مقاربة نقدية للجهوية المتقدمة ـ نموذج : جهة الشمال / الريف الكبير (01) ـ عبدالإله شفيشو

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

chefichouهل التقرير الذي تقدمت به اللجنة الاستشارية عن الجهوية المتقدمة لامس نموذجا جديدا للجهوية بالمغرب تاريخيا ، مجاليا و حقوقيا ؟ و أية جهوية نريد ؟
1)تاريخيا :
في المغرب انطلقت الجهوية مع صدور ظهير 16 يونيو 1971 الذي أسس للجهة كأحد الشركاء  و الفاعلين الاقتصاديين الرئيسيين للدولة الى جانب المؤسسات العمومية و المقاولات الخاصة، لكن مع فشل هذه التجربة في تحقيق أهدافها التنموية وعملا على مسايرة التحولات التي تفرضها التنمية الاقتصادية و لمواكبات التطورات الاقليمية و العالمية عمل المغرب على تثبيت برنامج تقويم هيكلي في اطار اصلاح اداري و دستوري جعل المشرع يعترف بأهمية الجهة و يرتقي بها الى مصاف الجماعات المحلية كما هو مبين في المادة 94 من دستور 1992 و هو ما سيؤكده دستور 1996، وفي هذا السياق صدر القانون 96-47 المنظم للجهات و الصادر بمقتضى الظهير الشريف 02 ابريل 1997 ليؤكد ان الجهة اصبحت وحدة ترابية لامركزية تتمتع بالشخصية القانونية و الاستقلال المالي و الاداري.
الإخلال بالمفهوم التاريخي للريف:
لقد اقتصرت اللجنة في تحديد مجال الريف على اقليمي الحسيمة و الناظور فقط اضافة الى اقليم ادريوش المستحدث ما يعني ان منطقة اكزناية التي تعد جزءا من الريف الاوسط  لا تدخل ضمن هذا المسمى  ونفس الامر ينطبق على الريف الغربي ، لكن الريف هو مفهوم تاريخي اوسع مما حددته اللجنة ويتبين من خلال بعض المصادر و المراجع التاريخية ان مصطلح الريف برز في القرون الاولى من الحقبة الوسطية.


 فعند *ابن خلدون * يتحدد مفهوم الريف جغرافيا في قوله :( هو عبارة عن سلسلة جبلية متوسطية تقع في اقصى الشمال ، فهي تمتد من طنجة غربا الى مصب ملوية شرقا ) (01)،   اذن و وفق هذا التحديد الجغرافي فان مجال الريف يجمع بين منطقة الريف الشرقي المكونة من (جبال كبدانة ، قلعية ، بني سعيد ، بني اولشك ، بني توزين و تمسمان ) و منطقة الريف الاوسط المكون من (جبال بني ورياغل و القابل المجاورة لها و جبال صنهاجة السراير) و اخيرا منطقة الريف الغربي المكون من (جبال غمارة ) .
لكن مع بداية القرن 19 اصبح الريف يجمع بين الريف الشرقي و الاوسط مما زاد من تعقيد التحديد الدقيق للريف نتيجة - حسب الدكتور عبد الرحمان الطيبي - للمعلومات التي قدمت من طرف الاجانب الذين لم تكن لديهم فكرة واضحة عن معالم الحدود الدقيقة لمنطقة الريف و من اولئك الاجانب *اوجست مولييراس * الذي يحدد الريف كما يلي : ( يمتد على شواطئ المتوسط من اقليم وهران الى القبيلة البحرية لغمارة غير بعيد عن تطاوين) ولقد فصل بين اقليم جبالة الذي حدده جغرافيا كالآتي ( تقع منطقة جبالة جنوب الريف و تشغل كل الساحل المتوسطي انطلاقا من الحدود الغربية لهذا الاقليم بالإضافة الى شريط بالساحل الشمالي للمحيط الاطلسي) و في الحقيقة هذا القسم (جبالة) قد ادخله * الحسن الوزاني * ضمن اقيم الريف الخاضع لشفشاون .(02) 
 
rifcarteو في نفس الاتجاه تنحو المؤرخة الاسبانية * ماريا روسا دي مادارباغا * في تحديد جغرافية الريف حيث تعرفه كالآتي : ( يطلق مصطلح الريف على كل المنطقة الشمالية للمغرب الممتد على طول المتوسط من طنجة الى ملوية نحو الداخل الى حدود واد ورغة و شمال تازة... و ربما قد يعود ذلك الى ان عبارة - ريف -  لا تعني قبيلة و انما جهة جغرافية .(03)
و في وصف افريقيا * للحسن بن محمد الوازن الفاسي * المعروف بليون الافريقي فان التحديد الجغرافي للريف التاريخي : ( يبتدئ من تخوم مضيق اعمدة هرقل و يمتد شرقا الى نهر نكور   و ينتهي شمالا عند البحر الابيض المتوسط ليمتد جنوبا حتى الجبال المحاذية لنهر ورغة الواقعة بمنطقة فاس ) (04)، وقد حدد بعد ذلك حدود اقيم كورت من نهر النكور غربا الى نهر ملوية شرقا.
دائما وفي سياق التحديد التاريخي للريف نجد * جرمان عياش * يتحدث في كتابه ( اصول حرب الريف ) عن الكتلة الريفية التي تتألف من 66 قبيلة تشطر  الى اربع مجموعات منحدرة من مختلف بطون السلالة البربرية منها :
·    مجموعتان تعيشان في السفح الأطلنتيكي و تتقاسمانه مناصفة بينهما هما صنهاجة في الشرق و جبالة في الغرب .
·    اما بالنسبة للسفح المتوسطي المأهول بغمارة في نصفه الغربي هو الجزء المتبقي الذي كان يشكل في الشرق الريف بحصر المعنى او بلاد الريفيين .(05) 

     (يتبع)  1/4
شفيشو عبدالاله / الشاون

المراجع:
1) عبد الرحمان بن خلدون*العبر و ديوان المبتدأ و الخبر *ج 6/ص 357
2) اوجست مولييراس *المغرب المجهول * ج1 /ص 29
3) ماريا روسا دي مادارياغا * معارك المغرب * ترجمة كنزة الغالي ص 318
4) الحسن بن محمد الوزان الفاسي * وصف افريقيا * ج 1 / ص 325
5) جرمان عياش * اصول حرب الريف * ص 96