادته ورقيه في ظل قوانين يتمسك بها الجميع من دون وصاية من احد.

وهناك من يطرح أكثر من نوعين للثقافة، ويعرفها بمفاهيم متعددة من أبرزها :

أ-  الثقافة بالمعنى التقليدي: تعني عملية الإنتاج الأدبي والفكري والفنى والإبداعي .

ب- الثقافة بالمعني الانثروبولوجي: تعني أنماط السلوك المادية والمعنوية السائدة في مجتمع من المجتمعات والتي تميزه عن سواه .
ج-  الثقافة اليوم اتسع مفهومها لتشمل مجموعة النشاطات والمشروعات والقيمة المشتركة التي تكون الأساس للرغبة في الحياة المشتركة لدي أمه من الأمم، والتي ينبثق منها تراث مشترك من الصلات المادية والروحية الذي يغتني بها عبر الزمن، ويغدو الذاكرة الفردية والجماعية التي تبني على أساسها مشاعر الانتماء والتضامن والمصير الواحد .   
د- بعد أن اتسع معنى الثقافة، حتى يكاد يندمج مع الحضارة، وغدت الحضارة هي الثقافة بالمعني الواسع لمفهوم الثقافة، أو أن الحضارة هي نتاج الثقافة وغدا كلا اللفظين يضمان القيم والمعايير والمؤسسات وأنماط التفكير في مجتمع ما أو أمة معينة، بالتالي فإن الحضارة هي نتاج عملية الإبداع الذي قدمة شعب أو أمة معينة والحضارة تبقى أو تستمر، فهي دنياميكيه، ولكن درجه استمرارها مرهونة بدرجه استجابتها للتحديات المفروضة عليها.                                                   
وتتميز الثقافة ببعض العناصر باعتبارها:
* الثقافة كنسق اجتماعي عناصره هي القيم والمعتقدات والرموز والمعارف والفنون والعادات والتقاليد والممارسات الاجتماعية والأنماط السلوكية والمعيشية.  
*  الثقافة بوصفها انتماء يعبر عن التراث والهوية والحميه القومية وطابع الحياة اليومية للجماعة الثقافية.   
*  الثقافة بوصفها تواصلا من خلال نقل أنماط العلاقات والمعاني والخبرات بين الأجيال.  
*  الثقافة بوصفها دافع للابتكار والإبداع، والنضال ضد القهر والتصدي لصنوف الظلم.

كما أن الهوية الثقافية وكما سنرى لاحقا هي كيان في حالة تشكل دائم، يصير ويتطور, وليس معطي جاهز ونهائي, فهي تصير وتتطور إما في اتجاه الانكماش, أو في اتجاه الانتشار، وهي تغتني بتجارب أهلها ومعاناتهم, وانتصاراتهم وتطلعاتهم, وأيضا باحتكاكها سلب وإيجاب مع الهويات الثقافية الأخرى, التي تدخل معها في تغاير من نوع ما, وعلي العموم تتحرك الهوية الثقافية في ثلاث دوائر متداخلة  ذات مركز واحد:     

الفرد داخل الجماعة الواحدة..
الجماعات داخل الأمة..
الأمة الواحدة إزاء الأمم الأخرى ..

وبدون الغوص كثيرا في مفهوم الثقافة, وعوده إلي أصل الطرح في الربط بين العولمة والثقافة ( العولمة الثقافية ), فإذا  تم الاتفاق علي أن العولمة هي عمليه مستمرة قائمه علي تجاوز الحدود والفوارق بين الدول والشعوب وزيادة معدلات التشابه, وان الثقافة تعبر عن فكر ومعتقد معين يميز مجموعة عن أخري، وتشترك مع الهوية في هذا التمايز, فيمكن اعتبار العولمة الثقافية هي: "عمليه انصهار كل الثقافات الموجودة في ثقافة واحدة, وخلق نموذج ثقافي معين علي باقي الثقافات الأخرى, وهذا يعني إذابة الهوية أو الخصوصية الثقافية للشعوب الأخرى لصالح ثقافة واحدة مهيمنة". ونظرا لان هناك تبسيط متناهي كما يقول د.أبراش عند العديد من الباحثين في الثقافة والعولمة الثقافية, وهو تحول مفهوم الثقافة, فمن التبسيط المتناهي للأمور التعامل مع مفهوم الثقافة اليوم انطلاقا من التعرف الكلاسيكي للثقافة, كمجموع من العادات والتقاليد وأنماط السلوك المادية والمعنوية التي تميز شعبا عن غيره, هذا التعريف كان كافيا بحد ذاته عندما كانت المجتمعات تتحكم بالتنشئة الاجتماعية, ولم يكن للمؤثرات الخارجية كبير تأثير علي البنية الثقافية, ولكن في ظل ثورة المعلومات, وهذا التدفق الهائل للأفكار والقيم وأنماط السلوك عبر الفضائيات وشبكات الانترنت بأساليب مشوقة ومغرية وسهولة الوصول إليها, لم تعد الثقافة نتاج وطني خالص, ولم تعد لا النظم الاجتماعية والسياسية ولا البني التقليدية بقادرة علي التحكم بالتنشئة الاجتماعية وبالتالي بمصادر ومغذيات الثقافة الوطنية, وبالتالي عند الحديث عن  تحدي العولمة والثقافة يجب عدم تجاهل الثورة المعلوماتية ومن يتحكم في إنتاجها تقنيا وفي محتواها ثقافيا وأخلاقيا.

من هنا فإن الثقافة التي يجري عولمتها هي ثقافة من يملك أدوات ووسائل لنشرها وتعميمها, ومن يحتكر أو يصنع أو ينجح في توظيف التكنولوجية وثورة الاتصالات والمعلومات في ذلك, وهنا الغرب (أوروبا الغربية والولايات المتحدة) تنجح بامتياز في هذا التوظيف للثورة المعلوماتية والاتصالاتية, وتسعي إلي نشر وتعميم الثقافة الغربية لتصل إلى عولمتها في قريتها الكونية (العالم). وجعل النموذج الغربي هو النموذج العالمي، مستغلة في ذلك التقدم الهائل في تكنولوجيا المعلومات والاتصالات, وما ترسله لباقي الثقافات والشعوب عبر الفضائيات من سيل جارف من المواد الإعلامية, والتي يعبر عنها د.مصطفي محمود بقوله: " ما هذه العولمة الثقافية سوي العلف الثقافي الردى الذي يلقي به الإعلاميون الكبار إلينا, وهذه العولمة هي الاسم الجديد للاستعمار المهيمن وغسل المخ المتواصل الذي كتب علينا إن نعيش فيه" ..

من ناحية أخري ونظرا للتداخل الوثيق اليوم مابين الاقتصاد والسياسة والثقافة, يجب الافتراض إن لم يكن التأكيد علي أن من يتحكم بالاقتصاد العالمي سيكون معينا بعولمة ثقافته وقوانينه وأنماط سلوكه، لتسهيل انتشاره وتغلغله الاقتصادي, ومن هنا تصاحب الحديث عن العولمة الاقتصادية بالحديث عن العولمة الثقافية والعولمة السياسية (تعميم الديمقراطية وحقوق الإنسان) والعولمة القانونية (علي مستوي القانون الدولي العام), وتأسيس شرعية دولية جديدة وعلي مستوي القوانين الداخلية أي القانون الخاص: في الاقتصاد والتجارة وحتى التشريع في مجال مدونه الأحوال الشخصية).   

لا يعني هذا إن من يملك الاقتصاد الأقوى والأفضل يملك الثقافة والقيم والأفضل, فالأمر يرتبط بإمكانيات وليس أفضليات, فبالمال يمكن امتلاك وسائل الإعلام المتطورة وكل مشتملات الثورة والمعلومات والتأثير علي سياسات الدول الأقل قوة اقتصادية، وشراء الثروات الأدمغة بل والمثقفين أحيانا وتوجيه كل ذلك لتعميم قيم ثقافية وسياسية يدعم فلسفة الأقوى اقتصاديا، وتساعد علي نشر ثقافتة لأنة بذلك يمتلك وسائل النشر والتعميم .

من هنا فان العولمة الثقافية تعني: نشر وتعميم الثقافة الغربية، وإحكام سطوتها على الثقافات والهويات الأخرى لباقي الشعوب والجماعات، مستخدمة بذلك وسائل وأدوات العولمة وأنواعها وأشكالها، عن طريق الاستخدام الأفضل لتلك الوسائل والأدوات الاقتصادية (الأفكار والمنظمات والترتيبات الاقتصادية) كذلك الأدوات والوسائل السياسية (الليبرالية وحمولتها الثقافية).
إذا أردنا أن ندرك التخصيص الأكبر لهذا الطرح، يمكن استخدام مصطلح شائع "الأمركة"، باعتبار عملية النشر الثقافي المقصودة "العولمة الثقافية" ما هي سوى تمرير للنمط والسلوك الأمريكي، إذ يفترض بالولايات المتحدة حامية وحاملة مشروع العولمة بأبعاده المتعددة والمتشابكة، وتنصب نفسها قائدة لقاطرة العولمة بامتلاكها وتحكمها بالنصيب الأكبر للأدوات والوسائل اللازمة لتعميم الثقافة الأمريكية على باقي الشعوب والثقافات.

فقد ظهرت مع العولمة، وكامتداد لها، ثقافة جديدة تماما كما يقول الجابري، ثقافة لم يشهد التاريخ من قبل مثيلا لها، تتولى القيام بعملية تسطيح الوعي، واختراق الهويات الثقافية للأفراد والأقوام والأمم، ثقافة إشهارية إعلامية سمعية وبصرية تصنع الذوق الاستهلاكي (الإشهار التجاري)، والرأي السياسي (الدعاية الانتخابية) وتشيد رؤية خاصة للإنسان والمجتمع والتاريخ، إنها "ثقافة الاختراق" التي تقدمها العولمة كبديلا للصراع الأيديولوجي.

تسعى العولمة الثقافية مع التطبيع والهيمنة والاستسلام لعملية الاستتباع الحضاري، ليأتي فقدان الشعور بالانتماء لوطن أو لأمة أو لدولة، وبالتالي إفراغ الهوية الثقافية من كل محتوى، إن مشروعها وهدفها هو عالم بدون دولة، وبدون أمة وبدون وطن، إنه عالم المؤسسات والشبكات العالمية، عالم "الفاعلين" وهم المسيرون، "والمفعول بهم" وهم المستهلكون للسلع والصور والمعلومات والحركات والسكنات التي تفرض عليهم ، أما "وطنهم" فهو الفضاء "المعلوماتي" الذي تصنعه شبكات الاتصال، الفضاء الذي يحتوي - يسيطر ويوجه- الاقتصاد والسياسة والثقافة.

العولمة بهذا المعنى نظام يقفز على الدولة والأمة والوطن، نظام يريد رفع الحواجز والحدود أمام الشبكات والمؤسسات والشركات متعدية الجنسيات، وبالتالي إذابة الدولة الوطنية وجعل دورها يقتصر على القيام بدور الدركي الحارس لشبكات الهيمنة العالمية، والعولمة تقوم على الخوصصة، أي نزع ملكية الوطن والأمة والدولة والهوية ونقلها إلى الخواص في الداخل والخارج، وهكذا تتحول الدولة إلى جهاز لا يملك ولا يراقب ولا يوجه، وإضعاف سلطة الدولة والتخفيف من حضورها لفائدة العولمة ومؤسساتها يؤديان حتما إلى إيقاظ اطر الانتماء السابقة على الأمة والدولة، كالقبيلة والطائفة والعرق والجهة والتعصب المذهبي..الخ، والدفع بهما جميعا إلى التناحر والإفناء المتبادل، إلى تمزيق الهوية الثقافية الوطنية والقومية..إلى الحروب الأهلية.

لنا أن نتساءل: ما هي العلاقة التي تربط العولمة بالحضارة الغربية؟ وكيف لهذه الأخيرة أن استغلت تغيرات زمن العولمة في نشر ثقافتها وتعميم حضارتها والتأكيد على مركزيتها؟ وهل هذا عمل مخطط له مسبقا، أم جاء كنتيجة طبيعية للمتغيرات الدولية التي أحدثتها العولمة؟

نرى جزء من الإجابة على لسان "اوغست كونت" عالم الاجتماع الألماني: "أن الحضارة ظاهرة بشرية كونية موحدة الحلقات والأدوار التاريخية تطورت من البسيط الساذج إلى المركب المعقد في العصور التاريخية الأخيرة، من الفوضى والانعزال إلى الانتظام والاتصال، وهي ظاهرة إنسانية تتطور باستمرار نحو الأفضل والأحسن، ويعني ذلك بالتالي أن الحضارة الغربية الجرمانية والانجلوسكسونية هي المجسدة للدور التاريخي الأخير وهي أفضل الحضارات، على الأقل من حيث كثرة العلوم، وسيطرة العقل الرياضي المجرد، وظهور كثير من المخترعات العلمية الآلية".
نظرية "كونت" هذه التي كرست فكرة المركزية الأوروبية في الحضارة الحديثة، وجعلتها الأقوى في العالم.
كذلك وصل حد الثقة العمياء بالحضارة الغربية ومنجزاتها إلى احد أهم منظري العولمة "فرانسيس فوكوياما" في أطروحته عن"نهاية التاريخ والإنسان الأخير"، حيث وقف التاريخ عنده إلى حد هذه المحطة من التقدم الهائل الذي عرفه العالم بفضل الرأسمالية والليبرالية المتطورة دائما، وان البشرية والحضارات الأخرى ستبقى عاجزة عن اللحاق بما وصلت إليه الحضارة الغربية من منجزات، ولا يوجد في الثقافات والحضارات ما يمكن أن يضاهي أو يناهض الحضارة الغربية بأفكار وأيديولوجيا وثقافة مغايرة تستطيع أن تلبي ما قامت بتلبيته الحضارة الغربية للإنسان والتاريخ.
كذلك ما برز في بدايات العقد الأول من هذا القرن من كتابات وتنظيرات ونظريات تحدثت ووصفت عما أسمته "الإمبراطورية الأمريكية" ، مجموعة كبيرة من الكتابات التي وصفت العالم بأنه يعيش في كنف الإمبراطورية الأمريكية، إمبراطورية بمفهومها التقليدي وبأدوات ووسائل جديدة، أهمها ثورة المعلومات والاتصالات، وتشرح الكثير من هذه الكتابات النضال التاريخي الذي قادته الولايات المتحدة لإيصال العالم إلى هذا الرفاه الإنساني العام، من توفير إمكانيات نوعية للتواصل، وترسانة هائلة من القواعد القانونية والسلوكية المادية التي تكفل حياة أفضل على هذا الكوكب، مبرزة ومبررة هذا السطو الأمريكي على مراكز وتمفصلات السياسة والاقتصاد والثقافية العالمية.

كذلك وكما يعتبرها حسن حنفي: العولمة ما هي إلا تعبير عن مركزية دفينة في الوعي الأمريكي يقوم على عنصرية عرقية وعلى رغبة في الهيمنة والسيطرة، وبعد عمليات التحرر الوطني أراد الغرب أن يفرز أشكالا جديدة للهيمنة عن طريق خلق مفاهيم وزجها خارج حدوده مثل العولمة، نهاية التاريخ، صراع الحضارات، ثورة الاتصالات، القرية الكونية، الكوكبة، هذه المفاهيم المنتجة غربيا يراد منها سيطرة المركز على الأطراف.

هذه الوجهة التي تدعم أن العولمة "الغربية" ما هي إلا حلقة من حلقات الاستعمار والاستتباع الحضاري الذي يتخذها الغرب باعتباره المركز على باقي الدول والشعوب، استعمار من نوع جديد بوسائل وأدوات ومفاهيم جديدة، تتمثل في الوعي بأن عولمة قطاعات الإعلام والاتصال هي تسويغ لايدولوجيا الإشهار وخطاب الدعاية، هذه التقنيات تظل مبطنة لحضور البعد التجاري على حساب البعد الثقافي، هذه الايدولوجيا "النيوليبرالية" تتذرع أحيانا بالحريات وحقوق الإنسان في الاستهلاك والإنتاج لتمارس هيمنة على الهويات الوطنية تنفي كل نزعة نقدية، وخاصة عندما لا تجد سلطات مؤسساتية مضادة نابعة من ثقافة مجتمعية أصيلة.

ولكن السؤال أيضا يدور: ما هو الخطر الحقيقي الذي تشكله "العولمة الثقافية" على هوية الثقافات والحضارات الأخرى؟

كما يقول الباحث السعودي محمد محفوظ: إن الثقافة التي تنشرها وسائل الإعلام الغربية والأمريكية بالخصوص إنما تعمق مسار الاغتراب في حياة أصحاب النزعة الوطنية والمنتمين إلى هويتهم الثقافية المغايرة والمختلفة عن الثقافة الغربية، من خلال الاغتراب، ينغرس الشعور الوهمي بأن الثقافة التي ينتجها الغرب هي ثقافة الكون كله، وان الغرب يسعى ويطمح لأن يكون منتجا كونيا وحيدا لا ينافسه احد في ذلك، منتجا لثقافة عالمية كونية وحيدة وموحدة.

كذلك ما يراه الجابري بخصوص العولمة باعتبارها أيديولوجيا تعكس إرادة الهيمنة على العالم وأمركته، لأنها تعمل على تعميم نمط حضاري يخص بلد بعينه، هو الولايات المتحدة الأمريكية بالذات على بلدان العالم اجمع، لذلك فهي تنمو باتجاه القضاء على الخصوصيات الثقافية بشكل عام، في الأذواق والأولويات والتفكير ومواضيع التفكير ومناهج التفكير، أما وسائلها فهي سمعية بصرية، تهدف تلك المادة الإعلامية التي توجها وتنشرها إلى تكريس نوع معين من المعارف والسلع والبضائع والأفكار، معارف اشهارية تشكل في مجموعها ما يمكن أن نطلق عليه (ثقافة الاختراق)، والنتيجة التي ستحققها هذه العولمة الثقافية عبر الوسائل والأدوات الإعلامية، هي تعميق الاستتباع الحضاري والثقافي بشكل عام. ويضيف بأن العولمة هي نظام يعمل على إفراغ الهوية الجماعية من كل محتوى، ويدفع للتفتيت والتشتت، ليربط الناس بعالم اللاوطن واللاأمة واللادولة، أو يفرقهم في أتون الحروب الأهلية.

وكما يقول سعيد محارب في كتاب الثقافة والعولمة إن إعادة تربية الإنسان وصياغته من جديد هي المدخل الأساسي لعصر العولمة.

وكما يعرفها عبد الإله بلقزيز: انه ليس صحيحا أن العولمة الثقافية هي الانتقال من حقبة ومن ظاهرة الثقافات الوطنية والقومية إلى ثقافة عليا جديدة هي الثقافة العالمية أو الكونية، بل إنها بالتعريف: فعل اغتصاب ثقافي وعدوان رمزي على سائر الثقافات، إنها رديف الاختراق الذي يجري بالعنف - المسلح بالتقانة-  فيهدر سيادة الثقافة في سائر المجتمعات التي تبلغ عملية العولمة. ويضيف، العولمة تعني السيطرة، سيطرة الثقافة الغربية (الأمريكية) على سائر الثقافات، وحتى الغربية الأوروبية منها، بواسطة استثمار مكتسبات العلوم والتقنيات في ميادين الاتصال والمواصلات، وهي التتويج التاريخي لتجربة مديدة من السيطرة بدأت منذ انطلاق عمليات الغزو الاستعماري منذ قرون، وحققت نجاحات كبيرة في إلحاق التصفية والمسخ بثقافات جنوبية عديدة، وبخاصة في أفريقيا وأمريكا اللاتينية والشمالية والوسطى، ولعل هذا يؤكد أن العولمة لا تؤرخ لنهاية عصر الدولة القومية، بل تعلن عن ميلاد حقبة جديدة من تمددها المستمر، وليس ما يدعى بالعولمة الثقافية اليوم سوى مظهرا من مظاهر ذلك التمدد خارج الحدود، الذي هو آلية طبيعية في اشتغال الدولة القومية الحديثة.

لنا أيضا أن نتساءل هل مجرد التقدم التكنولوجي في مجال الاتصالات قادر على أن يشكل هذا الخطر(الاختراق الثقافي) ومسح الهوية الثقافية وإذابة الخصوصيات والفوارق بين باقي الشعوب؟

لم تعد الثقافة اليوم كما كانت عليه في الماضي خاضعة لوسائل تقليدية في النشر والانتشار، وإنما أضحت متأثرة إلى حد بعيد بالتكنولوجيا عامة، وتكنولوجيا الاتصالات خاصة، هذه التكنولوجيا التي استطاعت القيام بالاختراق الثقافي، أي أن السيطرة أصبحت للتكنولوجيا، التكنولوجيا تحمل الثقافة، إذ بإمكان التكنولوجيا بث الثقافة التي تريد.

ومن هنا جاء أهمية مصطلح "العولمة الثقافية" أي قدرة الثقافات الأقوى تكنولوجيا على السيطرة على الثقافات الأضعف تكنولوجيا، وبدأت التكنولوجيا تلعب دورا تأثيريا بارزا ليس على نطاق محلى فحسب وإنما على نطاق عالمي، والعولمة الثقافية بصورة أوضح هي محاولة مجتمع معين تعميم نموذجه الثقافي على باقي المجتمعات الأخرى من خلال التأثير على المفاهيم الحضارية والقيم السائدة لديه، والأنماط السلوكية لأفراد هذه المجتمعات بوسائل سياسية واقتصادية وثقافية وتقنية متعددة، مستغلة بذلك تكنولوجيا الاتصال بدرجة أولى.

وتهدف العولمة الثقافية إلى زرع القيم والأفكار النفسية والفكرية والثقافية للقوى المسيطرة في وعي الآخرين على الأخص أبناء المجتمعات الغربية وفتح هذه المجتمعات "اختراقا ثقافيا" وإسقاط عناصر المقاومة والممانعة والتحصين لديها، وبالمعنى الثقافي الحضاري إعادة صياغة قيم وعادات جديدة تؤسس لهوية ثقافية وحضارية أخرى لهذه المجتمعات، مهددة لهويتها الحضارية بشكل جدي باتجاه فرض نمط ثقافي معين على الممارسات والسلوك والأفكار. وكل ذلك عبر الوسائل التكنولوجية التي تتيح فرص سحرية لهذا الفعل (الاختراق الثقافي)، ولا يمكن الاستهانة أبدا لما تحدثه تكنولوجيا المعلومات والاتصال في هذا الشأن من تأثير واضح على الثقافة، وان العولمة الثقافية عبر هذه الوسائل وسواها أصبحت تمارس نوعا من التحكم والضبط لسلوك الأفراد والمجتمعات وبطريقة قسرية رغم بعض أشكالها الجذابة، ولهذا لم يعد مستغربا أن تمتلك بعض المحطات التلفزيونية الفضائية موارد مالية تفوق ميزانيات بعض بلدان العالم الثالث مجتمعة، وان مراكز المعلومات وتكنولوجيا الاتصالات هي التي تمتلك اليوم مفاتيح الثقافة، ولذلك نجحت الدول الغربية في نشر ثقافتها عبر المحطات العابرة للقارات والترويج لأفكارها وقيمها الثقافية والأخلاقية والاجتماعية والسياسية على حساب اكتساح الثقافات الوطنية.

إذا كنا قد اتفقنا بأن أهم مظاهر وتجليات العولمة تبرز في البعد الاقتصادي، وإن العولمة عملية اقتصادية بالأساس، وتعتبر المؤسسات الاقتصادية الدولية، ومؤسسات "بريتن وودز" (منظمة التجارة العالمية ، صندوق النقد الدولي ، البنك الدولي للإنشاء والتنمية)هي مؤسسات ومنظمات العولمة "رأس حربة العولمة الاقتصادية"، والتي ترتكز على الفلسفة الليبرالية (دعه يعمل دعه يمر) التي تقوم عليها المنظومة الرأسمالية، هذه المؤسسات تتجلى فيها كل المظاهر السلبية لظاهرة العولمة ونتائجها الكارثية على الاقتصاديات الثالثة، التناطحات الاقتصادية على مستوى العلاقات شمال - شمال، شمال- جنوب، ويتضح من خلال نظرة سريعة على طبيعة عمل ونشاط المؤسسات والمنظمات الدولية الفاعلة في المجال الاقتصادي الدولي والمنظمات الاقتصادية والشركات نجد سيطرة شبه مطلقة تماما للولايات المتحدة على آليات اشتغال هذه المؤسسات والمنظمات، وعلى طبيعة أنشطتها وسياستها، ليعطي دليلا كافيا بأن الولايات المتحدة الأمريكية تمارس سطوتها على الاقتصاد، ولعل العامل الاقتصادي من أكثر الأبعاد التي تتسم بإغراء وتعقيد ووضوح كبيرين في تفسير ظاهرة العولمة، لأنها اقتصادية بامتياز.

ونتساءل كما طرح الجابري: ما الذي يبرر وضع الهوية والعولمة كطرفين في معادلة واحدة؟ بمعنى ما شأن العولمة ومجالها الاقتصاد والتجارة وهي أمور مادية، وشأن الهوية والأصالة وهما أمور معنوية ؟
والجواب عند الجابري: أن التجارة هي النشاط الحيوي للرأسمالية، والرأسمال يقال فيه اليوم أكثر من أي وقت مضى أنه "لا وطن له" فالعولمة إذن نفي للوطن وإلغاء له، والوطن هو مجال الهوية والأصالة والخصوصية.

لقد بدأت الهيمنة الغربية تتفاقم لتطال جميع مجتمعات العالم سواء بواسطة السيطرة المباشرة والفعل الإلحاقي المتعمد أو بصورة غير مباشرة عبر الروابط الثقافية والاقتصادية، حتى وصلت أعلي أطوارها في الحقبة الراهنة حيث تقلصت المسافات وأختصر الزمان بين أرجاء المعمورة بسبب تطور وسائل الاتصال من ثمة لم يعد أي مكان في العالم بمعزل عن سواه، وفقدت من جراء ذلك هذه المجمعات قدرتها على الانعزال والحركة المستقلة كليا عن الآخرين. ولقد كان الثمن الباهظ لواقع من هذا النوع أن فقدت دول الأطراف القدرة على الأقل تحقيق الذات أمام حالة الإستلاب والنهب المتواصلين، حالة التردي هذه تفاقم أمرها بعد فرض دول المركز العولمة الثقافية علي دول الأطراف.

والعولمة الثقافية هذه تعني أول ما تعني سلب سيطرة الدول علي مجال سيادي هام هو: المجال الثقافي, بغيه إحداث خلخلة في البنية الثقافية لتلك الدول مما يساعد بطبيعة الحال علي نشر ثقافة العولمة, التي اعتبرت السلاح الأخر الذي أخذ تجار العولمة يستخدمونه لامتصاص ثروات الشعوب. إن عولمة الثقافة تهدف بالدرجة الأولي إلي إقصاء الثقافات الأخرى عن العالمية، بحجة تعارضها وعدم قدرتها علي الانسجام مع توجهات الثقافة الغربية المادية, وفي الوقت ذاته القيام بعملية خنق للثقافة العربية والإسلامية بالخصوص، لأنها أكثر الثقافات بعدا وتعارضا مع الثقافة الغربية المراد عولمتها وإيقاف خطرها الزاحف علي الغرب، وإذا كانت العولمة في معناها الواسع البسيط تعني تعميم الشيء وتوسيع دائرتة, فشأن الثقافة أوغل في هذا الميدان لأن التأثير الثقافي أسرع من أي تأثير أخر, وذلك بحكم التفاعل مع الغير، ولذا يري "دافيد روتكويف" أن طغيان ثقافة واحد وعالمية وتهديد ثقافة المرء يصبح تهديدا لدينة وعقيدته, ومن بعد تهديدا لجوهر هويته.

والعولمة كما تتبعناها من خلال هذه العجالة, وكما هي مطروحة من قبل المنفذين في دول المركز, وكما تؤكد دروسها اليومية المرسلة إلي مختلف جهات المعمورة وخاصة إلي العالم العربي والإسلامي, ليست فتحا إنسانيا مبينا يبشر بمستقبل أفضل للإنسانية جمعاء, لسبب بسيط كون هذه العوامة لم تتم صياغتها من تلاقي وتلاقح متكافئ بين المجتمعات البشرية, وإنما هي تعميم لنموذج وقيم غربية علي بقية العالم, لتحقيق رغبة جامحة للغرب بقيادة أمريكية في السيطرة والتسلط، سواء بطريقة مباشرة أو عن طريق الشركات عابرة القوميات, وعلي هذا الأساس تكون العولمة في كثير من جوانبها تمثل خطر حقيقيا علي شعوب العالم وتزداد هذه الخطورة علي المجتمعات العربية الإسلامية.

إجمالا يمكن الخلاص من خلال هذا المطلب, بأن العولمة الثقافية تعني إذابة الفوارق وتجاوز الخصوصيات يبن الثقافات والهويات الثقافية المختلفة, بطرق وأدوات ووسائل اتاحتها التكنولوجيا وثورة الاتصال والمعلومات، تساعدها وتغذيها رغبة وإرادة الدول الغربية الكبرى وعلي رأسها الولايات المتحدة الأمريكية . ولكن هل العولمة بهذا الشر المطلق؟  .

---------------------


هذا المقال هو المطلب الأول من  المبحث الأول: العولمة مفهوم وممارسة من بحث تحت عنوان :العـولمة والهـوية: إشكـالية التعـايش، الهـوية(العربية - الإسلامية) نموذجا. للباحث علاء فوزي أبو طه وقد خص به موقع أنفاس.
سنقدم  البحث على مراحل على أن ننشر فيما بعد البحث كاملا على مكتبة أنفاس .