المعلومـاتية في الـخـلـيج إلى صعـود والأمية لدى العـرب تـهيمـن علـى المستقبـل

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

أنفاسمع الارتفاع الكبير في نسب مساهمة حكومات بلدان الخليج النفطية في الأنشطة التنموية بالتزامن مع إرتفاع أسعار البترول الذي وفّر فوائض مالية هائلة، حصلت المشاريع المعلوماتية على دعم غير مسبوق. فقد كشفت إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية التابعة للأمم المتحدة UNDESA  إجراء مسح حول الحكومة الإلكترونية لسنة 2008 أظهر أن الحكومات الإلكترونية لدول مجلس التعاون الخليجي كلّها قد حققت تحسناً ملحوظاً منذ المسح الذي أُجري عام 2005.
الخليج الرقمي:
وفي تصنيف "جهوزية الحكومة الإلكترونية" الذي نشرتهUNDESA  هذه السنة، إحتلت دولة الإمارات العربية المتحدة المركز 32 مقارنة بالمركز 42 في تصنيف عام2007. وتقدّمت مملكة البحرين من المركز 53 إلى المركز 42، في حين انتقلت دولة قطر من المركز 62 إلى المركز 53 وقفزت دولة الكويت من المركز 75 إلى المركز 57، وتقدّمت المملكة العربية السعودية من المركز 80 إلى المركز 70، وسلطنة عمان من المركز 112 إلى المركز 84. ويعود هذا الأداء القوي من  دول مجلس التعاون الخليجي إلى الاستثمارات الكبيرة التي رصدت في مشاريع البنية التحتية "المتعددة الوسيط" Multimedia ذات "الحزمة العريضة" Broadband ، والمصحوبة بتزايد الاعتماد على تطبيقات الحكومة الإلكترونية من المواطنين عبر مواقع الإنترنت الحكومية.
وحلّت دولة الإمارات العربية المتحدة أيضا في طليعة دول المنطقة في تقويم "مقياس الويب" Web Measurement، حيث إحتلت المركز 12 على مستوى العالم، متقدمة على دول مجلس التعاون الخليجي وعدد كبير من الدول النامية. ويحدد هذا المقياس مدى توافر المواقع الوطنية الإلكترونية عبر الشبكة لخدمة الجمهور، مثل مواقع لوزارات مختارة تتضمن الصحة والتعليم والخدمات الاجتماعية والعمل والمالية.
خدمات حكومية رقمية:
وقامت دول مثل الإمارات والكويت بتحديث بواباتها الإلكترونية وجعلتها مقصدا أساسيا للمواطنين في تقديم معاملاتهم الرسمية. وعلى سبيل المثال يعتبر موقع وزارة العمل في الإمارات www.mol.gov.ae  تجربة ذات دلالات مهمة. يقدّم هذا الموقع الإلكتروني المتكامل ميزات منوعة بما فيها الدفع من طريق البطاقة الائتمانية وتقديم الطلبات من طريق الإنترنت وفتح حسابات شخصية، إضافة إلى تمايز هذا الموقع بإعتماده التوقيع الإلكتروني. كما يشكّل موقع وزارة الخدمات الاجتماعية في الكويت www.mosal.gov.ke مثالاً آخر على تطور الخدمات الحكومية الإلكترونية. ويقدّم هذا الموقع تبليغات إلكترونية في ما يخص طلبات المواطنين، ويسمح بتقديم الطلبات ودفع الأقساط عبر الإنترنت إضافة إلى إمكان الحصول على حسابات شخصية على الموقع.

ويعتبر مؤشرا "جهوزية الحكومة الإلكترونية" و "مقياس الويب" مقياسين مخصصين لمساعدة الحكومات على قياس مدى تقدمها في تطبيق مشاريع الحكومة الإلكترونية، والاستمرار في تطوير برامجها في هذا الخصوص. وقد تمّ إطلاق عدد من المبادرات المتعلقة بجهوزية الحكومة الإلكترونية في بلدان الخليج، بما فيها المواطن الرقمي e-Citizen الذي يعتبر أحد برامج مهارات الكومبيوتر الأساسية، وهو مطور من مؤسسة "الرخصة الأوروبية لقيادة الكومبيوتر" بالتعاون مع خبراء من أنحاء أوروبا كلّها. وتعتبر الحاجة الملحة والمتنامية لتطبيق برنامج المواطن الرقمي الذي يهدف إلى محو الأمية المعلوماتية لكلّ فئات المجتمع السبب في إقراره ضمن خطة مستقبلية من عدد من القادة والحكومات المتطلعين إلى مستقبل متطور في عدد من الدول من أنحاء العالم المختلفة بما فيها الإمارات والكويت وقطر.
ويهدف برنامج المواطن الرقمي إلى زيادة القبول والمشاركة في استخدام الكومبيوتر والإنترنت من الجميع، حيث يوفر للمشاركين فيه تدريبا حول كيفية استخدام الكومبيوتر والتواصل عبر البريد الإلكتروني والتعامل مع خدمات الحكومة الإلكترونية والبحث عن المعلومات وشراء المنتجات والحصول على الخدمات المختلفة عبر الإنترنت. وتمكّن هذه المبادرات المواطنين من إجادة المهارات الأساسية في هذا المجال، والإطلاع على الجوانب المفيدة لمجتمع المعلومات بغض النظر عن أوضاعهم الاجتماعية، وأعمارهم، ووظائفهم أو جنسهم. 

الأمية تهيمن:
لكن في مقابل هذه الأرقام المشجعة ثمة خلفية "بشعة" تحاصر، ليس بلدان الخليج فحسب بل البلدان العربية كلها. هذه الخلفية البشعة هي أمية القراءة والكتابة لدى أكثر من 70 مليون عربي، جزء مهم منهم في بلدان الخليج الغنية، ومعظم الأمية الخليجية تتركز لدى النساء. ويقول أمين عام جامعة الدول العربية في تصريح نشر اخيراً أن عدد الأميين في العالم العربي في الفئة العمرية التي تبدأ في سن 15 عاماً بلغ خلال العام الماضي 71 مليوناً ممن لا يجيدون القراءة والكتابة، مؤكداً أن هذا الرقم يشكل ربع تعداد العالم العربي.
لذا، أمام البلدان العربية مفارقة في غاية الأهمية ينبغي التعاطي معها عبر رؤى ومقاربات جديدة، تأخذ في الإعتبار الحالة الكارثية لمستويات المتعلمين والحاجة الى التنمية المعلوماتية. فالتنمية المعلوماتية يمكن تحقيقها في سنوات قليلة مع توافر الفوائض المالية، لكن معدلات المتعلمين لا ترتفع بالمال فقط .

مقال نشر يالنسخة الالكترونية لجريدة النهار اللبنانية  - العدد 23295