نفسي عزيزة لكنها تنصاع للتحليل النفسي ـ أ.د. عبد الجليل غزالة

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse28104  المرأة والرحى في الزجل الليبي
     تعدُّ العلاقةُ وشيجة وأزلية بين المرأة الليبية البدوية والرحى ، إذ تترجمها عدة أزجال تقوم على الحوارات الداخلية ، وتعدد الأصوات ، وتنوع الظواهر النفسية .
     تُديرُ المرأةُ اليدَ الخشبية للرحى أثناء الطحن وهي تناجيها بأشعار شعبية شجيَّة ، فتمتزج نغمات الاثنتين بصوت طحن الحبوب . تتأسس هذه الأزجال الليبية على دوافع كبيرة تنتج (( وظائف نفسية )) مهيمنة :
  1   _     شكوى المرأة همومها وعناءها للرحى .  
  2   _    سرد قصة فراق حبيبها .  
  3   _    تغنيها بحب البلاد والأولاد .
   4  _    تذكرها لرسوم مقاطن الأهل والأحباب .
    تُقاومُ المرأةُ الليبية البدوية نوائب الدهر وعناء الطحن المستمر بواسطة هذه الرحى وأثر الوحدة النفسية ، حيث تنشد :
اللهْ يْعِينهُمْ لولاف ... أخطروا عاوْنُونِي ع الرّْحَى ...
يا سعدي ناوياك         إن كان يا رحى مارس عمر
ديما عليك نميد           مليت يـا رحى يا نا اللِّي.
              أشَّاظى من يْدي عظم   وعلاجه على سيد الرحى.
سفيت لاورا لكمام       بْغيض وين ما جيت للرحى.

   تَضمُّ بعض حوارات ومناجاة المرأة للرحى صورا من نداءاتها لحبيبها ، الذي يلبِّي النداء بمجرد ذكر اسمه ، كما أنها تبثُّ لواعجها ، وأتعابها النفسية والجسدية لهذه (( الآلة _ المتنفَّس )) ، والمروِّح عن الالآم ، والبلْسم النفسي ، النَّاجع .
   تبرزُ دراسة التحليل النفسي (( للأزجال الراجعة ))  بين المرأة الليبية البدوية والرحى أن هذه الأخيرة ليست مجرد آلة تقليدية مهمة ، لأنها تلعب دورًا فعالا في تنفيس وعلاج مكبوتات المرأة ومركباتها ، فهي قد تلجأ إليها تحت جنح الظلام الدامس ، والناس نيام ، فيمتزج الصوتان عن طريق حوارات داخلية ، وتغذية راجعة  feed back ، وتعدد الأصوات polyphony، وأنواع من سرد   narrativeالقريض الشعبي ( صوت المرأة الشجي ، صوت الرحى الحَجَرية ، صوت الحبوب ، صوت نساء أخريات ) ، فنسمع : 
إِن كان رَبِّي عَطَاك       يعِيْنَك عَلَى الدَّهر دِيْمة.
ترْمِي عَصَاتَك من اِيْدَك       عَوْجا توَلِّي سقِيْمة.
اللِّي طلَب يطْلِب الله       ويقُول يا كرِيْم المعاطي.
والعَبْد خَلِّيك منّه              لا يرفعَك لا يواطي.
زِيْن النّخَل في العَرَاجِيْن       وزِيْن المْرَا في السّوالِف.
وزِيْن الذّهَب في الموازِيْن     اِن كان طاح في ايْدَيْن عارِف.
علي كمل الدقيق              ذبلت يارحانا اللِّي
يا رَيتْنا ما ضنَيْنا              وَقتاً نوَيْنا الفْراقي.
واللِّي ضنَى ما تهَنَّا     واللِّي ما ضنَى بات شاقي.
ـ لَولاد ما يعملوا خَيْر               ورَبَّيتّم نَيْن صارَوا.
وانْهَفِّت عَلَيْهم كما الطَّيْر     ووَيْن نَبّتَوا الرِّيْش طارَوا.
ناري عَلَى اللِّي غَرِيْب     في بلاد ما هي بلاده.
والفَم فاعل الخَيْر هَنِّيْه         وبالفَرْح تَزْهَىَ ايّامه.
وفاعل الشَّرّ عَزِّيْه         توَلِّي عَلَيْه النّدامة.
 يَضْحَك ويَلْعَب         والقَلْب صابِغ سوَاده.
حتى وإن خمننْ اليدين      عزمي شديد وإنجي للرحى
اطْرِي بعِيْد ياكايْحِيْد     النَّوْم يا رحَىَ دَوْرَد عَلَيْ
    تتكونُ الرَّحى من دفَّتين ، إحداهما سفلية والثانية علوية ، لا يفصل بينها أي حاجز ، يوضع وسط الدَّفة السفلية مسمار من الحديد يلج في فتحة دائرية ، قطرها خمسة سنتمترات بالدَّفة العلوية ، التي توضع بها قطعتان من الخشب على جانبي المسمار ، يطلق عليهما (الفرش) . يسمَّى هذا المسمار( قلب الرحى) ( 1) ، كما يوضع في طرف الدفة العلوية قضيب من الخشب طوله قبضة اليد يسمى ( الشظ ) ، وهو الذي تمسك به المرأة أثناء طحن الحبوب ( 2 ) .
   تَقومُ المرأة الليبية البدوية بطحن الحبوب في الرحى ، وهي تتغنَّى ببعض الأزجال للتخفيف من مشقة العمل . تحمل نغماتها الشعبية رموزا تتعلق بموضوعات الحياة ، وقضاياها النفسية ، والاجتماعية ، والاقتصادية ... إنها تتميز عن بعضها من حيث من الأداء الفردي أو الجماعي لعدة نساء ، كما تتميز أنواع هذه (( الأزجال الراجعة )) بخصائصها الجمالية والفكرية ، والسيميائية ، والتداولية . يتجلى ذلك من خلال الحوار التالي ، الذي يدور بين بنت وأمها:
  البنت:
يا حماماتْ لَبراجْ       تعالـن عطنـي نباكن
خوي اللِّي مضحكه عاج      قالن بـرم من حذاكن
حنيِ تشيـع نظرها           وعيونهـا شاباتي
تهايالها زول خويا           وأن المغيرب يأتي
الأمُّ :
يـــا بنت جوكْ خطّار       عرب شرق ما تعرفيهم
حطِّي حطبْ واكبْرِي النار    كنيب راه خــوك فيهم
البنت:
خلِّيتْ عيني تشارف      وحطِّيتْ نفسـي رقيبه
على ضيّْ عيني الغالي         أي مسارب تْجيبه
نفسي عزيزة ، لكنها تنصاع للتحليل النفسي
   تتعدَّدُ (( الأزجال الراجعة )) ، المتعلقة بامرأة والرحى في الشعر الشعبي الليبي . نسمع القريض التالي :
يا ريتْ خُّوتِي ثلاثين    وضْنـا عمـِّي بزَّايدْ
لا يأكلوا لقمة الدَّيـْن       ولا يلبسوا جرد بائد
يا عوينكـن يا نجيمات     لتلحظـن في جباهم
يـا ريت فيَّ جنحان       نطير طيـر نقبا معاهم
قولـوا يا وليد راني مريضه    و لا لي دواء غير زولك
البعد جاء جوبه بعيده        و نا كايده فـي وصولك
مـا يوجعك غير من مات    ودانوا عليه اللحايد
إلاَّ بعيـد البلادات        يْجي مْعَ طول المدايد
خلـوا كحيله تقبل         عجاج الكراهـب عماها
دار البحر ما لها دار         راه تـرمـي ضنـاهـا
يـا خالـق الطير والحوت      لا مـا يكول لا رضاعـه
يْنجيكـم الله يـا غوالي        يا حـد رأس البضاعـة
يـا عون من شال في ليل      وخلاء ها البرغوث حايس
وحـط فـي شطيباً معطر       بعد السيل ما جاه دايس
أنـا يـا رحى  كيفك انجضّ   مقلول كيفك هنايـا
مطاول معايا مرض         دايراتبيا سوايا
الصدر والكتوف وليد      ثلاث من الرحى واجعاتني
شديد شدّ حيل القِلب         قادر معاناة الرحى
الله يعينهم لولاف      أخطروا عاونوني ع الرحى
يا سعدي ناوياك         إن كان يا رحى مارس عمر
ديما عليك نميد           مليت يـا رحى يا نا اللِّي.
أشَّاظى من يْدي عظم   وعلاجه على سيد الرحى.
سفيت لاورا لكمام       بْغيض وين ما جيت للرحى.ما تريد غير القمح    
    يـا رحاة بوي الخايبه.
اربيتي خزين الكاف      بلا بوق درتيه يا رحى.
حتى في الطحين يزيد    شعير يا رحى روس العرب
ليدين لولا العزم    عليك يا رحى  ما كمَّضن.
شِظيظ الرحى الرقيق     دبره دار فـي ليد شوبره
اسحى مـن الدبر يا عود      بعد عليك ليديـن سندن
لو حسبت شـظ العود     يقبى عذاب ليدي ما نجر
ربي كريم جاد عليك        بعد المير اوجاك الرخاء
مكتوب الشقـا ع اليد    الراحه لها ناس يا رحى
مكاتيب كيـف العمر        علينا منابـك يــا رحى
خزينك اللِّي في الكاف   جاء عليـك موحه يا رحى
أنا يا رحى وين نطريك         يخطـر الغايب علينا
ينهال الدمع ويجيك         يبقـى دقيقــك عجينه
  نعانق أيضا القريض الشعبي التالي:
القمح كان لك مقسوم     جديد تلعبي فـي حورته.
ـ عليش عابيه يا ليد       أصبح شعير وأنتِ راقده
ومن أغاني الرحى ما يشبه القصيدة مثل:
نا هلي ركَّابة الخيل       عـزّ المرا والغديدة
إن صار المعيَّط مع اللِّيل   جوا حصد فوق الغر يده
يوم الثناء مـا يهابــوه   كيف الولـد كيف سيده
بزناد مدهـون بالزيت        جـوهـر وعمله جديده
   تَرتبطُ بعض (( الأزجال الراجعة )) بين المرأة الليبية البدوية والرحى بقضية الوطن والاستعمار الإيطالي :
     مغير ظلـم من الطليان     هزيز لحيتي فوق الرحـى
يردُّ المحاور:
تْجيهْ ساعته ويزولْ        سعد اليأس مـو ديما قوي
  رحل الاستعمار الإيطالي ، وبقت الحبوب في المخازن ، والكهوف ، والحصون ، الليبية رغم عناء العمل ، وصعوبة الطبيعة ، وظروف العيش ، والنفي :
الناس يحسبــوا ليدين   ولايــل علي ضيم الرحى
القمح واسكه بابــور        تباكا شغل بال الرحـى
نْويرتي علي ليدين        شقاهن على طول عمرهن
ـ فيك ما دفع بارات        سحبك وين ما  طاح القمر.
يا ليد نـاويَّاك        يعطينا تقاوي للرحــى.
خذنا مراكب مير القمح    يا رحى إن كان يوجعك.
الصدر وين هزيتيه        تقاوى جضيضه  يا رحى
كلاهن صوابع ليد        شظيظ الرحى رايح اقند
شظيظ الرحى ملعون    طلب شعير جا دونه بحر
رحى ثقلها مْعلوم        يا ليد جيتيها عند.
عرقنا اللِّي قطار         مو حلال يا واكلينه
تحايا دبر ليدين        اللِّي قبل بريان يا رحى
بلاه ما يسير طحين        القلب راه ريسوم الرحى
   تُطلعنَا دراسة (( الحوار الزجلي الراجع )) بين المرأة الليبية البدوية والرحى على تنوع سردهما القصصي ، وتداخل الأصوات ، والوعي الذاتي ، والأبعاد الغنائية lyrical النفسية ، والموضوعية ، وعمق العلاقة بالمقاومة للإيطاليين ، وصعوبة الظروف المحيطة بهما .
   تُجسدُ ذلك المناجاة النفسية التالية :
يـا هلي يا زينين
   يا اللِّي عليكم انفافي
زعمه يوم ضرب المكوغط
  أثقال روز والاَّ خفافي
   تُعانِي المرأةُ الليبية البدوية من ضغط المركبات والمكبوتات النفسية ، وهو ما يجعلها تتوتر وتلح في الترويح عن النفس ، الذي يتم من خلال ممارسة تعبيرية ، وجسدية ، وذهنية مزدوجة .
   تتنصَّلُ المرأةُ هنا من قيود اللغة الاجتماعية المنطقية ، إذ تتجاوز عملية الترويح عن النفس خصائص الأدوات اللغوية ، والقواعد الشكلية والدلالات ، لكنها  رغم ذلك تبقى وسيلة تعبير نفسية ، انفراجيه ، ثائرة ، ومتمردة . تخلق المرأة فجوة في الصياغة الزجلية ، فيحدث الانفجار ، الذي يحرك خبايا نفسها نحو الخارج عبر هذه الفجوة . لذلك تتقاطر أفكار القريض الشعبي عليها بطرائق تكون مسبوكةcohesion  تركيبيا ، ومحبوكة coherence دلاليا .
    يعدُّ عاملُ الترويح عن النفس هو السبب والنتيجة في بناء (( عملية الإبداع  الزجلي الراجع )) بين المرأة الليبية البدوية والرحى ، وأساس تعمير (( الموقف الشعري )) .
  يتوقفُ عاملُ إثارة المتلقي على نقل موقف المرأة إليه ، والتأثير فيه ، وهو ما يحقق عملية جذبه وابهاره . إنها ترَكِّزُ في عملها الفني على إثارته  بكل الوسائل ، وهو ما يتطلب قوة هذا العمل ورصانته لكي يتحقق بذلك الاتصال بين الطرفين بشكل راجع .
   توظفُ المرأةُ الليبية البدوية في عنوان النص الزجلي ومطلعه معجما لهجيا مثيرا ، حيث يلائم المحتوى الذهني والجمالي ، ونوع المتلقي . إنها تستعمله من خلال حمولة اجتماعية ، ثقافية ، اتفاقية  conventional،  تناسب الشريحة الثقافية للمتلقي ، مستخدمة في ذلك حسها الإعلامي الدعائي ، الباني لهذا المعجم الزجلي ، الباهر. لذلك فإنها توظف عملية الإغراء الرمزي عبر أقسام الموضوع لإثارة المتلقي ، الذي ينبهر بالعمل الناجم ، فتتزايد الإثارة ، وتتزايد الحاجة لديه لمتابعة العمل .
    تقومُ المرأة باستغلال عامل الإثارة لمداعبة الحاجات والدوافع الغريزية للمتلقي حتى يحيط علما بمكبوتاتها النفسية ، وأنواع التعويض ، والبدائل ، والإحجام والإقبال ، والتنفيس ، والعلاج الخاص .
   يعالجُ مجالُ (( الزجل الراجع )) بين المرأة الليبية البدوية والرحى اضطراب الشعور والوجدان ، واللذة ، أو الألم عند الطرفين . إنه يسعي إما لخلق اللذة أو رصد الألم ، وإثارة المتلقي .
    يتمُّ الإغراءُ وتتحقق الإثارة عن طريق المبالغة ، وقوة التصوير لتحقيق اللذة ، ورصد الالآم النفسية . تضطر المرأة هنا للمبالغة من أجل تحقيق فعل الإثارة الضرورية ، وامتلاك وعي المتلقي . تمارس هذه المبالغة باستعمالها للتشبيه ، والاستعارة ، والكناية حتى يتم تعظيم الصفات الواقعية .
   تعدُّ العلاقةُ بين متعة التذوق والمبالغة علاقة طردية في الزجل الشعبي الليبي ، الذي يقوم على التصوير ، فالمبالغة تجعل المرأة تربط بين مشاعرها الواقعية والخيالية .
      تفرضُ عمليةُ خلق متعة ، ولذة ، وإبهار داخل العملية الإبداعية على المرأة إشباع الحس الجمالي لتمييز موقفها  الشعري .
    تقومُ العمليةُ الإبداعية في مجال (( الزجل الراجع )) بين المرأة الليبية البدوية والرحى على تعدد الظواهر النفسية ، التي تفتح وعيها ، مما يجعلها تقوم بتخزين مدركاتها ، التي تعج بالتصورات الواقعية والخيالية ، كما أنها تعتمد على الخيال لصياغة رؤيتها للعالم حسب أغراضها وميولها.
   يتطورُ نشاط الخيال الشعري عند المرأة طيلة حياتها ، حيث تتميز شخصيتها باعتمادها على تحقيق التوازن عن طريق عملية التقمص . لا يتراجع هذا الخيال عن تسيير وصقل شخصيتها . إنها تحاول التعويض عن طريق العمل الإبداعي ليصير موقفها الشعري عبارة عن إطار تداولي   pragmatic ، كما أنها تتقاسم عملية الإبداع مع المتلقي .
  يتطلب تقاسمُها لعملية هذا الإبداع الزجلي مع المتلقي توفر عاملين أساسيين :
     1 _   رغبتها في عرض عملها الزجلي .
     2 _   تقربها من المتلقي ، ومساهمته في العمل  .
   يلعبُ عامل الإثارة أو الإبهار هنا دورا فعالا في بلورة في الموقف الشعري للمرأة من خلال مساهمة المتلقي ، وتمكنها من تجسيد مستوى تذوقه للعمل الإبداعي .
    لا يملكُ (( الزَّجل الرَّاجع )) بين المرأة الليبية البدوية والرحى أي وجود فعلي في غياب هذا المتلقي ، المرتبط بفضاء زمكاني محدد . لذلك فإن العملية الإبداعية الزجلية تتطلب مساهمته الواضحة بالاعتماد على رغبة المرأة في عرض عملها ، وتذوقه من طرف المتلقي ..
   يرتكزُ الموقفُ الشعري عند المرأة على الرغبة في عرض عملها لإشباع كرامتها ، وإحساسها بالاحترام الذاتي ، وكذلك إشباع حسها الجمالي .
   إنها تعتمدُ على متعة الحس الجمالي للتعبير عن الأشكال البلاغية المتنوعة ، ، فتسطِّرُ يذلك الخصائص الجمالية لزجلها الراجع  . ترتكز مهمتها في الاستعمال المعجمي الجيد للكلمات بغية ضبط الصور المتنوعة ، التي تشكل المشهد الشعري بأكمله . يؤدي التسلسل المنطقي في العمل إلى نقل موقفها الشعري لإثارة المتلقي وإبهاره ، وامتلاك وعيه لحظة القراءة . إن ذكاءها يراعي ذهنه ، الباحث عن متعة التذوق واللذة .
   تتمكنُ المرأةُ الليبية البدوية في زجلها الراجع من إثارة دهشة المتلقي عن طريق الروابط  والعلاقات غير المتوقعة ، التي تربط بين عناصر زجلها ، المشكلة لصورها الشعرية المتنوعة . لذلك فإن الحواس تتراسل بواسطة أفعال حسية ، تكون موزعة بينها بشكل مخالف للطبيعة ، فتشع هذه الصور الشعرية ، وتتعدد أبعادها الجمالية ، التي يتذوقها المتلقي ويتأثر بها ، وتخرج به عن المألوف ، وهو ما يمنح الموقف الشعري قوة وجلاء . 
   يُحرِّكُ التحليلُ النفسي استراتيجياتُ (( السرد الزجلي الليبي الراجع )) بين المرأة والرحى على شكل وسائط نقل  قوية ، تدعم القيم الثقافية المحلية ، التي تجعل من هذا السرد وسيلة تمثيلية للعمل الإبداعي .
      لَقدْ قُمْنا بإقصاء عدة مفاهيم للتحليل النفسي من هذا العمل ، وغيَّرنا أو أدمجنا بعضها ، ووضعنا أخرى بين المطرقة والسندان ، فبعض مفاهيم فرويد Freud  لا تتلاءم مع طبيعة جمهرة من نصوصنا العربية ، وثقافتنا الإسلامية ( النرجيسية ، اللذة الجنسية ، أو الليبيدو ، الذهان ، العصاب ، جنون العظمة ، العبقرية ...) .
   وخلاصة القول أن دراسة التحليل النفسي لموضوع (( الزجل الراجع بين المرأة والرحى )) في الثقافة الشعبية ، الليبية ، البدوية قد أبرزت لنا من خلال عينة الدراسة سيطرة بعض الدوافع ، التي أنتجت وظائف نفسية متبادلة :
   1  _  طلب المرأة العون والمدد لذوي قرباها ، ورغبتها في العشرة الهانئة الراضية .
   2  _  شكواها من عمل الرحى ، ووعثائها .
   3   _  اتحاد ذوي القربى يعد قوة ضاربة .
   4  _  الكفاف والعفاف الغنى عن الناس .
   5  _  الشوق للعزيز الغائب ، وآلام الوحدة .
   6  _  وجع الفقيد .
  7   _  تغير جمال المرأة بسبب صعوبة ظروف الحياة، وعمل الرحى .
  8   _  مناجاتها التَّقية والقدَريَّة ، المتَّكلة على الخالق ، البارئ .
  9   _  الاستفادة من الأمثال والحكم في الحياة ، وربطها بعلاقتها مع الرحى .
  10   _   تجربة وتعب تربية الأبناء .
   11   _  أثر الخير والفرح عند الإنسان .
   12  _  مشاركة الرحى للمرأة في الشدائد ، والمكبوتات النفسية .
  

الهوامش
1  _  يسميه فصحاء العربية ( قُطْب الرحى ) ، وأحيانا لسانها .  
2  _  موقع الشعر الشعبي الليبي على موقع ( غوغول ) .

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟