وَكَانَتْ قَارَّاتٌ تُخْفِيهِ عَنَّا زَمَناً قَدْ يَطُولْ ـ أحماد بوتالوحت

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

مَازِلْتُ أَسْمَعُ خُطَاهُ وَهِيَ تَقْرَعُ الزُّقَاقْ ،
كَانَتْ نَفْسُهَا الْخُطَى الَّتِي تَحْمِلُهُ لَنَا فَجْأَةً بَعْدَ غِيَابْ ،
فِي جِرَابِهِ خُبْزَنَا الْكَفَافَ وَدِفْءَ الْغُرَفْ ،
وَكَانَتْ قَارَّاتٌ تُخْفِيهِ عَنَّا زَمَناً قَدْ يَطُولْ ،
 وَيَأْتِي أَخِيراً وَفَوْقَ أَسْمَالِهْ طَحَالِبَ الْبِحَارْ ،
وَفِي جُيُوبِ مِعْطَفِهِ تَصْطَخِبُ الْأَمْوَاجْ .
كَانَ لَمَّا يَعْتَزِمُ السَّفَرْ ،          
تُعْتِمُ أَعْمَاقُهُ وَتَعْتَكِرُ الْغُيُومْ ،
فَأَرَى طُيُوراً تُحَلِّقُ مِنْ عَيْنَيْهِ صَوْبَ الْحُقُولْ ،
يُوَارِي الْبَابُ سَعْلَتَهُ وَيَصْطَفِقْ ،
يَرْفَعُ قُبَّعَتٌهُ عَالِياً ، وَحَالَمَا يَخْطُو يَشْرَبُهُ الظَّلَامْ ،

مُنْحَنِياً كَأَنَّمَا يَلْبَسُ تَحْتَ  يَاقَتِهِ قَوْسَ قُزَحْ ،
وَفِي وَجْهِهِ وَجْهَ طِفْلٍ أَدْمَنَ الْبُكَاءْ ،
وَكَانَ يَافِعاً لَمَّا بَدَأَ يَضْرِبُ فِي وُحُولِ الْقُرَى الْمَفْقُودَةِ فِي الْجِبَالْ ،
آهٍ !هَذَا الَّذِي قُلْتُ أَنَّ جُذُورَهُ تَذْهَبُ بَعِيداً فِي التُّرَابْ ،
أَصْبَحَ كَالَّلقَالِقِ لَا يُشْفِيهَا التِّرْحَالْ .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟