خطاب النساء - شعر : محمود درويش

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

على كل امرأة حارسان
وفى كل امرأة أفعوان .
ألا .. فاجلدوهن قبل الآوان و
اجلوهن في الصبح جلده ،
لئلا يوسوس فيهن شيطانهن ،
وفى الليل جلده
لئلا يعدن إلى لذة الإثم
واستغفروا الله ، وارموا
على مرفأ الجرح ورده
ولا تهجروهن فوق المخدة
فإن النساء على كل معصية قادرات

وإن النساء حبيباتنا من قديم الزمان
تزوجت خمسين مرة . .
لأعرف مرة
إذا كان ابني هو ابني
وأي ولي على العهد كنت أباه
وفى كل مرة ،
أرى رجلا واقفا بن قلبى وامرأتى
ولكنني .لا أراه
لأقتله أو لأقتلها ، بيد أنى أراه
ويقتلني كل يوم وفى كل سهره
يهاجمني عاشق سابق عند باب القرنفل
يغيب لأدخل ..ثم أنام .. فيدخل
فكيف أحرر أحساد زوجاتنا من أصابع
غيري؟.
وكيف أغير جلدا بجلد .ونهدا بنهد.. ونهرا
بنهر؟.
وكيف أكون امرأة من بياض البداية ؟
وهل أستطيع دخول الحكاية
وعندي من الليل ألحر من ألف ليلة
أكثر من ألف امرأة لا تغير فخ الحكاية
ولكن قلبي موله
وعرشي مؤله
وفى كل امرأة شهرزاد .. وثعلب
وفى كل طاغية شهريار المعذب .
وان النساء على كل معصيـة قادرات
وأن النساء حبيباتنا
ضربن على سحرهن الحجاب
فشب الدبيب بأجسادهن ، وضاجعن
أول مفتاح باب
وأول قط ، وأول ساعي بريد ، وأول كتاب
هذا الخطاب
وبرأن عائشة من ظنون عليٍ
ولكن تأوهن بعد العتاب
أصحراء حول الحميراء، مطلع ليل، وشاب
طلى الشباب
لماذا .. لماذا .. ؟
وكيف تحرش ملح بثوب الحرير الأخير ..
وذاب ؟.
ضربن على سحرهن الحجاب
ولكن هذا الذي لا يرى قد رأى واستجاب
فهل تتغطى العواصف يوما بشال
السحاب ؟.
وماذا وراء الحجاب ؟. -
إلا أنهن «صواحب يوسف »
رغم الحزام ، ورغم الحرام ، ورغم العقاب
قوارير تكسر ..
أساطير تسحر..
وذاكرة للغياب
ففي أي بئر نخبئ زوجاتنا
وفى أي غاب ؟
وفى وسعهن ملاقاة أى هلالٍ ..
ينام على غيمة أو سراب ..
وفى وسعهن خيانتنا بين أحضاننا
والبكاء من الحب .. والاغتراب
وفى وسعهن إزالة أثارنا عن مواضع
أسرارهن .
كما يطرد المرء عن راحتيه الذباب
ويلبسن في كل يومين قلبا جديدا
كما يرتدين الثياب
فما نفع هذا الحجاب
وما نفع هذا العقاب ؟
وإن النساء على كل معصية قادزات
وان النساء حبيباتنا ..
تعبت .. ولو أستطيع جمعت النساء ..
بواحدة واسترحت
وأنجبت منها وليا على العهد حين أشاء
وليا على العهد مثلي وجدي
صحيحا فصيحا يواصل عهدي
ويحفظ خير سلاله
لخير رسالة
ويجمعكم حول قصري ومجدي هاله
ولكنني قلق ، فالنساء هواء وماء
وفاكهة للشتاء
وذاكرة من هواء
وان النساء إماء
يغيرن عشاقهن كما يشتهى كيدهن العظيم
وكيدي عظيم .. ولكن فيه موهبة للبكاء
وفيهن ما أحزن الأنبياء
وما أشعل الحرب بين الشعوب
وما أبعد الناس عن ملكوت السماء
فكيف أحل سؤال النساء؟.
وكيف أحرركم من دهاء النساء؟
على كل امرأة أن تخون معي زوجها
لأعرف أنى أبوكم
وأخذ منكم ومنهن كل الولاء..
وقد تسألون : وكيف تنفذ مذا القرار ؟
أقول : سأعلن حربا على دولة خاسرة
يشارك فيها الكبار
ومن بلغ العاشرة ..
سأعلن حربا لمدة عام
تكون النساء عليكم حرام
وأبعث غلمان قصري- وهم عاجزون - إلى
كل بيت
ليأتوا إليَّ بكل فتاة وبنت
لأحرث من شئت منهن :
بعد الظهيرة - بنت
وفى الليل - بنت
وفى الفجر - بنت
لتحمل منى جميع البنات
وينجبن مني وليا على العهد .. مئى ..
سأختاره كيف شئت
صحيحا فصيحا مليح القوام
.. وبعدئذ أوقف الحرب ، من بعد عام
وأعلن عيد السلام
وأعرف مرة
لأول مرة
بأن الولي على العهد .. إبنى
وأنيَّ أبني
بلادا بلا دنس أو حرام
فألف سلام عليكم
وإن النساء حلال عليكم
فلا تهجروهن ، لا تضربوهن ، هن الحمام
وهن حبيباتنا ، والسلام عليكم .. .. عليهن
ألف سلام ..
وألف سلام !!