ماهية السلوك العدواني وأهم المفاهيم المرتبطة به ـ رجاء لحويدك

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

تمهيد
شكلت العدوانية منذ بداية التاريخ الإنساني هاجسا معرفيا يقض مضاجع المفكرين، وما زال العقل الإنساني يكد حتى اليوم في البحث عن ماهية العدوانية، ويجد في الكشف عن أسرارها وخفايا وضروب تجلياتها.
كما يمثل العدوان ظاهرة سلوكية مهمة في حياة الأفراد، فهو ملاحظ ومعروف في سلوك الإنسان السوي وغير السوي، وفي سلوك الطفل الصغير والراشد الكبير، والعدوان مفهوم غامض تتعدد معانيه وتتداخل العوامل التي تمهد له، وتتنوع النظريات المفسرة لماهيته، من هنا اختلفت الرؤى والتفسيرات التي حاولت تحديد مصادره ووسائله وغاياته ونتائجه.

تعريف العدوانية:
يستخدم مفهوم السلوك العدواني بمعان مختلفة، لذا لا يوجد تعريف واحد متفق عليه من جانب كل الباحثين نظرا لتعقده ولأن أسبابه متشابكة. إلا أن الغالبية العظمى قد توصلوا إلى أن هذا النوع من السلوك يهدف إلى إلحاق الضرر بالذات أو الآخرين أو الأشياء، وسنحاول فيما يلي تناوله من خلال استعراض مجموعة من التعريفات المتعلقة به.
يعرف كل من دولارد Dollerd وميلر Miller في كتابهما المشهور الإحباط والعدوان agression  Frustration et حيث يعرفان العدوان بأنه " فعل هدفه إيقاع الأذى والضرر بكيان ما.
ويمكن أن نجد في هذا التصور المجانس عند أرنولد باص Arnald Buss  الذي يتجنب أن يتحدث عن هدف أو غاية، حيث يعرف العدوان أنه استجابة تطلق العنان لمتغيرات مؤذية موجهة ضد شخص آخر، ويعرفها في سياق آخر بأنها عادة الهجوم. [1]   

ويعرف يعرف دانييال لاكاش Daniel lagache في مقال له عن العدوانية عام 1960 " بأنه فعل أو توجه نحو الفعل هدفه التدمير الكلي أو الجزئي الأدبي أو الصوري لموضوع ما " . أما العدوانية Agressivité فهي بالنسبة للعدوان الحالة الكمونية بالنسبة للفعل. [2]   
أما فرويد Freud يعرف العدوان على أنه ردة الفعل ناتجة عن إحباط للدوافع الحيوية أو الجنسية والتي غالبا ما تسعى إلى الإشباع وتحقيق الرضى والسرور والإبتعاد عن المواقف المؤلمة. والعدوان حسب فرويد Freud يرمي إلى إلحاق الأذى بالآخر وتدميره وإكراهه وإذلاله، وقد يتخذ نماذج أخرى غير الفعل الحركي العنيف والمدم، إذ ليس هناك من تصرف سواء كان سلبيا (كرفض العدوان) أو إيجابيا رمزيا ( كالسخرية) أو ممارس فعليا لا يمكنه أن ينشط كسلوك عدواني. [3]    
كما يعرف باندورا Albert  bandoura  العدوان على أنه " سلوك يحدث نتائج مؤذية أو تخريبية، ويتضمن السيطرة على الآخرين جسميا أو لفظيا، وهذا السلوك يتعامل معه المجتمع بوصفه عدوان، ويحدد باندورا ثلاثة معايير ليتم في ضوئها الحكم على السلوك بأنه عدواني:
-الأول: خصائص السلوك ذاته ( إهانة أو ضرب أو تخريب).
-الثاني: شدة السلوك .
-الثالث: خصائص كل من الشخص المعتدي والشخص المعتدى عليه. [4]   
أما سعد المغربي فيعتبر العدوان تهديدا موجها لأنا الفرد من الحوافز المتعارضة مع الذات العليا التي تمثل الضمير الخلقي والإجتماعي، هذا التهديد من شأنه إحداث صراع يثير القلق، وفي حالة فشل الذات في ضبط هذه النزعات والصراعات ينصرف الفرد إلى العدوان.
ويضيف سعد المغربي أن التحليل النفسي يرى أن العدوان دافع جبلي في النفس الإنسانية تثيره عوامل الإحباط والحرمان، وفي نفس الوقت حيلة دفاعية لضبط القلق والتوتر الذي أثاره ذلك الدافع في نفس الفرد، الذي يلجأ إلى العدوان دفاعا ضد قلقه وعدم اطمئنانه. [5]     (المغربي، 1960ـ ص 41)
أما أحمد عزت راجح فيعتبر العدوان كل " إيذاء للغير أو الذات، أو ما يرمز إليهما وهو يقترن دائما بانفعال الغضب. وفي هذا السياق يؤكد أحمد عزت راجح على ضرورة التمييز بين العدوان من حيث هو سلوك، والعدوانية أو الميل إلى العدوان من حيث هو دافع.

-مفهوم السلوك العدواني:
السلوك هو طريقة في الوجود أو ردود فعل فاعل ما في حالة ما. وبالتالي من هو العدواني؟ بالقياس إلى من؟ ولماذا؟.
إذ لا يمكن للملاحظ إدراك دلالة سلوك ما دفعة واحدة، وينسحب ذلك على إدراك الفاعل أيضا. فالمعنى المعاش غالبا ما يكون شموليا، وغني عن البيان أن الدلالة الواضحة يمكنها أن تتعارض كليا أو جزئيا مع الغاية الخفية للسلوك. إذ لا يمكن أن نصدق الأحاديث والمظاهر العدوانية المرئية للعدوان  والحب. فالسلوك الودي قد يخفي أحيانا مشاعر عدوانية.
    في النهاية لا بد أن نتساءل عن المعنى الخاص لمفهوم الغاية من العدوانية؟ إنه بالضرورة نوع من الحماية للذات أو امتدادها، وهي إجراء يتم بالتعارض مع الوسط الذي يوجد فيه الفرد. فالعدوانية بالتعريف هنا هي استعداد يهدف إلى تحقيق الحماية وتأكيد الذات وذلك في مواجهة أحد ما أو شيء ما. وهنا يمكننا أن نميز بين فئتين من العدوانية: العدوانية الدفاعية وهي التي تعمل على المحافظة على الذات وخصوصياتها، ثم فئة العدوانية الهجومية وهي عدوانية ذات طابع نرجسي.
فالعدوانية تمارس بطرق مختلفة، وتؤدي إلى مشاعر مختلفة أيضا (حب القتال، الغضب، والأسف، وغياب الخوف). 
وإزاء هذه الإشكاليات التي يطرحها المفهوم تتبدى ضرورة بناء تعريف محدد له وليس من السهل مع ذلك أن نستنتج سريعا السمة العدوانية عن غير العدوانية في واقع الممارسة الحقيقية.
    فالسلوك الواحد لا يعبر عن غاية واحدة، فلكل سلوك بالضرورة غاية كما يعتقد فرويد Freud وهذه النقطة يتفق عليها المؤرخون وعلماء النفس كليا: لا توجد هناك دلالة وحيدة للأحداث ولا يوجد هناك سلوكا يمثل اتجاها وحيدا.
ومن أجل اكتساب القدرة على اتخاذ القرار لتحديد سلوك ما بأنه عدواني يجب على المرء أولا أن يدرك النقاط التالية:
1.الغاية والهدف من السلوك واتجاهه.
2.خلفيات السلوك وأصوله وأحداثه وبداياته.
3.صيغة السلوك ووحدته الواقعية وبنيته المحسوسة.
سياقه العام وعلاقاته مع المظاهر الخرى للحياة النفسية، وينطوي ذلك على الحالات التي خبرها الفرد صاحب السلوك. [7]  

لمحة تاريخية عن السلوك العدواني:
يرجع الإهتمام بدراسة السلوك العدواني بين الأفراد إلى محاولات ماكدوجال  W.Meduagal المبكرة وذلك عام 1926 في كتابه "مقدمة لعلم النفس الإجتماعي"، التي كانت عبارة عن بعض التأملات النظرية حول هذا الموضوع.
وفي عام 1928 ظهرت أول إشارة لبحوث العدوان في مجلة " ملخصات سيكلوجة" وبعد ذلك قدم دولارد J.dollard وزميله عام 1939 بأول محاولة للبحث التجريبي المنظم للعدوان البشري وهي خاصة بالإحباط والعدوان،
وتمثلت المحاولة الثانية التي أثرت في بحوث العدوان في جهود باص A.Buss وبيركوفيتش L.Berkowitz لإبتكار بعض الأساليب التجريبية لقياس العدوان.
 أما في أوائل السبعينيات قدمت محاولة نظرية جادة لكل من باندورا A.Bandur 1973 وبارون R.Baron عام 1977 وجونسون R.Johnson عام 1972.
 ومنذ تلك الفترة تنوعت بحوث العدوان على المسارين النظري والواقعي وحدث نمو واضح في كم وكيف المعلومات التي تراكمت، ومع ذلك ظلت هناك مجموعة  من المشكلات التي لم تحسم سواء فيما يخص مفهوم العدوان وأسسه النظرية وارتقاءه منذ مراحل العمر المبكرة وغيرها من الأسئلة. [8]     

المفاهيم المرتبطة بالعدوان: 
مع مفهوم العدوان تتداخل بعض المفاهيم الأخرى لدرجة لا يمكن تفسير العدوان والوقوف على أسبابه دون التعرض لهذه المفاهيم ومناقشتها:
•العنف La violance:
لقد أثار مفهوم العدوان والعنف جدالا كبيرا بين المهتمين بدراسة هذين المفهومين من حيث تشابه العنف بالعدوان ومن حيث التفرقة بين هذين المصطلحين، فمن حيث اقتران مفهوم العدوان، فإن العنف شكل من أشكال العدوان، وأن العدوان أكثر عمومية من العنف، وأن كل عنف يعد عدوانا والعكس غير صحيح" [9].
كما يعرف القاموس السيكلوجي لنوبير سيلامي Nobert Sillamy العنف بأنه "استعمال مفرط للقوة من خلال نفي القانون ونفي حق الفرد". [10]   
فالعنف هو استخدام القوة المادية لإلحاق الأذى والضرر بالاشخاص والممتلكات. ويمكن الإشارة في هذا السياق إلى إلى تعريف تشارلز ريفيرا Charles Rivera وكينيث سويتزر Kinneth Switzer حول العنف وهو: الإستخدام غير العادل للقوة من قبل الأفراد لإلحاق الأذى بالآخرين والضرر بممتلكاتهم. فالعنف هو كافة الأعمال التي تتمثل في استخدام القوة أو القسر أو الإكراه بوجه عام. [11]   
  في حين يرى البعض أن العنف شكل من أشكال العدوان وأنهما وجهان لعملة واحدة وبهذا يعرف العدوان كالتالي: " أنه كل فعل ظاهر أو مستتر، مباشر أو غير مباشر، معنوي أو مادي، موجه لإلحاق الأذى بالذات أو بالآخر أو جماعة أو ملكية ".
ثم أن هناك بعض الباحثين يرون أن العنف ذو طابع مادي، أما العدوان يشتمل على الجانب المادي واللفظي معا، فهناك من اعتبر العنف " سلوك ظاهر يستهدف إلحاق التدمير بالأشخاص أو الممتلكات، وأن العدوانية لكي تكون عنفا ينبغي أن تتوافر فيها شروط الظهور، حيث ثمة أنواع عديدة من العدوان تتميز بالخفاء والكمون".
كما يرى هاكير F.Hacher أن " العنف الخام هو الشكل المرئي والحر للعدوان ولا يأخذ كل عدوان صورة العنف ".  [12]   

•العداء  Hostilité
يفرق البعض بين العدائية والعدوان، فمثلا بوس Arlande Buss يعزي العدائية Hostilité إلى العدوانية المدعمة بالأذى، ويرى ادموندس Edmunds أن كلا من العداء والعدوان يشتمل على الرغبة في ايذاء الآخرين ويفرق بين المصطلحين كما يلي:
أ‌-يستخدم مصطلح العدائية للإشارة إلى الميول العدوانية المدعمة تدعيما جوهريا أساسيا.
ب‌-يستخدم مصطلح العدوانية للإشارة إلى الميول العدوانية المدعمة تدعيما عرضيا.   
وقام زيلمان Zillman أيضا بالتمييز بين العدائية والعدوانية ولكن ركز على الحالة الدافعية ولخص ذلك فيما يلي:
أ‌-أي نشاط يقصد به الشخص ايذاء الآخرين دون أن يتضمن ذلك ايذاء بدنيا، يطلق عليه سلوك عدائي.
ب‌-أي نشاط يقصد به الشخص الإيذاء البدني أو الألم لشخص آخر، يطلق عليه سلوك عدواني.
أما فولدز Foulds لم يفرق بين العدائية والعدوانية واعتبرهما دافعا واحدا، ويرد هذا الدافع إلى العقابية punitivité ويأخذ هذا الدافع شكلين رئيسيين هما العقابية المتجهة للداخل Intrapunitivité والعقابية المتجهة للخارج    .Extrapunitivité   
والعدوان العدائي يكون فيه ايذاء الضحية هو الغرض الأساسي، كما يكون ناتج بالأساس عن الكراهية.
وقد ميز ميوسن Mussen بين العدوان والعداء من منظور آخر وهو الدافع الذي يكمن خلف السلوك، فإن كان السلوك مدفوعا بالرغبة في ايذاء الآخر فهو يعبر عن العداء، أما إذا كان السلوك حتى ولو بدا عدوانيا في مظهره، منوطا به تحقيق أهداف غير عدوانية فإنه يعبر عن العدوان وليس العداء.
كما أن كلمة عدواني تستوعب في معناها بعض ضروب السلوك الإيجابي كالمبادأة أو تأكيد الذات، في حين أن كلمة عدائي لا تشير إلا إلى القسوة والعنف وما شابههما من ظواهر سلبية أخرى. [13]    

•القمع:Répression
ويعد القمع أيضا صورة من صور العدوانية، ونموذجا من نموذجها وبعدا من أبعادها. "فالقمع هدفه هو أي قسر ترغيبي أو ترهيبي، يفرض على الإنسان إما القيام بفعل أو الإمتناع عنه، سواء في التفكير أو في القول أو السلوك أوالعمل، أي أنه نقيض الحرية المطلقة التي هي انعدام القسر".
وفي اللغة العربية: القمع: مصدر قمع، والرجل يقمع قمعا، وأقمعه أي قهره وذله فذل، والقمع الذل. وقمعه قمعا: ردعه وكفه. وجاء أيضا قمع، يقمع قمعا (الشيء في الشيء دخل واستكن، وقمع الرجل في بيته دخل متخفيا، وقمع الرجل غلامه، أي ضربع بالمقمعة، وقمع الأمير الفتنة أي أخمدها، وقمع الأمير فلانا أي ضربه على رأسه حتى يذل، وقمع البرد النبات أي رده عن النمو.
فالقمع يتمثل في كل نظرة دونية لأي إنسان، وكل تعصب قبلي أو عائلي أو ديني أو قومي أو طائفي أو مذهبي أو سياسي، وكل تزوير وتضليل في كل الميادين الحياتية، وكل نقد تجريبي غير موضوعي، وكل رفض للحوار والتعاون والتنسيق والتوحيد، وكل استهتار بالأخلاق والحريات والقوانين، الخادمة للإنسان، وهذه المظاهر ما هي إلا بعض معطيات ومظاهر قمع الآخر.
ويتضمن مفهوم القمع ثلاثة عناصر أساسية وهي:
أ‌-فكرة الشدة (كما في العاصفة أو الإعصار).
ب‌-فكرة الإيذاء (كما في الوفاة بحادثة).
ج- فكرة القوة العضوية أو المادية.         
وفي كل الأحوال ما نعنيه بالقمع هو استخدام أقصى درجات الشدة والقوة ضد الآخر لإخضاعه وإلغاء وجوده المعنوي والشخصي ماديا أو معنويا بصورة جزئية أو كلية. والقمع قد يكون نفسيا أو رمزيا أو ماديا وقد يشتمل على جميع هذه الجوانب دفعة واحدة. [14] 
  
•الإرهاب Terrorisme
يعود مصدر كلمة الإرهاب Terreur في اللغة الإنجليزية إلى الفعل اللاتيني Ters والذي يعني إثارة الخوف والرعب الشديد، ويعود الأصل اللغوي لكلمة إرهاب Terreu في اللغة الفرنسية إلى الفعل السنكريتي Tras وهو يعني رجف وفي ذلك إشارة إلى حالة من الخوف الشديد الذي يستثير حالة من الإرتعاد والرجفان والرعب عند الإنسان.
وجاء في المعجم الرائد أن الإرهاب هو رعب تحدثه أعمال العنف مثل القتل والتفجير والتخريب. وتعني كلمة إرهاب التي شاع استخدامها مؤخرا نوعا معينا من الجرائم التي تقع تحت تأثير العنف والتهديد والقتل، حيث يستهدف مرتكبو هذه الجرائم إرغام السلطات أوالهيئات ذات الشأن على القيام بعمل أو الإمتناع عن عمل وهم بفعالية إرهابهم هذه يضعون حياة الأبرياء وأموالهم تحت الخطر.
ويرى وولتر أن الإرهاب عملية تتكون من ثلاثة عناصر: فعل العنف، أو التهديد باستخدامه، ومن ثم ردود الفعل التي تنجم عن الخوف الشديد الذي ينجم عن ممارسة الإرهاب. ويمكن القول بأن الإرهاب هو الممارسة المنهجية المنظمة للرعب الذي يؤدي إلى فقدان مشاعر الأمن وتوليد مشاعر التوتر والقلق.
هذا ويمكن تعريف الإرهاب بأنه " استخدام متعمد للعنف أو التهديد باستخدام العنف من قبل بعض الدول أو من قبل بعض الجماعات تشجعها وتساندها دول معينة لتحقيق أهداف استراتيجية وسياسية، وذلك من خلال أفعال خارجة عن القانون، تستهدف خلق حالة من الذعر الشامل في المجتمع غير مقتصرة على ضحايا مدنيين أو عسكريين ممن يتم مهاجمتهم أو تهديدهم. .
من أهم ما يمكن ملاحظته عن تعريف الإرهاب ما يلي:
-أن الإرهاب لا يتبع أية قواعد أو أصولا أخلاقية في ممارسته لأفعاله.
-يستخدم الإرهاب العنف أو يهدد باستخدامه، موجها له في الأغلب نحو الأبرياء لا علاقة لهم بأية قضايا يدعي الإرهابيين اهتمامهم بها.
-أن ذلك العنف هو بمثابة نوع من الحرب النفسية تستهدف خلق حالة من الذعر بين المواطنين، وفقدان الثقة في السلطة القائمة.
ويعد الإرهاب من المفاهيم الأساسية التي تعبر عن مفهوم العدوانية أيضا. فالإرهاب صورة من صور العدوان ونتيجة من نتائجه. والإرهاب بالتعريف هو " نسق الفعاليات والخبرات السلبية العنيفة التي يخضع لها ويعانيها من يقع عليه العدوان: كالعقوبات الجسدية، والإستهزاء، والسخرية، والتهكم، وأحكام التبخيس، وغير ذلك من الإحباطات النفسية والمعنوية التي تشكل المناخ العام لحالة من الخوف والتوتر والقلق الذي يعانيها ضحايا العدوان والتي تستمر عبر الزمن، وتؤدي إلى نوع من العطالة النفسية والفكرية وإلى حالة من الإستلاب وعدم القدرة على التكيف والمبادرة".
فالإرهاب هو ممارسة للعنف والتسلط والإكراه والقسر والعدوانية، وهذ ا يعني بالضرورة أن هذا المفهوم هو صورة من هذه الصور وهو في النهاية بعد أساسي ونتيجة أساسية من نتائج مفهوم العدوانية. [15]                  
من خلال تقديمنا لبعض المفاهيم التي لها علاقة بالسلوك العدواني، لاحظنا أن هناك ارتباط وعلاقة بين كل المفاهيم المقدمة، بحيث تهدف إلى إيقاع الأذى إما على الغير أو اتجاه الذات أو على الممتلكات، لكنها تختلف من حيث الشدة.

خاتمة
وختاما فإن ظاهرة العدوانية ما زالت تشكل إلى حدود اليوم رهانا علميا يشد العقل الإنساني ويشتد في طلبه، حيث أن الجهود العلمية التي كرست لدراسة الظاهرة ما زالت في أطوارها الجنينية، ومازال هذا الجانب يحتاج إلى مزيد من الجهود العلمية لا سيما من الناحية السيكلوجية. وهنا تجدر الإشارة إلى وجود عدد كبير وهام من الأعمال السيكلوجية التي تناولت هذه القضية وحاولت استجلاء معانيها، إلا أنها مازالت قاصرة عن تفسير السلوك العدواني عند الإنسان وتحديد أبعاده وإسقاطاته الإنسانية.
لائحة المراجع:

[1] Dollard, D, et Miller, M. (1947). Frustrastion and agression. University Press. P11[2
[2] Lagache, D. (1960). Situation de l'aggressivité. Bulletin de psychologie.P 112

[3]  الوابلي، عبد الله. (1993). السلوك العدواني لدى الاطفال المتخلفين عقليا. السعودية: مطابع جامعة الملك سعود.
[4]   القمش، مصطفى، والمعايطة، خليل. (2007). الإضطرابات السلوكية والإنفعالية. القاهرة: دار المسيرة للطباعة والنشر  ص 203.
[5]   المغربي، سعد. (1960). انحراف الصغار. القاهرة: دار المعارف. ص 41
 [6] راجح، عزت. (1975). أصول علم النفس. الإسكندرية: المكتب المصري للطباعة والنشر. ص 465.
[7]  وطفة، علي. (2008). العنف والعدوانية - مكاشفات بنيوية في سيكلوجية العدوانية عند فرويد. دمشق: منشورات الهيئة السورية للكتاب. ص 25
 [8]  العقاد، عبد اللطيف. (2001). سيكلوجية العدوانية وترويضها (منحى علاجي معرفي). القاهرة: دار غريب للطباعة والنشر والتوزيع. ص 95
[9] Ciavaldini, A. (1999). Psychopathologie des agresseurs sexuells. Paris: Masson.P 23
[10] Sillamy, N. (1980). Dictionnaire de psychologie. Paris: Bordas. P 126
[11]   توماس، بلات. (1998). مفهوم العنف وصفه وتنفيذه. المجلة الدولية للعلوم الإجتماعية.(عدد 132)، ص ص 5-17
[12] Hacker, F. (1974). Agression-Violence dans le monde moderne. Paris: Calmman-Lévy. P 130
[13]  قورة، خليل. (1996). سيكلوجية العدوان. شهرية الهيئة العامة لقصور الثقافة، (العدد 41). مكتبة الشباب. ص ص 39 - 40.
[14]  بلقيز، عبد الإله. (1996). العنف السياسي في الوطن العربي. الأردن: المستقبل العربي. ص 68.
[15]   وطفة، علي. (1997). الإرهاب التربوي. العربي. الكويت: الكويتية. ص 460