تَأفِيفُ الأحْرَارِ باللهِ ثَوْرَةٌ صَادِقَةٌ ـ شعر : عبد اللطيف رعري

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

 أفٍ منْ إصباحاتٍ يكثُرُ فيها لُغطُ الجُرذانِ
 وَيَعلُو صَوتُ الأفنانِ
 وأهلُ الدارِ على الأرَائكِ مغصُوبين غاضِبينَ بالمجّان
يسألون وَاهِبَ العِزَّةِ والجَبرُوتِ الرَّب المَنَّانِ
 مَقامًا بجِوارِ الحبيب العدنانِ
 يسْألُون واهب مُلكِهِ لمن يشَاء
 السّلوَى والسلوَانِ
 النَّجْوى والأمَانِ
طلةً خَارِج البهْو المُسيّج يأملُونَ فيهَا اثنانِ
الشّمسُ علَى موعِدهَا
ونَسمةُ البحرِ  بالبَقاءِ  علَى عَهدِهَا

 وإصْباحَاتٍ يسْتثنِي مِنهَا الوهمُ حُلم الفرَاشاتِ .
أفٍ لِزمنٍ تُسحَلُ فيه الأرواحُ لمُجرد ِالبوْحِ
وتُفصلُ الأطرافُ عنِ الجَسدِ الممنُوحِ
 أفٍ لِتعثُراتِ أقدامِنا في حَفاءٍ يشْبهُ الطوحِ
 يشْبهُ الأرَق
يشبه الخَارِق والابرَق
 يشبه الدَّاكنَ والأزْرَق ...
يُشبهُ الشَّبيهَ والمُتشَابه...
 يُشْبه طَلعَتِي وَسقْطَتِي
 وسَقْطتِي قبلَ يقْظَتِي
أفٍ لكُل مَا يُشبهُني في عِنادِي
ويشبه في الخدل جُنونِي
وأنا في قريب الأزمان شبه حكاية
 وأنا في مَا لا نهاية لغز بألف غاية
أنبضُ على عشقٍ يُؤرقُ كل غِواية
 فيها الحلمُ هداية
أقطابُها من العاكفين وقُراء التاويل
ينشدُون الحكمة علَى أ فواه الحمقى والمجانين
ومن قال آمين
 من ملّتِّي....من ملّتي نعم....
نَجَتْ أهدابُه من نيران الطريق
 ومن قصَدَ الزَّاوِية للتّبركِ سَعياً
كَانَ له فِي حُمقنَا سُترَة من الحريقِ...
وجنُون المُرِيدِ فِينَا آية لِلشّملِ لاَ لتّفْرِيقِ
أفٍ لِكُل جَسدٍ يتعرّى لمجَانيةِ الشّهوَات
 خلف الأبوابِ الخشَبية المُتآكِلة المُلقَاة
 وراءَ أكوامِ القشّة المبلُولةِ
والنبتة المشلُولةِ
 برضُاب الأفاعِي البارِدةِ
وعَسسِ الكَفْرِ يعُدُّون الخطوَات
 خَطوةٌ للشرودِ
 وخُطوةٌ أخرى لليَوم المعْهُودِ
أفٍ لك أنتَ  في بياتكَ تلُوكُ النسيانَ
 تتفزعُ بالقُربِ من طيفكَ الشريدِ
 وقد يكُونُ طيفٌ حَامِي المغَارةِ
التي صَلَّيتَ فِيها بجَهلكَ لجُنونكَ
وفقَدتَ البِشارَة
 فكُن أنتَ الشريدُ الأكبْرُ
 كُن أنتَ العَقيمُ الأخضرُ
 كن أنتَ الطرِيدُ الأدْبرُ
 فسلامةُ أهلِ التوحِيد ِلا حِجابَ لها فِي السَّماءِ
 قومٌ إذا جاعُوا تَكفِيهم البسمَلة
وإذا عَطشُوا يسألونَ الرَّبَّ غَيثاً مِدرَارًا
وإذا ضَاقَ الحَالُ بينهُم صَامُوا الدّهْرَ تِكرَارًا
يبكُونَ ....يتخَشّعُونَ...يسْتغفرُونَ...
ولاَ يجْعلُونَ معَ الخَالقِ أندَادا
 يدعُون الله إلحاحًا وإصْرَارًا
 وربهم بذالكَ كريمًا غفارًا.
 أفٍ لكَ أنتَ  فِي بيَاتكَ تلُوكُ النسْيان
 تتفزعُ بالقُربِ مِن طَيفكَ الشرِيد
في زاويات اللّيلِ تخيطُ رِدَاءا   للوجَعِ
وتسكُبُ قَطرات الدم في قِنديلٍ معْطُوبٍ
وعَيناكِ علَى فراغِ المسَاحَاتِ 
 لتُسقِطَ حجَر الوادي فِي جرَّةِ الغدْر
 وتلحقُ على توِّكَ صَبيبَ الغَضَب
 وسَط كُفُوف أعْمى يتلظَّى
 يتحسسُ مناديلَ الهوَى بنتَّانة الفجِيعَة
 فَربَّما عُكازَ ته المنخُورَة خائنة
 من صُلب شجرة الدفلَى معقُوفة
 إلى يمناه ُالمدمَّى
تطبِّل حُفر الهَاويةِ
سَارِيةٌ على ما هية .......
أفٍ لي أنا  ...عفواً أفٍ لنا أجمعين
أفٍ لنثرِ القصَائدِ بالمجَّانِ
 على أبوابِ سلالة الجبّار هامان
 منذ فجرِ الإنسان
 مروراً بالفراعنة والرومان

 حتى وأنا الآنَ بنفس الأوان
 والحلم فيها عبثٌ ..والعبثُ فيها عبثٌ
يسرق الغفوةَ العاقرة من عُيوننا
 فيبدوا لي جسدي عنيد ٌكموجِ البحرِ
 أثقل من صخرةِ هرقل الأكبر
 مدحرجًا إياهَا والمأسَاة قُبالة َالسفحِ تتحجرُ...
 تتكدرُ.... تتعثرُ ...تتبعثرُ...
  أفٍ للوحَلِ الذِّي منه أتيتُ.
...تنقصُه ملحُ السّماءِ...
وعِطْرُ الاقدَمِيين...
أف للوجل الذي تهت إليه فيه خرابٌ...
 وسرابٌ...
وعذابٌ..
وعودةٌ إلى حين
 لأجل الشكِ والارتيابِ...
 لغلقِ الأثقابِ ...فالنّملُ هائجٌ
لكسرِ الأنصَابِ...فاللّيل يسكُنه الهَجيجُ
لضمدِ الأعطابِ  .... فرُبَّ  للهَالكِ فرصَة النّجَاة
 أفٍ للوَحل الذَّي   منه أتيتُ
صَار فُتاتاً واعتصَر وجْهِي دَماً
 وصِرتُ كَما أنا الآن أهرطقُ للخواءِ
عساني ألبِّي للشّتيمةِ مقْصَداً
 وأدَاوي بالهَمزِ والغمزِ سَرطَانات العصْرِ
 ومن يدرِي
 فقد يحل أبِقرَاطَ ضَيفاً
علَى آخِر الكَهنةِ فِي مارِستانات البُعدِ المُنتظرِ
 ليفُكَ طلْسَم َالحُمقِ عِن العازِفينَ للامْتثَالِ .....
وقد ينثُرُ صَخَبهم بِترياقِ الأنبياءِ....
فألامُ المُعجزَاتِ لاَ يدَارِيه إلاَّ ألأنبِيَاء
وقليلٌ مِن العالمِينَ والأوفِيَاء.
أفٍ لصباحياتٍ كنت فيها أتوَسّدُ خَجلِي
 وأتلحّف برِداءِ القُنوطِ  بِسَهْوي وَعَجَبِي
لما يتّمنِي هَجرُ الحَبيبِ
 لمَا اندسَّت في أكْمامِي المَمْرُوقَةِ...
 في ثنَايا أسْمالِي المُقْمَلةِ....
في فتحَة أظَافرِي المُترَعةِ
علَى ألسنةٍ شَارِدة في النّميمة...
على أنيابٍ مَطلُولَةٍ بالنَّهشِ والجَريمةِ..
على عُيون بَاردةٍ تتشَفَّى الخَرَّةَ الذَّميمةِ
صَرَخَاتُ الخُرافةِ والمنْسيَاتِ...
لمَساتُ الابتِذالِ
وسَخَافةُ الأشْباه ِبالأصْلِ والتّأصُلِ
.لما اكتَوَى ألاشُعُورُ بالخَرفِ والهَذيانِ
 باسم البداهَةِ وعِشقِ الأثِيرِ المَسْنَانِ
صَارَ اللاهُوتُ في كُل مَكانٍ 
والخَطِيئةُ صَارتْ عِشقِي
وصِرتُ الولْهَان
 أستَجدِي مِن ورَائي الحَيرةَ
فلا فلجَ الصُبحِ ...
ولا حرّ الظَّهِيرةِ ...
ولا النُبوءَة وحُسنِ البصِيرةِ...
 ولَا جنَّة عَدن ولا لهبُ العسِيرةِ ...
أمْكنُوا فَرحَتِي ...
.أفٍ بثقل الجبالِ
 بالأصْفادِ والأغْلالِ
 بالمسْخِ والأهوَالِ .
.لِي..
عَفواً لنَا أجمعِين..
بِعْنَا العِزَّةَ وشَرفَ القلْبِ
 ولمَّطْنا الوَطن فِي كفنِ العَراء ِ...
منّا من يَتلُو الشَّهادَة َمُتلعثمًا حُرُوفَ الرَّب
منَّا من  يقُفقفُ تَرنيمَة الفُقهَاءِ
 بهمْسٍ خَادعٍ كأنّ اللهَ غائبٌ عَن العَالمِينَ
أفٍ لصَلواتِنا بدُونِ خُشُوعٍ
أفٍ لخشوعٍ لا يفتحُ أبوابَ الجنَّةِ
الرَّحَى التِّي تنْتظرُنا بَدأتْ فِّي الدَّورانِ
 فلَا  الأسْماءُ المَوشُومةِ للأَبدِ
 علَى صٌدورِنا والتِّي لاَ تحملُ  فِينَا غَير الأحْرُفَ
ولَا الألقَابُ المُستعارَة التِّي لا تُعنيِنا فِي شَيءٍ
 فيهَا لنَا شَفاَعةٌ
أفٍ لرائِحَةِ البَحْرِ التِّي تَعشقُونَ
وبها تَسعدُون
فقَدْ سَلَّمتنِي رَسائلَ حَزينَةً عَن وَرائِياتٍ مَنْ نُحِبْ ...
 وجرّت الويْلاتَ كَما لَا نُحِبْ ....
فَمَا شَأنكِ أنت الأَقْدارُ.... أحِبُ أو لَا أحِبْ.....
وَهَا ظِلالَ أخرَى تَحارُ فِي مَواضِعِها  
  والشَّمسُ تأكُلُ نفسَهَا  أبدَ المَرَّاتِ لرِحْلةٍ أخِيرةٍ
فهلاكُ الأمَّة يقينٌ بعْدَ إدْبارِهَا ...
فمن بعدي سينفث الأرض ومن عليها
ومن أمَّن الحُمقَ لهُ دَهاليزَ الاخْتفَاءِ والصُّعُود الى السَّماءِ ؟
أفٍ لسَلمَى الياسَمِين
حين أهدتْ مِنديلهَا الأبيَض
 لزائرٍ غَريبٍ  مُقابلَ قمْحةٍ
 وأدبَرَتْ هي الأخرَى خَلفَ العُهُودِ
 فجَلَبَتِ العَارَ للعشِيرَةِ وأتلفتْ العُنقُود
فلَا تقتُلوا سلْمَى ولاَ تَشُربُوا البحرِ
فَذاكَ الطَّائرُ الصَّامِتُ فِينا
 يشْدُو بِحياةٍ غَير حَياتِنَا
وذاكَ الشَّاعِرُ العنِّيدُ فينَا أيْضاً
 سَيُهدمُ أدراجَ البحْرِ بِلمسِ السَّماءِ
 لنَعْلُوا جَميعًا صَومَعَةَ الحقِّ
أفٍ لعيونكم فقد أحرقت الأفق بدمعٍ باطلٍ
 وحِينَ نَمتْ
 رَقّصَتْ طَائرَ البُومِ فَوْ قَ زَعفَةِ النَّخلةِ
أفٍ لي...لي وحْدِي...لاَ عفوًا لنَا أجْمعِين
مُنذُ البدْءِ إلَى آخرِ يومٍ فِي النَّعِيمِ
حتَّى الخَتمِ إلى آخِرِ  يَومٍ فِي الجَحِيمِ
لَوْ بِوُّدِي....
لَكَسَّرتُ مَرَايَا السَّمَاءِ ليُصَابَ البحْرُ بالعَمَى
فَهَا أظَافرِي تَستَحِمُ فِي شَمسٍ هَارِبةٍ
فمنْ يقِي الأرضَ مِنْ نَبَشَاتِي
لو بِوُّدِي..
لأوقَدْتُ نارَ الفِتنَةِ فِي كتُبِ ذِكريَاتِي
فَالسَّيْلُ الجَارِفُ تحْتَ أقدَامِي كبّلهُ الحَرِيقُ
لو بِوُّدِي...
لبتَرْتُ شِبرًا مِن َالبحْرِ..
.وشِبرًا من الصَّحراءِ.
.وصيّرتُهُمَا شَجَرة لِتلدَ الكَلمَات 
لوْ بِوُّدِي ...
لدَمَّرْتُ العَالمَ فِي غَمضَةٍ
وأعلَنْتُ المَخاضَ فِي رَحِمٍ غَيرَ رحم الأرْضِ
لِنَنجُوا مِنَ العِقابِ
أفٍ للْعثْرَةِ التِّي خَبّلتْ مَمشَاكُمْ
أفٍ للصَّمتةِ التِّي  لَمْ تُسعِفكمْ الصَّياحَ
أفٍ لِطأطَأةِ الرَّأسِ التِّي أعَابتْ وُقُوفكُمْ
فبَدَا الأحدبُ أكثَرُكُم وَسَامَة
أفٍ للأوسِمَة والنَّياشِين
أفٍ لِكُل التَّبريكَات وإشارة الرِّضَى
مِن مُلُوكِ الزَّمانِ وَرُؤسَائهِ
لمُجَردِ الطَّاعَة والدَّلالِ
أفٍ لِكُل الأشْياءِ   المُتَأَفِفَةِ
والتِّي   فِي سَيْرِ الدِيوانِ
أفٍ لِنسَائنَا الرَّاقِصَاتِ
لبناتِنَا العَاهراتِ فِي المَلَاهِي والكبَارِيهَات
 اللَّامُتعَفِفات فِي السرائرِ الحريرية مُترَفَاتٍ
أفٍ لخَدماتِهِنَّ بدُونِ مُسَاومَاتٍ
مَا دامَ فِينَا الجَرِيحُ والطَّريحُ
فينا الأطفَالُ تَصِيحُ
فِينا الكئيبُ والغَريبُ
 فينا اليّتَامَى وأكثرُ النَّدامَة
فينَا بَشَائِرُ الشَّر عَلامَة
والكَالِحَاتُ بدِونِ قَسَامة
أفٍ للمَوائد المتْخَمةِ بالشَّهَواتِ
 والسَّتائِرِ المُطرَزةِ بأبْهَى الأدَواتِ
أفٍ لخُمُور ٍعَتَّقتهَا السَّنواتِ
وأباحَتْ للنَّفسِ الغَوصَ فِي المُحرّماتِ
أف ٍلحُراسِ المُعتقلَاتِ
 ضَجيجُ مفَاتِحهِم تخمُدُ الحَركَاتِ
للجُيوشِ الرَّابضَةِ فِي الثّكناتِ
تسْتبيحُ دمَاءَ الصِّبيةِ والكَاهِلاتِ
وترى فِي ضُعفِنا فُرصَة الاسْتيِلاءِ
 باسْم كُل الأحْرَارِ
 بكُل الأرْجاءِ....
أقُولُ أفٍ لكُلِ مَن ظَلمْ
لكُلِ مَن خَانَ وَهَدمْ
أفٍ ولاَ ندَمْ .....