ارتكاسات نقد العقل..قراءة في مسارات النظرية النقدية - عبد الله موسى

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

انفاس يبدو اليوم للكثيرين أن النظرية النقدية قد تم تجاوزها. لكن مهما بلغ شك الباحثين والدارسين في جدوى رؤى المدرسة، ونظرياتها في المعرفة، واختلافات أعلامها، فإن في بعض كتاباتها وتوجهاتها ما يمكن الإفادة منه، وما المحاولات المستمرة للتجديد والنقد والتصحيح داخل المدرسة، إلا دليلا على مساعي رجالاتها المستمرة للوصول إلى معرفة أكثر دقة، كما أنها دليل على ذلك التوتر بين النظرية والواقع.
لقد حصلت "مدرسة فرانكفورت لعلم الاجتماع الألماني" على طابعها المؤسسي عبر تأسيس "معهد البحوث الاجتماعية" في عشرينات القرن العشرين، ذلك المعهد الذي وضع ضمن جامعة فرانكفورت. وجاء تأسيس المعهد عبر هبة وقفية، جعلت من شخصيات من مثل تيودور أدورنو (1903-1969)، وماكس هوركهايمر (1895-1973)، أبرز العاملين بالمعهد منذ تأسيسه، علما على العالم الفكري والسياسي لجمهورية فايمار ولما بعدها حتى الفترة المعاصرة. وفي عام 1930 صار ماكس هوركهايمر مديرا للمعهد، ومحورا لتلك الدائرة من الباحثين، الذين وجدوا في النظرية الماركسية المرشد الأهدى لفهم ظروف العصر المحيطة بهم. وقد أخذ أتباع النظرية النقدية على عاتقهم مسألة قراءة التاريخ الفكري الألماني من جديد من مثل رؤى نيتشه وشوبنهاور، في ضوء المادية التاريخية. وفي عام 1937 نشر هوركهايمر مقالته الشهيرة بعنوان "الرؤية التقليدية والنظرية النقدية" فصارت من جهة دليلا نظريا لمدرسة فرانكفورت وتوجهاتها الجديدة، ومن جهة ثانية مصطلحا لإخفاء الأساس الماركسي للمدرسة (نقدي بدلا من ماركسي)، وكانت مجلة المعهد المسماة: مجلة البحوث الاجتماعية مجالا لنشر أهم بحوث العاملين في السنوات اللاحقة على تأسيس المعهد، رغم الاختلافات النظرية بين أعضائها الناجمة عن النتائج المتمايزة للبحوث والاهتمامات من جهة، ولاختلاف الأمزجة الفردية من جهة ثانية.
ومع وصول النازيين للسلطة عام 1933 بدأ عهد التشرد بالنسبة للعاملين والدارسين في معهد فرانكفورت، اتجاه فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية.. حيث تابعوا عملهم في تطوير "النظرية النقدية". وفي عامي 1949 و1950 عاد إلى ألمانيا الاتحادية كل من أدورنو، وهوركهايمر وبولوك. وانضم إليهم لاحقا في أواخر الخمسينات يورغن هابرماس وجان بياجيه اللذين أسهما إلى حد بعيد في بلورة الطابع الخاص للمدرسة، والتعريف بها، وبالاتجاهات النقدية الممثلة في علم الاجتماع بفرانكفورت.


النظرية النقدية وارتكاسات عصر التنوير:

لقد بدأ أفول عصر التنوير مع مطلع القرن التاسع عشر، بعدما وصلت حركة التنوير إلى درجة متطورة من التأسيس على يد كانط في ألمانيا، فلم نعد نشهد نظريات علمية كما كان (لكبلر، جاليلي، نيوتن) وحتى الفلسفة وقفت أبنيتها المحكمة عند كانط، بل لم يعد القرن التاسع عشر وما بعده يشهد سوى شروح لمذاهب، أو تلقين لمذاهب فلسفية مختلفة على نحو الأفلاطونية المحدثة، الديكارتية الجديدة، ومراجعات هنا وهناك.

لقد كانت بداية النزول في اتجاه مضاد مع حركة الرومانتيك(*) التي انتشرت في باقي دول أوروبا. فبعدما كانت حركة التنوير تقول بالفردية والذاتية وتحلل المرء من كل التقاليد الموروثة والظروف التي وجد فيها.. والقضاء على كل أثر من آثار العصور الوسطى، والفصل بين عالم التجربة وعالم العقل المجرد.. على العكس من ذلك كله حركة الرومانتيك أرادت أن تزج بالفرد وسط الأمة، وأن تخضعه خضوعا تاما لسلطان الدولة والكنيسة. ولظروف الزمان الذي وجد فيه والجنس الذي ينتمي إليه والمكان الذي يقيم به ويحيا ماضيه كله في نفسه، ماضي أمته وتقاليدها وأساطيرها وأحداثها.. فأصبح الإنسان كتلة من الماضي مرتبطة بمكان معين، ومحدودة بزمان معلوم. وبالتالي أصبحوا يقدسون العصور الوسطى ويعدونها أرقى العصور الإنسانية وأخلقها بالفضيلة، وأقربها إلى تحقيق مثلهم، بل لم يعودوا يفصلون بين عالم التجربة وعالم العقل المجرد بل يعدونهما من نسيج واحد لا وجود لأحد منهما دون الآخر. في حين الموقف الذي يتبناه العقلانيون المعاصرون من تاريخ الفلسفة هو موقف في الفلسفة وفي تاريخ الفلسفة غير أنهم لا يعتبرون أنفسهم امتدادا استمراريا لا للعقلانية الكانطية ولا للعقلانية الكلاسيكية، كون العقل في منظورهم يراجع نفسه ويعيد فيها النظر في ذاته باستمرار، فهو في نقاش أزلي وصراع أبدي مع ذاته.. فالعقل لا يقر له قرار، حركته الحقيقة هي النفي والتجاوز، نفي غير آلي، بل تركيبي وتوسعي.

ضمن هذا السياق النقدي للعقل وللعقلانية النسقية السابقة، يبرز موقف النظرية النقدية من خلال أرنست بلوخ (1885-1977) أبرز منظري المدرسة، في دراسته عن عصر النهضة وكل من تيودور أدورنو هوركهايمر اللذين ألفا كتاب جدل التنوير واهتما بتقديم فلسفة غير تقليدية، لا تهتم بالاتجاهات النظرية في تاريخ الفكر قدر اهتمامها بالبنية العامة للمجتمع كما تنعكس في العقل، إذ بحثا مصائر العقلنة وإمكانيتها للتحرر رغم مشكلاتها الضخمة بإيقافها أمام محكمة العقل (كانط). وحكمهما يمكن تبينه من خلال مسألتين: القول بأن الأسطورة –في زمانها- تعقل، كما أن التعقل المعاصر أو التنويرية المعاصرة تتجه لتكون أسطورة من جديد. أما بالنسبة للأسطورة فقد أوضحاها بأن الجماعات البشرية فيما قبل التاريخ حاولت التخلص من تحكم الطبيعة..

فالإنسان الأول القادر على الاصطلاح أو التعبير اتخذ الطبيعة موضوعا بأن جعلها أداة أو وسيلة لأغراضه، ففي الأسطورة إعادة تشكيل للطبيعة حسبما يراه الإنسان. وهكذا فإن الطبيعة ما تزال تقف في مواجهة العقل والتعقل باعتبارها مهددة. ويواجه العقل هذه القضية عن طريق المضي قدما في عملية عقلنة كل المجالات الحياتية. وإذن الحل ليس في الخروج على العقل أو إزالته، بل في أن يتعقل العقل تعقله أو ينور العقل تنويره.

وعليه يطرق أدورنو موضوع فلسفة التنوير من خلال إثارة أسئلة حول بنية العقل المعاصر.. فيتساءل هل الصورة التي وصلت إليها الحضارة المعاصرة هي نتيجة لفلسفة التنوير، التي استبعدت الأبعاد المختلفة للعقل وجعلته يقتصر على العقل العلمي والتكنولوجي، وتم استبعاد صور العقل الأخرى، مثل العقل الخيالي، والأسطوري؟ "إن نقد التنوير هو نقد العقل ذاته"، إذ نتيجة اتساع السوق وسيطرة العقل الحسابي أصبح الموجود المادي هو العقل الذي يتحكم في مصير الإنسان المعاصر وتم إغفال الأبعاد الأخرى كدور العلم التحريري للإنسان مثلا. إذ أصبح ضروري نقد العلم الغربي في صورته الجزئية التي ساهمت في تفتيت الوعي الإنساني وفي خلق أسطورة المردود والعقل الاستهلاكي –فأي نقد لهذه الحضارة يبدأ من نقد العقل-. بحيث إذا كانت فلسفة التنوير تدعو إلى استخدام العقل في كل شيء فإن أدورنو يدعونا إلى استخدام العقل في مجال جديد هو نقد العقل نفسه في استخدامه كبنية اجتماعية للسيطرة والقمع. ولذا يرى أدورنو أن فلسفة التنوير في القرنين الثامن عشر والتاسع عشر قد خلطت بين استخدامات العقل المطلقة. إذ تم استخدام العقل في البحث في مجالات سبق كانط أن بين أنها تتجاوز قدرة العقل الإنساني، وقد تم تعميم ما توصل إليه العقل في تلك الفترة على باقي التاريخ الإنساني.. أما القرن الثامن عشر الذي تنتمي إليه فلسفة التنوير لا يمثل إلا لحظة من لحظات تاريخ العقل لأن فلسفة التنوير هي تجميع وتكريس لميراث العقل الذي تجاوز الحدود التي حددها كانط من قبل –حينما كان العقل هو القوة الفاتحة- ولأن فلسفة التنوير اهتمت بدراسة جهد الإنسان في الإنتاج والتأثير على الطبيعة دون الاهتمام بالحركة الاجتماعية الناجمة عن ذلك ودون الأبعاد الأنطولوجية للإنسان. وإذن فالعقل الغربي مهدد منذ ولادته بخطر اللاعقل، إذ كلما اكتسب العقل الدقة والسيطرة على موضوعه ازداد انغلاقا على نفسه لأنه يفرض على نفسه معايير الدقة التي يفرضها على الموضوع الخارجي. وبالتالي فإن العقل في صورته الراهنة لا يقل عن الأسطورة –إذ وقع العقل فيما أراد التحرر منه- كون المعرفة العلمية تسربت إلى العقل الفلسفي المعاصر، الذي أصبح يعتبر التقنية أو الآلية هي جوهر المعرفة الفلسفية والتقنية. مما يعني التحول الكامل للعالم الطبيعي والاجتماعي –لأنها تؤثر في الذات والموضوع والعمل واللغة وكل أنماط العلاقة التي تربط الإنسان بالعالم- أي تحول العلم والإيديولوجيا والفلسفة إلى أدوات في خدمة السيطرة التي هي بمعنى من المعاني جوهر المجتمع الذي نشأ عنه هذا الاستخدام للعقل –وإذن فهي عودة العقل إلى اللاعقل، إلى الخرافة. في هذا الصدد، يرى كل من هوركهايمر وأدورنو: "أن الانتحار الذاتي لعصر التنوير كان قد أجبر الفكر على تعطيل نفسه حتى حد السذاجة مقابل التمسك بالتقاليد الفكرية الجديدة للفكر الوضعي الذي اختار لنفسه طريق التحول نحو السلبية وتحطيم ما بناه بنفسه".

إذ العقل في نظر أدورنو ليس ملكة أو خاصية للإنسان وإنما هو موقف يقود السعي إلى المعرفة من أجل السيطرة(*). ولذلك هو موقف يرتبط بأنماط التنظيم الاجتماعي.. فالعقل بعد التنوير جعل الإنسان يخاف من أي شيء لا يخضع لقاعدة ما أو لعدد كمي. وصل العقل إلى بناء كون متناسق ومنسجم لكنه متكرر كالأسطورة. لأن النزعة العقلانية لعصر الأنوار كانت نزعة إنسانية كونها كانت تجمع بين احترام وعبادة الإنسان، من حيث هو كائن حر وعقلاني، وذات فاعلة في الكون وكونها حملت معها في صراعها ضد الأسطورة، الأمل في معرفة تجريبية ذات أساس وقابلة للاختبار.. يقول هوركهايمر: "عندما ندرك أن عصر التنوير والتقدم الفكري، يعني تحرير الإنسان من الخرافة والشر، والجن والسحر والقدر الأعمى، وباختصار التحرر من الخوف، فإن هذا الانبهار الذي يدعى اليوم بالعقلانية، هي أعظم خدمة يمكن أن نقوم بإنجازها اليوم"5. لكن العقل "الأسطورة" أصبح قابلا للتفكير بنتيجة ردود أفعال كالرومانسية والدين.. وبالتالي رفض الطابع المجرد الشخصي للعقلانية، فظهرت كينونات مقاومة قدمت الإنسان ككائن وجداني وعاطفي (روسو 1712-1778) وكذات لا يمكن إرجاعها إلى أي شكل من أشكال العقلنة (كيركيجارد 1855-1813) أو الكون أشياء أخرى غير القوانين الميكانيكية، فالحياة عاقلة أو عقلية (شوبنهاور 1788-1860)، (نيتشه 1844-1900). فالعقلانية ذات الطابع المجرد، والتي رفضها أدورنو، لم تنجح في سد الفراغ الذي تركته تنحية الميت والمقدس. فالعالم المعقلن، والمنزوع من معناه، يقود حسب (فيبر 1864-1920) إلى تعدد القيم، وإلى العدمية، التي وضحها نيتشه بشكل جيد. فامتداد العقلانية الأدواتية(*) تنتهي فيما يظهر إلى عقلانية جديدة، وغياب المعنى كقسمة من عالم يتحلل من الإلهي، يقود إلى فضح العقل ببساطة. وبعدما أصبحت العقلانية مكبلة بسيطرة الدولة والنزعة المؤسساتية.. أصبح الانزلاق إلى اللاعقلانية، هو الوضع التحرري الأول بفضل خروجه من عقلانية مصطنعة ومجهضة أصلا، وبالتالي غدت الفلسفات اللاعقلانية ذات دور وظيفي وما هو عقلاني مقترنا بمدى انغلاقه عن عقلانية الواقع، فمن هذا المنظور نجد نيتشه لا يقبل أي نوع من القوانين التي نعترف بها، ولا يرفض تلك التي شرعها الإنسان فحسب بل يشمل رفضه كل القوانين الطبيعية. أي أن (العقلانية) لم يعد ذلك المفهوم البسيط الذي استمده المفكرون والفلاسفة.. من فلسفة الأنوار والعلوم الوضعية ومن توظيفها في مختلف مجالات الحياة.

إذ تفجرت مفاهيم العقل والعقلانية والمعقول في مستوى المعرفة وفي مستوى العمل والعلاقات الاجتماعية والنفسية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية، بحيث أصبحت مهمة تعيين معايير العقلانية في المعرفة وفي السلوك من أصعب المهمات وأشدها إلحاحا في الفكر المعاصر، على حد تعبير نصيف نصار6. فقد يكون معيار العقلانية العلية الميكانيكية، أو الاحتمالية أو الجدلية، وقد تكون المنفعة والربح، وقد يكون التماسك الصوري، أو الفعالية العالية، أو تحقيق العدل أو المحافظة على النظام أو التصرف الهادف المصيب، أو غير ذلك.. وقد يكون عقلانيا لفلان ما ليس عقلانيا لفلان آخر. والملاحظ بشكل عام هو أن عقلنة الشؤون الإنسانية تتناول الوسائل أكثر مما تتناول الدوافع والأهداف والغايات.

ومن هنا يتبين أن العلاقات العقلانية بين الإنسان والإنسان تتداخل بشكل عميق وكثيف مع علاقاته اللاعقلانية، أي علاقاته التي تنبع من عالم اللاعقل، عالم الأهواء المتعارضة والرغبات المتنافرة والمصالح المتناقضة، كما يتبين بسبب استحالة نفي اللاعقل من عالم الإنسان(*). ولذا فإن عقلنة العلاقات الاجتماعية، والحياة الإنسانية بصورة عامة، مهمة مفتوحة، لا تنتهي ولا تعرف الحلول المثلى المطلقة. إن عالم اللاعقل في الإنسان في الحياة الفردية وفي الحياة المجتمعية يبدو اليوم بعد اكتشافات التحليل النفسي والعلوم الاجتماعية السلوكية والبنيوية.. أصبح من الصعب اليوم الدفاع عن الوعي والعقل بنفس روح التفاؤل الذي كان في عصر الأنوار، لأن الإيمان بقدرة العقل على التفسير والفهم أصبح لا يعني اليوم الاقتصار على المعقول فحسب، بل اللامعقول أيضا يدخل في دائرة التفسير العقلي. ولكن هل يمكن مواجهة اللاعقل بشيء آخر غير العقل؟ إن العقل الإنساني يتواكب مع رفض الخوف من تقليص مقدرتنا على التفكير، فليس المفروض التحكم في الواقع بل المفروض نقده على أساس أنه واقع قابل للتغيير. ويبقى في النهاية الاستنتاج أن النقد الراديكالي للعقل والتعقل الذي يبدو عند أدورنو وهوركهايمر ينتمي إلى الشمولية الشكية اتجاه الإيديولوجيا عند نيتشه، أكثر مما ينتمي إلى النظام الإيديولوجي عند ماركس. ومما سبق يمكن أن نتبين أن النظرية النقدية ظلت أفقا واسعا وعاليا في الواقع، فإن الأفكار والتفسيرات كانت كثيرة ومتمايزة، وتملك طابعا غير مكتمل ويحتاج إلى التطوير والتعديل والتكميل.

كما يبدو اليوم للكثيرين أن النظرية النقدية قد تم تجاوزها. لكن مهما بلغ شك الباحثين والدارسين في جدوى رؤى المدرسة، ونظرياتها في المعرفة، واختلافات أعلامها، فإن في بعض كتاباتها وتوجهاتها ما يمكن الإفادة منه، وما المحاولات المستمرة للتجديد والنقد والتصحيح داخل المدرسة، إلا دليلا على مساعي رجالاتها المستمرة للوصول إلى معرفة أكثر دقة، كما أنها دليل على ذلك التوتر بين النظرية والواقع.

وما كثرة الاتجاهات المتعارضة داخلها إلا سعي نحو تكوين نظرية شاملة للمجتمع وعنه. إذ كان هدفها كنظرية –عن طريق النقد الراديكالي لظروف وأشكال الاغتراب في المجتمع والواقع- الوصول إلى عالم واع ومتحرر. وإذن الاختلاف المؤسس داخلها كان نتيجة وتعبيرا عن تعقيدات الواقع. وهنا تكمن مشروعيتها كمدرسة نقدية .