قراءة في كتاب "من كتب التوراة؟" ل ريتشارد إليوت فريدمان ـ محمد يسري محمد حسن

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse04039نبذة عن المؤلف:ريتشارد إليوت فريدمان ، عالم كتاب وأستاذ الدراسات اليهودية في جامعة جورجيا الأمريكية ، حصل على دكتوراة في الثيولوجيا في الكتاب العبري ولغات وحضارات الشرق الأدنى من جامعة هارفارد في 1978م.

مراجعة الكتاب
يتكون الكتاب من أربعة عشر فصلاً يحاول فيهم المؤلف ان يتحصل على إجابة لسؤاله الذي جعل منه عنواناً للكتاب، ألا وهو (من كتب التوراة؟ )
في البداية يحاول المؤلف ان يعرف التوراة ، فيقول انها كلمة عبرية تعني (التعاليم)
وهي تتكون من الأسفار الخمسة الأولى في الكتاب المقدس، وهي أسفار: -
•    التكوين
•    الخروج
•    اللاويين
•    العدد
•    التثنية
وتعرف تلك الاسفار باليونانية باسم Pentateuch   وتعني الوثائق الخمس.
ويوجد اعتقاد عند اليهود والمسيحيين ان النبي (موسى) هو كاتب الأسفار الخمسة، وذلك بالرغم انه لا توجد أي إشارة في تلك الأسفار بشخصية كاتبها.

ويتطرق المؤلف بعد ذلك الى مراحل التشكك في شخصية كاتب تلك الأسفار، فيقسم مراحل البحث في شخصية مؤلف الأسفار الى ثلاثة مراحل :

المرحلة الأولى
حيث ظهر بعض رجال الدين اليهودي الذين اظهروا تشككهم في كون موسى هو كاتب الأسفار الخمسة، ومنهم:
•    إسحاق بن بشوش
•    إبراهيم بن عزرا
•    يوسف بن إليعازر بونفيلس
المرحلة الثانية
حيث اعتقد البعض بان موسى هو الذي كتب تلك الأسفار ولكن محرراً أدبياً أخر قد أضاف بعض الكلمات والفقرات في وقت متأخر، وممن قال بذلك:
•    اندرياس فان ماس

المرحلة الثالثة
ويرى أصحاب تلك المرحلة ان الجزء الأكبر من أسفار التوراة لم يكتبه موسى، وأول من قال بذلك هو توماس هوبز في القرن ال 17 م
ثم أكد باروخ سبينوزا على أن كاتب الأسفار الخمسة هو شخص عاش بعد موسى بفترة كبيرة.
وبعد ذلك ظهر اعتقاد ان هناك 4 مصادر للتوراة، وهم: -
•    المصدر الإلوهيمي
•    المصدر اليهوي
•    المصدر الكهنوتي
•    المصدر التثنوي
وكان ل يوليوس فلهاوزن دور كبير في تمييز الكتابات الأربع السابقة وان يعطي لكل منها دور ونسق فكري واضح ومتميز ويختلف عن الكتابات الباقية.
ويلاحظ المؤلف ان الكنيسة الكاثوليكية كانت دائماً ما تعارض محاولات التشكيك ونقد التوراة والكتاب المقدس وتتعرض بالأذى للعلماء المشاركين في تلك المحاولات، حتى قام البابا (بيوس الثاني عشر) في عام 1943م بكتابة رسالة أباح فيها حرية البحث والدراسة للعهد القديم دون أي اتهام أو معارضة كنسية.


الفصل الأول: -العالم الذي أوجد التوراة 722-1200 ق. م

في هذا الفصل يتناول المؤلف التاريخ المبكر لبني إسرائيل منذ بداية المملكة وحتى السبي الأشوري لإسرائيل في عام 722 ق. م
ويمكن أن نلخص تاريخ تلك الفترة في النقاط الأتية:
•    حكم شاؤول كأول ملوك بني إسرائيل حتى مقتله في أحد المعارك ضد الفلسطينيين.
•    انقسام المملكة بعد وفاة شاؤول الى قسمين، قسم شمالي يحكمه إشبعال بن شاؤول وقسم جنوبي يحكمه داوود
•    استطاع داوود ان يوحد المملكة، فنقل العاصمة من الخليل الى القدس التي لم تكن تابعة لمنطقة نفوذ أي من الاسباط، واستفاد من موقعها الجغرافي المتوسط في فرض سيطرته
•    قام داوود بتعين كاهنين، الأول من الشمال ويدعى أبياثار والثاني من الجنوب وهو صادوق
•    تزوج داوود بعدد كبير من النساء من مختلف مناطق المملكة لتدعيم وحدة دولته، وشيد جيش من الأجانب ليلغي اعتماده على الأسباط وأستطاع إخضاع (أدوم -مؤاب -عامون -سوريا)
•    في أخريات عهد داوود حاول أبنه أبشالوم القيام بحركة تمرد ضد أبيه لكنه قتل، وتم اختيار سليمان ليخلف أبيه
•    قام سليمان ببناء الهيكل مستخدماً في ذلك كميات كبيرة من الذهب والفضة والأخشاب
•    كانت لسياسات سليمان في فرض ضريبة عمل على كل أفراد بني إسرائيل وأدى ذلك لحدوث حالة من الاستياء ضد سليمان في الجزء الشمالي من المملكة
•    بعد وفاة سليمان انقسمت المملكة الى قسمين، القسم الأول في الشمال ويعرف بمملكة إسرائيل ويحكمه يربعام من عاصمته في نابلس، والقسم الثاني في الجنوب ويعرف بمملكة يهوذا ويحكمه رحبعام بن سليمان من عاصمته في القدس
•    في عام 722 ق. م تم غزو إسرائيل من الاشوريين وتم تشتيت سكانها، بينما بقيت يهوذا محافظة على استقلالها حتى سقطت بعد ذلك على يد البابليين عام 587ق. م

الفصل الثاني: -المصدر اليهوي والمصدر الإلوهيمي
في هذا الفصل يحاول المؤلف ان يفرق بين المصدر اليهوي والمصدر الإلوهيمي في الأسفار الأربعة الأولى من الكتاب المقدس
ويرى ان المصدر اليهوي قد كتبه كاتب من مملكة يهوذا، اما المصدر الإلوهيمي فقد كتب على يد كاتب من مملكة إسرائيل، ويحاول ان يستند على عدد من الأدلة التي تؤكد وجهة نظره
ومن تلك الأدلة فيما يتعلق بإن كاتب المصدر اليهوي من يهوذا
•    ان إبراهيم فيها يعيش في مدينة الخليل التي هي احدى المدن الرئيسية في مملكة يهوذا
•    ان يهوذا هو الذي ينقذ يوسف من الموت
•    وجود قصص لكل من (روبين – شمعون – لاوي – يهوذا)، وكيف انه بالرغم من كون(روبين) هو الابن البكر ليعقوب فإنه على الرغم من ذلك فانه قد ارتكب عدد من الخطايا هو واخويه شمعون ولاوي وأدى ذلك في النهاية الى انتقال حق البكورية الى الابن الرابع (يهوذا) وهو الامر الذي فيه تدعيم لمملكة الجنوب.

اما الأدلة على كون كاتب المصدر الإلوهيمي من مملكة إسرائيل
•    ان يعقوب قد اعطى بركته ل(افراييم) بن يوسف، وهو ما يدعم من سلطة يربعام ملك إسرائيل لان يربعام من نسل إفراييم
•    ان المكان الذي شهد الصراع بين يعقوب والرب، هو مكان يدعى (فينئييل) أي وجه الرب، وهي مدينة بناها يربعام في مملكة الشمال
•    ان هناك عدد من النصوص في المصدر الإلوهيمي تحترم وتقدس مدينة (نابلس)، وهي مدينة مهمة في مملكة إسرائيل، لان الاسباط قد دفنوا بها عظام يوسف.
•    ان النص الإلوهيمي يستخدم مصطلح (رؤساء تسخير) عند الإشارة للمصريين الذين كانوا يشرفون على عمل عبيد بني إسرائيل في مصر، ونلاحظ ان ذلك المصطلح كان نفسه المسمى الذي يطلق على أصحاب وظيفة الاشراف على عمال العمل الاجباري الذين اجبروا على العمل لصالح الدولة في زمن سليمان بن داوود، وهو ما أدى بعد ذلك لانفصال إسرائيل ويهوذا ، فكان استعمال هذا المصطلح على المصريين به تعريض بسياسات مملكة الجنوب.
•    ان المصدر الإلوهيمي يعطي أهمية كبيرة ل (يشوع بن نون) لكونه من نسل إفراييم في الشمال.
ويخلص (فريدمان) من جميع تلك الشواهد والأدلة ان كاتب المصدر اليهوي من مملكة يهوذا وان كاتب المصدر الإلوهيمي من مملكة إسرائيل.

الفصل الثالث: -مملكتان ومؤلفان
في هذا الفصل يتابع فريدمان رحلته في محاولة كشف النقاب عن مؤلفي المصدرين اليهوي والإلوهيمي ، وذلك عن طريق ملاحظة الاختلافات بين بعض القصص المهمة في الاسفار الأربعة الأولى من الكتاب المقدس.
•    قصة العجل الذهبي
وردت تلك القصة في المصدر الإلوهيمي ، حيث يقول يربعام ملك إسرائيل بعدما صنع عجلين من الذهب لشعبه (هو ذا آلهتك يا إسرائيل الذين أصعدوك من أرض مصر)، وهي العبارة التي تتطابق بشكل حرفي مع قول هارون بعد صناعته العجل الذهبي بعد الخروج من مصر ، وهو ما يعني ان يربعام قد قلد هارون في فعله.
كما ان القصة لم تذكر ان يشوع بن نون قد اشترك في صناعة العجل او تقديسه او عبادته والسبب في ذلك انه من الشمال من نسل إفراييم، ولذلك كان هناك حرص من جانب الكاتب على تنزيهه وابعاده عن الوثنية.
•    الوصايا العشر
تقول الرواية اليهوية (لا تصنع لنفسك ألهة مسبوكة)
وهذا به تعريض بالعجول الذهبية التي صنعها يربعام ملك الشمال، بينما لا يوجد به أي مشكلة بخصوص الكروبيم الذهبية التي صنعها سليمان في يهوذا، لان الكروبييم الذهبية كانت مصنوعة من الخشب ثم تم طلائها بالذهب وهذا ما يجعلها موافقة لتعاليم الشريعة والوصايا العشر.
•    تابوت العهد
يعطي له النص اليهوي أهمية كبيرة جداً وذلك لأنه كان موجود في الهيكل في القدس
اما النص الإلوهيمي فلا يذكره مطلقاً
•    خيمة الاجتماع
لم يتطرق النص اليهوي الى ذكرها مطلقاً
اما النص الإلوهيمي فيعطي لها أهمية كبيرة جداً، وذلك لأنها كانت مرتبطة في البداية بمدينة شيلو الشمالية، وكانت تلك الخيمة اول مكان يعبد فيه بني إسرائيل الرب حتى استبدلها سليمان بالهيكل فيما بعد.
•    الكروبييم
لم يذكر في الرواية الإلوهيمية، بينما أعطت له الرواية اليهوية مكانة كبيرة، فقد وضعه يهوه في الجنة لحماية شجرة الحياة وهو ما يتوافق مع ما فعله سليمان بعد ذلك عندما وضعه في الهيكل في القدس.
•    قصة مريم الثلجية
توجد تلك القصة في المصدر الإلوهيمي
وتلخيص تلك القصة ان هارون واخته مريم قد غضبا من موسى بسبب زوجته الكوشية، ولا تفسر لنا الرواية سبب غضبهما، فقام الرب بمخاطبة كل من هارون ومريم وغضب عليهما فانتشر البرص في وجه مريم حتى عرفت بمريم الثلجية حتى طلبا السماح من موسى الذي طلب من الرب المغفرة لهما
والقصة تبرز أهمية موسى وعلو قدره عن قدر هارون، وهذا يتفق مع كون كاهن الشمال من نسل موسى بينما كاهن الجنوب من نسل هارون.
وفي نهاية الفصل يؤكد (فريدمان) استنتاجه السابق، بكون كاتب المصدر اليهوي من يهوذا وان كاتب المصدر الإلوهيمي من شيلو في إسرائيل.

الفصل الرابع: -العالم الذي أوجد التوراة 722-587 ق. م
في هذا الفصل يتناول (فريدمان) تاريخ مملكة يهوذا بداية من وقت سقوط مملكة إسرائيل على يد الاشوريين في عام 722ق. م وحتى حدوث السبي البابلي في عام 587ق. م.
كان تاريخ يهوذا في تلك الفترة مرتبطاً بحركة التوسع والتمدد للإمبراطوريات الكبرى في منطقة الشرق الأدنى في كل من (مصر – اشور – بابل)، وظهر عدد من الملوك في يهوذا حاولوا ان يفرضوا استقلالهم الذاتي عما يدور حولهم في المنطقة.
•    الملك حزقيا 715-687 ق. م
قام بالكثير من الإصلاحات السياسية
استطاع ان يمد سلطانه الى الكثير من الأراضي التي كانت واقعة تحت نفوذ الملك سليمان من قبل، حيث قام بعدد من الإصلاحات الدينية، فقد حرم تقديم القرابين خارج الهيكل وهو الامر الذي أدى لمركزية العبادة وصعود نفوذ الكاهن الأكبر . وكذلك قام حزقيا بتحطيم الحية الذهبية نحشتان التي كان موسى قد صنعها حتى يبرأ كل من تلدغه حية عن طريق النظر إليها . وعارض حزقيا النفوذ الاشوري في المنطقة، مما عرضه لغضب العاهل الاشوري سنحريب، فقاد حملة ضد يهوذا ، واستطاع ان يخضع عدد من المدن الفلسطينية لسلطانه ولكنه ترك مدينة القدس.وسبب تركه للقدس مختلف فيه ما بين الرواية الموجودة في العهد القديم والرواية المستمدة من النقوش الاشورية، فالعهد القديم يذكر ان الرب قد قتل الكثير من الجند الاشوريين مما اجبر سنحريب على الانسحاب، اما الوثائق الاشورية فترى ان سنحريب قد انسحب بعدما اجبر حزقيا على دفع الجزية له.

•    بعد وفاة حزقيا، خلفه ابنه منسي ثم أمون، ولم يستطع الاثنان ان يسيرا على الخطى الإصلاحية التي اختطها حزقيا، فتم الرجوع الى لا مركزية العبادة وتم وضع الاوثان داخل الهيكل.
•    الملك يوشيا : خلف ابيه أمون في الحكم ، رجع الى سياسة حزقيا، فأعاد مركزية العبادة وحطم الاوثان . في عهده ضعفت اشور امام بابل، فانضمت مصر في تحالف مع الأولى، وعندما اجتاز الجيش المصري يهوذا في طريقه لمساعدة الاشوريين حدثت معركة (مجدو) بين الجيش المصري وجيش يهوذا، وقتل يوشيا في المعركة.
•    بعد يوشيا، اعتلى عرش يهوذا عدد من الحكام الضعاف حتى قام العاهل البابلي نبوخذ نصر بإخضاع يهوذا وعين عليها (صدقيا) وهو من أبناء يوشيا، وبعد فترة قام صدقيا بالتمرد فقام نبوخذ نصر بالاستيلاء على القدس وذبح أبناء صدقيا اما عينيه ثم فقأ عينيه، وعين بدلاً منه حاكم اخر ولكن تم اغتياله من جانب اليهود.
وفي عام 587 ق. م قام نبوخذ نصر باحتلال القدس وهدم الهيكل واخفى تابوت العهد ونفى سكان يهوذا الى بابل.

الفصل الخامس: -في بلاط الملك يوشيا
في عهد الملك يوشيا ذكر انه قد تم العثور على كتاب في الهيكل بواسطة الكاهن الأكبر (حلقيا)، وكان هذا الكتاب هو (سفر التثنية)
يعد سفر التثنية هو الاقوال الأخيرة لموسى قبل وفاته في صحراء مؤاب أمام الأرض الموعودة  ، وقد لاحظ عدد من الباحثين ان الأسلوب الذي كتب به سفر التثنية قريب للغاية من أسلوب أسفار الأنبياء الأوائل الستة (يشوع – القضاة – صمويل الأول – صمويل الثاني – الملوك الأول – الملوك الثاني) .
ويرى الكثير من الباحثين ان هناك محرر واحد هو الذي قام بترتيب نصوص سفر التثنية واسفار الأنبياء الستة  ، والسؤال من هو هذا المحرر ؟؟
ذلك هو ما يحاول (فريدمان) ان يجد له إجابة في ذلك الفصل والفصول الاتية ، حيث يحاول المؤلف ان يجد علاقة بين التثنية والاسفار الستة التي تليها وبين الملك يوشيا الذي تم اكتشاف سفر التثنية في عهده، فنجد ان هناك بعض الإشارات ومنها:
•    انه توجد إشارة في سفر الملوك ان هناك ملك سوف يولد من نسل داوود اسمه يوشيا، وهي إشارة مهمة لان توقيت البشارة كان في زمن يربعام ملك الشمال أي ما يسبق زمن ولادة يوشيا ب 300 عام تقريباً.
•    ان هناك عدد من الأمور التي وصف بها يوشيا في اسفار لاحقة، وقد وردت في سفر التثنية لتمجيد وتفخيم من يقوم بها
•    ان هناك الكثير من النصوص التي تبدي اعجاب صاحبها بيوشيا، ولذلك فان المؤلف يرى انه من المرجح ان كاتب سفر التثنية كان يعيش في يهوذا في حدود عام 622 ق. م

الفصل السادس: -المصدر التثنوي (د)
في هذا الفصل يقوم المؤلف بتناول مجموعة القوانين التي وردت في سفر التثنية لإلقاء مزيداً من الضوء على مؤلفه ، ومن تلك القوانين: -
•    مركزية العبادة
•    تعيين الملك من الرب بواسطة نبي
•    حظر عبادة الاوثان
•    معاملة العبيد
•    قوانين الاسرة
•    تحريم الاشتغال بالسحر
•    وضع اللاويين
 ويرى المؤلف ان كاتب هذا السفر من اللاويين بسبب حرصه الشديد على إبراز القوانين التي تدعمهم، وهو يرجح ان كاتب هذا السفر من اللاويين من كهنة شيلو

الفصل السابع: -كاهن في المنفى
بعد 22 عام من وفاة يوشيا تم تدمير مملكة يهوذا وحدث السبي البابلي ومن ثم فقد انهارت الاحلام التي كان يعقدها مؤلف سفر التثنية
ولذلك فأننا نجد ان الواقع الأليم الذي تعرض له اليهود في تلك الفترة قد أدى لظهور نمط أخر من الكتابة في سفر التثنية، ومن الأدلة على ذلك:
•    ان الكثير من النصوص قد ذكرت مسألة النفي كوعيد إلهي مستقبلي، والحقيقة ان كاتب تلك النصوص كان منفي فكانت نصوصه بمثابة انطباع لواقعه الأليم .وتوجد الكثير من الأيات الذي يذكر فيها الكاتب ما فعله (منسي) خليفة يوشيا من شر وكذلك خلفائه، حتى غضب يهوا وتم تدمير إسرائيل.
•    وبعد كل ذلك، يتساءل فريدمان حول أصل المصدرين التثنوي 1 والتثنوي 2، وهل كاتبهما واحد ام مختلف؟
فيرى انه شخص واحد عاش في الفترة قبل وفاة يوشيا عام 622 ق. م (صعود الدولة) والسبي البابلي عام 587ق. م (تدمير الدولة) وانه كان معاصر لتلك الاحداث.
ويرى (فريدمان) ان كاتب سفر التثنية واسفار الأنبياء الكبار الستة هو اما (ارميا) النبي أو كاتبه (باروخ).
الفصل الثامن: -العالم الذي أوجد التوراة 587-400 ق. م

توجد القليل من المعلومات عن الفترة التي أعقبت عام 587ق. م بسبب:
•    قلة المعلومات الواردة في العهد القديم
•    قلة الاكتشافات الاثرية التي تعود لتلك الفترة
وكانت فترة السبي البابلي صعبة على بني إسرائيل الذين ابتعدوا عن وطنهم وبلادهم وعاشوا في بلاد غريبة عنهم، وفي عام 538 ق. م احتل الفرس بابل، وسمح ملكهم كورش لليهود بالعودة الى بلادهم وبناء الهيكل مرة أخرى . وبالفعل تم بناء الهيكل مرة أخرى ولكن لم يوضع فيه التابوت ولا الكروبييم لأسباب لا نعرفها، وفي هذا الوقت عاد عزرا الى يهوذا.
وعزرا هو كاتب وكاهن يهودي من نسل هارون وصل الى يهوذا في عام 485 ق. م، وكان قد تم تعيينه من قبل الملك الفارسي (ارتحشست) كممثلاً له في يهوذا واعطاه سلطة فرض العقوبات والسجن والاعدام.
وتشارك كل من عزرا ونحميا في حكم بني إسرائيل باسم الفرس.
وقد وردت عدد من النصوص التي تفيد ان عزرا قد قرأ التوراة على الشعب اليهودي ، والسؤال الذي يطرحه (فريدمان) في ذلك الفصل، هو كيف استطاع عزرا ان يجمع نسخة التوراة من المصادر التي سبق ذكرها في الفصول السابقة ؟؟

الفصل التاسع: -الخطأ الفادح
يتطرق (فريدمان) في هذا الفصل الى مسألة توقيت كتابة المصدر الكهنوتي ، حيث يقول المؤلف ان هناك عددا من الباحثين قد حددوا توقيت كتابة المصدر الكهنوتي بفترة بعد حزقيال، ويعترض المؤلف على ذلك حيث يرى ان الصواب هو ان المصدر الكهنوتي قد كتب قبل حزقيال بفترة كبيرة جداً، ويعلل التشابه الموجود بين المصدر الكهنوتي وأسفار ارميا وحزقيال بكون ارميا وحزقيال قد أخذا واقتبسا من المصدر الكهنوتي وليس العكس.

الفصل العاشر: -الخيمة المقدسة
في هذا الفصل يناقش فريدمان ادعاء كل من فلهاوزن وجراف ان المصدر الكهنوتي قد كتب ايام الهيكل الثاني والذي تم بنائه بعد الرجوع من السبي البابلي.
فلهاوزن وجراف افترضا ان الهيكل قد أثر تأثيراً كبيراً في شكل وصياغة المصدر الكهنوتي، ولكن لما كان من المفترض الا يذكر الهيكل في احداث متقدمة زمنياً عن بنائه الاول بمئات السنين، فانه قد أشير الى الهيكل في المصدر الكهنوتي ب (المسكن)، ويعترض (فريدمان) على الربط بين المسكن والهيكل ويستدل على ذلك بالمقاييس المختلفة لكل منهما والتي ورد ذكرها في العهد القديم.
ويخلص فريدمان من ذلك بان كاتب المصدر الكهنوتي كان موجوداً قبل خراب الهيكل الاول.

الفصل الحادي عشر: -المصدر الكهنوتي (ك)
في هذا الفصل يعقد المؤلف مقارنة بين النص الكهنوتي والنص اليهوي الإلوهيمي، فيصل الى ان الاله في المصدر الكهنوتي هو إله عالمي يسيطر على الكون والعلاقة بينه وبين شعبه تتم من خلال القناة الرسمية وهي المؤسسة الدينية.
ويستشهد فريدمان على ذلك بعدد من القصص التي وردت في الاسفار الخمسة، ومنها:
•    قصة التمرد الذي حدث من بني اسرائيل ضد موسى وهارون في الصحراء
•    قصة خروج المياه من الصخر
•    اختلاف صفات الاله، ففي المصدر اليهوي الإلوهيمي نجده إله (غفور – رحيم – بطيء الغضب – كثير الإحسان) بينما نجده في المصدر الكهنوتي فهو لا يغفر الذنوب الا بعد ان يتم التوجه الى الكاهن وعرض القربان عليه.
•    قصة زواج بني اسرائيل من الاجنبيات، فالنص اليهوي الإلوهيمي لا يذكر دور معين لهارون او لاحد من ذريته في تلك القصة، اما المصدر الكهنوتي فيعلي من شأن (فينحاس بن اليعاذر بن هارون) وانه رفض زواج الإسرائيليين من اجنبيات، فقام وقتل أحد الاسرائيليين وزوجته المديانية وبذلك رفع يهوه الوباء عن بني اسرائيل، وقام بتسليم ميثاق الكهنوت الى فينحاس وذريته.

الصل الثاني عشر: -في بلاط الملك حزقيا
في هذا الفصل يؤكد المؤلف ان هناك الكثير من كتابات المصدر اليهوي الإلوهيمي موجودة في كتابات المصدر التثنوي ، ومعنى ذلك ان مؤلف مدرسة التثنية كان لديه نسخ من قصص المصدر اليهوي الإلوهيمي، ولكننا نجد ان مؤلف التثنية لم يقتبس من المصدر الكهنوتي
ويرى فريدمان ان مؤلف المصدر الكهنوتي كان موجوداً في بلاط الملك حزقيا.

الفصل الثالث عشر: -السخرية الكبرى
في هذا الفصل يحاول فريدمان ان يجاوب على سؤال مهم، وهو من الشخص الذي قام بدمج جميع المصادر السابقة في كتاب واحد ونص واحد. ويحدد فريدمان عدد من الملامح والسمات في شخصية محرر تلك الاسفار، وهي:
•    انه كان من الكهنة
•    انه كان من نسل هارون
•    انه كان موجوداً في ايام الهيكل الثاني
ويرى فريدمان ان تلك الشروط وجدت في شخصية (عزرا)، الذي قام بتحرير الاسفار الخمسة في بابل وانتقل بها بعد ذلك الى يهوذا
ويفسر المؤلف عملية الدمج بين جميع النصوص وعدم حذف أي منها بان عزرا قد حاول إرضاء جميع الجماعات اليهودية الموجودة في عصره.

الفصل الرابع عشر: -العالم الذي ابتدعته التوراة
ادى الدمج بين القصص والتشريعات المختلفة الى وجود عمل لم يفكر فيه أحد المؤلفين، فعلى سبيل المثال نجد ان الإله في التوراة له أكثر من صورة، ففي المصدر اليهوي والإلوهيمي والتثنوي نجده على شكل انساني الى حد كبير فهو يسير على الارض ويشارك في الحديث ويجادل مع البشر ويظهر في شكل عامود نار،اما المصدر الكهنوتي فلا يذكر شيئا من هذا.

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟