لَنْ نَدْخُلَ الجَنَّةَ عُرَاةً ـ شعر : عبد اللطيف رعري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

البُحيرَةُ تَغمرُ عَينَ الشّمسِ
بالبُكاءِ
 فيَزدَادُ الفَيضُ
 علىَ جنباتِ الرَّملِ
ولا أثرَ سِوى لِغمزةٍ عَارِية
أرْختْ نصْفَ سَوادها
على عُذْريةِ الظَّهيرةِ ....
بلْ لا أثَرَ سِوَى لعثمةٍ قتّمتْ مُحَيَّا أعيانَ البلاَدِ
 وأسقطَتْ طَبائعَ الألفَةِ منْ أدْراجِ القصْرِ
 المَرْمَرِي....
وَمنْ تحْتِهِ تجْرِي السَّواقِي ...

ومِنْ فَوقِهِ تُغْلِي الحَرَائِق...
وَبينَهُمَا كُلٌ فِي طَرِيق...
طَرِيقٌ لِطَرِيق...
وطَرِيق تنْهِي طَرِيق..
 عَتْمةٌ غَرَّرتْ بالشَّامَاتِ عِنْدَ مَتمِّ النَّهرِ
 الجَلِيدِي....
فأُكْمِلَ المِشوارُ صَامتًا بلاَ زيٍّ يُذكَر
وَمَا رَأتْ عَينِي عَرَاءًا يشْبهُ العراءَ
ولا سمعت أذُنَاي أمْرًا بالعَرَاءِ كَهَذا العَراءُ
 فسَكَنَ الرِّيحِ صَالاتَ الرَّقْصِ
وباحَاتَ الشُعراءِ
 وتَصلَّبتْ القَادةُ علَى تمَاثِيلِ الهَوْلِ...
 ومَحَتْ مِهرَجانَ الألوَانِ ببَهْرجَةِ السِّلاحِ...
 فَكَبَا الجَوادُ بفِعلِ الصِّياحِ .......
وَتشتَّمتِ الغَوَانِي المِلَاحِ...
 تَحتَ فَرقَعَاتِ الأقْدَاحِ بوابلٍ مِن الظُّنُونِ
 بَدلَ الرَّصَاصِ والقصَاصِ....
 بدل السَّحْلِ   وَما سَارَ بَيننَا مَناص
 فَسُبحانَ مَن غيَّر وبدَّل وعَثَّرَ الكَمَالَ بِالخَصَاصِ
وأشْهَدُ اليقِينَ لِمَنْ  تَظاهَرَتْ بالبَقَاءِ الأبَدِي
الزَّوَايَا المُمَرْمَرَةِ
  ومِزْهَرِيَاتِ الطِّينِ الأحْمَر..ِ
تَمَاثِيلَ مَنْ سَبَقُونَا فِي الوَهْمِ..
 وَقَلِيلٌ مِمَنْ رَفَعُوا بَيَارِقَ السَّلاَمِ 
 وعَلَى شُرْفَةِ مَبِيتِ الحَاكِمِ تدَلَّتْ قَائِمَةُ الهَدايَا
وَرَسَائِلِ الذِّكْرَيَاتِ ...
ومَا تَناثَرَ مِنْ صُحُفِ الأقْدَمِينَ
عَلَى أشْجَارٍ خَرَّتْ لِلْوَحَلِ
 لَا تسْألُونِي وَالمَّارَةُ علَى مَا يُميِّزُ هَذَا القَصْرَ وَالمَقبَرة ِ
هذَا القَصْرُ وَفُصُولَ الخَريفِ
 هذا القَصْرُ وبُركَانٌ قَيدَ التَّكْوينِ
 هَذا القصْرُ وَمَا لاَ نَشتَهِيه
فهَلْ فِعلاً الْعَفَاريتُ لاَ تَعشَقُ سِوَى الدَّمَار...؟
أمْ أنَّ الدَّمَارَ يُلاَحِقُ أهْلَ العَارِ...؟ 
 حُجيرَاتٌ سَاقَهَا التّلُ غَضَباً
لتَرُدَّ مَوجَاتَ البحْرِ لزَمَنِ اللاَّبَحْر ..
المَدُّ والجَزْرُ زَوجَانٌ افتَرَقَا علَى ضَلاَلٍ
فَأقْسَمَ الكلُّ عَلىَ تأثِيثِ الألُوهِيةِ خَارِجَ مَدارِ الزَّمَنِ
 فتَرَمَّلاَ..
نَارٌ تَأكُلُ الأعْمَاقَ وَمَا طَفَى ..
وَتُعْدَمُ الظِّلالُ والنُّجُومُ وَمَا هَوَى...
وعَلىَ رَحْبِ الامْتِدَادِ شوَاطِئ  تتبَرَّأ مِنْ عُمُومِيَّتهَا
للنَّمْلِ للْجُرْذانِ
 للفَصْلِ للْعِصْيانِ
الدمُ كُلَّما عَبَرَ تَكَدَّرَ
 والشَّرُ كُلَّمَا تَحَاشَتهُ الألْوَانُ تَنَعْتَّرُ
 لعَامَةِ الخَلقِ صَلاَحِياتٌ الكُّلُّ وَمَا نَوَى
 فُرْصَةٌ لِلتَّمَثُّلِ...
فُرْصَةٌ لِلتَّكَثُّلِ ...
فرْصَةٌ لتَّبتُّلِ ...
فشَرَفُ الإحْلاَلِ لاَ حَصْرًا عَلَى أحَدٍ ...
وجَنَّةُ اللهِ مَآلٌ عَابِدٍ  وَمُتَعَبِّدٍ جَاحِدٍ وَمُتشَّدِدٍ
ندخُلُهَا بِقُدسِيةِ مَنْ أمْكَنَ الوُجُودَ ...
بحكْمَةِ مَنْ أيقَنَ الوُعُودْ..
بِجَلالِ مَنْ جَعَلنَا علَى عَرْشِهِ شُهُودْ   ..
.بعَظمَة مَنْ بِيدِهِ عِصْمَةُ الإنْفِرَادْ...
لاَ عُراةَ كَمَا العامَةُ يتَوَهَمُونْ
ذرَاعُ الرَّبِّ كَمَا فِي جَهلِ البَحْرِ شَامِلٌ...
 وكَمَا فِي جَهلِ الجَاهِلينَ طَويلٌ..
 يَكْفِيكَ تقْبِيلَ اسْم الجَلاَلةِ
 لتَأتِيكَ المَلاَئِكَةُ عَلَى عَجَلٍ
 مِن مَقَامَاتِ الحُلْمِ...
 مِنْ رَحِمِ الرُؤَى...
 مِنْ رِضَا اللهِ علَى العِبَادِ ...
منْ منبعِ النُبُوءَةِ
مِنْ مَنَابِرِ التَّمْجِيدِ
 مِنْ أصْلِ الحِكْمَةِ ومَصْدَرِ الحُكَمَاءِ
 تُبَارِكُ القَدَاسَةِ...وتُجَلِّلُ شُرُوطَ التَّعْظِيمِ
وَكُلُّ حِينٍ بِشَارَة ....  
وكُلُّ حِينٍ نَظَارَة ....
فبئسَ النفْس الأمَّارَةِ
وبئْسَ مَنْ تلا اليَمِينَ بوَجْهٍ كَئيبٍ...
 وبئسَ مَنْ غَالَ فِي قَوْلِ الحَبِيبِ.....
وبِئسَ مَنْ عَرَّى أجْسَادًا علَى صَخْرٍ معيب
 لا السَّبحَةُ بها يُرْجَى النَّصِيب...
و لاَ الصَّلِيب ....
 الجَنَّةُ جَنَّةُ اللهِ وَنَحْنُ زُوَارُهَا
 الجَنَّةُ جَنَّةُ اللهِ ونحْنُ أهْلُهَا
  فَكَيْفَ سَنَدْخُلُهَا عُرَاةً ورَبُّ العِبَادِ رَحِيمُ