تفريخ الصالونات والنوادي الأدبية : نعمة أم نقمة؟ ـ تورية بدوي

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

تفريخ الصالونات والنوادي الأدبية : نعمة أم نقمة؟ ـ تورية بدويحسب بعض التعاريف، نجدأن "الصالون هو مكان يستضيف فيه شخص بارز أو مهتم مجموعة من الناس إما للمتعة أو لصقل الذوق العام وتبادل المعارف والسجالات والمماحكات والحوارات، وغالباً ما ترتبط الصالونات بالحركات الأدبية والفلسفية والفكرية".وعند العرب نجد أن أول صالون عرف عندهم كان لسكينة بنت الحسين و حفيدة الخليفة علي كرم الله وجهه. وقد كانت على قدر كبير من الشرف والجمال والثقافة والدين والخُلُق رغم اهتمامها بالشعر والأدب فهي كانت شغوفة بالتعبد لله ، حيث قال فيها أبوها الإمام الحسين : "اخترت لك فاطمة، فهي أكثر شبها بأمي فاطمة الزهراء ؛ أما سكينة فغالب عليها الاستغراق مع الله ؛ فلا تصلح لرجل ". وهي من أوائل النساء اللواتي أقمن صالونات أدبية، لاستقبال النبلاء والفقهاء والأدباء والشعراء .
وتوالى عبر التاريخ ظهور صالونات أدبية  غالبا ماكان تهميش المرأة فيما بعد سببا محتملا لتواجدها حتى تتاح لها الفرصة للتعبير عن آرائها ومواقفها في شتى المجالات وكان أشهرها صالون ولادة بنت المستكفي ومي زيادة.

وفي مقالي هذا،سأخص بالذكر ظاهرة تفريخ الصالونات الأدبية من داخل فايسبوك ومن ثم نقلها إلى أرض الواقع.هذه الصالونات التي أصبح بعضها يسيئ للأدب والفن بشكل عام سواء من حيث جودة الإنتاج والإبداع أو من حيث الأخلاق أيضا وذلك بوجود علاقات مشبوها تؤتثها المرأة طبعا.
حيث أصبح بعضها وكرا لممارسات مشبوهة وبالتالي تم تفريغ هذه المجالس أو الصالونات الأدبية من محتواها ودورها الحقيقي الذي كانعكاس ""سليم لواقع الثقافة والأدب في مجتمعنا"".
والملاحظ أيضا أن مؤسسي هذه الصالونات تكون لديهم أوضاعا خاصة،كالسن،فمثلا نجد أن معظمهم ينتمون لفئة عمرية تفوق الأربعين سنة ،مطلقون أو يعانون من مشاكل اجتماعية ونفسية دخل أسرهم فيجدون داخل هذه الصالونات متنفسا من نوع خاص، قد تفتح فيه علاقات مشرعة على كل الإحتمالات.
هذه الإحتمالات تحيلنا وبقوة إلى ضرورة فهم  البنية الفيزيولوجية لد ى كل من المرأة والرجل ومدى تأثير ذلك على سلوكياتهما.
فحسب المختصين في المجال نجد أن المرأة والرجل معا يمران بمراحل متغيرة فيزيولوجيا و بيولوجيا وهذا يؤثر على سيرورة حياتهما بشكل عام.ولنأتي إلى مرحلة متقدمة من حياتهما وهي بداية سن الخمسين حيث تبزر تغيرات كثيرة وواضحة
 »فالبنسبة للمرأة تعيش مايسمى بسن اليأس بسبب انخفاض مستوى هرمون الاستروجين  والذي يعتبر اضطرابه من الأسباب الرئيسية لاضطرابات المزاج، حيث إنه يلعب دورا مهما ومؤثرا في عمل وظائف الدماغ التي منها المزاج، النوم والذاكرة.
وباختصار قد تتعرض فيه لأمراض القلب ولتغيرات في إفراز هرمون الأنوثة وارتفاع هرمون الذكورة ،زيادة ملحوظة في الوزن وظهور حالات الإكتئاب والعصبية وحالات الخمول  وغيرها من التغيرات النفسية
 وبالنسبة للرجل تسمى » أزمة منتصف العمر »، إذ قد تنقلب حياته رأسًا على عقب بسبب بعض التصرفات التي قد لا يعي أنها طائشة، ويبرر ذلك بأنه يريد أن يعيش حياته، ويستمتع بها، فقد يلجأ للزواج بأخرى من وراء ظهر زوجته الأولى، وقد يقوم بإجراء بعض التغيرات في شكله، محاولة منه ليبدو أصغر سنًا، ويوهم نفسه بأنه مازال مرغوبًا.
وأكثر ما يسبب القلق والتوتر لدى كل من الجنسين هو عدم معرفتهم بما يحدث لهم من تغيرات وتوائمهم معها في هذه المرحلة
الفرد من الجنسين أن يقع مرة أخرى في انتكاسة إلى مراحل سابقة من العمر . فيعود إلى المراهقة أو الطفولة وهي عملية الارتداد مرة أخرى إلى مراحل القوة . وذلك لتعويض مشاعر الضعف وعدم الثقة التي يستشعرها الفرد منهما .
وقد تبرر ذلك مشاعر الوحدة التي قد يعاني منها أحد الطرفين أو كلاهما . حيث قد يجد أحد الزوجين نفسه وحيدا إما نتيجة لموت الزوج أوأحدهما عن الآخر ولونفسيا أو معنويا . مما يعزز لدى الفرد مشاعر العجز الجنسي والقلق وتدهور الظروف الصحية . كما قد تزداد هذه المشاعر النفسية السالبة بمرور الوقت واحتداد القلق والخوف من المستقبل .ويعاني كلا الجنسين من أحاسيس الحرمان والجوع العاطفي مما قد يجعلهما يقبلان على الترحال والتجوال لتعويض كل ذلك . وقد يهرب الفرد من ذلك إلى التدين والصلاة وأداء الأعمال الخيرية . وقد تصيب الفرد حالة من النرجسية والتركيز الشديد على الذات فينطلق للعيش في أجواء من الإشباعات والرفاهية والبحث عن الملذات في محاولة مستمرة للهروب من هذه الأجواء والأحاسيس السلبية أو خلق جمعيات أو نوادي لممارسة هوايات فنية وثقافية وأيضا يركز اهتمامه بشكله ومظهره لأنه داخليا يشعر أنه صبح متجاوزا ومهملا وهو بذلك يحاول إثارة انتباه الأنثى إن كان ذكرا أو إثارة انتباه الذكر إن كانت أنثى. «
هذا لأقول لكم إن التفريخ الذي تحدث عنه  تكلمت  هو عند البعض نتيجة لكل ماذكرت ،حيث إن المتتبع أوالملاحظ البسيط لهذه الحالة التي أضحت ظاهرة على الفايسبوك، يمكن أن يرى ذلك بكل بساطة،حيث كثرت اللقاءات الأدبية والنوادي والصالونات لشرذمة ممن يدعون أنهم شعراء وفطاحل في الشعر والقصة وحتى النقد،هذا الأخير الذي  يعتبر مهمة صعبة في حين نجد أنه بإمكان أي شخص أن يحترفه  لإبداء رأي أو تحليل نصوص و خزعبلات بجمل مفككة وتعابير قد لا توجد  في اللغة العربية أصلا لصعلوكة أوصعلوك يدعي أنه أديب أوكاتب  .
وأذكر ملاحظة أوظاهرة أخرى رصدها أحد الكتاب الخضر التهامي الورياشي،سماها ظاهرة فايسبوكية أنثوية ،حيث قال: "لسنا ننفي وجودَ (كاتبات) ممتازاتٍ، يكتبن أشياءً عميقةً، ومفيدَةً، لكن الملاحظ أنه كلما نشرت (أنثى) شيئاً ولو كان غسيلاً، فإن (قبيلةً من الذكور) تتسارع إلى تسجيل الإعجاب، وتقريظ (المنشور الناعم) بعبارات الثناء والمدح، إلى درجة أنَّ (دكاترة) معروفين يتورَّطون في هذا الأمر، ويستقبلون (النصوص الأنثوية) وكأنهم أطباء أمراض النساء، وليسوا دكاترة في الأدب والنقد.
بل وصل الأمرُ بـ (فُحولٍ) من المتابعين إلى أن يُفردوا لـ (بنات حواء) اهتماماً مُضاعفاً، بحيث يُخصصون لهن تعليقاً مُميزاً، تحت عنوان: "من جميل، أو أجمل ما قرأت".
وعلى حد قول القاص أحمد بوزفور:"أخشى على القصة أن تضيع في المهرجانات واللقاءات، أخذت أحس بأن الكتاب الحقيقيين يبتعدون وينزوون خارج المسرح، وأن اللقاءات تتحول بالتدريج إلى لقاءات شكلية للتعارف بين الكتاب. الجمهور يتراجع، الحديث عن إشكالات الكتابة القصصية يتراجع، والنصوص الجميلة أيضا تتراجع. أخشى أن يسيطر تجار الثقافة وتعم الرداءة ويخفت النقد.""
ومايحدث للقصة قد يحدث لأي منتوج أدبي شعرا أو نثرا  كان.
أما أنا فإني أحاولُ الكتابة فقط وكما قالت إحدى صديقاتي على الفايسبوك : »كل من على الفيسبوك شاعر، إلا أنا مجرد مهلوسة . «