وهم الثورات المزورة ـ منير عليمي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

 Abstract-001الغرب استفاد كثيرا من ثوراته فكريا و سياسيا و اجتماعيا مما ادى الى بروزه كقوة قادرة على اجهاض كل مشروع يهددها و يهدد مجدها و نبضها  على صعيد عالمي. العالم الغربي بامكانه ان يقدم مشاريع ثورات زائفة ليتجنب اية محاولة للانقلاب على مصالحه. و بالتالي سيجد ان الشعوب العربية احد اهم المتعطشين الى هذه الثورات. الغرب سيحاول في هذه الناحية ان يجهض اشباه بودلير و روسو و سيوران و دانتي و روسو عبر تنويمهم و اغتصابهم فكريا...الغرب يسعى الى تنويم الشعوب و تكثيف الهجمات و التحريض على نشر الفوضى في الوسط الاجتماعي العربي عبر العديد من الوسائل المجربة في بيئتنا و التي تقبلناها بدون ادنى تفحص او بحث فكري علمي... التاريخ لا يرحم اذا نظرنا الى الوراء لنبصر صورنا الفوتغرافية السوداء و البيضاء القاتمة..و كاننا بجور تيستمان يستشرق المستقبل و يجهز لنا مادبة بكاء فاخرة تليق بماضينا التعيس.

اكتظت عقولنا بفكرة الانتصار الحضاري الذي شهدته الدول العربية المتطفلة على حقيقتها بانتصارات وهمية من نسج فسادها وتراجعها الواقعي. حملنا كثيرا في قلوبنا نصرا قادما و ربيعا مشرقا و جوا رومنسيا هادئا كنسائم كونكان الفاخرة. حلمنا كثيرا و احتلمنا بانفسنا نبتسم في وجه الحياة، نغازلها، نبايعها حزنها، ندلس وحشية اهلها بقصائد اكثر حزنا، حتى استفقنا على خطيئة كبرى. تتجاوز تفاحة ادم و سقوطه في مقاومة نفسه...حلمنا كثيرا و انتظرنا احلامنا كي تصادفنا في قارعة  التاخر على جميع الاصعدة...

التاخر عادة ما يفرز نوعا من التشتت و الفوضى على مختلف الاصعدة، التاخر ينتج شعوبا لا تحترم نفسها، لا تحترم وجهها في المراة، لا تحترم رائحة الارض، لا تحترم عقولها المنتفخة لا تحترم مؤخراتها الصلبة و لا عضلاتها الرخوة... التاخر الفكري لا ينتج ثورة بقدر ما ينتج حقيقة بحجم وشم عقيم في قلوبنا..التاخر الفكري لا ينتج ربيعا و انما تصحرا قاتما..لان الربيع يحتاج عقولا تؤمن بان الارض تحتاج جهود و عرق و موت و صبر مخالف تماما لربيعنا الجاف....

يذكرني ربيعنا العربي بواقعة الخباز البريطاني جوفينز سنة 1696 الذي نسي اطفاء شعلة صغيرة بقيت في فرنه..و التي ادت الى اشتعال منزله ثم منزل جيرانه ثم الحارات المجاورة حتى احترقت نصف لندن و مات الالاف من سكانها، فيما اصبح يعرف بالحريق الكبير .جوفينز نفسه لم يصب بأذى و انما كلف هذا الخطا دمارا مروعا في اعتى مدن العالم...تلك الواقعة تذكرني بما يحدث اليوم من استمناء سياسي على عقول الشعوب العربية...قطر و العربية السعودية  ساهمت بشكل كبير في تنويم العقول العربية و اجهاض وعيها و دفنها في دوامة الصراع الطائفي و المذهبي...تونس مثلا انجبت بثورتها مشهدا سلفيا يليق بعلمانيتنا التي تجاوزت حدودها - حسب راي بعض السلفيين-..ليبيا ايضا دفعت ثمن ثورتها لتنجب مجموعة من الثورات و الغريب ان قطر لم تحاول تمويل هذه الثورات الصغرى لان دورها الانساني ينتهي بانتهاء الحريق الهائل..ربما لانها تخاف الجمر او الرماد او تخاف مشاهد الموت الجماعي..مصر ايضا انتجت مثل شقيقاتها في هذه المسرحية دروسا في الياس الثوري..فمرسي اعتنى كثيرا بجارته سوريا فقام بترديد خطب هوشي منه - و ان تطفلت بتشبهه بذلك القائد- قائد العورات العربية ملك قطر...لاول مرة ارى ان ملكا يدافع عن ثورة و عن شعوب...افهم من هذا ان الثورات العربية انتجت دروسا في النفاق...

من السذاجة ان تجتمع الدول العربية لاجل حل لسوريا وهي لم تجد حلا لتاريخها الاسود تجاه القضية الفلسطينية و العراق و الصومال...لم تجد حلا لتعاون مع فلسطين و تمزيق اعلام الكيان الصهيوني الذي اعتاد القتل و السكر على جيف الموتى و الابرياء...لماذا لا تنقرض الدكتاتوريات الحبلى بمشاريع الخيانة و الذل الممتد من اقصى الحلم الى اقصى الحقيقة...

هل ثمة ثورة في هذا العالم العربي المسكين استأنست بمفكر واحد...حتى برهان غليون اغتال عقله بالمطالبة بقصف شعبه...حتى راشد الغنوشي اغتال شعبه بجره الى خلافة مجهولة المخاطر...حتى ملك السعودية لم يرحم نفسه و اتقى الله و التاريخ...لماذا كثر القذف على وطني...

هل ثمة ثائر عبر التاريخ استنجد بمن قتل اهله و سلب شعبه و دمر احلامه الرضيعة من مهد الحياة...هذه الثورات تقودنا الى لحدنا خلسة...نحن نحب الحياة و لاننا نحبها سندوس على احلامنا حتى تستيقظ الارض...و من ثمة سادعو الله ان ينبت منها بركانا ثائرا متعطشا ليبيدنا قبيل الفضيحة المعلنة جهرا...

 

تعليقات (0)

لاتوجد تعليقات لهذا الموضوع، كن أول من يعلق.

التعليق على الموضوع

  1. التعليق على الموضوع.
المرفقات (0 / 3)
Share Your Location
اكتب النص المعروض في الصورة أدناه. ليس واضحا؟