من الدفتر الخصوصي لإمام المغنيين - شعر : مظفر النواب

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

على أول الذكريات
تهب رياح الشتاء
وفي أولاة المواسم
تمطر شيئا على الحدس قبل المطر
وتصعد في الجمر رائحة الكستناء
وست البنات التي ضاجعتها الخيول
وقاص البنفسج من روحها
واحتواها القمر
وشيئا فشيئا تدب الطراوة في الجفن
يعرق ثانية
كالمراهق حين يعالج أول منعا


وتعبق فيه اللزوجة
والزهرات الشتائية الأصل
تمطر في الحدس
تكتظ جمجمتي بالشقائق ... والفكر .. والليل
تمطر... تواكب كشف قميصي
ويعشوشب المفرق الأنثوي الرفيع
المميز لامرأتي بين كل النساء
وترغب كل الخفايا الخجولة في مغطس الليل
حيث الحفاء الوثير
يؤدي إلى سلم لؤلئي
يؤدي الى حلم
يستفيق على بركتين
وفي البريمتين ولام
يشف على وحشة وافتراس
هنا نتكون
والانتفاض اللذيذ يصير حنينا
فتمطر والشبابيك ليست هنا
والندى الفستقي يمسح وجها ضياعا الجنوب
ولللتو توجها الكرم ... والتين .. والحب.. والذكريات
على باب هذا الجنوب
لدى كل حلم أبيت
وكل نجوم السماء بنات
ويشتعل الجرح الفراشات
والنوم في برك لا نهائية
يحبس الحسن أنفاسه
إذا يخوض بها والقرى خلفها مطر
وأنا في النوافذ
أتبع طير الصدى
ثم تخفي الطريق القديم دموعي
وتمطر .. وتبدو كتابات روحي ثانية
من وراء غبار الخريف
وتورق لاماتها
لم تزل هذه الروح كوفية الخط
مغرمة بانتهاك الطلاسم
بين صفات البنفسج .. والفخذين...
وركب الخيول المنحاة صوب بخارى
وخاتمة النوم كعبك
يجتمع الحلم فيه
ويترك في قراءات نوم العصافير
ان العصافير في كرمة
في الجنوب لشيئين
فيما يبوحان كتمهما قد بذلت القصار
وأقسى من البوح
كتم يشير إليك
بإصبعه ويدل
وأنت ... وغيرك فيما يبوح حيارى
وحين تنامين يلوي النشوء بأعناقه
وتشف على بعض الغفوة
وفي أولاة المواسم يبتدئ العشق
بين النعاج
ويعشق من يفسدون النعاج الرعاة
وحين يروحون في الشرق
أبقى وحيد وتنتشر الخلوات
وأحلم أمي على صهوة المهر
وأقطف تفاحة
وأخبؤها بين نهديك خضراء
تنضجها الشهوات
وبين الخلائق من يخلقون النواة
وأما الكثير فقد خلقتهم نواة
وتلك معادلة صعبة
وأشد الصعوبات فيها الثقاة
وأني على مطلق الأمر
أعرف كل نواة بتاريخها
وكيف نمد لها اليدين الحياة
وكنت مع الحلم أحلم
أحمل فانوس كل نهار يجيء
أواصل سكري بالون من غير مزج
ويربكني أن أقوى الخمور الرديء
وأغسل حنجرتي بالنبيذ
ففي القلب حزن جبان وحزن جريء
لكم عذبتني الرياح تغير وجهتها
دون سابقة والفراق دنيء
وكم أنت رغم الوضوح خبئ
وكم أنت مثل جناح الفراشة
في الحلم زاه بطيء
وكم أنت تعشق رأس الحسين الذي فوق رمح
ولا يستريح
تأبى الذوائب مذ ثبتتها الدماء
على غدة أن يزيح
دعوتك أنت المعلم
وان كان علم فتلك الجروح
ألوف وراءك في السرب سارت
لينهض شيء صحيح
فما نام إلا الصحيح
يباهي اليسار الصحيح بأنك في قلة قد حملت السلاح
وغاليت في مبدأ اسمه سلطة الفقراء
وهذا غلو صحيح
يلومون أني أنفخ نار التراث
أنا أرفض الخردوات من الفقراء
ولي امة طالما كل ناس لهم مدية
لغة طالما لغتي تشعل الأبجديات عشقا
وصريح أحب زوايا عيون النساء
صريح
وأمقت من يشهرون النصوص سيوفا
ومن يكسرون السيوف
كلا الانحراف ريح
وأمقت من يشهرون الحسين لغير الوصول إلى ثورة
مثلما جوهر الأمر فيه والجنوح
لعل الحسين إذا ما رأى طفلة في شوارع بيروت
تنهش من لحمها الشهوات
وثم شظايا من القصف فيها
سينكر مأساته
والجروح على رئتيه تطيح
يقولون: من أمها وأبوها
أقول: الجنوب وتاريخه ... والبيوت الصفيح ..
وعدت أعترف
هو الجوع أكبر من آبائنا الثائرين
ومن كان هذا أبوه
تغلب فيه الجموح
متى ما يوزع هذه العمارات للفقراء
وتجز ألف انتهازية
والسلاح يقوم أداء لمهمته
سيقوم المسيح
ولست أبشر بالحب إلا عنيفا
وان يستريح على ذلة
وأريح
كفاكم نزوحا وإلا فما ننتهي
ويسد الطريق على المهطعين النزوح
هناك فداء وليس فدائيين
لا تخدعُ بفداء بغير سلاح وكل التعاريج في عير هذا الكفاح
كسيح
ومن أخطئوا ليس عيبا
بل العيب ان تتبلي فوق ذات الصروح
ولست أخاف العواقب فيما أقول
فإن الشهادة من أجل قول جريء ...ومعتقد
قبتا وضريح
إذا كان بعض يفكر في النيل مني
هذا أنا
لست أملك إلا القميص الذي فوق جلدي
وقلبي وراء القميص يلوح
خبرت الخليقة سطحا ... وعمقا .. وطولا.. وعرضا
فكان أكبر درس تلقيته
ان أكون فصيح المحبة والحقد
فالعقل زيف صريح
متى تنهضون
لعنتم على الركض خلف كروشَ الزعامات
فيما الزعامات باعت ذبيحا.. وحيى
وثم هنالك صفقة أرض
فكونوا على حذر البندقية
فالديك يصيح
بحق السماوات حتى إذا الديك صاح على خطأ
فهنالك نار
وحين تكون الشرارة حقا وليس كلاما
فإن الهشيم العظيم يصار
إذا كان بعض يجيد سماع الغيوب
سمعت انفجارا
سيأتي ويتبع ذالك انفجارا
رثيت الذين تتاح لهم فلتة
ان يكونوا من الثائرين
وناموا على صغرهم خانعا
ويدفنهم في الجحور الغبار
لقد سافر الحلم قاطرة
والشبابيك لا تنتهي.. والوداع استمر
تخالطه نكهة الشمس المتأخرة
ثم لمحتك في آخر العربات
ولم ينتظرني القطار .. لقد بالغ الانتظار
ساورت شكوك الحمام
مازلت في سكة الحلم
أشحذ فوانيس كل القطارات حتى أطل النهار
وفي أولاه الموسم تصبح روحي بدون سياج
ومفتوحة لهباء الشتاء
ولغط السواقي...... وردع الحمام
وينزلق الدمع في القائظ من وداعين
نما الى غير ما رجعة في الظلا
وقد نلتقي إنما القلب
ودع شيئا كثيرا
وودع أكثر لما رمته المرامي
لي اللّه في غربة
ما خفضت الجناح لغير الأحبة فيها
وفي يقظتي والمنام يفتشني الحزن في كل ليل
فماذا يفتش هذا الغراب الغبي
بهَذا الحطام
وفيما أؤذن للجوع
بما في الجماهير
ان السلاح يشق الطريق
إذا ظل تحت احتلال الشراذم
شبر
ومن هان أمر التراب عليه
فكل التراب يهون ...
فما في الضمائر ثمن .. وخمس .وعشر. ..