عــبــث. ـ قصة : محمد لغريـسي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

Anfasse18075أجـــزم أن بيــتي تحول الى قبيلة مغوليــة لا تخضع لرايــتي.لذا ساتسكع رفقة لفافة التبغ التي تعزف معي على نفس الكمنجة..لعلي..
لعلي أحيا من جديد.
.....
أضواء الشارع متورمة،الصراصيرتثرثر،نشازها المتكرر يعاكسني،تؤذيني إيقاعاتها الوقحة،أحـس حقا أنها تنتف ريشي.
رائحة النيكوتـين عطش..عطش :تقترب مني،تتسلق الأرصفـة،تهرول نحورغـبتي كقردة.
بين كـرسي أعـرج وظل.
وضعـت رأسي ..
ناديت النادل:
- اسمع..
نظف وجه الطاولة لسهرتي وسيجارتي..
أسرع..

اجعلها تلمع كأسنان العاج..
امنح لي سيجـارة: بليغة..فصيحة...
سادفع لك قريبا..
قال:
- السيجارة والساعة كخيل وسرجه..
كخاتم وأصبعه..
لماذا يابن ادم تسفك وريدك بسكينة الجزار؟
لماذا يا سيد العبث تحرق طريقك ؟..
أجبته:
دعني احرق مخي بلذة زميلتي..
قـد أصوم عن النـرد والنهد لقـرن أو قرنيـن.
قـد أجـوع: أنا وقبيلة المغول التي في خيمتي.
قد أحرق القارات كلها بالكبريت الصفراء
قـد أبيع أعنا ق الرعية للدب القطبي
فقط لأشرب رحيق "حضرموت ".
---------------
تلك المتسـولة تنخرط في مسرحية هزلية خلف رقبتي.
تحـرق لي طـبلة ســمعي برغــوة الغاسـول، تنتظـــر من صندوقي هديــة شاردة،تتمـسح بطربوشي كي يرق قلبي ويصبـح حريرا او حليبا..
هــي. بلا شك تـريد أن تعكر لي جلستي الليلية مع أميرتي..ساشتمتها..
منذ تلك الأيام..
غابـت صورتها، وانسحبت ....
......
فجأ ة..
قفز النادل الى عالمي المتموج..
قال لي ماقال.
نصحني ..
طلب مني ثمن ما استهلكت من خيوط..
حدثني بهدوء.
ولم اهتم..
......
عاد إبـلـيـس إلى قشرة مخي كما يفعل الحالم مع طيفــه..
نصحني..
كذب علي ابن السافلة..
زخرف صدري المختل بنياشين وهـمية.
قال:
-لا تكتــرث..
ذق ورقة الفلسفــــة.
بكامل شفتيك المواظبــــتين،
ذقــــــها..
....
حدق كصقـرعربي شبق في غـنج خــيوطها البنــــية:
هاهي يومـىء لك بالعشــــق..
تعـري عن سيقانها الثلجــــية
لك..
تمزق قميصها الأبيض الباريســـي
لتلبي رغـــبتك.
تبســــط شعرها الأشقر القصير
لتسبح فيه بشفــتيك المبللتـــين
كما تشـــــاء.
تتـــــرك لك انوثتها الشاملة
لتستعيد بطولتك.
دخــــن،
وانطـح قـبة السماء.
.....
تسمر مجنون آخر أمام طاولتي.
جالسني..
كمصباح خافت في دماغي صار يغمغم،
طفــق يخرب أنابيب دمي بوعظه البئيــس..
أجبته متحديا:
- وأنا جننـت قــبلك،
على الاقــل..
هي لا تتأفـف من معطفـي الثقـيل.
تخضع لــي كأجمل عاهـرة في الوجـود..
تبيع لي عــقار " الـدوبامـين "بـدون مفاوضات.
----------------
طال العشق..
أصاب الكساد اللعين بضاعتي ،فنزلت هائما مهرولا .
الزقاقات موحشة..
وتدحرجت كعنكبوت شرقية.
رجوت البقال أن يرحم حرقــتي:
أجاب:
-لا أبيع السجائر بالطلق..
انصرف من باب رزقي..
....
أتعــب كشمعـة منهزمة،أهــرع إلى كل أمل مشـرع أو مغلق،أبــوس التراب والحيطان المقــوسة،أتبرك بأعمدة الكهرباء.
أرجــو مئذنـة المسجـد الموحـدي أن ترزقــني درهما أو نصف قطعــة نحاسية،
أستعطف هذه الصخرة البشرية وتلك..
تهمس دمــى الصين
واليابان
و خنيفرة
والخميسات
ساخرة مني،
يثرثرون خلف صلعتي التي أكل منها الهم اللئيم ما أكل،
يبصق الأنبياء على طربوشي..
......
صادفـت في رصيـفي متسكعا،شقيا مثلي،استعـرت منه ربع لفافة،تنفســت الصعداء.
تسربت ابتسامة معتلة من خشــب وجهي..
وأذوب في ضحكة
صامتة
طويلة ...
وتسحرني شهوة الحشيشة ،تعتقلني ،تحرق لي سجادتي..
تهذب ذوقي بما قل ودل:
ما شأنك والطلاسم..؟
انت مثقف لا حدود لشهواتـك ..
أنت رجل لائكي..
أترك لهم مساجدهم.
وكنائسهم ..
أنت شخص لا يعبد إلا الهوى..
فلماذا ستخضع ؟
----------------
وأعــود الى أعلى الهاوية.أرى الدنيا كحبة عدس مطحونة في صحن من فخار
عانقت صديق الليل اللطيف..
سهرت..
وأنا أتحـــول و أتجـــول رفــقـته..
قلت مبتسما:
انظر معي..
ونحن نجلس على هذا الرصيف
انظر أيها االتائه اللطيف..
أتشاهد ما أشاهد..؟
ها هي تغني لي بلسان عربي فصيح..
تفتح لي باب الفردوس والرفاهية..
تجعل كل مساماتي صدري نخيلا ورمانا..
ها هي عارية تحت مطر الشمال،
وانا اغطس في البديع والنعيم..
ها دخانها الأمريكي يلبسني
وحواجبها المشعة بالنار توشحني بوسام الملوك.
....
اسمع..
هاته هي صاحبتي
تحترق..
لأجلي
تذوب متى أشاء ..
لأجلي
تئن كامراة.
بين عنفي
وشاربي
لأجلي..
أجد ألمي في ضيافتها قصائدا غزلية..
أجد ما يشبه سعادتي ..
عندما نحترق في حضارة الجنون معا.
.....
أمامي..
المقهـى ملفوف بألف دخان،الزبناء يتوافــدون،يسبحون في سنفونية القطــران الثائر.يستمتعون بشهيــق وزفير..
عـيونهم جاحظة.
تجاعيدهم ساهرة.
يــــوما..
سينصرفــــون.
أفر الى بيتي..
أنزل بين الدروب، أرسم سيقاني المرتعشة بكسرة فحم ونسيم بارد جدا،أتفادي الحيوانا ت الهائمة التي تبيعني في سوق الكلام.
أراد جاري أن يصافحني
فرفعت أنفي نحو الغيوم..
أطرق الباب..
لما انـزويت الى ســرير الزوجة فجـرا.هجرتني الملعونة..
حرمــتــني من غــواية الجسـد ودخان النساء،ولم تتركني أطير بين صـدرها..
غضبت..
مزقت قميصي بمنشار صغير،كسـرت صحون المطبخ بأسناني،هجوت حظي التعيس كما دبج الحطيئة الكلام،تبولت على بطاقة ميلادي..تقيات كثيرا.
------------
تجري الدقائق ويجري العمر بي الى الطاحونة المحتومة..
وقبل أن أستيقظ لأدخن آخر عنقود لي..
وأصلي نحو الشمس لأول مــرة..
حشا حارس المقبرة ورق السـدر والكافور في أمعائي.
رتـل الداعية المعمـم آياته الـزخرفــية.
....
ها ..بنتي العاقة تعبث بدميتها القديـمة.
ها.. ولــدي الجاحد يرسم كبدي المحروقة بقلم رصاص
....
قالت المراكشية وهي تشمت بي:
-استجاب الذي لا ينام و لا يموت لرجاء عــبده..
أجبت:
- أتخلطين الهزل بالجد يا امرأة من رماد ودخان..
ردت:
هاته المرة..
لا أمزح معك يا صديق الشيطان.
انتهى اجلك تماما،
التهم الموت الرائع رئتك،
ساح الوباء الجميل في مناطق دمك
وجسدك...
الآن..
توقفت عقارب الساعة..
تلاشى حبل الغرقى الذي كان يجمعنا.
....
على معطفــي قيء الموتى، هــا أنا أنصرف كسـلعة الســوق ،أخاطــب الجماهــير الشعبية المطحونة..
تبا..
استكان القلـــب الى شهوة البن و أرجوحة القطران..
فذبحني عبثي.