تعقل الإرهاب من منظور الفلسفة المعاصرة ـ خالد كلبوسي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

anfasse24063تسارعت , كما نعلم , خلال شهر نوفمبر 2015 وتيرة العمليات الإرهابية ـــ و التي تسميها الجهة التي تتبناها عمليات جهادية أو استشهادية ــ خارج الخارطة الجيوسياسية المعروفة منذ التدخل الأمريكي في أفغانستان و العراق حيث برزت القاعدة في المشهد بداية و تلاها بروز ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية بالعراق و الشام (داعش) لاحقا ليشمل سوريا ثم بقية العالم . فمن بيروت , مرورا بباريس و باماكو و تونس العاصمة ,و أخيرا داخل الولايات المتحدة الأمريكية ,و يبدو أن القائمة مرشحة للازدياد , خلفت هذه العمليات مئات القتلى و الجرحى بين المدنيين خاصة ,مثيرة مشاعر الأسى و الهلع و ردود أفعال سياسية عالمية , الأمر الذي يستنهض من جديد التساؤل و الجدل حول هذه الظاهرة بين عموم الناس و لكن كذلك بين صفوف الدارسين و المحللين و المفكرين و الفلاسفة مثلما وقع بعيد تفجيرات 11  سبتمبر 2001 الشهيرة  حيث شملت العمليات الإرهابية لأول مرة الدولة التي يعتقد , إثر انتهاء "الحرب الباردة" أنها القوة العظمى في العالم  .

ــ الفلسفة كتفكير في الراهن أو كانطولوجيا للزمن الحاضر:
من المعلوم أن هيغل اعتبر أن قراءة الصحف هو من بين الأمور التي تميز إيقاع العصر الحديث , كونها تهتم بالراهن.لكن اهتمام الفيلسوف بالأحداث الراهنة المعاصرة له تختلف عن اهتمام الصحفي بالأمر. و وجه الاختلاف يتمثل أساسا في عدم الاكتفاء بنقل الحدث أو المعلومة بلغة الحياة اليومية التي تثير صعوبات أكثر مما تقدم توضيحات ,بينما المطلوب التفكير في الحدث نفسه من خلال مفهمته , أي طلب ما هو كلي في الجزئي .هكذا كان الأمر مع كانط حينما قدم إجابة عن سؤال: ما هو عصر الأنوار ؟, ذلك النص الذي اعتبره فوكو فاتحة للفلسفة كتفكير في الراهن أو كانطولوجيا الزمن الحاضر,حيث قدم كانط مفهوما  لعصر معين هو عصر الأنوار أي محاولة لعقلنة الأمر على نحو فلسفي كلي.مثل هذا الأمر قام به كارل ماركس كذلك في  " 18 برومير"  حيث أخضع أحداث ذلك التاريخ للتحليل المادي التاريخي الذي أسس له في "الإيديولوجيا الألمانية" .

 أما بخصوص الإرهاب موضوع بحثنا نعلم  ما قام به كل من جاك دريدا و هابرماس في الحوار الذي أجرته معهما بورا دوري حول ما يعرف ب "حدث 11 سبتمبر 2001 " أسابيع قليلة بعيد التفجيرات الانتحارية التي طالت برجي التجارة و البانتغون , كما أن بودريار حاول أن يفكر في الأمر في مقاله المطول بعنوان " روح الإرهاب ". يقول جاك دريدا في إجابته على سؤال بورا دوري :" بصرف النظر عما إذا كان 11 سبتمبر حدثا ذا أهمية كبرى أم لا , ما هو الدور الذي تعطيه للفلسفة ؟ هل يمكن أن تساعدنا الفلسفة على فهم ما جرى ؟ قائلا : من دون شك مثل هذا الحدث يستدعي إجابة فلسفية. بل أكثر من ذلك إجابة تضع موضع تساؤل الأكثر جذرية الفرضيات المفهومية المسبقة الأكثر تجذرا في الخطاب الفلسفي .فالمفاهيم التي غالبا ما وصفنا بها, سمينا , صنفنا هذا الحدث ترتبط ب "سبات دغمائي" حيث لا يمكن إلا لتفكير فلسفي جديد , تفكير في الفلسفة ذاتها خاصة منها الفلسفة السياسية و تراثها’ أن يوقظنا منه." (1)
قد لا يشكل ما يعرف بالإرهاب اليوم ظاهرة خاصة بالعصر الراهن حيث يمكن للمؤرخ أن يقول كلمته الخاصة به,لكن تحويل الموت الشخصي إلى تقنية قتالية ما يعرف ب "التفجيرات الانتحارية ",الموت "كسلاح مطلق" بعبارة جان بودريار هو أمر خاص بالزمن الحاضر الذي نعيشه, من هنا وجه الاهتمام الفلسفي بالإرهاب اليوم إذا اعتبرنا الفلسفة انطولوجيا  تخص الراهن أو الزمن الحاضر.

 ــ مشكل مفهمة الإرهاب:
يخطئ من يعتقد أن الوصف العلمي لظاهرة الإرهاب سهل  بل على العكس من ذلك هو شديد التعقيد, فالدعاية السياسية و التبريرات الإيديولوجية الدينية و غير الدينية و التعليقات الصحفية و الشروحات و شبه التحليلات حول الظاهرة جعلت الأمر أكثر تعقيدا مما قد نتصور. وهو ما يمكن أن ندركه من خلال مختلف التسميات أو التوصيفات التي تصل إلى حد التناقض أحيانا ففي حين نجد توصيف الإرهاب و الانتحار و الهمجية و الجريمة لهذه الظاهرة من جهة السلطات الحاكمة , نجد في المقابل  توصيف الاستشهاد  و الجهاد و الفداء و العنف الثوري من قبل الجهة التي تتبنى العمليات التي تصفها بالجهادية أو الاستشهادية . بل هناك من يصفها بالعمليات الانتحارية ـــ الاستشهادية أو الانتحارية ـــ الدينية . و تدل هذه التسميات و التوصيفات على الإحراجات التي تثيرها أمام الوصف العلمي غير الإيديولوجي, فكل هذه التسميات مشحونة إلى الحد الأقصى بالإيديولوجيا و الصراعات السياسية الطبقية والإتنية و الدينية الجارية الآن على الصعيدين الإقليمي و الدولي.و عليه كل هذه التوصيفات هي توصيفات إيديولوجية ما قبل علمية. إن المفهوم العلمي مفهوم كوني متفق عليه يفرض نفسه على الجميع أيا كانت الإيديولوجيات و المواقف السياسية للأشخاص.و نحن نجد هذا الشعور بالحرج من التسمية لدى أغلب الدارسين الجديين ( لدى فلاسفة مثل هابرماس و دريدا ,  و مفكرين مثل أحمد إقبال و محمد شحرور  , و جامعيين أمريكيين  مثل سكوت ,و مختصين في الجغرافيا السياسية مثل  بلين , و مؤرخين مثل جيل فيراغو ...) يشير الفيلسوف جاك دريدا في حوار مع جيوفانا بورادوري أسابيع قليلة بعد 11 سبتمبر 2001  إلى صعوبة تحديد مفهوم الإرهاب بقوله : "إذا أردنا عدم السقوط في ضبابية اللغة اليومية التي يقع تطويعها بسهولة إلى خطابة وسائل الاتصال أو التلاعب الخطابي للسلطات السياسية الحاكمة,لا بد من الحذر عند استعمال  كلمات " النزعة الإرهابية" و خاصة "النزعة الإرهابية العالمية".(2)
ويبدو هذا واضحا من خلال تسمية ما وقع في أمريكا يوم 11 سبتمبر 2001 ب "حدث 11 سبتمبر", أو ما وقع في حرب التحرير الجزائرية بين 1948 ــ 1954 ب " أحداث 1948 ــ 1954"  ذلك أن إطلاق توصيف الحدث على هكذا وقائع دليل على عدم تملكنا المعرفي لما يحدث فعلا ,لأننا نفتقد الجهاز المفهومي الضروري لوصف الأمر.

 ــ الإرهاب / النزعة الإرهابية:
يستعمل, اليوم,  الخطاب السياسي الرسمي السائد في الدول التي اكتوت بنار العمليات "الجهادية" تسمية " الإرهاب"  و "الإرهابية"  لوصف مثل هذه العمليات, في حين لا نجد اتفاقا حول معنى الإرهاب على الصعيد القومي بين مكونات المشهد السياسي في البلد الواحد و لا على الصعيد العالمي  بين دول العالم . و هو أمر أقرته دولة عظمى مثل أمريكا في تقرير لها بعنوان ppattern of global terrorism  سنة 2001( ذكره Scott Atran    في مقال له بصحيفة courrier international 8 أوت 2003 عدد 655 ) وهي التي شهدت عمليات إرهابية بحجم 11 سبتمبر 2001. و إذا كانت الـ" 192" دولة الأعضاء في الأمم المتحدة قد أدانت الإرهاب ب "جميع أشكاله و جميع مظاهره مهما كان منفذوه , في أي مكان , و مهما كانت غاياته." سنة 2005 فذلك لا يعني اتفاقا حول المفهوم  رغم الإجماع على الإدانة . و كما نعلم أن لكل تجمع إقليمي بل لكل دولة تقريبا قانونا خاصا بالإرهاب تستعمله لمحاربته.إن حكومات متواطئة مع الإرهاب تصف خصومها أو أعداءها بالإرهاب حتى و إن كانوا لا يتبنون الإرهاب و لا آلياته أو وسائله. فقد وصفت حركات التحرر الوطني و المقاومة بكونها إرهابية مثل منظمة التحرير الفلسطينية قبل اتفاقية أوسلو. بل هناك من المؤرخين  من  يعتبر أن الإرهاب وجد منذ العصور القديمة في كتاب له بعنوان : " تاريخ الإرهاب بداية من العصور القديمة وصولا إلى القاعدة "  (3) معترفا بأن الإرهاب شهد نقلة نوعية في الق 19 و القرن 20 . و يرد البعض عدم توفر تعريف موحد للإرهاب بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى كون أنظمة هذه الدول نفسها تستعمل أساليب إرهابية في صراعها مع القوى السياسية المعارضة في الداخل أو في صراعها مع أعدائها خارج حدودها.
لقد عرف بعضهم الإرهاب بالأفعال التي تستهدف قتل المدنيين و زعزعة أركان الدولة و نشر الفوضى ليسهل الانقضاض على الحكم و يقاس مدى نجاحه بمدى  ترويعه لعموم المواطنين.غير أن ذلك لا يمثل إلا صنفا أو شكلا من أشكال الإرهاب هو إرهاب المجموعات السياسية الدينية أو غير الدينية. في هذا الصدد يشير أحمد إقبال في محاضرة له سنة 1999 بجامعة كولورادو أي قبل تفجيرات 11 سبتمبر 2001 بعنوان "إرهاب في صيغة الجمع"  أن أفضل التعريفات للإرهاب هي التي وردت بقاموس وابستير  Websterحيث يعرف : " الإرهاب la terreurهو التخويف / الترويع الشديد "  وهو المعنى الذي تتضمنه مادة ( رهب ) في لسان العرب لابن منظور  حيث " يذكر أن  "رهب , بالكسر, يرهب رهبة و رهبا ,بالضم, و رهبا , بالتحريك , أي خاف ..."  و " أرهبه و رهبه و استرهبه " تعني أخافه و فزعه (4).و منها "  الإرهاب و الـترهيب /الترويع و النزعة الإرهابية terrorisme التي يعرفها معجم Webster  المذكور كالتالي :" استعمال طرق الترهيب في  الحكم  أو في مقاومة نظام حكم ". ويعلق إقبال على ذلك بقوله :  "إن هذا التعريف البسيط يستحق الاحترام .فهو منصف.هو ينبه إلى استخدام الإكراه العنيف , عنف غير قانوني , غير دستوري بهدف  إخضاع الطرف المقابل . إنه تعريف صحيح لأنه يتعلق بالإرهاب كما هو ,بصرف النظر عن الحكومة أو الأشخاص اللذين يقومون به." (5)
إن الإرهاب  قد يعتمده الفرد أو المجموعة , المتدين أو غير المتدين , المنتظم سياسيا أو المنتمي إلى منظمة إجرامية غير سياسية.و يمكن  للإرهاب السياسي أن يبرر لاحقا إيديولوجيا أو دينيا وفق قراءة أو تأويل  لدين بعينه أو نظرية فلسفية سياسية معينة .لكن ما يشد الانتباه في العمليات المسماة جهادية هو اعتمادها على تفجير النفس كسلاح ضد من تعتبرهم أعداء و كفارا . و يصنف محمد إقبال الإرهاب إلى الأصناف التالية :
 أولا : إرهاب الدولة حيث تلجأ الدول ذات الأنظمة الاستبدادية في هذا العصر و غيره من العصور, بصفة مباشرة أو غير مباشرة , إلى الاغتيالات و الاختطاف و التعذيب و القتل... قصد ترويع عموم الشعب . من قبيل المجازر الصهيونية في فلسطين و لبنان و ما قام به بينوشيه  في باناما و سوهاركو في إندونيسيا . كما نعلم علاقة أمريكا و حلفاءها العرب بالمجاهدين العرب في أفغانستان الذين كونوا القاعدة لاحقا بقيادة أسامة بن لادن و التي منها انحدر ما يعرف اليوم بداعش, إضافة إلى علاقتها بالأنظمة الاستبدادية سيما قبل انتهاء الحرب الباردة  في شتى أصقاع الأرض خاصة منها دول الخليج العربي و أمريكا اللاتينية و إفريقيا . كما يعلم أغلب الدارسين اليوم من يمول ما يسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق و الشام المعروف بداعش بالسلاح و الذخيرة و المجاهدين.
و يمكن أن نضيف في هذا السياق  استنادا إلى أعمال المؤرخ الفرنسي gilles ferragu أن لفظ  terreur la الذي تمارسه الدولة ظهر إبان الثورة الفرنسية مع روباسبيار و دانتون  سنة 1793 حيث تم التشريع له بغاية "إنقاذ الشعب" بعد اغتيال "صديق الشعب" مارات marat , و لاحقا سيظهر في الطبعة الخامسة لمعجم لأكاديمية الفرنسية سنة 1798 لفظle terrorisme بمعنى نظام سياسي يستعمل الإرهاب في الحكم . 
ثانيا: الإرهاب الذي يستلهم الدين و يمكن تسميته بالإرهاب المقدس كالحروب الدينية في القرون الوسطى بين الكاتوليك والبروتستانت حيث استعملت أساليب الإرهاب بمختلف أشكالها كالقتل و الحرق و الذبح و التنكيل بالجثث . في هذا السياق , يذكر التاريخ مجزرة سانت بارت ليمي التي وقعت في أوت 1752 ذهب ضحيتها أكثر من 300 ألف شخص في ليلة واحدة . أو كالتفجيرات الانتحارية في العراق اليوم التي تشمل كل من الشيعة و السنة و الأكراد و التركمان و الأيزيديين , أو  كقتل المسلمين و التنكيل بهم و تهجيرهم في يبرما أو ما تقوم به بوكو حرام من خطف و قتل في نيجيريا أو ...القائمة طويلة للأسف .
ثالثا: إرهاب باثولوجي/ مرضي : حيث يقدم بعض المصابين بخلل نفسي ما على القتل أو الاختطاف أو التعذيب و التنكيل بالضحايا و ما شابهه , لكن هذا الصنف لا يشكل عنفا سياسيا  لأنه لا يستهدف الاستيلاء على الحكم , مثله مثل الإرهاب الإجرامي.
رابعا: الإرهاب الإجرامي : كل أشكال الجرائم تفترض الإرهاب و الترويع كالقتل و التعذيب و الاغتصاب مثل جرائم المافيا و غيرها .
 خامسا: الإرهاب السياسي الخاص بالمجموعات السياسية المعارضة سواء كانت مرجعيتها دينية أو علمانية , نظير ما قامت به المجموعات الفوضوية و العدميين في روسيا القيصرية من اغتيالات معتبرين أن ذلك هو السبيل الأفضل للثورة و المجموعات اليسارية المتطرفة في أوروبا كمجموعتي بادر ماينهوف  أو الألوية الحمراء اليساريتين  اللتان وجدا في السبعينات من القرن الماضي مستهدفين الساسة و رجال الأعمال.و ما تقوم به المجموعات الإسلامية المتطرفة  في العراق و سوريا والمغرب العربي و أوروبا و الولايات المتحدة الأمريكية حيث تلجأ إلى ما يعرف بالتفجيرات الانتحارية وسط المدنيين وغير المدنيين والاختطاف و الاغتيالات...
إن هذه الأصناف الخمس يمكن أن تتداخل فيؤدي أحدها إلى الآخر, فالدولة أو بالأحرى حكومة دولة ما تستطيع أن تعتمد على المجموعات الخاصة للتخلص من خصومها أو معارضيها مثل اعتماد فرق الموت في أمريكا اللاتينية و باكستان ويمكن أن نذكر في هذا السياق اغتيال الزعيم النقابي و الوطني التونسي فرحات حشاد في 5 ديسمبر 1954 من قبل اليد الحمراء الموالية للاستعمار الفرنسي,كما يحدث أن يتحول الاحتجاج إلى تطرف في العنف و بالتالي إلى إرهاب.
 إن الإرهاب عموما يصف الأفعال العنيفة مثل الاختطاف و التعذيب  و القتل و التنكيل و التمثيل بالجثث و قطع الرؤوس و التفجير ... بصرف النظر عن الجهة التي تقوم به سياسية كانت أم غير سياسية .و بالتالي يجب التمييز بين الإرهاب السياسي و الإرهاب غير السياسي .فالإرهاب في دلالته السياسية  يصف الأفعال العنيفة التي تستهدف ترويع أو ترهيب عموم  الناس من أجل أهداف سياسية .إنه عنف  بصرف النظر عن القائم به دولة أو مجموعة سياسية  دينية أو علمانية. بهذا المعنى فما تقوم به القاعدة أو داعش أو غيرها من عمليات تسميها جهادية هو إرهاب لأنها أفعال عنيفة تهدف إلى الترهيب و الترويع من أجل غايات سياسية أهمها إقامة دولة الخلافة أو الدولة الدينية التي تتخذ مما يعرف الشريعة دستورا . كما أن ما تقوم به تنظيمات سياسية دينية غير إسلامية نظير ما يقع من اضطهاد للمسلمين في بيرما من قبل البوذية المتطرفة هو إرهاب كذلك. أو ما وقع من مجازر للفلسطينيين من قبل الحركات اليهودية المتطرفة هو إرهاب . في حين أن دولة إسرائيل تنوب عنها اليوم بعد أن استتب لها الأمر في فلسطين. إن الإرهاب  قد يعتمده الفرد أو المجموعة , المتدين أو غير المتدين , المنتظم سياسيا أو المنتمي إلى منظمة إجرامية غير سياسية.و يمكن  للإرهاب السياسي أن يبرر لاحقا إيديولوجيا أو دينيا وفق قراءة أو تأويل  لدين بعينه أو نظرية فلسفية سياسية معينة .لكن ما يشد الانتباه في العمليات المسماة جهادية هو اعتمادها على تفجير النفس كسلاح ضد  أعداء  ينعتون بكونهم كفارا , لذلك يسميها البعض "عمليات انتحارية".

ــ الإرهاب و الانتحار:
نشير في البداية أن البعض من الساسة مثل بوش الابن و معمر ألقذافي و حتى عموم الناس يميلون إلى الاعتقاد أن الشخص الذي يفجر نفسه وسط مجموعة من البشر سواء كانوا مدنيين أو غير مدنيين , إنما هو شخص يشكو من خلل  نفسي ما أو وقع غسل دماغه أو تخديره ب" حبوب الهلوسة" حتى يقبل على  تفجير نفسه في عملية انتحارية.من هنا يتأتى توصيف هذا النوع من العمليات  بــ " العمليات الانتحارية  les attentats suicides ".
الانتحار في علم النفس يعني إقدام الشخص على قتل نفسه لشعوره بكارثة معنوية يصعب إن لم يكن من المستحيل عليه التخلص منها .و يعبر في نظر فرويد على هيمنة دوافع الموت على دوافع الحياة , حيث يتخذ الأنا الأعلى قرار معاقبة الأنا المذنب بالقتل ( انظر كتاب فرويد " الأنا و الهو"). أما من المنظور الاجتماعي فالانتحار سلوك فردي يعبر عن خلل يصيب علاقة الفرد بالمجتمع حيث تتناسب نسب الانتحار عكسيا مع حدة تفكك الروابط الاجتماعية.و يصنف دوركايم الانتحار إلى ثلاثة : الانتحار الأناني و الانتحار ألإيثاري و الانتحار الفوضوي(انظر كتاب دوركايم " الانتحار" ). ويميل البعض إلى اعتبار العمليات الجهادية من قبيل الانتحار الإيثاري حيث يقدم الشخص على قتل نفسه من أجل الآخرين.
في كل الحالات تختلف العملية الجهادية  على الانتحار بمعنييه النفسي و الاجتماعي في كون الشخص الذي يفجر نفسه  وسط المجموعة لا يهدف إلى قتل نفسه فقط بل  يريد أن يقتل الآخرين من خلال تفجير نفسه . فتفجير النفس له وظيفة قتالية.
 وقد استعمل كل من دريدا و بودريار الانتحار بمعنى مختلف عن معناه النفسي و الاجتماعي . ففي توصيفه 11 سبتمبر , يرى دريدا أن زعيم القاعدة نفسه كان حليفا لأمريكا ,إبان الحرب الباردة ,عندما كان "يجاهد " في أفغانستان و هو الذي تبنى تنفيذ تفجيرات 11 سبتمبر, حيث يبدو العدو المتمثل في الإرهاب هو من صنع الإدارة الأمريكية نفسها التي كانت ضحيته, فالمنظومة نفسها تصنع أعداءها في مسار يسميه دريدا فقدان المناعة الذاتي auto-immunité  و قد نقل دريدا هذا المفهوم من المجال الطبي حيث يصف مرض التدمير الذاتي لجهاز المناعة. و غير بعيد عن هذا التوصيف ما يقوله بودريار في مقال له  مطول بصحيفة le monde  بعنوان "روح النزعة الإرهابية "l’esprit du terrorisme" "تتمثل الفرضية الإرهابية في كون المنظومة نفسها تنتحر كرد فعل ضد التحديات المتنوعة للموت و الانتحار." (6) حيث لا تستطيع أعظم قوة في العالم أن تنتصر إلا أمام عدو كلاسيكي مرئي و لكنها لا تستطيع أن تفعل أي شيء أمام عدو غير مرئي فتتآكل المنظومة من الداخل من تلقاء نفسها.و أمام الموت كسلاح مطلق, كمثل أعلى, تنهار منظومة تتخذ من صفر موت مثلا أعلى للحرب .و من هذا المنظور اعتبر بودريار أن غزو العراق أو أفغانستان لا يمثل حلا لمشكل الإرهاب بل بالعكس مجالا أوسع له للحركة و النمو وهو ما وقع فعلا حيث انتشرت المجموعات الجهادية أكثر في العراق بعد الغزو الأمريكي و حاليا في سوريا و بقية العالم.إن منظومة تريد أن تكون هي الوحيدة المالكة للقوة تتحول دون وعي ضد نفسها فتصبح هي نفسها انتحارية, حيث الغرب يعلن اليوم الحرب على نفسه في إعلانه "الحرب على الإرهاب" حيث يضطر الغرب في الأخير إلى التخلي و لو مؤقتا عن قيمه التأسيسية الموروثة عن عصر الأنوار مثل الحرية و الديمقراطية و حقوق الإنسان . و تثير عبارة " الحرب على الإرهاب " في نظر دريدا جدالا أكثر مما تقدم حلا . فالحرب في القانون الدولي لا تكون إلا بين دولتين بينما العدو المقصود هنا لا دولة له  وحتى اسم تنظيم الدولة ليس دولة بل ربما يروج الغرب نفسه على الصعيدين الإعلامي و السياسي لذلك من أجل أن يوهم نفسه بقدرته على تحديد عدو ليس قابلا للتحديد , فالجهاديون اليوم لا وطن و لا دولة لهم, لقد هبت رياح العولمة على الإرهاب نفسه .و يتفق  كل من دريدا و بودريار و هابرماس على أن الإرهاب هو ظل و ربما ذل العولمة أو النظام العالمي الجديد, فكلما تغلغلت العولمة أكثر كلما ازداد تغلغل الإرهاب في العالم,يساعدها في ذلك تكنولوجيات الاتصال الحديثة أو ما يعرف بالنانوتكنولوجيا. هذا هو التناقض الأساسي في النظام العالمي الجديد وهو ما دعا بودريار إلى الحديث عن حرب عالمية رابعة هي فعلا عالمية لأول مرة لأنها ليست حربا بين دول بل هي حرب العولمة ضد نفسها. بهذا المعنى فالصراع اليوم ليس صداما بين الحضارات بين الغرب و الإسلام مثلا كما حاول البعض أن يروج له, بل هو صراع  العولمة ذات القطب الواحد مع ذاتها في مسار تدمير ذاتي.  

ــ التبريرات الإيديولوجية ذات المرجعية الإسلامية :الاستشهاد و الجهاد :
نشير أولا أن تبريرات الإرهاب السياسي بالمعنى الذي حددناه سابقا لا يقتصر على الجماعات السياسية الإسلامية .فالجماعات اليهودية المتطرفة بررت أعمالها الإرهابية كالمجازر استنادا إلى اليهودية و كذلك الجماعات المسيحية و الجماعات البوذية ... كما أنه يمكن تبرير الإرهاب عن طريق مرجعية إيديولوجية غير دينية .ولكننا نهتم بالتبريرات ذات المرجعية الإسلامية لأنها ترتبط بما يسمى اليوم " العمليات الجهادية الانتحارية".
أما أولائك اللذين يصفون هذا النوع من العمليات بكونها جهادية أو استشهادية فهم صنفان صنف يتبنى العملية و يضفي عليها شرعية الدين والجهاد و الشهادة بينما الصنف الثاني وهم في الأغلب من غير المسلمين يستعمل نفس التسمية ليدين العملية و يشهر, في نفس الوقت , بالمرجعية الدينية الإسلامية التي يدعيها منفذ العملية و من يقف وراءها . كما  أن شيوخ الإسلام في هذا العصر ليسوا متفقين حول الأمر. فهناك من يدينها جملة و تفصيلا حتى تلك التي استخدمتها الفصائل الفلسطينية و المقاومة اللبنانية ضد الاحتلال الإسرائيلي, و هناك من يفتي أن منفذ التفجير الانتحاري مجاهد شهيد.في هذا السياق ينبهنا محمد شحرور في كتابه  " تجفيف منابع الإرهاب " (7) إلى أن معاني الجهاد و الشهادة و الاستشهاد وقع تحريفها إيديولوجيا من أجل غايات سياسية ,حيث نشأ و تكون الفقه في علاقة بما هو سياسي , منذ  اجتماع السقيفة , فتم إسقاط ألف المشاركة من الجهاد و القتال عن قصد فأصبح الجهاد جهدا و القتال قتلا , مذكرا في هذا الصدد ما نجده مثلا لدى الإمام الشوكاني في كتابه " السبل الجرار"  حيث تحول الجهاد لديه إلى غزو. و تم تحريف معنى الاستشهاد و الشهادة,إذ لا يعنيان في اللغة العربية ما رسخه لاحقا الفقه و الفقهاء فمادة (ش ـ ه ـ د ) منها فعل شهد واسم الفاعل شهيد و شاهد و مثناه شهيدان و شاهدان وجمعه شهداء و شاهدين و شهود للاثنين معا أي للشاهد و الشهيد .حيث نستعمل الشاهد للشخص الذي لم يرى الحدث عيانا بينما نستعمل الشهيد لشاهد العيان. كما يذكر أن الشهيد اسم من أسماء الله الحسنى و تعني الحاضر القيوم في كل  زمان و مكان و قد أحصى د شحرور 160 موضعا قرآنيا لمادة ش ه د  و مشتقاتها أولها الآية 23 من سورة البقرة و آخرها الآية 9 من سورة البروج .مبينا أن القتال و القتل لا علاقة لهما بالشاهد و الشهيد.
إن المجموعات الجهادية التي تكلف أحد أعضائها ــ غالبا ما يكون شابا يسهل التأثير فيه الأمر الذي يجعلنا نعتقد أن الإرهاب كممارسة على الأقل ظاهرة شبابية إلى حد كبير ــ بتنفيذ تفجير انتحاري تتبنى كما نعلم إيديولوجيا جهادية تعتبر ما تقوم به جهادا في سبيل الله و المختلف عنها حتى من داخل المنظومة نفسها كافرا يجوز قتله. و مثل هذه الإيديولوجيات لا تعترف للآخر بحق الاختلاف بل تعتقد أنها تمتلك الحقيقة الربانية المطلقة . ونحن نعلم أن مثل هذه المجموعات وجدت منذ القديم في التاريخ الإسلامي مثل الخوارج  وغيرهم , وكذلك لدى العديد من منظري  ما يعرف بالإسلام السياسي ــ مثل سيد قطب و أب الأعلى المدودودي ــ  اللذين يعتبرون أنه لا بد من إعادة أسلمة المجتمعات التي ارتدت عن الإسلام , في محاولة لاستعادة ما قام به الخليفة الراشد رضي الله عنه أبو بكر الصديق في "حروب الردة " . و نعلم ما أقامه  الحرس الثوري إبان الثورة الإيرانية على الشاه من محاكم ثورية نصبت المشانق لخصومها السياسيين مغلفة ممارساتها بغطاء ديني يعتبر الآخر المختلف كافرا أو صديقا للشيطان , و كذلك ما وقع في العشرية السوداء في الجزائر...
يلتقي منظرو العولمة ,أمثال هنتنغتون, موضوعيا مع الإيديولوجيا الجهادية في كونهم يعتبرون أن الصراعات الراهنة هي صراعات حضارية بين الغرب من جهة و الإسلام من جهة أخرى . و في كلا الحالين نحن أمام قراءة أو تأويل إيديولوجي لما يحدث يخفي الأسس الحقيقية للصراعات الجيوسياسية الجارية اليوم بين القوى العظمى بعد انتهاء الحرب الباردة و الشروع في التأسيس للعولمة ,أو ما يعرف بالنظام العالمي الجديد , الذي أراد الغرب الرأسمالي استثماره لصالحه بعد انهيار المنظومة الاشتراكية الروسية , من خلال الإدعاء أن الليبيرالية هي أعلى و آخر مرحلة  توصلت إليها الإنسانية خلال تاريخها ’ حيث تمثل الولايات المتحدة الأمريكية كمنظومة اقتصادية و سياسية و ثقافية تجسيدا حيا وحارسا لها. 

ــ الحرب على الإرهاب أو الحرب في العصر الإمبراطوري الجديد:
من دون شك أن الإرهاب , كظاهرة عابرة لحدود الدول القومية , يفرض علينا التفكير خارج  أطر و مقولات الفلسفة السياسية التقليدية. فاستعمال مصطلح "الحرب على الإرهاب " مثلا لا يمكن أن تقرأ وفق مفهوم الحرب التقليدي الموروث عن عصر الأنوار. فهو لا يصف حربا بين دولتين أو أكثر. إنه تعبير عن صراع داخلي يشق النظام العالمي الجديد من داخله , صراع معولم عابر للحدود و القوميات و الملل. و النزعة الكوسموبوليتية نفسها التي تعتبر مع كانط الحرب أشبه ما يكون بحيل الطبيعة بهدف تأسيس سلام دائم تقوم هي نفسها على فلسفة سياسية خاصة بالدول القومية , ما دام السلم في تصور كانط لا يكون إلا بين دول حرة  ذات سيادة. يقول الدكتور فتحي المسكيني في هذا الصدد: " إن دعوى الكونية التي رفعها مشروع التنوير قد انقلبت فجأة إلى مشكل أخلاقي بلا موضوع , بعد أن ائتمن الحقوقيون الدولة القومية على تنفيذ برنامج دولة الحق , الحلم الأكبر للأزمنة الحديثة ... بل أكثر من ذلك : إن دعوى الكونية قد انقلبت سريعا إلى تعبير جنيني عن حس الإمبراطورية الذي بدأ يسري , منذ هيغل, في عقول الفلاسفة أنفسهم , من خلال سرديات فلسفات التاريخ , دون أن يطرح السؤال عنه بهذه الصيغة إلا في وقت متأخر." (8). رغم ذلك فنحن مجبرون أن نفكر في الأمر بطريقة كونية, لقد ولى زمن التفكير في الحرب من منظور الصراع بين دول ذات سيادة إحداها يهاجم والأخرى تدافع عن نفسها. و مفهوم " الحرب الأهلية " لا يسعفنا في تعقل ظاهرة ما يسمى " الحرب على الإرهاب"  , لأن الإرهاب نفسه عابر لحدود الدول القومية, و الدول سيما العظمى  لا تقيم أي اعتبار للسيادة القومية بل لا تقيم اعتبارا  حتى للشرعية الدولية في محاربتها للإرهاب. إن " الحرب على الإرهاب " تعبير عن ظاهرة مستحدثة هي تغير مفهوم الحرب ليشمل ما يشار إليه اليوم بمصطلح  " الحرب بالوكالة " , حيث يمكن أن تنتخب الدولة الأقوى من ينوبها في الحرب على من تعتبرهم ممثلين عن الإرهاب سواء كانوا دولا أو مجموعات إرهابية,الخاسر الأكبر في كل ذلك هو المواطن في أي دولة من الدول يهدده الموت في أي مكان و تشتد عليه قبضة الحكومات من خلال إجراءات  أمنية و سياسية استثنائية كحالة الطوارئ و التجسس على الأشخاص في حياتهم الخاصة. من أجل ذلك يقترح علينا الأستاذ  صالح مصباح استخدام مفهوم " التدبير " ( الذي يأخذه عن الموروث الفلسفي العربي ) عموما لمقاربة مسألة السلطة في العهد الإمبراطوري المستجد حيث لا يمكن اختزالها في السلطة السياسية وحسب كما تبين ذلك تحليلات فوكو و غيره , و مفهوم  " التدبير العولمي  أو الإمبراطوري " لمقاربة نزوع الدولة العظمى و مجموعة الثماني  للسيطرة على العالم و إعادة رسم خارطته الجيوسياسية , حيث يعبر مصطلح " الحرب على الإرهاب "  في تقديرنا على احد أشكاله فقط  نعني التدبير السياسي العسكري .(9 )
إن المهمة المستقبلية المطروحة على القوى المناهضة للتدبير العولمي أو الإمبراطوري بجميع أشكاله الاقتصادي و المالي و السياسي و العسكري هي فضح الإرهاب و رعاته مهما كانت مصادره بهدف التأسيس إلى تدبير سياسي مغاير للنظام العالمي الجديد و صنوه الإرهاب , معتمدة في ذلك على طاقات المجتمع المدني  الخلاقة الوطنية منها و العالمية وقدرتها على خلق بدائل للأمل في عالم أفضل دون السقوط في شباك الأوهام الحمقاء.

القيروان شتاء 2016

ــ المراجع:
ــ 1 : Jaque Derrida : Qu’est ce que le terrorisme. Le monde diplomatique. Février 2004 p. 16
ــ 2: المصدر السابق ص.16.
ــ 3: Gérard chaliand and Arnaud Blin : The history of terrorism from antiquity to al Qaeda. University of California Press. los angeles 2007
ــ 4: ابن منظور: لسان العرب ـ الجزء الخامس.مركز الموسوعات و الكتاب تونس 2006 ص.325
ــ 5:Contre temps n° 3.février 2002 p.176 Eqbal Ahmed : des terrorismes.
ــ 6: J.Baudrillard : Esprit du terrorisme. Le monde.fr 6- 3- 2007 à 20h31
ــ 7:محمد شحرور : تجفيف منابع الإرهاب.الفصل الثالث.مؤسسة الدراسات الفكرية المعاصرة لبنان 2008 ص.55.
 ــ8:فتحي المسكيني : "تنوير الإنسان الأخير أو في كانطية الجمهور"  الفكر العربي المعاصر 138 ــ139 لسنة2007 ص. 69 .
ــ9: صالح مصباح " تدبير العالم من روما القديمة إلى رما الجديدة " الفكر العربي المعاصر عدد 134 ـ135 لسنة 2006 ص. 56 .
السيرة الذاتية للمؤلف :
 ــ الاسم واللقب : خالد كلبوسي
ــ المستوى التعليمي : الأستاذية في الفلسفة من الجامعة التونسية 1995 .
مرسم بشهادة التبريز في الفلسفة لهذه السنة (2016) بكلية العلوم الاجتماعية و الإنسانية 9 أفريل بتونس
المهنة : أستاذ أول للتعليم الـثانوي .
ـــ الأعمال  :
 ـ " فلسفة الفن من نظرية المحاكاة إلى نظرية الإبداع " منشور ضمن عمل جماعي بعنوان " كتاب ينابيع    الأول " المركز الوطني للفنون الدرامية والركحية بالقيروان 2015.
ـ سلسلة مقالات بجريدة " الصحافة ـ ورقات ثقافية " التونسية منها :
ـ " نيتشه و الميتافيزيقا " العدد 89 بتاريخ 19 ـ 1 ـ 1996.
   ـ " في نقض أطروحة المطابقة " العدد 107 بتاريخ 31 ـ 5 ـ 1996.
ـ سلسلة مقالات بموقع أنفاس. نت منها :               
  ـ " التعليم و الديمقراطية " بتاريخ 25 ديسمبر 2011 .
  ـ "التنوير و الحداثة في فلسفة أبي يعرب المرزوقي " بتاريخ  4 يناير 2011 .    
  ـ " روسو:المطالعة و الطبيعة" بتاريخ 29 ـ 1 ـ 2011.