لاكان العودة الى فرويد وأسلحة التحليل النفسي - Malcolm Bowie - ت: عبدالمقصود عبدالكريم

شكل العرض
  • أصغر صغير متوسط كبير أكبر
  • نسخ كوفي مدى عارف مرزا

أنفاس"إن الفهم الدقيق لأرسطو يعد، باستثناء فهم الأنبياء، أسمى ما يمكن أن يحققه المرء." (1) ستبدو كلمات ابن ميمون، بما يبدو انها تبرزه من اعجاب سهل، منفرة لكثير من المعاصرين. وربما لا يزال التصور الرومانتيكي للعبقرية يجعلنا نتوقع أن تنبعث أفكار المفكر الأصيل رائعة ومكتملة تماما من أعماقه، أو من الطبيعة، أو من حيث لا ندري. إننا نتوقع من المباح الحقيقي أن يحقق كل شيء، بينما تعثر العقول المحدودة على وظيفة حقيقية في قراءة نصوص من الماضي ودراستها بالتفصيل. واذا سلمنا بهذه الفرضية فقد نرتبك إزاء مفكرين يقدمون أنفسهم كقراء ومفسرين لروح فكرية موجودة، مع وجود دليل قوي يجعلنا نعتقد أن هذا التفكير الذي يمارس في ضوء السلف الجليل وفي ظلاله قد يكون على قدر عظيم من الأمالته والقوة.
إن أفلوطين يقرأ أفلاطون، وابن ميمون يقرأ أرسطو، ويقرأ ابن رشد الاثنين، ويقرأ ماركس الشاب هيجل، إن تقييم الاصالة في مثل هذه الحالات قد يتطلب عملا أكثر من المعتاد: ربما نفهم انجاز المفكر التالي فهما جيد إذا كنا على استعداد للعودة الى أعمال المفكر السابق واقتفاء كل ما أحدثته من تحولات وتحريفات خلاقة. إلا أن البحث قد يكون ممتعا: إنه ينبهنا الى طرق الأصالة التي تهملها الولاءات الحديثة بالاضافة الى الدور الكبير الذي تلعبه إعادة التفكير واعادة الكتابة حتى في أعمال لا تعترف بأية أسلاف وتقدم نفسها كاستثناء لكل القواعد إلا قواعدها الخاصة.
"إن لاكان يقرأ فرويد". إن هذه الجملة أبسط وأهم ما يمكن أن يقال عنه. ولكن استكشافه لأعمال فرويد الذي استغرق خمسين عاما يختلف عن القراءات الشهيرة التي ذكرتها من قبل من حيث النقاء الواضح لدوافعه. بينما بحث الآخرون لمقابلة مجموعة من الأفكار بمجموعة أخرى (يلتقي أرسطو في أعمال ابن رشد بالفلسفة الاسلامية وفي أعمال ابن ميمون باليهودية الربانية) أو لتطوير أحد تيارات الأفكار الاصلية لتفضيله على تيارات أخرى (يعكف أفلوطين على دراسة أفلاطون الميتافيزيقي والصوفي)، يقول لاكان إن هدفه الرئيسي قراءة فرويد قراءة جيدة وفهمه بوضوح.
إن "العودة الى فرويد" التي يعلن إنها رسالته الشخصية وشعاره، تتبع مسارين مختلفين. العملية الأولى، وهي الأوضح استخراج أفكار فرويد من ركام الشروح والتفسيرات المبتذلة التي أهالها الكتاب المتأخرون عليها، وتشترك حركة التحليل النفسي الدولية في المجادلات المتقدة حول مسعى لاكان الرئيسي، إن أولئك الذين تمثل لهم مفاهيم فرويد مجرد سلعة - مثلا، المتعالم الذي يؤلف الكتب الرخيصة أو المحافظ المتأنق - لا يستحقون حتى السخرية الطارئة. إن معظم المحللين النفسيين المتأخرين ارتكبوا ما هو أسوأ من سوء فهم فرويد: إنهم فقدوا كل إحساس بأهمية أفكار فرويد وحيرتها وقدرتها الابداعية حين صاغها للمرة الأولى. إنهم تعلموا تلك الأفكار وأعادوها كلها بصورة سطحية، وأظهروا الولاء لها بسذاجة وخداع ذاتي يمثلون عائقا في وجه الفحص العلمي للعملية العقلية بدل أن يكونا دافعا له، إن اجراءات نشأة التحليل النفسي التي بحث عنها فرويد ليضمن استمرارية تعاليمه تنتج عنها غالبا آثار جانبية خطيرة.

"ألم ينتج عن هذه الأشكال شكلية متشائمة تثبط المبادرة بالمجازفة الحمقاء، وتحول سلطة الرأي الذي نتعلمه الى مبدأ التعقل الانقيادي حيث تتبلد مصداقية البحث قبل أن تضمحل في النهاية ؟" (2) (239). وكثيرا ما يعود التحليل النفسي في كتابات لاكان الى مصادره، ويعيد فحص تصوراته وطقوسه ومؤسساته من نقطة الأفضلية التي يقدمها مكتشفوه في حالتها الأصلية غير المصنفة.
أما العملية الثانية فهي أكثر تعقيدا وتعرض لاكان لما هو أخطر من خلق أعداء بين زملائه في المهنة. انه يصحح بعض المفاهيم الفرويدية بالرجوع الى آخرين. والاكتشاف الذي يضعه لاكان في مركز انجازات فرويد، ويستخدمه كأداة تصور أساسية في تصحيح فرويد من الداخل، هو اكتشاف اللاشعور - اللاشعور الذي يبدو كنظام مستقل في مقابل نظام "ما قبل الشعور. الشعور (3)، في ثاني نماذج فرويد الكبرى للجهاز النفسي. (في الأول، وهو عمل كتب في 1895 ونشر بعد وفاة فرويد بعنوان "مشروع سيكولوجيا علمية" ( 1، 283- 397)، حيث يظهر المفهوم فيه بصورة غامضة، في الثالث - الثلاثي الذي يشمل الهو والأنا والأنا العليا والمنشور في عام 1923 (الأنا والهو- XIX،3- 66) حيث يكتسب المفهوم دورا جديدا ومعقدا: مرة أخرى تظهر خواص اللاشعور الرئيسية في أوصاف الهو، وتنسب أيضا الى الأنا والأنا العليا أجزاء لاشعورية.) وتسود هذه النسخة عن اللاشعور فكر فرويد في مرحلته الابداعية العظيمة التي تمتد من تفسير الأحلام (1900) الى الأبحاث الميتاسيكولوجية في عام 1915. إنه مفهوم طوبوجرافي وديناميكي في الوقت ذاته، ويوضع، في بحثين عن "الكبـت" و"اللاشعور" (XIV، 143 - 158 - 161 - 215)، في مركز تعليقات فرويد النظرية الأكثر تعقيدا والمنصبة على الوظيفة العقلية.
ويرى لاكان، كما هو الحال بالنسبة لكثير من الكتاب، أن بصيرة فرويد الأساسية لم تكن - لم تكن بوضوح - في وجود اللاشعور، ولكن في أن له بنية، وهذه البنية تؤثر بطرق لا حصر لها على أقوال البشر وأفعالهم، وهكذا تكشف عن نفسها وتكون قابلة للتحليـل. إن اللاشعور كما يوجد في تفسير الأحـلام، وسيكوباتولوجيا الحياة اليومية (1901)، والنكات وعلاقتها باللاشعور (1905) ذوب ويكشف عن نفسه في صور لا تنتهي، إنه يلح علينا حتى نسمعه في أحلامنا، وقيما ننساه، وفيما نتذكره مشوها، وفي زلات اللسان أو القلم، وفي النكات والرموز، وفي العادات اللفظية والجسدية، إن الطاقة النفسية التي تسبب الكبت وتجعله يستمر، تواجهها وتتحداها طاقة أخرى تسعي، بالخداع والحيلة عموما، الى دفع محتويات اللاشعور المكبوتة الى مجال ما قبل الشعور - الشعور. إن الجدل الدائم الذي ينتج عن هذا الصراع له سحر خاص عن لاكان، ويأتي استخدامه للغة البلاغية في أكثر صوره قوة والتفافا حين يصور اللاشعور متكلما رغم الكبت والرقابة. إنه، مثلا، يوسع في الفقرة التالية اليجوريا أفلاطون عن الكهف ويعد لها: (4).
إن الموضع الذي نسأل عنه هو مدخل الكهف الحقيقي فيما يتعلق بما هو معروف من أن أفلاطون يرشدنا باتجاه المخرج، بينما يتخيل الناس أنهم يرون المحلل النفسي يتجول في الداخل، لكن المسألة أبسط من هذا، لأنه مدخل لا تصل اليه إلا حين يغلقونه (إنه موضع لا يجتذب السياح على الاطلاق)، لأن الوسيلة الوحيدة لمواربته هي أن ننادي من الداخل.(5)
حين نصل الى كهف اللاشعور لا نصل أبدا الى حين يغلق، والطريقة الوحيدة للدخول تتمثل في أن تكون بالداخل، ولا يمكن أن يعرف بنية اللاشعور إلا من هم على استعداد للتسليم بقدرة اللاشعور الهائلة على الازاحة واعتناقها (6).
ويشير لاكان، في محاولاته العديدة لتعليم التحليل النفسي مرة أخرى استثارة بصائره الخاصة، الى قدرة الكبت اللحوحة كما تمارس في كل من العملية التحليلية والاستنباط التجريدي من النظرية التحليلية. إن اكتشاف اللاشعور نفسه معرض للكبت: إن اللاشعور، وهو طبقا للتعريفات الأصلية التي يتأسس عليها التحليل النفسي واقع الطاقة الغريزية النهمة ولا يعرف الاستقرار أو الاحتواء أو التحديد، يصاب بالشلل ويدجن على أيدي ملاحظيه المحترفين، وتصير قوة التبديد والافتراء الاستثنائية عملة معتادة في لعبة تصورية معتادة.
لكن إفساد رسالة اللاشعور على أيدي المحللين بعد الفرويديين له ما يناظره في أعمال فرويد. إن اكتشاف فرويد كان اكتشافا مفزعا، ومن ثم دفعته رؤيته للعقل باعتباره ينقسم ذاتيا وللنمو الذي لا يمكن التحكم فيه ولخاصية الاصطياد الذاتي لقسمه اللاشعوري الى البحث عن سلوى في عالم وثير من التأمل الأسطوري والميتافيزيقي. ومع أن فرويد انحرف عن اكتشافه بطرق تجعل اكتشافه يتيح له أن يتنبأ، الا أن مغامرته الفكرية نموذجية من حيث المخاطر التي تعرض لها: إن لاكان يقدمه على أنه اكتيون Actaeon (صياد في الأساطير الاغريقية تحول الى أيل وقتلته كلابه لأنه رأى ارتيمس إلهة الصيد وهي تغتسل) جديد تهاجمه أفكاره وتفترسه لأنه كشف النقاب عن إلهة اللاشعور (436,412) (7) إن الهدف الذي حدده لاكان لنفسه هو استمرار التفكير في التكفير الفرويدي الهائل، ولو بتقطيع الأوصال، والسماح للتعاليم المكبوتة بالعودة المعوقة الى التحليل النفسي بحيث نتحقق ونمعن النظر فيها. ويمكننا الآن أن نرى أبعاد المفارقة في "عودة" لاكان" "الى فرويد"، وما قد يستلزمه هذا الرأي، الذي يدل على اخلاص حقيقي، من عصيان.
حين يعيد لاكان التفكير في نصوص فرويد "من الداخل"، يرفض اغراءات الموافقة الكاملة والمعارضة الكاملة في اتساق متساو. وتتضح بدايات هذا التوتر في أول أعمال لاكان الكبيرة المنشورة: عن ذهان البارانويا في علاقاته بالشخصية De la psychose  paranoiaque dans ses rapports avec la personnalité   (1932. دخل لاكان التحليل النفسي عن طريق الطب والطب النفسي، وهذا العمل، وهو أطروحة الدكتوراه، يمثل نقطة تحول حاسمة في مسيرة حياته الفكرية انه يصعد، وهو يلاحظ كل التفاصيل الأكاديمية التي يتطلبها الشكل عادة، من هجومه العنيف على كثير من نماذج التفسير السائدة في التحليل النفسي. إن دراسة البارا نويا أعاقتها قدرة الطب النفسي الراسخ على تقديس فرضيات، اختبرت بصورة واهية وهزيلة، وتحويلها الى تعاليم، إن الذين يفسرون البارانويا بالرجوع الى أساسها العضوي المفترض، أو الى النزعة الموروثة أو "نوع التكوين الجسدي" للمريض، يلوذون بحيلة تفسيرية يستخدمونها دائما وتتيح لهم الا يعترفوا بتعقد الذوات الانسانية الفردية.
إن التحليل النفسي يوفر للاكان آلية دقيقة التناغم لاعادة النظر الى البارانوي كشخص. إن البارانويا قد توصف، بصورة لا تقل عن العصاب الذي تطورت حوله في الأصل نظرية التحليل النفسي، وتحلل تحليلا مترابطا بالرجوع الى شخصية المصاب ونشاطه الجنسي وخبرات طفولته وتطوره العاطفي وعلاقاته العائلية وقدراته العقلية وأمنياته الخاصة. وبمجرد تجميع هذه المادة وتنظيمها، لا يمكن أن نجني شيئا من غرس المريض في دراسة أكينيكية سابقة سواء كانت typology (دراسة النماذج) أو charcterology (دراسة شخصية). ولاكان قادر، بإلهام من التحليل النفسي، على تصور علم شخصية تحتفظ فيه الذات بماضيها وأهدافها وذكائها الابداعي. ولكن حتى حين يقر لاكان هذا الدرس ويهلل "العبقرية استاذ التحليل الفذة"  (عن ذهان البارانويا، 324) ,(8)  يؤكد حدود دينه ويلفت الأنظار الى التشويش في نظرية فرويد. ويعتمد لاكان، بالاضافة الى ذلك وبصورة متميزة مرة أخرى، على أعمال مفكرين آخرين، منها أعمال سبينوزا ووليم جيس وبيرجسون وراسل، ليبقى على نموذجه النظري قابلا للاختراق بواسطة أنظمة التفكير الأخرى. وقد ابتكر أسلوبا فكريا مدهشا في المناقشة المتقدة عن ذهان البارانويا في ترتيبها السلس ومفاهيم التصحيح التبادلي.
حين قرأ لاكان بحثا عن مفهوم "مرحلة المرآة" في مؤتمر التحليل النفسي الدولي في Marienbad  في عام 1936- وقد دخل الحركة رسميا بهذا البحث -وكان قد بدأ استكشاف طريقة في الأداء اللفظي بقيت طريقته المميزة، وجاءت معظم أعماله النظرية، بعد ذلك التاريخ، على هيئة أبحاث وتقارير في مؤتمرات تخاطب المحترفين، كانت ترتجل من مذكرات وتنقح من نسخة للنشر، وقد حررت في صفحاتها التالية مصحوبة بحواش غالبا. وفي عام 1996 ظهرت مختارات وفيرة من هذه الأبحاث في كتاباتةcrits. وتحمل سمات من "التداعي الحر" الذي يفرضه التحليل النفسي على المريض أثناء الكلام ومن "الانتباه المعلق بانتظام، والمتوقع من
المحلل أن يتحلى به وهو يستمع الى كلام المريض،(9) مما يعني أن أفكار لاكان الرئيسية ومواقفه الخلافية الهامة تقدم الى القاريء عن قصد بشكل مفكك ورث. ويأخذنا السيمينار الأسبوعي، سواء المنشور أو ما هو قيد النشر، والذي أداره لاكان في باريس لأكثر من عقدين، الى أكثر من هذا في ورشته التأملية. (10) توضح بعض أقسام السيمينار Séminaire  الرئيسية في كتاباته، وتنقحها أقسام أخرى باتقان، وتبقى أقسام أخرى تسجيلا لهمهمات موارة يسقط العقل النقدي إزاءها في الصمت ساخطا أو معجبا. إن نثر لاكان يطمح باستمرار الى منزلة الكلام. وأهدافه واضحة من الكتابة على هذا النحو: أن يتيح لطاقات اللاشعور أن تحس في الايقاع المتقلب من جمله، ويعيق القاريء عن تشييد أبنية نظرية مبتسرة على النص ويرغمه على المشاركة الكاملة في عمل اللغة الخلاق.
وهذه السمة التي تميز كتابات لاكان تجعل تلخيص مساهماته في المعجم التقني للتحليل النفسي عملية شديدة الصعوبة. إننا لا نعثر ببساطة، في المصطلحات والمفاهيم التي توسع فيها أو أعاد صياغتها، على مصطلحات فرويد ومفاهيمه في شكل مستقر ومحدد. إن كلا منها يعرف الأخر أثناء القيام بالعمل التحليلي ويتعرض لتغيرات حادة في المضمون مع تبدل السياق الفكري. إن لاكان بناء مفاهيم متحركة واهية الترابط، تجعل من الأفضل أن نسأل، أمام مصطلح معين، "ماذا يفعل ؟" أو "ما المسارات التي يسافر فيها؟" بدل أن نسأل "ماذا يعني ؟" وبالاضافة الى هذا، تعمل مفاهيم لاكان كلها،، سواء كان الدور الذي تلعبه في النماذج النفسية (أو “topologies”  كما يدعوها غالبا) أساسيا أو ثانويا" وكأنها أسلحة تتصارع: لا يكتمل تعليق عليها بدون أن يقول شيئا عن الطرق القابلة للتكيف مع الاحتياجات المتغيرة للنقاش في مهنة متأصل فيها الشقاق).
تأمل، مثلا مفهوم "مرحلة المرآة" الذي أشرت اليه من قبل. تقع هذه المرحلة من عمر الانسان بين الشهر السادس والشهر الثامن عشر. إنها فترة يكون (الانسان الصغيرel petit.homme) فيها قادرا للمرة الأولى، بالرغم من افتقاره للسيطرة على نشاطات جسمه، على أن يتخيل نفسه كيانا مترابطا يهيمن على نفسه وتتاح له هذه الصورة كيانا حين يرى صورته في مرآة:
يبدو أن هذه الفرضية المتهللة عن صورة الطفل المرآوية التي يردها في مرحلة الطفولة infans  لا تزال غارقة في ضعف جهازه الحركي والاعتماد على من يرعاه، وتعرض بصورة نموذجية المنشأ الرمزي الذي يترسب فيه ضمير المتكلم "I "  في شكل بدائي، قبل أن يتشيأ في جدل تقمص الآخر، وقبل أن تعيد اليه اللغة، عموما وظيفته كذات.( 94) (11)
إن هذه اللحظة الذي يحدث فيها التقمص الذاتي، مهما تكن، لحظة حاسمة، ليس لأنها تمثل مرحلة على الطريق الى "البلوغ" أو "النضوج الجنسي" - تتعرض مثل هذه النماذج التطورية عن الذات الانسانية المتبدلة لهجوم دائم من لاكان - ولكن لأنها تمثل نزوعا دائما لدى الفرد: نزوعا يقوده في حياته الى البحث عن اكتمال خيالي لـ "أنا مثالية" وتعزيزه، إن الوحدةunity  المبتكرة في هذه اللحظات، والأنا التي هي نتاج الابتكارات المتتالية زائفتان، إنهما محاولتان للالتفاف حول بعض العوامل التي لا مفر منها في الحياة الانسانية: العوز والغياب والنقص. ويتضح حتى من السطور القليلة التي اقتبستها ولخصتها، إن مفهوم لاكان لمرحلة المرأة يتجاوز بكثير تخوم سيكولوجيا الأطفال في أكمل صوره. في نهاية الفقرة تتشكل نظرية في اللغة ونظرية في الادراك المتبادل بين الأشخاص، وينبثق نظام آخر من الخبرة في مواجهة نظام التقمص الخيالي الذي تدشنه اللحظة "المرآوية"، وقد نلمح اعتراضا من اعتراضات لاكان الأثيرة ضد التخليل النفسي في ممارساته التقليدية: إذا لم تكن الأنا سوى ترسب خيالي، فياله من عبث أن يجند أنصار "سيكولوجيا الأنا" أنفسهم لانماء ذلك الوجود الشبحي وترسيخه.
إن كل أنظمة المفاهيم المعقدة تعمل بمعنى من المعاني، وفق هذه الطريقة، حيث يساعد كل عنصر على التعريف بالعناصر الأخرى وتنشيطها. وحيث إن مؤلفي هذه الأنظمة يقسمونها طبقا للعرف الى وحدات فرعية يمكن اقتفاؤها منفصلة، فإن عدم حدوث مثل هذه التقسيم يمثل حيرة فكرية في رأي لاكان. إن كل مفهوم يعمل كنقطة عقدية nodal point في شبكة من الاختيار والرفض، ويقدم الى القاريء في لغة تبقى فيها المهمة العملية للاختيار والرفض ملموسة كاضطراب تركيبي والآن أعود الى سلسلة من البصائر والحدوس الأساسية عن بنية اللاشعور التي تتأسس عليها نظرية لاكان الكاملة عن العملية النفسية. إن التحدث والكتابة لا يفهمان فهما كامل، طبقا للطرق الأشهر التي تمثل تفكيره، ولا يمثلان أما القضاء المسؤول إلا حين نتأملهما في سياق هذه النظرية.
إن فرويد يدمج في تعليقه الأساسي على اللاشعور سلسلة من النماذج الطوبوغرافية والدينامية والاقتصادية(12) ولم يكن اكتشافه من نوع يمكن إعلانه وتطويره في لغة نظرية أحادية جاهزة، وحين كان يسرد، بعد سنوات طويلة من ممارسة التحليل وتأمله، في بحث عن "اللاشعور" ( 1915) خواص اللاشعور كنظام، كان لا يزال يستخدم معجما تقنيا يساهم فيه البيولوجيا والميكانيكا والمنطق ودراسة اللغة مساهمة مميزة. وأعلن أن اللاشعور يتمتع في صميمه بمجموعة من الدوافع الغريزية القادرة على التعايش بدون تأثير أو تعارض متبادلين، إنه لا يعرف الانكار أو الشك أو درجات اليقين، إنه واقع العملية الأولية، التي تنتقل فيها الطاقة النفسية، بحرية بين الأفكار بواسطة الازاحة والكثيف، إنه سرمدي timeléss، إنه لا يبالي بالواقع الخارجي لكنه يبالي بتحقيق المتعة واجتناب ما يعكر الصفو (XIV، 186-189).
كان حدس لاكان الرئيسي أن تعليق فرويد على اللاشعور وعلاقاته بنظام ما قبل الشعور - الشعور يمكن إعادة تنظيمه حول بعض المفاهيم الألسنية ليصبح أكثر إقناعا وأكثر مرونة. وقد ألمح فرويد نفسه الى هذا التجديد، وتكتسب أعماله عن "حقائق اللغة" شهرة استثنائية في ذلك. إنه يبدي براعة ودقة فائقتين كناقد نصي في تحليل الحكايات اللفظية وهو تحليل قدم، لتواريخ حالاته المرضية ولكتبه عن الأحلام وزلات اللسان والنكات، الذخيرة الأساسية للشاهد. وتمثل الوظائف النامية في اللغة الانسانية موضوعا قريبا الى نفسه بصورة خاصة. ويستدعي في كتاباته السيكولوجية غالبا العلوم اللسانية لتقديم التناظرات والأدلة التي تعززها ويرى لاكان أن موضوع عدم اعتماد فرويد بأية صورة على اللسانيات يمثل مسألة فرصة تاريخية (446- 447، 799): كان سوسير وأخر ون يضعون أسس هذا الفرع المعرفي حين كان فرويد يشيد نظريته، ولا نتوقع منه القدرة على الحصول على معرفة تفصيلية من علم متاخم في طور النشأة أو الحصول على استنتاجات مفيدة منه.
إن الدروس التي جعلت مصادفة الميلاد أن يكون فرويد غير قادر على تعلمها ويكون لاكان قادرا على ذلك هي أساسا تلك التي تهتم بالتحليل التزامني للأنظمة الدالة المعقدة. إن فقه اللغة المقارن، وكان لا يزال ملك العلوم اللغوية في سنوات تشكل فرويد، كان يفتقر الى ما يعلمه عن هذا التحليل بالاضافة الى أنه كان في بعض الأحيان محرضا إيجابيا يدفع عالم النفس الى الخطأ. إن مراجعة فرويد عام 1910 لعمل كارل أبل Karl Abel مثلا الذي عنوانه تناقض معنى الكلمات البداية The Antithetical Meaning of Primary Words  (1884) وهو عمل حدسي لا يصح الآن عموما، جعلته يوازي بين العقل الحالم، الذي لا يعرف التناقضات، وحالة اللغة الانسانية البدائية التي افترضها أبل وتكتسب فيها بعض الكلمات معاني متضادة في الوقت نفسهXI).  155-161). (من المفترض أن الكلمة الانجليزية القديمة bat (جيد good) ولكلمة badde (رديء bad) تشتقان من جذر مشترك يعني "جيد – رديء") وقد كان عمل إبل الدعامة الوحيدة لرأيه بأن "تكافؤ الأضداد سمة حفرية عامة في تفكير الانسان" (تعليق موجز على التحليل النفسي “Ashort Account of Psycho – Analysis” (1924)، XIX، 206) إنه، بعبارة أخرى، فنتازيا متميزة ومأمولة عن "اصل الأشياء" على فقرة من فقه اللغة االتلفيقي. (14)
إن اللسانيات، على الجانب الأخر، تكبح هذا النوع من التأمل وتقترح نموذجا أخصب للمقارنة بين اللغة والعقل. إنها بقدر ما تدرس أصغر الوحدات المتميزة التي تكون اللغة وطرق استيعاب هذه الوحدات وتداخلها في أنظمة شاملة، تقدم للجهاز النفسي سلسلة من النماذج التي يمكن اختبارها. وبينما أخذ فقه اللغة فرويد الى أرض مشاع متقلبة، استطاعت اللسانيات، كما عالجها لاكان، إعادة التحليل النفسي الى مهام فرويد في أفضل أحواله: استنباط البنية النفسية والافصاح المترابط عنها.
"يبنى اللاشعور مثل لغة" (15): تبين هذه العبارة، وهي من أشهر ما نطق به لاكان، أهمية ما يدين به للسانيات، إنها بصياغتها على هيئة تشبيه، تذكر المشاكل التي يطرحها اللجوء الى المفاهيم اللسانية على التحليل النفسي. والأسئلة التي نود طرحها، في البداية، على صيغة لاكان: الى أي مدى تكون التماثلات من هذا النوع دقيقة ومفيدة ؟ هل للمصطلح الأول أسبقية منطقية على المصطلح الثاني؟ إذا عكسنا ترتيب المصطلحين، هل يقال الشيء نفسه، أم شيء مختلف وعلى نفس الدرجة من الأهمية، أم شيء أقل ؟ إن أعمال لاكان في هذه المنطقة هي نتاج لتخطيطات في اتجاهين -تأثير اللاشعور على اللغة وتأثير اللغة على اللاشعور - انجزت في تحد دائم لرغبة قارئه في العثور على معالم ثابتة لن يجاب عنها إطلاقا في الأسئلة السابقة. وكل نزوعه للتفكير في هذه القضية الجوهرية هو، في الحقيقة، لوضع منطق مثل تلك الأسئلة موضع التساؤل.
وعموما، يمكن النظر الى علاقة اللغة واللاشعور بطريقتين. أولا: يحتمل أن تكون التوترات والصراعات داخل النفس قد استطاعت أن تلعب في البداية دورا في تحديد لغة الانسان: إن فكرة خلق اللغة في الصورة الجزئية partial image للاشعور وجد بالفعل تقدم على الأقل تفسيرا شعريا مغريا لمعنى التواشج "الطبيعي" بين النظامين، وهو معنى يقره دارسو اللاشعور. ثانيا: اللغة هي الأداة الوحيدة للتحليل النفسي، لا يتاح اللاشعور، سواء للمريض وهي يحكي أحلامه وخيالاته أو للمحلل وهو يدقق خطاب المريض ويفسره، إلا في صورة لغوية وسيطة، ولا يمكن تأمل حالة "محضة pure" للاشعور تسبق اللغة، أو تسعي الى وصف الطرق التي تؤثر بها أداة اللغة الراصدة على مواد اللاشعور المرصودة. وحيث إن اللغة هي، أيضا، وسيط هذه الفحوص الثانوية فإنها "خدعتنا" مرة بانكساراتها وستخدعنا مرة أخرى بانحرافاتها.
إن لاكان يضيق ذرعا بالمقاربة الأولى ويميل الى تفسير المسألة برمتها بالطريقة الثانية اللغة تخلق اللاشعور، ويرى أن التوسط اللغوي يمتد أبعد بكثير من الديالوج التحليلي. ويشير الى أن الانسان نفسه ينغرس، وهو يكتسب اللغة، في نظام رمزي سابق الوجود ومن ثم تخضع رغبته للضغوط التي تنظم ذلك النظام: إنه يتيح للغة وهو يتبناها أن تؤثر على طاقاته الغريزية الحرة وتنظمها (445). إنه امتياز خاص بالانسان مستخدم اللغة أن يبقى غافلا، وهو يصنع الأشياء بالكلمات، عن مدى ما ساهمت وتستمر تساهم به، الكلمات في صناعته.
إن العمل المفصل على المكونات البنيوية الأولية لكل من اللغة واللاشعور يدعم مقارنة لاكان بينهما كنظامين لحاملين وتعليقه على مختلف التبادلات المحتملة بينهما. إنه يعتمد اعتمادا خاصا على تعريف سوسير للعلامة اللغوية التي تتكون من اسمين - الدال والمدلول وتجمعهما رابطة اعتباطية - وعلى القطب الاستعاري والقطب الكنائي في النظام اللفظي الذي افترضه رومان ياكبسون (16) (سأشرح بعد لحظة هاتين المجموعتين من المصطلحات.) وهذه المفاهيم مفيدة لعدة أسباب. لأنها تناظر بعض الأزواج المتضادة من المفاهيم في فكر فرويد تناظرا تاما ؟ ولأنها قابلة للانا والتبديل في التمثيلات الجبرية الزائفة التي تتم في العملية الذهنية التي فضلها لاكان باستمرار، ولأن قيدا صارما يفرض على عمل مقارنة على نطاق أوسع. والقيد هو ببساطة: إن ما يناظر الجملة، أو البنية التركيبية عموما ضئيل جدا فيما يقدمه فرويد عن اللاشعور. (17) إن معظم الأصالة المدهشة التي يعزوها فرويد الى اللاشعور ينجم عن رفضه الولاء لأشكال التنظيم التراتبي التي يؤسسها التركيب. ومن ثم قد يكون لنظام لغة معينة، كما يتضح في نحوها، دور ضئيل في تعليقات التحليل النفسي على الوظيفة العقلية. وقد اختار لاكان أن يؤسس نماذجه على بعض البنيات التحتية المزدوجة التي لها قدرة فائقة على الاتحاد المتجدد بدلا من أن يستخدم مجموعة من الفصائل اللغوية التي لا تقبل التكيف.
وقد حظي هذا الاستخدام لمباديء سوسير في التحليل النفسي بأول تعبير كامل عنه في بحثين، الأول بعنوان "وظيفة الكلام واللغة ومجالهما في التحليل النفسي" “Fonction et champ de la parole et de langage en psychanalyse” (237 – 322) والثاني بعنوان "تأثير الرسالة في اللاشعور أو التبرير منذ فرويد" “L’instance de la letter dans l’ inconscient ou la raison depuis Freud” (493- 528)، وقد نشر الأول عام 1953 والثاني عام 1957. (18) لكن لاكان لا يستدعي نظرية لغوية مستقرة الى التحليل النفسي بهدف جلب مجموعة من التعاليم التي لا تزال جامحة الى نظام: إن تلاقي فرويد وسوسير يخلق إمكانية للتفكير في كل منهما على ضوء الآخر.
إن العلامة في رأي سوسير تمثل صداما وارتباطا مفاجئين بين واقعين محددين، كل منهما في ذاته مائع وغير متميز: التفكير من ناحية والصور السمعية من ناحية أخرى. ولكن بمجرد ارتباط جزء من واقع التفكير (المدلول) بجزء من واقع الصوت (الدال) تصير العلاقة بينهما حميمة الى درجة اعتماد كل منهما على الآخر اعتمادا كاملا:
مرة أخرى يمكن مقارنة اللغة بقطعة من الورق: وجهها التفكير وظهرها الصوت: لا يمكن أن نمزق الوجه بدون أن نمزق الظهر في الوقت ذاته، وبالمثل لا يمكن في اللغة عزل الصوت عن التفكير او التفكير عن الصوت، ولا يمكن أن يتم هذا إلا بعملية تجريد تؤدي الى خلق سيكولوجيا محضة أو فونولوجيا محضة.(19)
إن ما يتساءل عنه لاكان، حتى حين يستعير المصطلحات السوسيرية، هو حالة التناسق والتوازن بين الدال والمدلول. كما توصف في الفقرة السابقة. إنه يستخدم الصيغة S/s، (الدال على المدلول) كتلخيص شديد لنظرية سوسير، وأيضا، كطريقة لتسليط الضوء الساطع على المشكلة المستعصية فيها: حالة المدلول ودوره بدقة. الى هنا يعالج لاكان القاعدة الحسابية S/s، التي يبدو للوهلة الأولى أنها لا تعدو أن تكون عملية اجرائية في حساب تفاضل وتكامل من ابتكاره كقصيدة عيانية وكشعار شخصي. إن الخط الفاصل بين الرمزين يمثل أكثر من مجرد رمز: إنه تمثيل تصويري لشق ضروري بينهما ولا يمكن ازالته. وبالمثل، يمثل وضع المدلول أسفل الخط أكثر من مجرد قضية ملاءمة للتقاليد الحسابية. حيث إن المدلول، في تعليق لاكان، "ينزلق أسفل" الدال، في الواقع، وينجح في مقاومة محاولات تحديد وضعه وتثبيت حدوده. إننا نرى بأبصارنا تفوق الدال (الحرف الكبير، النوع الروماني، الوضع الأعلى) على المدلول (الحرف الصغير، النوع الايطالي، الوضع الاسفل). إن الفكرة الرئيسية في مناقشة لاكان هي أن البحث عن المدلول في صورته "المحضة"  - أي، بتعبير آخر، البحث عن بنيات التفكير الأصلية خارج الكلمات - بحث طائش، إن للغة دورا تكوينيا في تفكير الانسان، وليس ثمة من "سيكولوجيا محضة" من النوع الذي استشهد به سوسير. إن السلسلة الدالة ذاتها هي موضوع الاهتمام الحقيقي عند المحلل النفسي والألسني. إن العلاقات التي يمكن ملاحظتها في تلك السلسلة هي أوثق دليل الى البنية النفسية والى بنية الذات الانسانية.
ويستطيع لاكان أن يستخدم نواة تفكير لاكان، بمجرد مسرحتها بهذه الطريقة، كوسيلة لتنظيم النظرية التحليلية وزعزعتها. ويبدو، للوهلة الأولى، أن مشروعه محدود بصورة خطيرة. وبالنسبة للفارق بين الدال والمدلول فإنه يكون، طالما يقابل الظاهر بالمستتر، قابلا للتكيف الى أقصى حد مع فوارق متنوعة، قدمها فرويد وتناولها منفصلة، وربما يكون قادرا على تمثلها: تلك الفوارق، مثلا، بين الشعور واللاشعور، بين صور الحلم و "أفكار الحلم المستترة"، بين الأعراض العصابية والرغبات المكبوتة. إن لاكان، وهو يقلص هذه الأزواج من الفصائل المتضادة الى شفرة تتكون من مصطلحين وتلائم كل الأغراض، ليس كسولا ينسق تفكير فرويد بصورة غير مشروعة. إن إجراءات التحليل البنيوي التي يتبعها لفحص مجموعة من الدوال التي ترتبط بارتباطات متنوعة اجراءات صاغها فرويد في تعليقاته على عمل الحلم. يقدم فرويد، مثلا، في الفقرة التالية من النكات وعلاقاتها باللاشعور Jokes and their relation to the unconscious  وهو يلخص مفهوم الازاحة، صورة واضحة للدال وهو يؤدي دوره:
إن عمل الحلم... يضخم هذه الطريقة من التعبير غير المباشر بما يتجاوز كل الروابط. ويكفي، تحت ضغط الرقابة، أن يعمل أي ارتباط بالتلميح كبديل، ومن ثم يمكن أن تحدث الازاحة من أي عنصر الى أي عنصر أخر. واستبدال التداعيات الداخلية (التشابه، الارتباط السببي...الخ) بما يعرف بالتداعيات الخارجية (التزامن، التجاور، التشـابه في الصوت) لافت للنظر كخاصية تميز عمل الحلم بصورة خاصة (VIII،172).
 وفي مواضع لا تحصى في تحليل فرويد للحالات يبدو كراصد يبتهج بملاحظة لاشعور يشبع رغباته بمعالجة بارعة للمواد الدخيلة التي لا يرغب فيها. والفرق بين ما يؤكد فرويد ولا كان هو: أن فرويد يقر بقوة "التداعيات الخارجية" ويرى أنها لا تفهم فهما كاملا إلا بالقياس الى "التداعيات الداخلية" التي تقنعها أو تحل مكانها، ويرى أن صور الحلم، حتى تتضح، تحتاج الى "أفكار الحلم الكامنة" الحدسية، ويرى أن المدلول يغري بالمطاردة حتى وهو ينأى عن المشهد. لكن لاكان يرى أن هذا التأرجح في التفسير بين الدال والمدلول قد يحول الأنظار بسهولة من الأول الى منطقة مائعة لفنتازيا تشبع الرغبة، ويرى أن العلاقة بين الدوال أحد المصادر المهملة مع أنها تقدم للمحلل قدرا هائلا من المعلومات.
إن تأكيد لاكان على الدال وفصله المكونات البنيوية عن المكونات التأويلية في نظرية فرويد يستلزم جولة إضافية في مجال الألسنية. ومرة ثانية يدين لاكان لياكبسون الذي رأى في قطبي التنظيم اللفظي مفتاحا لنموذجي الارتباط في السلسلة الدالة وهما نموذجان تحتيان ولا يمكن اختزالهما. ويرى ياكبسون أن القطبين، الاستعاري والكنائي، يتنافسان في أية عملية رمزية، وقد لفت الأنظار الى التداخل المحتمل بين فصائله والفصائل التي يستخدمها فرويد في تحديد خصائص اللاشعور، وأن "الازاحة"  و" التكثيف " عند فرويد تأسسا على مبدأ التماس، إن أحدهما كنائي والآخر ينتمي الى المجاز المرسل، (20) وقد تأسس "التقمص" و "الرمزية" على التشابه، ومن ثم فهما استعاريان (21). ولا يهتم لاكان بما يقدمه مفهوم ياكبسون، ويقدم زوجا أبسط وأبرع من التكافؤات: إن التكثيف (Verdlchung) يناظر الاستعارة، والازاحة (Verschlebung) تناظر الكناية (511) إنها مفاهيم فرويد الأساسية، وبسهولة ينقلب تقمص فرويد ورمزيته الى أي منهما.
لكن لاكان لا يقنع بترك الأمور على هذا النحو، حيث مع كل مصطلح ألسني على خط مستقيم مع شكل من أشكال الوظائف العقلية اللاشعورية. إن مصطلحات ياكبسون، شأنها في هذا الشأن مصطلحات سوسير، تحتاج الى اختبار إضافي حتى تقبل: إذا كان لها أن تصبح ما تصفه، أي أن تصبح دوال بحكم خصائصها، فيجب أن تبدو متعددة، ومحددة بعوامل كثيرة،(22) وقابلة لاستخدامات جديدة دائما. وعند هذه النهاية، وهي نهاية لبدء جديد مستمر، يخلق زوج آخر من العلاقات التقاطعية(517-518): تتضمن الآلية النفسية التي تؤدي الى ظهور الأعراض العصابية اقتران دالين - الصدمة الجنسية اللاشعورية والتغيرات التي تحدث في الجسم أو الأفعال التي يقوم بها - ومن ثم فهي استعارية، بينما تتضمن الرغبة اللاشعورية النهمة غير القابلة للتدمير، إزاحة دائمة للطاقة من موضوع الى موضوع ومن ثم فهي كنائية. (لا ينتج عن توقف الوظيفة الكنائية أي عرض ولكنه ينتج فتشا Fetish).
إن مصطلحي "الاستعارة و"الكناية" يقدمان، نتيجة لهذا التعديل المزدوج في قطبية ياكبسون، تقسيمات فرعية واضحة ومفيدة في مفهوم الدال، ويلعبان لعبة مبهمة الدلالة خاصة بهما. وهي عملية مألوفة في أعمال لاكان كلها. وتصبح الميتالغة النظرية عند لاكان لغة نقية وبسيطة - مما يعني لغة مختلفة الخواص ومعقدة: "لا توجد ميتالغة.. لا توجد لغة يمكن أن تقول الحقيقة عن الحقيقة، حيث إن الحقيقة تؤسس نفسها على أساس أنها تتكلم فقط ولا تملك أية وسيلة أخرى" (867- 868). (23)
أشرت من قبل الى أن الشكل الحقيقي الذي تطرح فيه فرضية "يبني اللاشعور مثل لغة" يلفت الأنظار الى حدوده المحتملة كمبدأ نظري. ولكن آن أن تتضح الوسائل التي يستخدمها لاكان ليتجنب هذه الحدود، وتتلاشى الأسبقية المنطقية أو التتابعية chronological  بين اللاشعور واللغة بمجرد أن نتخيل "نظاما رمزيا" يشملها. إن لاكان يحافظ بكل دقة، بالاقتصار على مباديء اللغة كما يصفها سوسير وياكبسون بدلا من استكشاف أشكال التنظيم التركيبية الأعلى، على اتصاله بالمكونات الأساسية الغارقة لكل الأنظمة الرمزية. إن اللاشعور بقدر ما نراه ونسمعه في الكلام والأعراض والأحلام والاهمال أو الخطأ اللاإرادي، تحكمه القواعد التي تحكم الأنظمة الأخرى كلها: القواعد التي عبر عنها لاكان في ايجاز بـ "منطق الدال"، إن لاكان، بقدر ما يثق في أنه اتصل هنا بشيء أساسي وعام، يلفت الأنظار الى عنصر من الاسهاب في جملة "يبني مثل لغة": "إن "يبنى" و "مثل لغة" تعنيان بالضبط الشيء نفسه بالنسبة لي"، (24) "لا توجد بنية بدون لغة (التليفزيون Télévision،18) (25) وفي مثل هذه المواضع يبدو اللاشعور اللاكاني أبعد ما يكون عن سلفه الفرويدي الذي يحفزه ظاهريا، إن فرويد لم يكتف بالتمييز بين Wortvorstellungen (حضور الكلمة) Sachvorstellurgen  (حضور الأشياء) ولكنه صاغ اللاشعور كحقل عمل يخص حضور الشيء منفصلا عن الكلمة المناظرة (اللاشعور ـ 1915ـ XIV، 201- 202،GW،X 300). (26) إن لاكان لا يكتفي، في تعريفاته للاشعور، بمنح الأسبقية لحضور الكلمة ولكنه يقدم، أحيانا، تعريفاته الخاصة باعتبارها تستبعد تعريفات فرويد وتحل محلها: "ليس اللاشعور لا شعور فرويد، إنه لا شعور لاكان".
إن الدور الخاص ـ يدعى، بأسماء متنوعة، أسبقية، أولية، أفضلية، تفوقا، إلحاحا، سموا ـ الذي يعزوه لاكان للدال في الحياة النفسية تصاحبه عملية هائلة لاعادة تعريف المصطلحات وحملة من المناظرات المستمرة. إنني أشير هنا الى مصطلحي Sujet  (الذات Subject) و moi (الأنا egop). بينما تمثل الأنا، وقد لمحت في مرحلة المرآة أول مرة، نتاجا عيانيا للتقمصات الخيالية المتتابعة وقد علقت في الذهن كقاعدة راسخة، أو تسعي الى الرسوخ، "للهوية" الشخصية، فإن الذات ليست شيئا على الاطلاق ولا يمكن القبض عليها إلا كمجموعة من التوترات، أو التحولات أو الجيشان الجدلي في عملية مستمرة ومقصودة باتجاه المستقبل. إن لاكان يرى الأنا، بوصفها نقطة التوتر في طوبوجرافيا فرويد عن الهو ـ الأنا ـ الأنا العليا، مكونا أساسيا في نموذج جدلي حقيقي للذات الانسانية، لكن الأنا، التي يتم رؤيتها كنهاية في ذاتها ومقر للفردية معرضة للتهديد وتحتاج دائما الى التحصين ضد الغروات العدائية من الهو. والأنا العليا، تعالج بازدراء: هذه الأنا الراسخة الهادئة تتصرف بغباء على أيدي "مديري الأرواح" والمهندسين الاجتماعيين. إن مفهوم الذات هو الذي يحتل مركز تعليقات لاكان على الجهاز النفسي النشط، وليس مفهوم الأنا. ولا "تختفي" الذات في يدي لاكان، كما حدث في عبارة نمطية ولكنها تسلك مسارات متشعبة يحبكها ويعيد حبكها.
إن قاعدة حركية الذات تدعمها السلسلة الدالة. حيث إن الدال لا يكون الذات ويسيطر عليها فقط ـ يتكلم لاكان عن "سيادة الدال في الذات" (20) وعن تفوق الدال على الذات" (39) ـ ولكنه، أيضا، يحتاج الى الذات احتياجا ايجابيا كمصطلح وسيط له "الدال هو الذي يمثل الذات لدال أخر" (819. (28) إن الذات والدال، بعيدا عن كون الذات نتيجة ثانوية للدال أو ظاهرة مصاحبة له بينهما علاقة اعتماد، حتى أن ما قد ينسب لأحدهما من الضروري أن ينسب الى الآخر، مع تعديل أو "انحراف" مناسب، إن كلا منهما يتسم بالقدرة على الإزاحة البنيوية اللامحدودة، وهي قدرة لها بالضرورة أسبقية على كل السمات الفطرية أو المكتسبة.
إن إزاحة الدال تحدد الذوات في أفعالها، في قدرها، في رفضها في عماها، في نهايتها وفي مالها، في مواهبها الفطرية وفي مكتسباتها الاجتماعية، بصرف النظر عن الشخصية أو الجنس،... وكل ما يمكن اعتباره مادة لعلم النفس، الأدوات والأمتعة، سيتبع طريق الدال شئنا ام أبينا (29).  (30)
إن لغة علم النفس التقليدية تميل ميلا راسخا الى وصف العقل كما لو كان تجمعا ثابتا لعدد من الأشياء، أو القوى، أو الملكات، وقد يبدو تمثيل لاكان للذات قيد التكون – Subject- in -process في نظر من ترتبط توقعاتهم للترابط في بناء النموذج النفسي ارتباطا شرطيا بتلك اللغة، مهلهلا وتافها بصورة مستحيلة. ومما هو جدير بالملاحظة أن رأيه في الذات باعتبارها فارغة "تماما" ومتقلبة وبلا مركز يجب أن ينبثق، في مروره من هدف تحليلي الى آخر وخلال لغة تعري فيها بإلحاح كل توقعات الترابط القريب، مقنعا ودقيقا.
إن لاكان يدعو حقل الدال، الذي يشهد هذه الاعادة الأبدية لبناء الذات، بالنظام الرمزي. وهو النظام السائد في ثلاثية الرمزي ـ الخيالي ـ الواقعي التي كان لها دور خلاق في تفكير لاكان يقارن بدور ثلاثية الهو ـ الأنا ـ الأنا العليا في المرحلة الأخيرة من تفكير فرويد. (مع أن أنظمة لاكان الثلاثة وأقسام فرويد الثلاثة تستخدم للقيام بالعمل التحليلي نفسه، إلا أنه يستحيل وضع مصطلح مقابل آخر بصورة قاطعة.) ومن الأفضل أن نفكر في كل نظام من أنظمة لاكان كمركز جاذبية متغير في مناقشاته بدلا من التفكير فيه كنظام ثابت، ويمكن استخدامه في أية لحظة لاعادة تعريف النظامين الآخرين. وقد اقترحت من قبل نوعا من التقابل بين الرمزي والخيالي في التعليق على الذات والأنا. بينما يتميز أحدهما بالاختلاف والانفصال والازاحة، يبحث الآخر عن الهوية أو التشابه، ينمو الخيالي من خبرة الرضيع بـ "الأنا المرآوية" ويمتد بعيدا الى خبرة الراشد بالآخرين وبالعالم الخارجي. حيثما يوجد تقمص زائف ـ سواء في الذات أم بين الذات والآخر أم بين الذات وشيء من الأشياء ـ يسود الخيالي: ومع أن النظامين فارقان متضادان، إلا أن الرمزي يعتدي على الخيالي وينظمه ويوجهه، إن السلسلة الدالة تكشف زيف استقرار الخيالي وتجبره على الحركة.
إن الواقعي هو النظام الأكثر إثارة للارتباك، ويحظى في كتاباته باهتمام أقل بكثير مما يحظى به النظامان الآخران، ويحتوي سيمينار لاكان على أكثر التعليقات عليه اكتمالا وإثارة للتساؤل. ويمكن إدراك اتجاهين عامين متباعدين ظاهريا فيما يقدمه لاكان عن هذا المفهوم. الأول، إن الواقعي هو ذلك الذي هناك، هناك من قبل، بعيدا عن متناول الذات، سواء كان موضوعا فيزيقيا أو صدمة جنسية، وحين تظهر في المشهد كذوات تكون قد لعبت ألعابا معينة، وألقي نرد معين. المسألة هي: "أن الواقعي هو ذلك الذي يعود دائما المكان نفسه" (XI، 43) لكن إدراك هذا لا يعني أن نرغم على الاذعان في صمت: "ألا نشعر بشيء ساخر أو مضحك في حقيقة أن النرد قد ألقى بالفعل ؟"  (II، 256) (31) والطريقة التي وراء هذا الواقعي "المضحك" هي الطريقة الانسانية الفريدة التي يقدمها النظام الرمزي: وعلينا أن نوجه الشكر لهذا النظام لأن النرد قد يلقى من جديد. الثاني، أن "الواقعي، مهما يكن هو الهيولي الأصلية التي تعمل عليها اللغة "إن عالم الكلمات هو الذي يبدع عالم الأشياء- ويتم تشويش الأشياء فورا hic et nunc  في عملية التكوين" (276)، (32) إن الواقعي يكتسب بنيته بقدرة الانسان على اطلاق اسم عليه. وليس من بين هذه المفاهيم مفهوم أصيل بصورة خاصة، إن لغة الحس العام تلعب دورا بارزا في تقديم كل مفهوم، والتباعد بينها ليس إلا تباعدا ظاهريا. إنها مفاهيم تؤكد حدود القدرة اللغوية: الواقعي هو ذلك العرضي تماما بالنسبة لسلسلة الدوال، إن الذات قد تبني الواقعي - أو حتى "تبدعه" لنفسها، ولكن لا تستطيع أن تسميه (II، 252). إنه "الخارج" العضال والعنيد للغة، الهدف المتقهقر بصورة غير محددة الذي تميل السلسلة الدالة باتجاهه، نقطة تلاشي الرمزي والخيالي. ونتيجة لهذا الرأي، يقترب الواقعي في فكر لاكان من معنى "الفائق الوصف" أو "المستحيل"،. إن دوره في الثلاثية كمصطلح أصغر من دور المصطلحين الآخرين. ولكنه يعيد ببراعة، تقديم المشاكل واللاتناسق فيما قد يصير بسهولة ثنائية رائعة بين الرمزي والخيالي، ويذكر الذات الكلية المأمولة عند لاكان بأن البناءين الرمزي والخيالي يحدثان في عالم يفوقها.
إن تعليق لاكان على الذات بوصفها "هامشية decentted " جدلية قد نقح بطرق عديدة وحصن تحصينا نظاميا ضد تعزيز أو ما يبدو أنه تعزيز مجموعة من المفاهيم الثابتة الجاهزة للاستخدام المتكرر. وبالرغم من عدم وجود طريقة مضمونة أمام لاكان، أو أي شخص آخر، ليمنع معتقدا مبعثرا بعناية أن يصبح معتقدا مركزيا، أو المقاومة أن تنحرف عن الانحراف الناشيء عن مقاومتها الخاصة، إلا أن التدابير التي اتخذها قامت بدورها، عموما على نحو طيب. وبالنسبة للمرادفات القريبة التي يستخدمها في رسم التطواف المتقطع للذات(fading, refente, division, spaltung...الخ) فإنها تبقى نشطة بواسطة المصطلح السائد المتعدد المعاني، L'Autre (الآخر). إن مصطلح "الآخر" يرفض بإصرار، أكثر من أي مصطلح من مصطلحات لاكان الأخرى، أنه يقدم معنى واحدا، إنه في كل تجلياته يقدم "نقصا" أو "فجوة" لعمليات الذات، ويفقد الذات قدرتها على التفرد أو الاستبطان أو الادراك أو الاكتمال أو التبادلية، ويضمن عدم تدمير الرغبة بالحفاظ على أهداف الرغبة محلقة تحليقا أبديا.
إن الآخر الرئيسي primal  عند لاكان وفرويد هو الأب في المثلث الأوديبي ـ الذي يحرم زنا المحارم، ويهدد بالاخصاء، ويصبح، بوضع حظر مطلق على رغبة الطفل في أمه، القوة المدشنة للقانون. إن لاكان لا يهتم بالأب الواقعي أو الأب الخيالي لشخص معين ولكنه يهتم بالأب الرمزي الذي يستهل اسمه السلسلة الدالة ويسيرها: "علينا أن نتعرف على دعامة الوظيفة الرمزية في اسم الأب الذي تقمصت شخصيته صورة القانون منذ فجر التاريخ" (278). (33) إن المواجهة الأصلية مع اسم الاب  nom - du - pére المشرع والنقص الدائم ومن ثم عدم الاشباع الذي تتعرض له الذات، تؤدي الى نمط معقد من العدوانية والخنوع المتعاقبين أو المتداخلين. وهو نمط يميز الذات في تعاملها مع الآخرين بصورة لا تمحى. (مرة أخرى يستخدم لاكان جدلية السيد والعبد عند هيجل كنموذج لهذه العملية وهو نموذج يمكن إعادة بنائه باستمرار) (34) إن هذه المعاملات، سواء كانت في صورة مواجهة يومية بين الناس أو في صورة ديالوج بين المريض والمحلل هي الاهتمام الرئيسي للاكان، وهو يشرح بدقة فائقة دورها المحدد في تكوين الذات.
إن الذات تتشكل ويعاد تشكيلها في المواجهة مع الآخر:
إن ما أبحث عنه في الكلام هو استجابة الآخر. وما يكونني كذات هو سؤالي. حتى أتعرف على الآخر من جديد، فإنني لا أنطق بما كان إلا من زاوية ما سوف يكون. وحتى يتمكن من الرد أدعوه باسم قد يقبله أو يرفضه ( 35) (299)
... حتى الرسالة التي تبثها الذات تستقبلها من الآخر (36) (807).
ومن ثم يكون الآخر هو الموضع الذي يتكون فيه ضمير المتكلم الذي يكلمه بما يسمع، وما ينطق به المرء هو الرد، الذي يقرر الآخر أن يسمعه سواء نطق به المرء أو لم ينطق. (37) ( 431).
وتتميز العلاقة بين الذات والآخر بوجود الرغبة:
تعثر رغبة الانسان على معناها في رغبة الآخر، ليس لأن الآخر يمسك بمفتاح الموضوع المرغوب، ولكن لأن الموضوع الاول للرغبة هـو ان يعرفها الاخر. (38) (268).
وهذا تبسيط شديد فى الحقيقة.. حيث إن رغبة الآخر تكمن في عثور رغبة المرء على شكل (39). (813).
... إن رغبة المرء هي رغبة الآخر the desire of the Other  تمثل الـ "of" ما يسميه النحاة "تحديد التابع" أي بوصف الآخر أنه الذي يرغب (إن هذا يقدم النطاق الحقيقي للشهوة الانسانية) (40) (814)
يلاحظ في الاشارات وبينها كثير من التناوب الدقيق في المعنى، إن الآخر مثلا، مصطلح في ثنائية الذات ـ الآخر الجدلية، ويمثل في وقت آخر الموضع الحقيقي أو الحالة الحقيقية "للآخرية Otherness" (hétéronomie, àltérite)  التي تحمل معنى المصطلحين. وتزيد الصورة تعقيدا حين يستخدم المصطلح نفسه للربط بين عالم الشخص الداخلي وعالمه مع الآخرين.
يرى لاكان أن الاكتشاف الأساسي لفرويد هو أن الانسان يحمل الآخرية في داخله. والانقسام بين نظامي اللاشعور وما قبل الشعور ـ الشعور يجعل الانسان وجها لوجه أمام "الهامشية الجذرية للمرء بالنسبة لنفسه" (542) (41). إن اللاشعور ـ السلسلة الدالة التي تمر خلالها الرغبات كلها ـ حين نراه من نقطة الأفضلية عما قبل الشعورـ المشعور مكان آخر ولغة أخرى: "إن اللاشعور هو خطاب الآخر" (379)  (42) إن الرسالة التي تمر عبر الهوة بين الذات والآخر الخارجي تمر في الداخل أيضا، بالنسبة للفرد الأسمى وينصب العالم الاجتماعي بواسطة اللغة في العقل الفردي: "اللاشعور هو خطاب الآخر الذي تستقبل فيه الذات، في شكل مقلوب يتلاءم مع الوعد، رسالتها المنسية" (493) (43). وأضاف لاكان في مرحلة تالية من مراحل تفكيره مفهومين آخرين ـ الآخر الصغيرpetit autre,  والموضوع أobjet a  ويشار اليه أحيانا بالحرف “a”، ومع أن كلا من المفهومين يوفق في نموذج لاكان النظري بين حركة الرغبة وتعدد موضوعاتها بصورة غير محدودة، إلا أنهما يفترقان في نقطة هامة. بينما يحتل الآخر الصغير دورا وسطا بين الأنا والآخر وينتمي بالتالي الى الواقع الخيالي للتقمصات المرآوية ("إن الآخر ليس آخر على الاطلاق، حيث إنه يقترن بالأنا اقترانا جوهريا"، II، 370)، (44) فإن الموضوع أ موضوع الرغبة المخترقة والمعبأة بالنقص: إنه اللاأدري jene Sais quoi   بالاشارة الى ما يوحى بالرغبة التي تتضح في الازاحة وعدم الاكتمال و "غير المرآوي unspecularisable. "إن الموضوع أ ليس كينونة على الاطلاق. الموضوع أ هو ما تفترضه الحاجة بطريقة التفريغ..." (XX، 114) (45). والموضوع أ في عدد هائل من الأوصاف المتداخلة عند لاكان هو موضوع الرغبة في طريقه ليصبح أيضا سبب الرغبة وشرطها.
قد يتساءل قاريء لاكان عن أوراق اعتماد مصطلح يتراوح مشوشا بين المناقشات: ما هذا "الآخر Other" الذي يجب أن يبجل بحرف كبير، ويقبل التحول بحرية الى هذه الدرجة ؟ كيف يبقى المصطلح مفيدا كأداة إجرائية حين يمكن أن يعرف بتعريفات متنوعة: أب، موضع، نقطة، أي رفيق جدلي، أفق داخل الذات، أفق وراء الذات، اللاشعور، لغة، الدال ؟ هل يمكن أن يكون الحرف الكبير مستخدما ليضفي هالة زائفة من السلطة على خليط ominum gatherum  مشوش؟ إن تهمة اللامسؤولية الفكرية التي يبدو أن مثل هذه الأسئلة تثيرها ضد لاكان، يمكن اسقاطها اذا نظرنا الى تفكيره ككل، وكنظام شامل يتكون من أجزاء تتبادل العمل فيما بينها (46) إن اسم الأب nom-du-pére  الاخر الأصلي، يضع فجوة بين الرغبة وموضوعها (أو موضوعاتها) الذي تقيد به الذات، وترتبط به، على كل مستويات الخبرة طول الحياة، ومن المقدر أن يتكرر هذا التغريب البدائي بطبيعته الحقيقية، ويتحول تماما، إنه مصدر اللغة ومصدر الذات بالمثل، ويقدم شرطا جوهريا من شروط إنسانية الانسان. ومثلما تسافر هذه الآخرية بحرية بين كل الأماكن والأحداث الانسانية، يتنقل مصطلح "الآخر" ويتحول في نثر لاكان. ولا يود لاكان أن يعزو أية مسؤولية لتعدد الدلالة في مصطلحه، ولا يمكن لأي شيء أن يطلب منه أن يكون مسؤولا بشخصه عن حقيقة من حقائق الحياة..
ويتضح من كل ما قلته الى أي حد منح لاكان اللغة دورا مهما بصورة غيرة مسبوقة في مجال البحث في التحليل النفسي. لقد أكد فرويد، في كتيب بعنوان The Questior of Lay Analysis   (1926) أن "كلية التحليل النفسي" في المستقبل لن تكتفي بتدريس العلوم المألوفة في كليات الطب ولكنها "ستدرس فروعا معرفية بعيدة عن الطب لا تصادف الطبيب في عمله: تاريخ الحضارة، الميثولوجيا، سيكولوجيا الدين، وعلم الأدب. وإذا لم يطلع المحلل اطلاعا واسعا على هذه المواد، فإنه لن يتمكن من فهم معظم المواد التي يتعامل معها" (XX، 246). ويضيف لاكان اللسانيات الى هذه القائمة، بالاضافة الى "البلاغة، والجدل بالمعنى التقني لهذه الكلمة في Topics، أرسطو، والقمة العليا لاستاطيقا اللغة: البويطيقا، وتشمل التقنية المهملة للنكتة" (288). (48) إن المحلل الذي يحشد هذه الفروع المعرفية لخدمة عمله لا ينفصل عن تقاليد التفكير التحليلي ولكنه يعود الى مصادره الخصبة، لقد كان فرويد وتابعوه الأوائل يعرفون الأدب وعلوم اللغة ويستجيبون لها استجابة نموذجية.
ناقشنا، من قبل، دين لاكان للسانيات، ولكن ثمة ثلاثة ديون أخرى في هذه المنطقة يجدر ذكرها: البلاغة والأسلوبية، والتأويل النقدي، الانتاج الأدبي عموما، وقد تركت هذه المجالات بصمتها على أعمال لاكان مما جعلها متاحة ومثيرة للمشاكل خاصة بالنسبة للمغامرين في عالم الأدب، وتقدم لنا سلسلة من المفاتيح الأساسية، في أية محاولة لفهم الدور التحفيزي الاستثنائي الذي طوره تفكيره في "العلوم الانسانية" في فرنسا المعاصرة.
يلتزم لاكان، في اشاراته الى الاستعارة والمجاز في البلاغة الكلاسيكية بطريقة المقارنة التأملية التي يفضلها فرويد كثيرا. يناقش فرويد ببعض الاسهاب في “The Claims of Psychoanalysis to Scientific lniterest"  الاحلام، مثلا، بوصفها "مثل لغة"، وينتقل الى تشابه أخر خصب متميز:
إذا كنا نرى أن التمثيل في الأحلام، يتم أساسا، بالخيالات البصرية وليس بالكلمات، تكون مقارنة الأحلام بنظام كتابة مناسبة أكثر من مقارنتها بلغة. إن تفسير الأحلام يشبه تماما، في الحقيقة، حل الشفرة في كتابة تصويرية قديمة مثل الكتابة الهيروغلوفية المصرية. وفي الحالتين توجد بعض العناصر التي لا نسعى الى تفسيرها (أو قراءتها، حسب الحالة) ولكنها مصممة للقيام فقط بوظيفتها كـ "محددات"، أي لترسيخ معنى عنصر آخر. إن غموض عناصر الأحلام له ما يوازيه في أنظمة الكتابة القديمة، وينطبق هذا أيضا على حذف العلاقات المختلفة التي يمكن فهمها من السياق في الحالتين. واذا لم يكن هذا المفهوم لطريقة التمثيل في الأحلام يتابع حتى الآن، فإن هذا يرجع، كما سيفهم بسهولة، الى حقيقة أن المحللين النفسيين جهلة تماما بالوضع والمعرفة اللذين يبحث بهما فقيه اللغة مشكلة كتلك المشاكل التي تعرضها الأحلام. (XIII، 177).
إن العلاقة بين الأحلام والكتابة الهيروغلوفية عند فرويد تشبه العلاقة بين آليات اللاشعور والبلاغة عند لاكان:
الصور البلاغية هي الاطناب، التقديم والتأخير، الحذف، الارجاء، التوقع، الضم، الانكار، الاستطراد، السخرية (Quintilian’s Figurae senitentiarum)  كما أن المجاز هو الاثبات بالنفي، والتقليب، والوصف المؤثر، وهي مصطلحات توحي بأنها مناسبة أكثر من سواها في توصيف هذه الآليات. هل يمكن للمرء أن يردها مجرد صور بلاغية في الكلام حين تكون الصورة البلاغية هي المبدأ الفعال في بلاغة الخطاب الذي يتفوه به المحلل فعليا؟ (48). (521) توحي خصوبة هذه المقارنات ـ مع أنها تربو كثيرا على الاحتياجات الموضعية لأية مناقشة من مناقشات الكاتب ـ بفتنة غير معلنة تعمل في كل حالة. وقد يحدس المرء أن مصدر الفتنة عند فرويد ولا كان لا يكمن في أن هذه المقارنات تقوم بدور المرشد ولكن في أن هذه المصطلحات تبدو شديدة التناقض بدرجة تجعل المقارنة بينها مستحيلة. إن الهيروغلوفية والبلاغة يمثلان انتصار الفكر الدقيق والحيلة المتحضرة على مواد الخبرة الوحشية. ومن ثم كم يبدو اللاشعور شديد الغرابة، مع سهولة التفكير فيه كوحش فوضوي، سيكشف عن أنه يملك حيلا "متحضرة" لعلاج بنياته. وخلف هذه الغرابة يبرز على الساحة علم جديد عن اللاشعور.
يمنح لاكان في كتاباته، كما رأينا، لمصطلحين بلاغيين ـ الاستعارة والكناية ـ بعض الاعتبارات ومع أنه يستخدم عددا أخر من المصطلحات كما رأينا في القائمة التي اقتبسناها سابقا، الا أنها حين تتحد في الدرس الذي نقدمه تكون أهم بكثير من أن تستخدم استخدامات مفردة كأدوات تحليلية (49) ويكون المحلل المطلع على البلاغة أقدر من زميله على ملاحظة كل انعطافات الاستخدام العادي التي تشكل "الاسلوب"  والى تفرد خطاب المريض كفرد والى خواص خطاب اللاشعور الذي تتيح الكلمة المنطوقة للمحلل أن يعيد بناءه من جديد. إن الاغراء الدائم الذي تحمله مثل هذه المقارنات لكل من فرويد ولا كان ينشأ عن قدراتها التعميمية والتخصيصية المتحدة: إنها تدعم حقيقة عامة عن اللاشعور ـ حقيقة أن له بنية أو أنه، في رأي لاكان، بنية ـ وتتيح في الوقت نفسه للدارس المطلع أن يركز تركيزا شديدا على طريقة معاناة أفراد بعينهم.
إن مهارة لاكان وبراعته كمفسر واضحة في كتاباته، إن تمكنه من الأفكار الفرويدية وقدرته على مناقشة المسائل على عدة مستويات ومن مختلف الجوانب يتمثلان في قدر كبير من الشرح والتعليق على ما بين السطور: تنبثق في تتابع سريع معان جديدة لنصوص فرويد أثناء القراءة، وقد نلمح، في تدفق الكلام الاعتراض، تحفظات هامة حول بعض أفكار فرويد. سواء في شكلها الأصلي أو الاشتقاقي، سواء كانت كلمات مفردة أو جملا لها شرعيتها (افترض لاكان أن جمهوره الأصلي، سواء كان من زملائه أو تلاميذه، يعرف فرويد معرفة دقيقة، ويحتاج القاريء العام الذي لم يعد الاعداد المناسب الى قوى استثنائية من التخيل أو خداع الذات، ليتمكن من مواصلة القراءة في كتابات ـ أو الى افتراض أنه يستعين بهذه القوى.) وبرغم ذلك فإن مواضع كثير في كتابات والسيمينار يمكن قراءة نصوصها وإعادة القراءة دون أن تتضح الا بشكل ضئيل. ومن هذه النصوص يبرهن نصان على قدرتهما على كشف مهارته بصورة خاصة: جملة لفرويد وقصة قصيرة لادجار ألان بو.
يتحدث فرويد في آخر المحاضرة الثالثة من كتابه محاضرات تمهيدية جديدة New  Introductory Lecture  العمل المتواصل للتحليل: "حيث كانت الهو، وستكون الأنا. إنه عمل الثقافة ـ وهو لا يختلف عن تفريغ المدخل السابق لبحر الشمال Zuider Zee  (XXII، 80) وتظهر الجملة قبل الأخيرة، وهي في الأصل “Wo  Es war, soll Ich werden” على النحو التالي في الترجمة الفرنسية “Le Moi doit déloge le اa” على الأنا أن تعزل الهو). يرفض لاكان هذه الترجمة الفرنسية رفضا شديدا لأنها تستبعد المستويات التي يحملها المعنى في الأصل، إن جملة فرويد تعبير مأثـور جديـر بالفلاسفة قبـل سقراطPresacratics  (585،801،45).
ويشير لاكان الى أن فرويد، على عكس المعتاد، لا يستخدم الصيغتين. das Es" (الهو) و “das Ich”(الأنا)، وهكذا تحول عاملان نفسيان، بعد اسقاط أداة التعريف، الى مبدأين عامين، إن الجملة أمرية أخلاقية، إن اسميها ليسا متضادين تماما (417)، بأنها تحمل مفارقة مذهلة: "حيث إن الجملة أمرية فإنها لا تعني إلا افتراضا تحليليا خاصا" (865) (51) ونقدم هنا عددا كافيا من الصياغات الجديدة والترجمات «المنقحة»:
Là où fut ça, il me faut advenir, (524)
Là où c’était, là comme sujet dois-je advenir, (864)
Là où c'était, peut - on dire, là où s'était, voudrion nous faire qu'on entendit, c'est mon devoir que vienne à étre - (417-181)
Ici, dans le champ du réve, tu es chez toi - (XI, 45)
Ainsi se ferme la voie imaginaire, par où je dois dans l’aralyse advenir, 1à où s'était l'inconscient, (52). (819)
يؤكد لاكان في كل من هذه الصيغ الجديدة أن واقع طاقة اللاشعور، بعيدا عن الحاجة الى حراسة الأنا وسيطرتها المشددتين دائما، سخي بما يفوق التوقع: إنه المكان الحقيقي للذات، مستودع الحقيقة، ولا يقيم "ضمير المتكلم" هناك كقوة احتلال قسرية ولكن كقوة تهجر الزيف إراديا وتعود الى موطنها، ويصبح "ضمير المتكلم" السخي ذاتا بقدر عودته الى اللاشعور وتبنى بنيانه الجمعية.
إذا تأملنا الجملة وحدها في سياق محاضرة فرويد، تبدو قراءة لاكان لها مستحيلة إن حاجة الأنا الى التفوق على الهو إحدى تيمات فرويد في كتاباته الأولى، وقد قدم لنا المترجم الفرنسي المخطيء جوهر الاشارة التي تلخص هذه القيمة ببراعة. ولكن ليس هناك ما يدعو الى الاعتقاد بأن على هذه الاشارة أن تؤكد ببساطة ما قبل قبلها: أبدى فرويد دهشته وحزنه من ولعه مما يعتبره إلحاحا لا مبرر له على الكبت في الأنا، وبحث عن طرق لاقناعها، في الممارسة العلاجية، بإرخاء قبضتها التي تضغط على الهو بصورة مدمرة، ويحتمل أنه كان يتيح للتأكيد الاخلاقي السابق في محاضراته أن يردد صدى هذه الشكوك (53). وما فعله لاكان بالجملة، في كل أقواله عن الصدى المأثور، هو إزالة التباسها بطريقة مضادة لما قام به المترجم الفرنسي. وبرغم التغيرات في التأكيد والتضمين من جملة لأخرى، إلا أنه رد على مدى المعاني المحتملة بآخر من عنده يعتمد على التوكيد التبادلي. وقد انقلب تردد فرويد "قبل السقراطي" بين أقداره البديلة بالنسبة للحياة النفسية الى دفاع هاديء في يدي لاكان: "أحد تلك الأقدار أفضل بصورة لا تنضب.
بينما تتردد جملة فرويد “Wo Es war, salt ich werden"  كلازمة في كل أعمال لاكان التالية، إلا أن قصة بو "الرسالة المسروقة The Purloined Letter"  " تبرز بصورة أوضح: في بداية كتابات يشرح لاكان الحكاية بإسهاب بوصفها قصة خرافية عن العملية التحليلية والوظيفة التكوينية للدال. في قصة بو وزير يدبر مؤامرة ويسرق الرسالة موضوع القصة وهي رسالة موجهة الى "شخصية مرموقة" (ليفترض أنها ملكة)، وتحدث السرقة في وجود الملك والملكة. ترى الملكة كل شيء، ولا يرى الملك أي شيء، تبقى الملكة صامتة بينما السرقة تحدث: ونتأكد أنها متورطة. يكلف رئيس الشرطة باسترداد الرسالة، ويفشل، ويتشاور مع المخبر السري دربانDupin تكدح الشرطة بحسن نية لكن المخبر السري يبحث بدهاء تام. بينما تفتش الشرطة جناح الوزير بوصة بوصة ولا تعثر على شيء يرى دوبان وهو يعرف حقيقة الوزير أن أمن وسيلة لاخفاء الرسالة هي تركها في مكان ظاهر أمام الزائر، ويجد الرسالة ويسرقها مرة أخرى. ولم تكشف القصة أبدا عن محتويات الرسالة.
 يتضح حتى من هذا التلخيص المبسط جزء من إعجاب لاكان بالقصة، إن الرسالة المسروقة ليست سوى دال متنقل. بينما تنتقل من يد الى أخرى، وتتحرك نقطة الى أخرى في شبكة معقدة من مدارك البشر (يتحدث بو عن "معرفة السارق بمعرفة المسروق بالسارق")، تكتسب معاني مختلفة، وتتوسط أنواعا مختلفة من علاقات القوى وتحدد الذوات فيما تفعله وتكونه:
بنيت حكايتنا بهذا الاسلوب لتبين أن الرسالة وتحولاتها تحكم مداخل الذوات وأدوارهم، إذا كانت "في شقاء" فسوف يتحملون الألم. وإذا كان لهم أن يمروا تحت ظلالها، فسوف يصبحون انعكاسها. وإذا امتلكوا الرسالة ـ الابهام الرائع للغة ـ فسوف يمتلكهم معناها. (54). ( 30)
يشكل سيمينار لاكان عن "الرسالة المسروقة Le séminaire sur "La Letter وكثير من الوثائق المرتبطة به (9 –61)، بالاضافة الى النسخة الباكرة المنشورة في سيمينار II ( 211- 44)، انجازا تأويليا لا يصدر إلا عن براعة نادرة، ولكن أليس تفسير لاكان تفسيرا اليجوريا بالأساس ؟ ورغم كل شيء فإن الدال المتنقل، الرسالة المسروقة وهي أيضا a feuile volante (صحيفة طائرة)، قد استنبط بقراءة دقيقة واكتسب مدلولا ثابتا في العملية: كتبت قصة بو "عن" حقل الدال وهي ما "تعنيه". (55) أليس من الغريب أن يكتب اليجوريا، وهي ميتالغة رائعة in excelsis ويلقي الضوء عليها من يؤمن باستحالة الميتالغة أي انه غريب، وغير متسق، ومخيب للآمال كما هو الحال في الالحاح المحدد للاكان في فهم جملة فرويد “We Es war…” ولكن هذا لا يصح إلا إذا اكتفى المرء بالنظر الى الكشف التصويري الواضح في مناقشة لاكان. واذا تأمل المرء البنية الدقيقة لكتاباته، ولعبة الابهام اللحوح التي تتخللها، يتضح أن نماذج التحليل النفسي أساسية، وعادة التفسير التحليلي ذاتها، قد تكون موضع شك من داخلها.
إن الدين العملي الذي يدين به لاكان للأدب، والحالة، الكتابية writerly  لكتاباته واضحان حتى للقاريء العابر. ويمنح المعجبون به ومنتقدوه هذه الكتابات، خاصة الوجود الخصب للعب بالكلمات، والمفارقة، والفكر المنطقي المعاكس، مكانا بارزا في مناقشاتهم للصلاحية العامة لأعمال سواء كانوا معها أو ضدها، ومع أن تأكيدا من هذا النوع مضلل بطرق عديدة، وقد أدى الى أخطاء خطيرة في تمثيل انجاز لاكان، إلا أنه ليس من الصعب رؤية الأهمية النادرة التي اكتسبتها ما لا تعدو أن تكون "مجرد" أسئلة عن الأسلوب، في نظرية العقل. وحيث إن الأدب لا يقر فقط بمصادره اللاشعورية أكثر مما تفعل الأشكال اللغوية الأخرى، ولكنه يتمتع أيضا بغزارة الفهم الذي يمكن التوصل اليه وهو بهذا يقدم للمحلل النفسي نموذجا من نماذج عمل اللاشعور يعتبر سلسلة دالة لا تتوقف وتتضاعف ذاتيا. (56) إن الشعر خاصة يقوم بهذا الدور بصورة نموذجية.
ولكن على المرء أن يستمع فقط الى الشعر... ليسمع التعدد الصوتي، ويرى أن الخطاب كله ينظم بطول المقاطع الشعرية في المقطوعة.
ليس هناك في الواقع سلسلة دالة ليس لها، كما لو أن كل وحدة من وحداتها متصلة بعلامة من علامات الترقيم، تمفصل كامل مع سياقات ملائمة معلقة "عموديا" إذا جاز التعبير، من تلك النقطة. (57). (503)
يبدو أن نظرية لاكان في حاجة الى نوع معين من الأداء الأدبي. إذا كان اللاشعور "يشبه الشعر" في بنياته المحددة بالعديد من العناصر والمتعددة الأصوات، فإن الكاتب الذي يختار أن يتناول اللاشعور، ويأمل اتباع قوانينه في الكتابة، سيحتاج بالضرورة الى أن يصبح أكثر "شبها بالشاعر" ليقترب أكثر من جوهر ذاته. إن تداخل الدوال وترابطها معا في السلسلة المكتوبة سيوضح للقاريء ماهية اللاشعور - بتمثيل دوره بدلا من وصفه. وهنا يقدم لنا لاكان تعريفين يعتمد أحدهما على الآخر. إن الشعر واللاشعور يدعم أحدهما الآخر بالتبادل: إذا أردت أن تفهم أ، أفهم ب أولا، وإذا أردت أن تفهم ب، افهم أ أولا. ويبقى أن البناء التام للمفهوم في هذه الحالة لا يطفو بحرية ولكنه ينغرس بقوة في نثر لاكان الفاتن والمزهو: وهنا تتجسد النظريات وتؤكد التعريفات التوأمية عند لاكان نفسها في الكتابة.
إن نثر لاكان آلية دقيقة تضاعف الروابط بين الدوال وتلقي الضوء عليها. إن لعبة الكلمات تزخر بقدر عظيم من العمل الفكري وتمنح قدرا عظيما منه، ونورد هنا بعض الأمثلة مع تعليق موجز على بعض ما يتضمنه كل مثال: La “politique de l'autruiche"  السياسة التي تنتمي في الوقت ذاته الى النعامة (autruche)  والى الآخرين (àurtul)، والى النمسا Autriche)، الموطن الذي ولد فيه التحليل النفسي “fau filosophe” (233): فيلسوف (philosophe)  طرائف(faux)  يشق طريقه في "lettre - let'tre - l'etre - (se fau file) …l’autr" (523): إن الرسالة تتضمن الآخر فيما تتضمنه، “donsile” (807):
الكثافة التي ترقص، "في الداخل"، “A casser i’homme, mais assui i'hommegete” يأتي من انكسار بيضة، ولكن هكذا يفعل الانسان الصغير، الانسان المؤنث، الانسان الزاحف، La loi en effect commanderait - elle: Jouis, que le sujet ne pourrait y repondre que par un Jَuis"  ((821) حين يتم الترتيب للمتعة أو الأورجازم، لا يستطيع المرء أن يجيب إلا بـ "أسمع"، “poubellication”  (XX،29) إن نشر أي شيء عمل طيب كإلقائه في صندوق القمامة(poubelle)،”amour”: (XX،73) الحب الروحي(me - amourà) وبهذه الوسائل قد تنكفيء اللغة على نفسها. وكما يبدع جريس كلمة “tautanitogicaly"  في Finnegans Wake  تصبح علمة "حشويا tautanlogically " ما تصفه، يغرس لاكان بكتابة كلمة “la langue”  على النحو التالي “alangue” Télévision)  211، 72، XX، 126) كثيرا من حقائق اللغة في الاسم الذي تحمله: انها تكرارية، وتتعلق باللسانlangue)  ـ وحين ننطقها تضرب السنتنا أحناكنا)، وتميل الى الموسيقى (إن la نغمة في القرار صول ـ فا)، وهى قادرة على الصدم أو إثارة الدهشة (Oh la la!) (لاحظ أن كلمة -~-~ اليونانية تعني "يثرثر، لغو). وحيثما تصادمت الكلمات وانصهرت بهذه الطريقة يسود جو من اللعب. ولكن قد يأتي في كل وقع من الخلفية صوت مذهب واضح: اذا كان الدال يلعب والمدلول "ينزلق تحته"، فإن اللاشعور يتكلم باللسان الفطري.
يتكلم لاكان بإطراء عن شخصية Humpty - Dumpty بوصفه "سيد الدال"(293)، (58) ويبرهن حين يتناول الكلمات المنحوتة على أنه وريـث كفـؤ لبيضـة كـارول (Humpty– Dumpty شخصية تشبه البيضة) التي تتكلم بعدوانية، ولكنه يتكلم أيضا باطراء على شهرته الخاصة بوصفه جنجورا Gongora  لويـس: شاعـر اسبانـي (1561- 1627) يتميز شعره بالغموض والأسلوب المنمق (التحليل النفسي 467)، وهذه الصورة الثانية عن ذاته - بوصفه مبتكر الأسلوب البويطيقي المعقد - موحية كالأولى تماما. لقد تصور لاكان تركيبا فرنسيا طاردا وجديدا، وسيمنطقيا جديدة بالمثل. إنه يستمع مثلا، بالتباس حروف الجر ويلعب بقسوة على المعاني البديلة للحرفين à و de. وقد رأيناه من قبل معجبا باستخدام en possession de بمعنى "مملوك" و "مالك" في و الوقت ذاته (59) وثمة ازدواج مماثل في المعنى في الجملة التالية: "لأن الدال وحدة في التفرد الحقيقي، فإنه لا يغيب "بالرمز الطبيعي" ( 24)    (60) إن الدال رمز الغياب ويصير رمزا بالغياب. إن الوميض السريع للعلاقات البديلة يضبب رؤية أي قاريء يبحث عن معنى أساس وحيد في فقرة تزفر بحروف الجر كالفقرة التالية:
تنقش حرية الانسان تماما في المثلث المكون لنكران الذات الذي يفرضه (الانسان) على رغبة الآخر بالتهديد بموت الاستمتاع بفاكهة العبودية - وقبول التضحية بحياته للأسباب التي تضفي على الحياة الانسانية قيمتها - والنكران الانتحاري لقهر الرفيق، بحرمان انتصاره من السيد الذي يتخل عن عزلته اللاإنسانية (61). ( 320)
إن كل حرف جر من هذه الحروف عقدة في السلسلة الدالة، إنها لحظات التحول من علاقة محتملة الى أخرى - لحظات يصير فيها التكثيف والازاحة حدثين نصيين ملموسين. إن تعليقا كاملا على السمات، التركيبية أو غير التركيبية، المميزة لأسلوب لاكان يتضمن التعليق على: حرف que المبهم، اضطراب الترتيب التقليدي للكلمات، تمازج الفهم الحرف والفهم الاستعاري، الاسهاب، الحذف، المفاهيم التي يتم التلميح اليها بدلا من التصريح بها، شخصنة الأفكار التجريدية تجريد الأشخاص، ترادف الكلمات المختلفة تماما، واكتساب المرادفات لمعان مختلفة تماما.. إن هذا كله يحافظ على المدلول كوجود يرفرف شاحبا خلف الدال الفني.
من الواضح أن كاتبا يستخدم هذه الأدوات بهذا المعدل ويمثل هذا الاقتران الحميم لا يعدو الى خطر كتابة بلا معنى فقط ولكنه يتخيل أيضا أن اللامعنى هدف أدبي ايجابي. إن لاكان يرى أن السخرية والتضاد متأصلان في اللغة، وأن علم النفس، طالما يدرس الخطاب، هو "مجال ما لا معنى له" (167) (63)، وحين تتم شخصنة الحقيقة اللاكانية - حقيقة اللاشعور - ويتاح لها أن تتحدب بصوتها الخاص، كما في محاضرة  “La Chose Frudienne” نصل الى هذه النقطة:
أتجول فيما تعتبره أقل الحقائق جوهرية: في الحلم، في طريق أكثر التصورات فتنة، هراء النكتة الأكثر غرابة، في الصدفة، ليس في قانونها ولكن في مصادفتها، ولن أفعل أبـدا لأغير وجه العـالم أكثر مما أفعل حين أمنحه بروفيل أنف كليوباترا (64) (410).
من المؤكد أن لاكان تأثر بالسريالية في أواخر العشرينات وأوائل الثلاثينات: كان له أصدقاء بين السرياليين، وساهم بمقالات عن البارانويا في مجلة Minotaur وتأثر بتجارب السرياليين في الكتابة الآلية، وتأكد من كريفل وإيلوار وجوى بوسكيه من صحة رأيه عن القدرة الشعرية الكبيرة في كتابات "ايميه"، المريض الذي شكل تاريخه المرضي أساس بحثه عن البارانويا الذي تقدم به لنيل درجة الدكتوراة (168). وفي كتابات إشارات وتلميحات لا تحصى الى الحركة. ولا شك أن الوافد الجديد الى لاكان سوف يسمع الكثير من الملاحظات المألوفة يتردد صداها في أعماله إذا كانت له خبرة سابقة بالكتابة السريالية، وسيكون هذا القاريء على استعداد لفهم كيف يمكن التفكير في هذا الكلام الخالي من المعنى بوصفه ثراء للمعني وليس غيابا له ومنحه دورا خاصا في استكشاف حقائق اللاشعور والافصاح عنها.
ولكن لاكان تعلم في شبابه كثيرا من الدروس غير تلك التي تعلمها من السرياليين، وسعى في السنوات التالية وراء اللاشعور بإغواءات وحيل أبرع من إغواءاتهم وحيلهم. ويبدو الآن "الكلام الخالي من المعنى" في نص لاكان كمناخ ذكي من المعاني يعد ولا يفي، ويبدو الآن كمقتحم وحشي لعالم المناقشة العقلانية أو الاقناع الخطابي: تنتمي مسألة "أنف كليوباترا" في نهاية الفقرة التي اقتبستها منذ لحظة انتماء واضحا الى النوع الثاني. ولكن الكلام الخالي من المعنى في كل من الحالتين وسيلة للاثارة الفكرية بدلا من عرض البنية النفسية عرضا استاتيكيا أو عن الطريق الى المدهش السريالي، إن خطابه الخاص يذكرنا بأن مسؤوليته "أن يقول شيئا آخر دائما" (837). (65) ويرى لاكان أن من يتحدث ويرضى عن حديثه ليس مجرد انسان مضلل: إنه مخطيء. إن أية عبارة لا تثير تغيرا وغرابة في ذاتها عبارة خاطئة. والحقيقة التي تسعي الى انتزاع نفسها من عملية التناقض في اللغة ليست إلا زيفا.
يا لها من حيرة حين نقرأ للمرة الأولى أعمال هذا الموالي لفرويد الذي يوح بولائه ونجدها لا تشبه أعمال الأستاذ في أية خاصية أسلوبية، أو في طريقة التقديم، أو في التقاليد المنهجية. إن فرويد أينما يذكر، وحتى حين يذكره من يرفضون أفكاره أو يودون وصفها وصفا قاسيا، صبور وصافي الذهن فيما يقدمه، قادر على اضفاء القيمة المناسبة على آراء غير آرائه في صياغة مناقشاته، إنه دقيق في تحديد مجالات التفكير التي لا تستطيع نظريته أن تساهم فيها الآن أو بصورة دائمة، لكن لاكان غضوب، ومتعجرف، ويحتقر الآراء المضادة، ويفرط أحيانا في الحماس ويجزم في أسلوبه النثري ويقتنع تماما بأن نظريته لا حدود لها في أي مجال.(66) إن لاكان يفعل ما يفعله بطريقة تختلف اختلافا كبيرا عن طريقة فرويد لدرجة إنه يمكن اعتبار مشروعه بسهولة، في المواجهة الأولى، عملا تخريبيا يبحث عن الشهرة على حساب الأسس الأصلية للتحليل النفسي. إن اختلافه عن فرويد، خاصة في الهزل الرفيع الذي يصبغ كثيرا من كتاباته، ينظر اليه بطرب، في الكثير من الاستجابات العدائية التي يثيرها تفكيره. إن معظم هذه الاستجابات استجابات تافهة كتبها متفرجون لهم دوافع أخلاقيه حاولوا قراءة ما يكتبه لاكان وفشلوا، أو أنهم فشلوا ببساطة في قراءة أعماله. ولكن ليس كل منتقديه من هذا النوع فقد اتهمه، مثلا بالغموض المتعمد مؤلفون نابغون لهم مكانتهم ولا يمكن تجاهلهم.
يكتب سيبستيانو تيمبانارو Sebastiano Tinipanaro  مثلا في كتابه الزلة الفرويدية The Freudian Slip  (1974) الذي يمثل نقدا رائعا لكتاب فرويد سيكوباثولوجيا الحياة اليومية، منطلقا من آراء تمزج بين الماركسية والنقد النصي:
يجب أن أعترف بصورة لا مفر منها إلى رأي فحواه أن في كتابات لاكان شعوذة واستعراضية تفعلي عموما على أية أفكار ذات طبيعة قابلة للفهم أو حتى للمناقشة: يبدو لي أن لا شيء مهما وراء الستار الدخاني، ويصعب التفكير في رائد، سواء كان بنيويا أو غير بنيوي، في مجال الالتقاء بين التحليل النفسي واللسانيات، برهن في مرات عديدة على أن معرفته بالاخيرة خاطئة ومشوشة. (67).
إن ملاحظات تيمبانارو تنم عن معرفة محدودة بلاكان وحكم مبتسر عليه. ولكن حقيقة أن هذه الملاحظات يمكن أن تصدر عن شخص يعرف أكثر ويحكم أفضل في قضايا أخرى سيجعلنا نتساءل بوضوح عما إذا كانت تمثل السطح الهجومي لحالة هجوم جوهرية ضد لاكان. ومن الممكن، رغم كل شيء، أن نقادا من نوع تيمبانارو يودون، وقد كشفوا عن أنفسهم تماما، أن يتركوا هجوم حكمهم غير أذكر الآن بعض أبسط العوامل وأقلها تخصصا التي قد يركز عليها نقد موجه ضد لاكان. اتخذ لاكان في اعقاب فرويد احتياطات صارمة للحيلولة بين أعماله والابتذال والراحة، ويبدو غالبا هذا الكفاح لإعاقة نقل أفكاره نقلا سطحيا كانه مجهود متعمد لتكون غير مفهومه.(68) ويبدو كأنه يقول مثلما لا تستطيع الوصول الى كهف اللاشعور إلا بأن تكون داخله بالفعل، كذلك لا يمكن أن تفهم أعماله تدريجيا إلا بأن تكون قد فهمتها مقدما. إن لاكان يقدم لنا مفهوما جديدا لكل من العلم والحقيقة، وفي علم الكلام الموضوعيitersubjective  الذي ينادي بأن يكون عليه التحليل النفسي، ويطلب منا أن نتخلى عن الكثير من الاجراءات التي تبرهن على صحة العلم أو زيفه وهي إجراءات تقوم طيها تقليديا مصداقية التساؤل العلمي. إن حقيقة اللاشعور هي الحقيقة الوحيدة الجديرة بهذا الاسم، إن اللاشعور الذي يرغب، واللغة التي هي بنيته جمعيان ومكونان من طبقات وملتفان، وغير قابلين للتصنيف أو التوقف، والمناقشات التي تتناول نهاية مناقشات زائفة، ومن هذا كله تكمن المفارقة بدقة في أن اللغة كلها إزاحة كنائية للرغبة، وليس هناك، كما أكد لاكان كثيرا في ميتالغة، أو آخر بالنسبة للآخر، أو حقيقة عن الحقيقة (813) لماذا إذن نفضل لغة ذات تكافؤات متعددة بسخاء على لغات تعبر عن شيء واحد في كل مرة، أي على لغة المنطق، أو تحليل المفاهيم، أو الوصف الامبريقي، أو نظرية التحليل النفسي التقليدية ؟ هل يمكن ببساطة أن يرجع استخدام هذه اللغة، التي تمنح أهدافا أكثر للرغبة التي تتضح في الحركة داخلها، الى اعتقاد بأنها تحافظ على اتصال أقرب وأقوى مع منبت الرغبة ؟ لكن ذلك المنبت يوجد في كل المواضع ولا مفر منه. وقد رأينا لاكان ذاته يشير الى نسخة من المفارقة ذاتها في شرحه لعبارة فرويد “We Es war, soll lch weden” :  بأي حق، وبأية غاية أخلاقية في وجهة نظر، يمكن للمرء أن يدفع انسانا الى أن يصير ما هو عليه بالضرورة وبلا كلل ؟ لماذا نقحم في الحركة آلية دقيقة للاقناع حين لا يوجد بالقطع من يقتنع ؟ يمكن أن نشعر، ونحن نقرأ لاكان، بسيول شخصية تتخلل مناقشاته، سيول مهمة لم تخضع للمناقشة - وهي في هذه الحالة سيول قوية تماثل الميل الذي جعل انجلز في Anti Dühringيرى أن الحرية الحقيقية تكمن في التعرف على الضرورة.
إن أسلوب لاكان التوضيحي يثير مجموعة من الأسئلة على علاقة به، ان نظريته تنكر أي فارق بين الكتابة الوصفية والكتابة الارشادية، أو بين تحليل الحالات عمليا واستنباط آراء نظرية مناسبة، إنه يعتمد اعتمادا كبيرا على الاقتناع ببعض القواعد العامة المتكررة التي تدخر النقاط الحاسمة في التعاليم. إن هذه الصيغ المأثورة تستهل وتكرر وتعدل غالبا بدون أية مناقشة تدعمها. وقد توضع كأنها جيوب فجائية من الوضوح النسبي داخل التشوش المربك للعب بالكلمات والصور الشعرية، وقد تظهر مع الهجمات العنيفة ضد المتهمين بتزييف الفكر التحليلي. (يرى لاكان أن كل القضايا قضايا مبدأ، وأن كل التعارضات الموضعية تكشف عن قوى الظلام والنور في صراعهما الجبار.) إن التدعيم البرهاني لهذه الجمل يأتي، بالطبع من مكان آخر، والقاريء القادر على التفكير في عدة اتجاهات في وقت واحد سيوائم بين هذه المواد بصورة أفضل. ولكن نبوءات الكاتب كلها قد ترضيه إرضاء تاما حين تقدم أفكاره الينا بهذا الشكل. وقد نحاكي العملية محاكاة ساخرة على النحو التالي: "إذا كان ما أقوله - عن اللغة واللاشعور وإزاحة الرغبة والآخر، صحيحا فعلى المرء أن يتوقع حشد نوع معين من الكتابة، إن كتابتي موجودة وهي من النوع المتوقع، ومن ثم فإن ما أقوله صحيح" أو بطريقة أخرى: "ان الحذف هو الطريقة التي تميز الوظيفة العقلية اللاشعور، وأنا أتبع قواعد اللاشعور وأقول الحقيقة حين أحذف الأجزاء الأساسية من الدليل حين أصوغ حالتي." إن الاستدارة وافتراض الأسئلة لم يظهرا أبدا بمثل هذا العري التام في فكر لاكان، لكن المخاطر التي يثيرها فكره ظهرت بلا حياء. إنه يختبر فكره باستمرار اختبارات من ابتكاره الخاص، ودائما يجتاز فكرة هذه الاختبارات. ومع أنه يستدعي الكثير من الانساق التصورية المهمة وهو يعمل انساق أفلاطون وهيجل وهايدجر على سبيل المثال - الا أن هذه الأنساق لا تقدم أي نوع من الاختبار الخارجي لنسقه الخاص، ولكنها بالعكس تمد ذلك النسق بمزيد من الارتياب الجدلي ومزيد من الآخرية - مما يعني بالطبع أنها تمده بمزيد من الزخم والدعم. وحيث إن التناقض والسخرية متأصلان في اللغة ومن ثم تصبح اللغة كلها ناقدة لذاتها بمعنى ما، فإن الاختبارات الخارجية لا ضرورة لها. وعلى أية حال، يمثل الفشل من أحد الاختبارات اجتيازا له أيضا.
إن فانتازيا القدرة الكلية تفقد مساهمات لاكان الأساسية في التحليل النفسي تأثيرها مع أنها قد تجعل عزلها صعبا في البداية على الكثير من القراء. إن حقيقة أن أعماله المنشورة تكتسي بمظهر صريح من التفاخر النرجسي ساعدتها على اكتساب هيبة هائلة في الثقافة الفرنسية المعاصرة. إنك حين تشتري كتابات تشتري حدثا وشارة. وحيث إن شعارات كتابات جزء من لغو العاصمة، فلست في حاجة الى قراءة أية كلمة منه لتنتحل سحره. وبدون شك سيدرس علماء اجتماع المعرفة في المستقبل الآليات التي جاءت بها "لاكانية" ضعيفة تشبه الـ“ fofreudisme”  التي يشوهها لاكان تشويها شديدا (527)، لتبدو في الحياة الفكرية لمجتمع من المجتمعات أكبر من الأفكار والنصوص الأصلية (69).
ولكن في غضون ذلك يتضح أن أفكار لاكان، حين توضع وتقيم في سياقها الحقيقي، تكون قوية بما يكفي للابقاء على التأليه الزائف الذي رفعها اليه رأي مطابق للموضة. لأنها وضعت لتعمل وتختبر بصرامة في السياق التحليلي، وهو سياق عملي مشترك. وقد وسع بعض اتباع لاكان الذين يميلون الى الاستقلال من أمثال جين لبلانش Jean Lapanche ، وبونتالي J. B. Pontalis، وسيرج لكلير Serge Leclaire  ومود مانونيMoud Monnoni  وأوكتاف مانوني Octave Monnoni  مفاهيمه وعدلوها بدون أية محاولة لتقليد أسلوبه الأدبي. ويتضح من أعمالهم أن لاكان أنشأ تقليدا مترابطا ومستمرا في البحث التحليلي.
إن لاكان جعل فرويد مفهوما فهما حقيقيا للمرة الأولى في فرنسا، وكان لالتفاته الى حقائق اللغة كما تبدو في فكر فرويد، والى الطريقة التي يمكن استخدام اللسانيات البنيوية بها لتنظيم تعليق التحليل النفسي على اللاشعور من جديد، أصداء عديدة على المستوى التطبيقي والمستوى النظري داخل مراكز الحركة في فرنسا.(70) وأذكر هنا اثنين من أكثرها تأثيرا. الأول استدعاء التحليل النفسي ليدرك مسؤولياته الفكرية:
إنه لن يدعم الأسس العلمية لنظريته أو تقنيته الا بصياغة الأبعاد الأساسية لخبرته في أسلوب مناسب، خبرته التى تمثل مع النظرية التاريخية عن الرمز المنطق الموضوعي وزمانية الذات.(71) طموحا من هذا النوع يبعد لاكان عن أولئك الأطباء النفسيين الراديكاليين المشهورين أمثال رونالد ديفيد لانجR.D. Laing   وديفيد كوبر  David Couprوتوماس زاس Thomas Szasz. إن الأفكار في رأي أولئك الكتاب لها مبرر محدد إنها تستخدم أساسا كوسيلة لكشف المقدمات الخاطئة التي تتأسس عليها المفاهيم القمعية حول العقل والجنون، ولا تساهم، إذا كان يمكن أن تساهم، إلا مساهمة واهية في التعليقات الوصفية أو التحليلة العملية النفسية. ومن ناحية أخرى، لا يمثل كشف المقدمات الخاطئة في رأي لاكان، سوى جزء من عملية مستمرة لبناء نموذج نفسي تلعب فيه الأفكار، التي تتجمع من مختلف المصادر وتتحد بصورة غير مستقرة، دورا حيويا. إن محاولات صياغة هذه المناطق الخطرة البحث مثل "المنطق الموضوعي" و "زمانية الذات" لا تزال في المراحل الأولى. يتمثل دور لاكان، معتمدا بصورة أساسية على اللسانيات والمنطق الشكلي لحساب أيضا، في اقتراح طرق قد تصبح بها الصرامة الفكرية ممكنة في فروع علم نفس حيث لا يزال الابهام والغموض سائدين حتى الآن.
ثانيا، أعاد لاكان من جديد، ليجذب الأنظار الى الأهمية المركزية للتأمل الألسني في الذات الانسانية وفي الديالوج التحليلي، صياغة أهداف التحليل النفسي سواء كطريقة للعلاج أو كخطاب أخلاقي: "لا يمكن أن يكون للتحليل غاية الا بالحلول في كلام حقيقي وتحققه بواسطة ذات تاريخية في علاقتها بالمستقبل" (302) (73).
و "الكلام الحقيقي" الذي يسعى التحليل النفسي الى تعزيزه هو الكلام الذي تكون الذات فيه على اتصال تام باللغة البدائية للرغبة التي تستمع اليها في تعليق الذات على أحلامها واعراضها ولكن هذا الكلام مستحيل الا حين تكون الذات قادرة على الاعتراف بالنقص وعدم الاكتمال في داخلها وهما حقيقتان واضحتان، إن النظام الرمزي ينشأ على هذه الحقائق والدخول في هذا النظام يعني القبول بأن قدر المرء
كذات ازاحة غير محددة، وموت (73).
لكن البديل الخيالي مغو، ويبدو أنه يعد بسلسلة كاملة من الانجازات: الهوية، التكامل، التناغم، الهدوء، النضج الفردية، التبادلية... إن لاكان يعالج الخيالي أحيانا مع ما يلازمه من أهداف تبدو جديرة بالتقدير، باستهجان عابر: "ابحث عن هذه الأشياء إذا كنت ترغب في ذلك، وإذا كنت على استعداد للتسليم بالتافه والكاذب، لكن الحقيقة، بالطبع، هي في مكان آخر". لكنه يتناول عموما العلاقة بين الرمزي والخيالي بمستوى أسمى من الأهمية والتعقيد. وفي الواقع أعاد تعليقه على الجدل المستمر بينهما المتأصل في الحياة الانسانية الى التحليل النفسي كثيرا من الأصداء الأخلاقية الكئيبة التي نجدها في كتابي فرويد وراء مبدأ اللذة Beyond the Pleasure Principle  وقلق الحضارة Civilization and its Discontents وفي مقاله المتأخر عن "تحليل الزائل واللامتناهي Analysis Terminable and Interminable  (XXII، 211-53). وحتى هنا لا تشبه نغمة لاكان نغمة فرويد تمام الشبه، ولكنه رفض الاستسلام الى راحة التفاؤل أو التشاؤم وثبت في وجه المشاكل العضال، وكان رفضه وثباته على المستوى العالي نفسه.
إن لاكان أثر تأثيرا كبيرا خارج التحليل النفسي، وأحد الأسباب الأساسية وراء هذا التأثير يكمن في أن كتاباته تهدف بوعي الى نقد الخطاب والأيديولوجيا. إنه يمد العاملين في المجالات الأخرى ببورتريه حذر للتفكير وهو يحدث  وعناصر النزعة اليوتوبية وفانتازيا الطفولة التي قد تجد طريقها حتى في أبسط عمليات العقل وأنقاها. إن عبارة "يا بناة المفاهيم الخالدة احزروا" هي رسالة كتابات لمن عليه أن يسمع. لقد دفع لاكان التحليل النفسي ليدرك النزعات البلاغية بصورة غير مسبوقة مما جعله يكتسب بالنسبة لمنظرين ذوي قناعات أخرى انعكاسية ذاتية رائعة (74).
إن ثورة فرويد كانت، في رأي لاكان، "غير ملموسة ولكنها راديكالية" (527) (75). وكانت ثورته الخاصة من النوع ذاته، إنه يضع أمامنا، وهو يكشف قوى الكبت التي يعمل في أنظمة التحليل النفسي ومؤسساته ويسمح للمكبوت بالعودة في كتاباته، رأيا أصيلا واستثنائيا عما قد يكون عليه التفكير، إنه قاريء لفرويد، لكن إخلاصه لفرويد من نوع يختلف عن اخلاص أفلوطين لأفلاطون أو ابن ميمون لأرسطو. إن فرويد يقدم لها ضمانا بأن التفكير كله "تفكير آخر": لا يوجد ثبات، أو موضع للوقوف، أو نظام أسمي، إن اللاشعور الناطق نموذج للحياة الفكرية، إن لاكان يكتب أعمالا تنزاح وتتفكك أثناء انتاجها بدل أن يبدع أثرا خالدا ويترك زمنا أو تاريخا أو رأيا يأتي عليه، إن التفكير الذي يوضحه لنا هو التفكير الذي يسكن الزمن ويعلن عن نفسه بوصفه عملية ويجد حقيقته في رفضه لأن يكتمل.

--------
الهوامش
1- للاطلاع على ترجمة انجليزية دقيقة للترجمة العبرية لرسالة ابن ميمون (الى صموئيل بن تيبون) والمكتوبة أصلا بالعربية، راجع مقدمة شلومو بنس Shlomo Pines  لترجمة لدليل المحتار.The Guide of the Perplexed.
2- وردت العبارة بالفرنسية في المتن والهامش ترجمة انجليزية للعبارة، وقد آثرت تدوين الترجمة العربية في المتن بدون تدوين الأصل الفرنسي - إلا في حالة الضرورة وسأكتفي فيما يلي من الهوامش المماثلة بعبارة "بالفرنسية في المتن".
3- "كاسم، يدل (ما قبل الشعور) على نظام للجهاز النفسي يتميز تماما عن نظام اللاشعور، وكصفة، يحدد عمليات نظام ما قبل الشعور، ومحتوياته، وحيث إنها لا توجد باستمرار في مجال الشعور، فهي لا شعور بالمعنى "الوصفي" للمصطلح، ولكنها تختلف عن نظام اللاشعور من حيث إنها لا تزال تخضع لمبدأ في متناول الشعور (مثلا، والمعرفة والذكريات التي ليست شعورية الآن" (لبلانش وبونتالي  J. Laplanche and J.B. Pontalis. في لغة التحليل النفسي ( 325)). وفي الكثير من الأحيان، يعتبر ما قبل الشعور والشعور نظاما واحدا متصلا ومتميزا تماما عن نظام اللاشعور (راجع كتاب لبلانش وبونتالي وهو مرجع نفيس ظهر للمرة الأولى في عام 1967 بعنوان  Vocabulaire de la psychanalyse، والتعريفات المقتبسة هنا في الهوامش التالية تقدم في صورة موجزة.)
4- يشبه أفلاطون في الكتاب السابع من الجمهورية الانسان المخدوع بعالم الظواهر بسجين في كهف تحت الأرض. ويرى أن محاولة السجين للهروب من الكهف تناظر بحث الانسان عن التنوير والحكمة.
5- بالفرنسية في المتن.
6- الازاحةDisplacement : "حققة أوتوكيد فكر ة أو اهتماماتها أو كثافتها عرضة للانفصال عنها والانتقال الى أفكار أخرى كانت قليلة الكثافة أصلا ولكنها تتصل بالفكرة الأولى بسلسلة من التداعيات" (لبلانش وبونتالي، 121).
7- عن اكتيون لاكان On Lacan's Actaecn  راجع ص 167 - 173، 178 (من الأصل الانجليزي - لاكان والأدب).
8- بالفرنسية في الفرنسية.
9- للاطلاع على تعليقات مختصرة على هذه المفاهيم، راجع لبلانش وبونتالي، 169- 170، 43- 45.
10- يصف جاك ألين ملير Jacques - Alain Miller   في لقاء حول السيمينار  Entretien sur la Sérminair مسؤوليته كمحرر في إعداد نسخ السيمينار للنشر ويعلق ببراعة على أمور أخرى: المعاني التي قد تؤدي الى اعتباره "مؤلفا مشاركا" في المجلدات المتتابعة، العلاقة بين الغموض والوضوح في كتابات لاكان وفي كلامه، العلاقة بين كتابات والسيمينار كأدوات لنظرية لاكان التي تتحول ذاتيا باستمرار، اللعب بين الطبيعة الارتجالية لنص لاكان "الأصلي" المنطوق والنظرة المنطقية لعقل ميلر كمحرر، وللاطلاع على محتويات كل مجلد من مجلدات السيمينار (سواء كان منشورا أم لا) والتاريخ الكامل لنشر أعمال لاكان حتى الآن، راجع: Joël Dor’s Bibliogtuphie travaux de Jacques Lacan.
11- بالفرنسية في المتن.
12- للتمييز بين هذه النماذج الثلاثة، راجع لبلانش وبونتالي،449-453, 126، 127-130.
13- التكثيف:Condensation  "إحدى الوسائل الأساسية في وظيفة عمليات اللاشعور: إن فكرة مفردة تمثل عددا من السلاسل المترابطة التي توضع فيها نقطة التقاطع" (لبلانش وبونتالي، 82).
14- للاطلاع على تعليق فرويد على أبل Abel  بالتفصيل، راجع أميل بنفنست Emile Benvensite   في قضايا اللسانيات العامة Problémes de linguistic genérale (1)، 75-87. انGiulio Lespschy  برهن بطريقة مقنعة في “ “Freud, Abel el gli opposti” "سؤال أبل" معقد اكثر مما توحي به تلك الكتابات
التي جاءت في اعقاب بنفنست،ان اعتناق لاكان وريكور Ricaur وآخرين لنقد بنفنست جذب الانظار بعيدا عن حقيقة ان أبل لم يكن ابدا صاحب التأملات الوحيد في تاريخ فقه اللغة حول "المعاني المتناقضة" لبعض الكلمات. وبرهان Lespschy الوارد هنا ملخص بالانجليزية في كتابه “Linguistic Historiolgraph”.
15- بالفرنسية في المتن.
16- راجع
Roman Jakabson and Merris Halle, Fundamentals of Language 90-6.
 17- يبدو لي ان هذه الجملة والجملتين التاليتين تسيء التعبير عن "التحديد" في السؤال، ومع ما يوجد في الاوصاف او النماذج التركيبية الحقيقية قليل في تعليقات لاكان الميتاسيكولوجية على اللاشعور، الا ان بعض كتاباته الاخري وخاصة شروحه لمادة الحالات - تقترب مما يدعوه جون فورستر John Forresters "البنية الافتراضية للعصاب". وللاطلاع على تحليل دقيق لهذه البنيات راجع كتاب جون فورستر الرائع بعنوان اللغة واصول التحليل النفسي Language and the Origins of Pychoanalysis (خاصة ص 131- 165).
18- ترجم البحثان الى الانجليزية الأول بعنوان:
The Function and field of speech and language in psychoanlysis والثاني بعنوان:
The agency of the letter in the unconscions or reason since Freud"
راجع ص30-113، 146-178 من كتابات مختارات. Ercit A Selection
19- بالفرنسية في المتن. عن دروس في علم اللغة العام Cours de lingutistique gérérale ص 157.
20- الكتابة Metonymy: "صورة بلاغية يحل فيها مكان الشيء المقصود صفة من صفاته او شيء يرتبط به". المجاز المرسلSynecdoche : "صورة بلاغية يستخدم فيها مصطلح اشمل للتعبير عن مصطلح اقل شمولا او العكس، كاستخدام الكل للتعبير عن الجزء او الجزء للتعبير عن الكل.. الخ" راجع Shorter OED  
21- راجع Fundamental of Language, of  94-95.
22- فرط التحديد (او التحديد بعدة عوامل) over determination: "حقيقة ان تكوينات اللاشعور (الاعراض، الاحلام... الخ) قد تنسب الى عدد كبير من العوامل المحددة." (لبلانش وبونتالي، 292).
23- بالفرنسية في المتن.
24- راجع “Of structure as an Inmixing of an Otherness Prerequisite to Any Subject Whatever” The structuralist Controversy (ed. Macksey and Donato)
وهو بحث كتب في مزيج من الانجليزية والفرنسية ونشر بالانجليزية في صياغة جديدة.
25- بالفرنسية في الأصل.
وللاطلاع على نقد دقيق عن "الافراط اللغوي" في البنيوية ودور لاكان في تعزيز داجنون عظمة الدال" انظر بيري اندرسونPerry Andersor,  في دروب المادية التاريخية in the Tricks of Historical Materilism 40-55. وأكثر المحاولات جدية في كتابة تعليق فلسفي غير مبالغ فيه في التحليل النفسي يوجد في: عن التأويل De  l’Interpretation  لبول ويكور.
26- عن مفهومي حضور الكلمةWortvorstellung  وحضور الأشياء  Sachvorstellunc (أو Dingvorsrellung) راجع ملاحظة المحرر فيXIV ، 201، وراجع لبلانش وبونتالي، 447 -749. ولا يزال الشرح الأساسي لهذه المنطقة الهامة المليئة بالتعقيد وانعدام اليقين الاصطلاحي في ميتا سيكولوجيا فرويد هو شرح جين لبلانش وسيرج. لكلير فى Un L'Incoiiscient. étude psychanalytique'  (ترجمة باتريك كوليمان الى الانجليزية فيFrench Freud ، 118-175).
27- اقتبسها انتوني فيرجوت Antoine Vergote فيInterpreting Lacan (ed. Smith and Kerrigan), 193.
28-  بالفرنسية في المتن.
عن الميتافيزيقا المتمركزة حول اللغة والديكارتية والمعكوسة في العبارة الاخيرة من العبارات الثلاث، راجع:
Antony Wilder, System and Structure, 460- 1.
29-32 بالفرنسية في المتن.
33- بالفرنسية في المتن.
قد اعيد طبع مقال لاكان عن الأسرة وهو مقال موسوعي يعارض النظرة البيولوجية بعنف (1938)، ويحتوي على أكثر تعليقاته اكتمالا عن القوة المحددة التي تمارسها الأسرة على الفرد ء بالاضافة الى تخطيط الكثير من المواقف النظرية التي لم تتطور إلا في أواخر سيرته، تحت عنوان:
Les complexes familianx dans la formation de l'indivdu (1984).
34- الوسيطان الرئيسيان بين لاكان وهيجل (كما هو الحال بالنسبة لعدد كبير من أعضاء جيل البارزين في فرنسا) هما الكسندر كوجيف Alexandre. Kojéve وجين هيبوليت، المترجم الفرنسي لـ Phنnomenologie des Geistes.
ويقدم الفصل الذي كتبه هيجل عن السيد والعبد كما ترجمه وشرحه كوجيف في مدخل الى محاضرات هيجل Introduction à la lecture de Hegél (11-34). خلفية أساسية لنغمة لاكان وأسلوبه الفلسفيين في الكثير من شروحه عن "الآخر" (وهذه الفقرة توجد في ص 111- 119 من ترجمة ميلر  A. V.Miller  الانجليزية للفينومينولوجيا) وبعد 1943 شجع كتاب سارتر، الوجود والعدم من جديد النزعة الهيجلية في فكر لاكان عن "الآخر" وعن "السيد والعبد"، ومفاهيم ذات علاقة بهما (للاطلاع على عدد هائل من التوازيات الأخاذة، راجع الوجود والعدم (288، 364). ويعترف لاكان بأنه يدين لهيجل عن طريق كوجيف وهيبوليت فيProps sur la causalite psychique (172). ولمزيد من الاشارات عن لاكان وهيجل، راجع 146-149، 155- 157 (من الأصل الانجليزي – لاكان والأدب).
40- بالفرنسية في المتن.
41- بالفرنسية في المتن.
كتب فرويد نفسه كثيرا من العبارات الحادة في هذا الموضوع. وقد قال في عام 1917 إن مكتشفي التحليل النفسي الأساسيين "يضيفون الى عبارة إن الأنا ليست سيدة في بيتها الخاص" XNII)، 143).
42- بالفرنسية في المتن.
تظهر هذه العبارة بصورة متنوعة في كتابات. والمقال الذي اقتبست منه هذه العبارة لا يوجد ضمن الترجمة الانجليزية المتداولة ولكن توجد نسخة تختلف عنه قليلا في ص 172 من كتابات مختارات.
43،44- بالفرنسية في المتن.
45- بالفرنسية في المتن.
يعلق لاكان على الموضوع أ كنقطة اتصال فاشل بين المرء وأطراف اللغة، ولكنه لم يردد أبدا وصف بوسيه Bossuet  الشهير عن البشر بعد الموت:
“il devient un je ne sais quai gui plus de nom  dans aucune langur” (Oraisons funebrés, 173-4).
وللاطلاع على الاشارات الى: الموضوع أ في كتابات راجع جاك ألين ميللر في “Index raisonné de concepts majeurs”  (900). ويقدم تعليق لاكان على المفهوم في“Remarque sur le rapport de Daniel Lagache”  نقطة انطلاق مهمة لمزيد من الفحص، كما تفعل مثل هذه الاشارات في المناقشة كتلك التي توجد في أربعة مفاهيم أساسية في التحليل النفسي Les quatre concepts fondamentaux de la psycharalyse (XI, 95 - 6) (Four Fundamertal concepts, 103-4).
46- توجد أكثر المحاولات طموحا في النظر الى أعمال لاكان بهذه الطريقة في لاكان والفلسفة Lacan et la philosophie  لألين جورنفيلAlain Juranville، وهو دليل أساسي عن الخلفية الفلسفية لكتابات لاكان ومحتواها. وعن "الآخر"، راجع خاصة 128-140.
47 و 48- بالفرنسية في المتن.
49- سأعود الى قضية لاكان والبلاغة في ص 642، 143، 148، 150، 159، 162 (من الأصل الانجليزي - فصل بعنوان "لاكان والأدب").
50 و51- بالفرنسية في المتن.
52- بالفرنسية في المتن.
ترجمت العبارات الأولى والثالثة والخامسة من هذه النسخ مرات ومرات وقد توجد في كتابات مختارات ص 171. 129. 314، والرابعة في أربعة مفاهيم أساسية ص 44، وقد تترجم الثانية "اينما كانت، يجب ان اصل كذات".
53- يلفت Lionel Trilling الانظار في Within: Freud and Beyorid Culture  وهو مقال يشيد بالتوكيد المحافظ في نقد فرويد للثقافة - الى النغمة الختامية في محاصرة فرويد كنقطة محتملة لالتباس اخلاقي: "ان الهدف من الجهد الذي يبذله هو خدمة الثقافة - انه يتحدث عن عمل التحليل النفسي بوصفه "تفريغ المدخل السابق لبحر الشمال"، وبناء خندق، وانه حيث كانت الهو يجب ان تكون الانا. الا ان موقفه المناويء للثقافة بالغ القوة، ونغمته شديدة في الوقت نفسه"Beyond)Culture, 101)  
54- بالفرنسية في المتن.
55- بدأ دريدا مناظرة رائعة (حين وجه هذا الاتهام لتحليل لاكان) في “La Facteur de la vérité” (La Carte postale, 441- 524)
راجع بشكل خاص
Barbara Johonson’s “The Frame of Reference: Poe, Lacan and Derrida” (The Critical Difference, 110-146) and Marian Hobson’s “Deconstruction, Empiricism and Postal Services” (esp. 303-7).
56- لمزيد من الشرح التفصيلي للادب كنموذج للاشعور، راجع ص 136-143،158،159 (من الاصل الانجليزي - فصل "لاكان والأدب")
57- بالفرنسية في المتن.
اعود الى هذه الفقرة فيما بعد، ص 158 (من الاصل الانجليزي فصل "لاكان والادب").
58- بالفرنسية في المتن.
59- انظر ص 124 (من الاصل الانجليزي - ضمن هذا النصل).
60 و 61- بالفرنسية في المتن.
62- يوجد تعليق تمهيدي مفيد سريع في Georges Mounin's Introduction à la 'semiologie, 181
63و 64- بالفرنسية في المتن.
65- بالفرنسية في المتن.
انظر ايضا ص 150 والهامش 27ص 207- 208(لاكان والأدب).
66- يصف Patrick Mahony  الاختلافات الاساسية بين أسلوب فرويد واسلوب لاكان في.Freud as a Writer, 79-7 .
67- راجع The Freudian Slip, 58.
68- وجد لاكان خاصة في الولايات لمتحدة، عددا من القراء والشراع المخلصين الذين نجحوا في الحفاظ على معنى ملموس لهذه "اللاقابلية للقراءة" حتى وهم يشرحون تفاصيل نصوصه. ومن هذه الاعمال المهمة والمميزة:
Anthony Wilder, The, Language of the Self, Jeffrey Mehlman, A    Stuctural Study of Antobiography (p, 229 - 38 are a reader's guide to Lacan's “Radiophonie”, Scilicet, 2/3, 55 - 99), John P. Muller and William J. Richardson, Lacan and Language, Jane Gallop, Reading Lacan.
وقد ظهر العملان الأخيران بعد نشر ترجمة ألان شريدان Alan Sheridan لكتابات مختارات ويقدمان تعليقات مهمة على هذا العمل.
69- بدأت شيري تووكلSherry Turkle  بداية نشطة في كتابهاPsychoanalytic Politics  (1978) ومن التعليقات الرائعة على تأثير لاكان على الثقافة الفرنسية يبرز Catherine Clément's Vies et legendes de Jacques Lacan and Bernard Sichére's Le moment Lacanier.
نتيجة لوعيهما على المستوى النظري بصورة لاكان كأستاذ في الفكر t-maitre a - penser  له فتنته وبصورة التحول الفرنسي الحديث في نظرية التحليل النفسي الى الأهواء الشعبية.
70- إن معظم التعليقات المنشورة عن الأصداء المؤسسية لم يكتبها أعضاء في جمعية التحليل النفسي الفرنسية ولكن لسوء الحظ كتبها مراقبون غير متخصصين وكتاب مذكرات. والاستثناء المهم هو عمل مصطفى سويف بعنوان Jacques Lacan et la question de la formation des analystes  الذي يصور بوضوح الخلفية النظرية لعدد من تجديدات لاكان الأساسية في تقنية التحليل النفسي. ولست أهلا لوصف انجاز لاكان أو تقييمه كإكلينيكي وادرك أن أية "مقدمة عن لاكان" لا يمكن أن تكتمل دون أن نضع هذه المنطقة من نشاطه المهني في اعتبارها. وتبدأ الأعمال التي تأمل في استكشاف مادة الحالات من منظور لاكاني بـ:
Stuart Schneiderman's collection Returing to Freud and Rosine Lefort's Naissarce de l'Autte.
وعن الفارق بين "المفكر" و "الممارس" (في الادراك الشعبي للاكان)، راجع ص 9-16من مقدمة.Schneiderman
71 و72- بالفرنسية في المتن.
73- يرى ستوارت، شنيدرمان في جاك لاكان: موت بطل الفكر (خاصة الورقة 52) أن لاكان كان رائعا في تقاليد التحليل النفسي التي كانت تهتم اهتماما بارزا بالجنس والعلاقات الجنسية نتيجة استعداده لمواجهة الموت وترميزه سواء في كتاباته النظرية أو ممارساته الاكلينيكية.
74- لا يعني هذا بالطبع أن بلاغة الحديث البلاغي للاكان ليست هي ذاتها في حاجة ماسة الى التحليل. إن بلاغة هذا الحديث تغير مجال التحليل النفسي بطرق جديدة مثيرة للخلاف. وربما نأمل أن يكتسب التحليل النفسي اللاكاني بعدا "ميتاتاريخيا" كما حدث مع هايد وايت Heyde White الذي جلل في عمله الرائد بعنوان Metahistory  ما يطلق عليه القدرة "قبل المجازية" للأساليب البلاغية في تأريخ القرن التاسع عشر.
75- بالفرنسية في المتن.


الدراسة مترجمة عن:
Malcolm Bowie: Freud, Proust and Lacan; Cambridge University Press